أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 7 من رواية حفريات على جدار القلب














المزيد.....

الفصل 7 من رواية حفريات على جدار القلب


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2808 - 2009 / 10 / 23 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


-7-

أوصلت ميسون إلى البيت ، وعند الباب الخارجي ودعتني بإشارة من يدها حركت خلالها الأصابع ، وأعطت لمشاعري دفقة جديدة ، ونظرة في عينيها تحمل وعداً بأوقات أكثر متعة وسخونة وجنونًا .
وعند العودة ، تذكرت الحديث الذي دار بيننا ، وكيف كانت تشعل فيّ نار الحب التي كلما زاد أوارها حاولت جاهدة إطفاءها بالكلمات الثالجة التي تصلح لأن تكون المرهم الذي يخفف من حدة الحروق .. ولكن النار كانت أقوى من أن تخمدها قطرة ماء كلماتها ، فإذا بها سرعان ما تساعد على زيادة الاشتعال ..
استغرقتني الأفكار وغمرتني الحرارة ، وأنا أتذكر الوعد الذي قطعته على نفسي ولم أف به : لن أسامح نفسي إن فكرت بالعودة إليك مرة أخرى ما حييت ! .. تلاشت الخطوط الوهمية وانهارت الأبعاد التي كنا قد رسمناها سويًا .. أليس هذا ما يدل على غرابة الحياة وتكوين المشاعر الإنسانية ! ماذا بوسعي أن أفعل وأنا ضحية كسيحة لشيء خرافي اسمه الحب ؟ وكان عزائي الوحيد : عودتها هي لي وليس أنا من عاد إليها .
على أية حال ، زادت التجربة من نضجي وحصنتني بمناعة قوية ضد كل أمراض الشهوات ، غير أنني بقيت ضعيفاً أمام من أحب .. أعترف أن الحديث الذي دار بيني وبين الكثير من الطالبات حمل في مضمونه الغزل الخفي لدرجة كان فيه بعضهن يشجعني على ذلك بصريح العبارة ، في وقت كانت فيه العلاقة مع ميسون مقطوعة ، وكنت أعتبره في البدء ، على الأقل ، مجرد دعابة خفيفة بين زملاء في الدراسة لا يعدو كونه استلطافًا أو إعجابًا لموقف اتخذته ، وهذا السلوك بدوره جعلني أفكر مراراً وأتساءل :هل بإمكاني أن أعيش قصة حب عنيفة تفجر فيّ كل عناصر التجديد ؟ وهل بإمكاني أن أعيش نفس القصة مع واحدة أخرى ، بعد أن ينفد المخزون الذي رصدته حتى يتوهج مع الأولى ؟ وإذا حدث ، هل يمكن تكرار الشيء ، ذاته مع ثالثة ، ورابعة ، وخامسة .. إلخ ؟ يبدو لي أن الإنسان دائمًا بحاجة إلى ما هو جديد في حياته !
صحيح أن الصدمة كانت عنيفة ولم استوعبها سريعًا ، ولكن القلب الذي يحب بجنون لا يعرف الكره لأتفه الأسباب .. قد تبدو هذه المعادلة دربًا من دروب الحماقة ، ومع ذلك عندما ضمتنا خلوة وأخذتنا المكاشفة كنت معها واضحًا صريحًا قاطعًا كحد السيف :
ـ أنت حبي البكر ، الأول ، الذي لن أصادف أجمل منه ، ولا أصفى وأعذب من اللحظات التي كنا فيها نتقاذف الكلمات كلما أتيح لنا ذلك ، فلا تدعي حبي وحبك الذي لن يتكرر أبدًا في الحياة ، يذهب هدرًا جراء انفعال ، حتمًا ستندمين عليه ، عندما تعودين إلى الصواب ، وتكتشفين الحقيقة التي طمسها غضبك في غمرة التوتر والغيرة والانفعال ..
وكانت نبرتي تنم عن نغمة صادقة وعمق لليقين الذي أضفى على هيبتي الوقار ، مما جعلها تستسلم لحديثي ، شاعرة فيه المخرج الوحيد القادر على إزالة الأحزان التي حاصرتها فترة الانقطاع الذي كان بيننا والذي كاد يدفع بها وبي نحو الضياع ، والسهر الماجن ، وربما تدمير حصون الذات ..
نظرت إليها .. بدت متألقة متفجرة الأنوثة كأني بي أراها لأول مرة .. أحسست على نحو مفاجئ أنها خلقت من أجلي فقط ، صورتها مطابقة تمامًا لتلك التي رسمتها لزوجة المستقبل منذ كنت طفلاً .. تركت عيني تتشرب على مهل كل قطعة من الجسد الغض الجميل الذي صورها خيالي المضطرب مكشوفة من أية غلالة رقيقة تسترها ، فبانت مفاتنها ، التي لم تتعرض يومًا لأشعة الشمس فتلوحها ، صافية البياض لا يشوبها سوى حسنة زرعها الله في مكان بعيد عن الأعين الجائعة ..
