أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - طفولتي














المزيد.....

طفولتي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 00:54
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


كانت طفولتي عادية كطفولة كل الأطفال العرب كانت تنقصني الملاعب والمراجيح وكان الحب ينقصني وأي طفل عربي تنقصه هذه الأشياء فهذا معناه أنه طفل طبيعي وعادي أما الطفل غير الطبيعي وغير العادي فهو ذلك الطفل الذي لا ينقصه أي شيء.

كانت تنقصني الإنسانة التي تحبني وأحبها وهذا شيء طبيعي مازلتُ أعاني منه حتى اليوم , لذلك كانت طفولتي عادية ورجولتي عادية أما الطفل والرجل العربي غير العادي فهو ذلك الذي يجد الحب من وهو صغير حتى يكبر.

وكنتُ أعاني من الأصدقاء الشباب الذكور وكانت شعبيتي من النساء كثيرة وقوية فأنا صاحب حظ كبير في النساء وأي امرأة كانت تشاهدني كانت تتمنى أن أكون صهراً لها أو بصراحة أكثر من 50% من النساء اللواتي شاهدتهن في حياتي كن يتمنين أن أكون طفلهن أو صهرهن أو زوجهن , وفي هذه المسألة بالذات أعترف بأن طفولتي كانت غير عادية .

أما الرجال فقد كانوا وما زالوا يكرهونني على الآخر ويعتبرني غالبيتهم خارجاً عن قانون الرجال الذي لديه رغب ة جامحة للسيطرة على الطبيعة والنساء وقهر الطفولة والأطفال.
وكانت طفولتي الموسيقية تحن للحن الجميل والغناء الجميل سواء أكان قديماً أم حديثاً أما غير العادي فهم أولئك الذين يحنّون للغناء فوق جماجم الموتى والأطفال .

وكنتُ وما زلتُ شروداً أقضي أحياناً أياماً طويلة في مكتبتي أنظر في الكتب والصور وخصوصاً صورة حبيبتي التي أخفيها في أكثر من ثلاثين كتاباً مفضلات لدي في مكتبتي وسيأتي يوم أتحدث ُ فيه عن الكتب المفضلة لدي ابتداء من سلامة موسى ومصطفى أمين وانتهاء إلى نوال السعداوي ومحمد الجابري ومحمد أركون وسمير أمين ...والعقاد .
طفولتي عادية وكان أي انسان يراني وأنا جالس في الجلسات الاجتماعية والعائلية كان جداً يعجبه صمتي وشرودي واحترامي لكبار السن والناس , ونادر اً جداً ما أقومُ بالكلام وكانت حركتي قليلة جداً فقد كنت أكره التنقل من مكان ل آخر كان الروتين يعجبني ولا يقتلني , وأنا لا أومن بالموضات لأنها تدفعني للشعور بالملل فالتموض هو أصلاً ناتج عن الشعور بالملل فمن كثرة الاحساس بالملل يقوم الإنسان بتغييرات في شكله أو فكره.

وكانت كل صوري وأنا طفل صغير أظهرُ فيها بلون وجه ناصع البياض ولكن ظروف العمل في الشمس الحارقة قد قلبت ل وني إلى السمرة (ألأسمر) .

أكثر الناس الذين يتحدثون عن المستقبل هم الأطفال, فالأطفال كثيري الحديث عن المستقبل ربما يعود ذلك إلى أن المستقبل بحاجة إلى التخيل, والأطفال خيالهم واسع جداً ويتصورون أن للمستقبل عيون وآذان وأسنان وقوائم يمشي عليها .

وأكثر شيء مهم يجب أن نعرفه هو أن تصرفاتنا الحالية لها علاقة بطفولتنا .
فأنا حتى هذه اللحظة ما زلتُ أنسا كثيراً , فأنا أنسا كل شيء ما عد ى الإنسان الذي أحبه , ولربما أن أولئك الذين نحبهم هم الذين يجعلوننا في حالة تشتت ذهني بسبب تعلقنا بهم ننسا أشياء كثيرة يجبُ علينا أن نتذكرها .
مش كل واحد طفولته غير عادية معناته إنه عبقري زمانه , ومش كل واحد طفولته عاديه معناته إنه عبقري زمانه , ومش كل واحد كانت طفولته مثل طفولة جهاد العلاونه معناته إنه رايح يصير كاتب أو مبدع أو فنان , أنا لا أريد أن أقول بأن طفولتي كانت كطفولة كل العظماء والأبطال , كنتُ ولداً بليداً ونادراً ما يستوعب ما يقال إليه وكنتُ حين أذهبُ إلى السوق لشراء السكر كنت أحضر بدلاً من ذلك أرزاً.

وشهدتُ وفاة أبي وهو يحتضنني والدمعة تسقط من عينيه وهو يوصيني على شقيقاتي علماً أنني كنتُ طفلاً أحرى بأن يوصي عليّ شقيقاتي لأنهن يكبرنني بعامين وواحدة بثلاثة أعوام أما الصغريات الباقيات فأنا أكبرهن بعامين وبثلاثة أعوام.

وكان لي جسماً نحيلاً جداً وهزيلاً وكان يضرب بي المثل بهزالة الجسم والذين يشاهدونني اليوم لا يصدقون بأنني ذلك الطفل الذي يوم مات أبيه كان وزنه 40 كيلو غرام وعمره 15سنة.
نعم, كانت جدتي تقول لأبي : أكتبوله على ورقه شو بده يجيب هاظا الولد بنسا شو بده يجيب.

كان أهلي يرسلونني مثلاً لشراء البندورة( الطماطم) فكنتُ أشتري البطاطة , والمهم أنني كثير الخربطة والنسيان , أما في أمور الدراسة والمدرسة فقد كنتُ لا أتقن شيئاً مثل اتقاني للتربية الإسلامية واللغة العربية .

ومر ة قالت أمي أكتبوله على ورقه على شان ما ينساش, ولكنني أضعتُ الورقة على الطريق ولم أحضر معي شيئاً, ومرة أخرى كتبوا لي على ورقه كل ما يريدون شراءه وقد قرأته وحفظته أو ظننتُ أنني حفظتُ ما يريدون شراءه فرميتُ الورقة وذهبت للدكانه بدونها وحين سألني (الدوكنجي) أي صاحب الدكانه : شوبدك؟ صفنت وطلبت أشياء غير ضرورية .

وكان كبار السن من أقربائي يقولون : هذا كيف بكره بده يكبر ويتزوج لحاله !!, وبعض الناس كانوا يقولون عادي العميان والطرشان والخرسان بتزوجوا وبفتحوا بيوت.
كانت طفولتي عادية وكنتُ كما قلتُ سابقاً في مقال آخر أنني كنتُ ولداً خربانياً كنتُ أخرب كل شيء أمسكه بيدي وكانت هوايتي فتح التلفزيون واللعب بالأجهزة الكهربائية وفتح الساعات اليابانية.

ولكنني لم أشبع من الطفولة لأنني تحولتُ للعمل في (ورش البناء) وأنا تقريباً 16 سنة من عمري وكان الأحرى أن ألعب في الشوارع ككل الأطفال, فجأة كبرت في السن وأصبحت مسؤولاً في عائلة أنا أكبر الذكور فيها كبرت قبل أواني مثل الوردة التي تكبرُ بسرعة وتذبل بسرعة ويفوح عطرها وشذاها قبل أوانها , وكان كل هذا بعد وفاة أبي فكنتُ أتعرض للشمس الحارقة وللبرد القارص وهذا أكسبني جسماً قوياً حتى الآن أتحمل الحرارة الشديدة والبرد القارص والفساد الكبير وأستطيع العيش في ظل ظروف قاسية أقسى من الحرارة والبرودة فظروف أوطاننا العربية حرارتها أعلى من حرارة خط الاستواء والدماء التي في أوطاننا باردة جداً وبهذا أنا أستطيعُ العيش في كل الظروف







#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل الذي أضاع حمار أهله
- امرأة وثلاثة حمير
- من يغار أكثر ؟ المرأة أم الرجل؟
- من قصص موسى
- قصص الفقراء
- كلام الأغنياء
- المثقف والفنان الغنائي
- هل كانت قريش تهمز الخراء؟
- استحالة التعايش مع الإسلام
- من اخترع اللغة العربية؟
- أقوال العظماء والعظيمات والمشاهير والشهيرات في النساء
- أقوال البسطاء في النساء
- قرآن القُراء الكريم
- هل لجبريل علم بقراءتنا للقرآن
- السلم الموسيقي اللغوي العربي
- الحيوانات الزميلة
- كرم الضيافة
- رؤية جديدة لعصا موسى1
- رؤية جديدة لقصة يوسف1
- موضوع يصلح لأي موضوع


المزيد.....




- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - طفولتي