أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - رباح آل جعفر - عبد المجيد الشاوي وهذه الأشياء الغريبة العجيبة !!














المزيد.....

عبد المجيد الشاوي وهذه الأشياء الغريبة العجيبة !!


رباح آل جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 23:47
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


يقال أن وفداً من عرب الجزيرة قدم يوماً إلى مكة لإداء العمرة ، فوصفهم ابن جبير ، بقوله : ( هؤلاء عرب فصحاء صرحاء أصحّاء ) ، ولو أن الأديب والكاتب والباحث التراثي الكبير عبد المجيد الشاوي ، كان بين الذين عاشوا في ذلك الزمان ، لقلت ومن دون تردد : أنه كان على رأسهم !.
عرفت الأستاذ الشاوي في الأزمنة الخوالي ، وكان مني غير بعيد ، إنساناً مثالاً في الضبط والدقة والالتزام ، كأنه أحد الماريشالات التي تعلّمك الجندية والانضباط العسكري ، جنرال في ثوب أديب ، تخطّى عمره الخامسة والسبعين فأصبح واحداً من ( العواجيز ) .. ولا أذكر يوماً أنه أخلف موعداً حتى في ظروف طبيعية قاهرة ، وقعت على غير انتظار ، بل وفي أيام تلبّدت سماء بغداد بالرعود والمطر حتى فاضت شوارعها ، كنت أجده محتمياً تحت مظلّة الباص في انتظاري ، وفي أيام صيف وخم قائظ كان العرق يغمر جسمه الذي التصق به القميص ، أجده مسنداً ظهره إلى شجرة اليوكالبتوز مستظلاً تحت أفيائها .. وكنت أضبط عقارب ساعتي على موعدنا المعتاد في الساعة السادسة عصراً ، أمام مبنى وزارة الإعلام في الصالحية ، ما أن يعدو عقرب الدقائق وراء عقرب الساعات ، ليشكّلا خطاً مستقيماً واحداً ، حتى أبصره من بعيد ، خارجاً من بيته الملقى على كتف الطريق في كرادة مريم ، كما تخرج اللؤلؤة من محارتها .
وعبد المجيد الشاوي بشر من لحم ودم وآمال كبرى وآلام عظيمة ، يتكلّم بلغة العاطفة ، ويتذوّق النكتة ويصنعها ويصدّرها ، مهذّب في حديثه ، شاعريٌّ في كلامه ، أمّا حياته فكانت نوعاً غريباً من الزهد والخشونة ، وهو لا يشرب ولا يدخّن ولا يحبّ السهر ، بل هو من التراب الذي ينبت الصلوات ، وروى لي ذات مرّة : أن والدته ( علية بنت السيد خلف ) كانت عظيمة الشارة ، حتى أن المرأة من أهل الجوار إذا تعسّرت ولادتها ، ألبسوها ثوب ( علية ) فلا تلبث أن تلد ، وكان جدّه من أمّه فقيهاً في الدين تؤخذ عنه الفتيا وصاحب كرامات ، منها أنه كان راكباً بغلته فعثرت به ، فقال لها : العمى ، فعميت !، ومن كراماته التي يذكرها مشايخ كرادة مريم جيلاً بعد جيل ، أنه كان عائداً إلى منزله ليدرك صلاة المغرب ، فتعب ، فجلس على حائط ليستريح ، فإذا الحائط يتحرّك به ، وإذا هو في داره !.
ولم يرث عبد المجيد الشاوي الذهب والفضة والقناطير المقنطرة ، إنما كشف لي يوماً ، أنه ورث عن والدته وجدّه لأمه كرامة لم تزل تتكرر معه مرة بعد مرة حتى وفاته ، فما يناله أحد بسوء ، فيقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، إلا أصاب ذلك الإنسان مكروه !.
وإذا كانت ( عقول الرجال تحت أسنّة أقلامها ) ، وألسنة الخلق أقلام الحق ، فان قلم الشاوي كان طوال حياته فرس رهان ، وسلاحاً لا يشق له غبار ، استطاع أن يخلع به نوري السعيد في أول مقال كتبه سنة 1952 بعنوان ( يعيش الباشا ) حتى تطايرت شهرته ، وظل هذا القلم بعد خمسين سنة ، أصبى من الصبا نفسه، وأحلى من دفقة العافية ، برغم أنه واجه خلال رحلته في الصحافة خرائب ومتاهات ونفايات وصناديق قمامة !.
وللشاوي ذاكرة من حديد ، تحفظ ألوف النصوص في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والسيرة والأدب والتراث وتراجم الرجال ، ذاكرة لم تفقد شيئاً من حيويتها ، ولم تضعف أمام الأيام وأمام الأهواء ، عكس ذاكرة آخرين أصيبت بنوع من النسيان المبكر في شبابها ، جعلت الدم لا يتجدد كثيراً عند الرأس ، وكنت أستعين بالشاوي كلّما دعت الحاجة إلى إعلان النفير العام لذاكرته ، فأجده سريع البديهة والاستحضار من دون تلكؤ ، أو إبطاء .. ومن المدهش أن أبا طريف كان إذا استعصت عليه الفكرة وتبلد الذهن ، ضغط رأسه بين يديه ، ووضع قلمه الـ ( باندان ) على أذنه ، فلا يلبث أن يصحو ، وأذكر أني سألته مرة ، مستغرباً عن سرّ ما يصنع ؟، فكان ردّه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى زيد بن ثابت ، وهو يكتب بين يديه ، فقال له : ضع القلم على أذنك ، فانه أذكر لك .
ومن الصعب أن تحظى بصداقة عبد المجيد الشاوي ، إذا عرفت أنه لا يمد جسوراً للتواصل ، مع الذين لا يقدر على محبتهم أو الاحتفاظ بصداقتهم ، وهو من النوع الذي لا يغضب ولا يرد على جاهل ، وما أكثر ما اعتذر للجهلاء والحمقى بقول العرب : ( من سكت عن جاهل فقد أوسعه جواباً ) ، ولم يكره الشاوي في حياته كلّها ، مثلما كره إبطال الصدقة بالمنّ والأذى ، وحاجة الكريم إلى اللئيم ، ولم ينفخ في دكاكين السياسة وسماسرتها والمعتاشين على أبوابها ، ووجدته ملتزماً بقول الإمام إبن تيميّة : ( أنا رجل ملة لا رجل دولة ) ، حتى غدت بينه وبين السياسة أرض حرام ، وطالما انتقده أهل بيته على عدم تعاطيه المعانقة والتقبيل ، ولو في العيد ، مع الأهل والأقارب والأصدقاء ، ويكتفي بمصافحتهم، من باب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحسن المصافحة ولا يرخص في التقبيل .
وكانت لنا مع الشاوي مجالس في الأدب ممتعة ، وأيام بديعة ، وليال من الصفاء بيض ، نلتقي من شتّى النخب ونتحدث ونتبادل الرأي فيما يعن لنا من أمور ، وكان الشاوي يشيع في الجلسات لمسة من المرح والألفة بروح الأديب الصافية في وجدانه ، فإذا الجو نغم والنسيم عطر ، ثمّ اتسعت المسافات ولا أقول تباعدت ، وانصرف كلّ واحد منّا إلى حال سبيله .. ومات عبد المجيد الشاوي وترجل بعيدا عن دجلة .. فاتبع أية نحلة عطشى وهي تدلّك على عناقيد تكاد حركة السكر في أغصانها تسمع .. تلك كانت مجالسنا !!.



#رباح_آل_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرزاق عبد الواحد .. صورة طبق الأصل !!.
- طه عارف .. وسلام الأصدقاء طويل
- شاكر حسن آل سعيد .. تشكيلياً على الطريقة الصوفية
- ويسألونك عن نوري حمودي القيسي ؟!
- لقاء مع خالد الشوّاف على مشارف الثمانين
- مفكرات يوسف العاني في عصور مختلفة
- قيس لفتة مراد .. عاش ميتا ومات حيا !!
- تذكروا الزهر الشقي .. عزيز السيد جاسم
- لا هو موت .. لا هو انتحار
- أباطيل يوسف نمر ذياب في زنبيل !!
- مصطفى محمود .. المفترى عليه
- عبد الغني الملاح يستردّ للمتنبي أباه !..
- مدني صالح يدفن زمان الوصل في هيت
- ( صانع ) بلند وحسين مردان .. صفاء الحيدري لا عذاب يشبه عذابه
- أبو جهل يتوحم على دمائنا
- عندما تغضب الكلمات
- علي الوردي وأنا في حوار من الأعظمية إلى الكاظمية
- عبد الوهاب البياتي .. الأول في روما


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - رباح آل جعفر - عبد المجيد الشاوي وهذه الأشياء الغريبة العجيبة !!