وأضاءت البسمة نفوسنا لفترة وجيزة سرعان ما خبت عندما حاولت الاقتراب منها وملامستها .
بدت متحفزة لكل الاحتمالات ، وكأني أضحيت شخصًا غير حبيبها ، ثم قالت بتمهل وروية وبنوع من الدعابة :
ـ هذه منطقة ساخنة يحذر الاقتراب منها .. فيها خزانة أسراري ولا يجوز فتح الباب ومعرفة ما بداخلها !
رددت عليها بضيق :
ـ أين هي الخزانة ؟
أشارت إلى ما دون النهد الأيسر وقالت :
ـ هنا في القلب !
علقت قائلاً :
ـ هذه ليست خزانة ، إنها إحدى … !
ارتسمت على شفتيها ابتسامة خبيثة ثم قالت :
ـ ومع ذلك ، لن أدعك تعرف محتوياتها ..
اقتربت منها خطوة إضافية ووضعت يدي على أذني كمن يصيخ السمع ثم قلت :
ـ دقات قلبك ليست سريعة ..
وتوقفت فجأة عن الحديث كمن تذكر شيئاً مهماً ثم واصلت :
ـ آه .. يا إلهي كم أنت لئيمة ‍! تخافين الاقتراب من قلبك حتى لا أعرف لمن يدق أكثر ، وتتذرعين بمصطلح مناطق ساخنة يحذر الاقتراب منها .. تجترين بين فترة وأخرى تفاصيل خفقانه بمعزل عن عيون الآخرين ، وخاصة عندما لا تشاهدين الحبيب ، كأن به طبع صورته على الجدران الداخلية تحسبًا للحظات الغياب غير المقصود ..
التمعت عيناها بغير ما عهدته بها .. فكرت على نحو مفاجئ ، ربما تكون استمرأت لعبة الحب ولم تقنع بهذه النهاية التعسة ، فقررت أن تبدأ اللعبة بطريقة مختلفة وبقواعد جديدة ، بل أبعد من ذلك ، راحت عيناها تدعواني لمزيد من التوهج والانصهار ، وربما التوحد في لحظة غير قابلة للفكاك ، غير أني في كل مرة كنت أحاول الاقتراب منها ، كانت تتمنع متذرعة بشتى الذرائع ، فتستحيل إلى امرأة أكثر فتنة وأشد سحرًا وأروع جمالاً ، فلا أكاد ألتقط أنفاسي من الهياج ، الأمر الذي دعاني للتساؤل : أيعقل أن تكون بسلوكها هذا تبيت للانتقام مني جراء ما سمعته عن علاقتي بلبنى ؟ هل تنوي اللعب بي حتى أفقد صوابي ثم تتركني تمثالاً منتصبًا أمام الجامعة يتعظ منه كل المحبين عندما ينظرون إلى مآلي الأخير ؟ هل تعتبرني ملكها الخاص وترفض بالتالي التنازل عنه إلى لبنى بعد أن أشعل الحاقدون نار الغيرة في روحها ؟ أسئلة كثيرة يصعب الإجابة عنها قبل معرفة خفايا الأمر وما تخبئه الأحداث في الأيام القادمة ‍!




#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 6 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 5 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 4 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 3 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 2 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 1 من رواية حفريات على جدار القلب
- الفصل 15 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 14 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 13 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 12 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 11 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 10 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 8 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 7 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 4 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 3 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 2 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...
- الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...رواية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 7 من رواية حفريات على جدار القلب