الإنسان والفلسفة ال ج :1 .

طيب المهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 22:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

قبل التفلسف :
قد نصاب بالدهشة في حينٍ ، وأشدّه عندما نفاجأ من قبَلِ المثقف بـ : ما هو موجود لا يكاد يفهم ، فما بالك بفهم الفلسفة ! وسبب الدهشة هو أن المثقف بسبب إطلاعه الواسع أو مبدأ عدم الإهمال للعلم والفن والأدب والمعرفة ، لا يحسن أن يقول بمثل هذا إلا إذا كان يبتسم ! وهذا مضمون حديث أحد الأصدقاء W.A ، أديب بارز من بغداد قاله عند لقاءنا في صيف 2008 م . لقد حاولت حينها أن أوجّهه إلى ما هو أصعب من الفلسفة إلى أن مرور بقايا فيْح السموم ساعة العصر حال بين الإجابة مع أن الشمس اقتربت على موادعة النهار، فكم تمنّيت جلوساً على ضفاف شط العرب ليخفّف بعض الشيء من حرارة تلك اللحظة لنستمرّ في الحديث .
لقد غفل صديقي حينها في أن مفردة (الموجود) التي تعني: (الوجود) أيضاً بسبب استخدامها حول ما كنّا فيه وثم إبداء موقفه من (... لا يكاد يفهم) كل ذلك في التحليل الفلسفي ينطلق من رؤية فلسفية ؛ ولأن الوجود لا يعرّفه إلا الوجود نفسُهُ ، من هنا يلزم معرفة الوجود قبل كل شيء وبذلك يدخل الإنسان شاء أم أبى في دائرة الفلسفة ، يتأرجح بين شدّة الفهم وضعفه. وهذا المقطع :( الوجود لا يعرّفه إلاّ الوجود نفسُهُ ) لا يعد دوراً ولا سفسطةً ويحتاج إلى إقامة برهان لتبيين فحواه ، لا يتناسب ذكره الآن .
يظنّ الكثير منّا أن الفلسفة أمر عديم الجدوى وهو غافل عن أن الحياة والمصير والحركة والموت.. كل أولئك يقوم بلحاظ فلسفي. لاحظ معي هذه الأسئلة :
ـ ما هي الحياة ؟
ـ كيف يكون المصير ؟
ـ ماهو الضمير ؟
أليس هذا يهمّ كل الناس من الذين نعرفهم وممّن لم نسمع بأسمائهم ؟! هذه أسئلة فلسفية والسائل هنا يطلب التعرف على وجه الحقيقة ، وذلك لأنه جعل صدر الأسئلة بمقولة : (ما ، كيف .. ) والسؤال عام ، كلّي يتعلق بكل موجود يعيش في هذا العالم العظيم لا يمكن وضعه في علم خاص إلا مجال الفلسفة.
إذاً : لا يوجد من لا يتفلسف . وقد يتصاعد المد الفلسفي عندنا حينما نتأمل في مفاهيم الوجود والذات والهوية والماهية أو نُحرج فهنا المد يبلغ ذروة التفكير الفلسفي ؛ لأنه يكون أمام واقع يجب أن يتخطى ما يعتريه من الوهم للوصول إلى الحقيقة.
لقد أدّى كثرة النزاع والترائي إلى خلق مشكلة في فهم بعض جوانب الفلسفة وهذا صحيح ، ممّا سبب الهروب من فضاءها ، لكن هذا لا يعني أن لا يجلس الإنسان ولو لعدّة مرات مع فيلسوف ليعرف عن الفلسفة فكل معرفة في المخزون الذهني هي مدرج من التكامل ، وأن لا يجعل الصعوبة ذريعة للتهاون عن التعرّف على الفلسفة ، فالكل بدأ من الصعوبة لا يوجد شيء من المعارف يتوصل إليه عبر الراحة .
أمَا ترى أنّ طلب المعرفة والعلم سعادةٌ ، وعدمه راحةٌ؟! ونصيب الفلسفة من هذا المورد كثير جداً أو هي في أعلى مستوى من ذلك بالأحرى . والذي يجب أن نتصارح فيه الآن قبل كل شيء فيما بيننا هو أن الذي لا يشكّ ولا يسأل ولا يُصاب بالحيرة أمره خطير جداً ، وأشدّه عندما يظنّ أنه أدرك الأشياء كلّها ، مثل هذا الإنسان يمكن أن نمثّل له بمَن يظنّ أنه يصل بانطلاقه مشياً من البصرة حتى لندن ، قبل الفجر ، قبل هبوط الطائرة ، لكن أسرع منها مكتفٍ عن هذه الخدمة المميزة ! ثم الشك والحيرة والهبوط إلى قُرارة الذات بحثاً عن مسار ينقذه مما يخيم عليه بالفرض العام هو بداية التفلسف . والذي لا يوجد في ذهنه مثل هذا فهو كمَن قد أضاع زُر المصباح في غرفة كلها ظلمة .
حاولنا أن نعطيَ بعض الحديث عن الفلسفة مع تطرّق قصير لبعض تعريفاتها وذلك بصورة مقارنة مع ما قدم من الماديين والإلهيين نتصور أن قضاء الوقت مع الفقرات ذي سوف يترك شوقاً عند المهتمّ لقراءة الـ ج : 2 من هذه المقالة إذ نحن الآن نقرأ الـ ج : 1.



ـــــــــــــــــــــــــــــ نهاية : ج / 1 . يُتّبَع..

#طيب_المهاجر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات