أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - أمريكا/ فيلم للمخرجة: شيرين دعيبس















المزيد.....

أمريكا/ فيلم للمخرجة: شيرين دعيبس


زياد جيّوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 16:47
المحور: الادب والفن
    



أتاح لي مهرجان القصبة السينمائي مشاهدة العديد من الأفلام التي كنت أرغب في مشاهدتها، ولعل من هذه الأفلام بشكل خاص، فيلم (أمريكا) للمخرجة شيرين دعيبس، والتي حضرت افتتاح المهرجان في مدينة رام الله وكان فيلمها هو فيلم الافتتاح.
الفيلم يقع تحت خانة تصنيفه كفيلم روائي، وبذلك يخرج عن إطار الأفلام الوثائقية التي اعتدناها بشكل واضح في السينما الفلسطينية، فالأفلام الروائية قليلة ومحدودة، وربما أن الوقت الذي تحتاجه مع ارتفاع التكلفة وضعف الإمكانيات تلعب دورها في ذلك.
أمريكا- قصته بسيطة تتلخص بالحديث عن امرأة (نسرين فاعور) تسكن رام الله وتعمل في مؤسسة مصرفية، تعاني مشكلات أسرية بسبب طلاقها وزواج طليقها من امرأة أخرى، لديها شاب في سن المراهقة (ملكار معلم)، ترى زوجة طليقها في محل لبيع الخضار فتصاب بتوتر شديد وتغادر المحل فوراً، تتلقى الموافقة على البطاقة الخضراء من أمريكا عشية حرب الخليج عام 2003، فتناقش ولدها الذي يشجعها على السفر ويرى في الهجرة مفتاح الفرج والفرح والمستقبل، تتردد قليلا ولكن ولدها يلح عليها ويقول متحدثاً عن والده: لقد أخذ قراره كيف تكون حياته، فلنأخذ نحن قرارانا، فتتخذ القرار وتذهب لبيت لحم مع ابنها لزيارة أمها وشقيقها ليكون السفر من هناك، تصل أمريكا ونشاهد سوء التعامل في المطار من رجال الأمن والجمارك، نرى الانبهار بأمريكا، تبحث عن عمل يناسبها فلا تجد إلا العمل في مطعم بخدمة الزبائن والتنظيف، ولدها ينجرف قليلا في حياة الشباب الأمريكي، مخدرات وتدخين، يواجه مشاكل عنصرية كما تواجهها أمه وأسرة شقيقتها المقيمة هناك.
هذه هي قصة الفيلم الذي رأيته، وحقيقة وجدت أن هناك الكثير من القضايا بحاجة لنقاش.. فالسيدة لا تعاني من مشاكل صعبة مالية، فهي موظفة مصرف تكفل لها وظيفتها حياة معقولة، بينما يظهر الفيلم منذ البداية مشكلتها الاجتماعية، وبالتالي فإن الهجرة لأسباب مالية غير وارد، ورغم مشاهد الاحتلال على الحواجز واضطهاده للمواطنين، فهذا ليس بالسبب الكافي للتفكير بالهجرة، فالاحتلال يسعى جاهدا للتنغيص على حياة المواطنين لدفعهم لمغادرة الوطن، ومع هذا نجد الشعب يتمسك بأرضه ووطنه، فلذا لم أجد في الفيلم أن هناك أسبابا مقنعة لهجرة هذه المرأة وولدها، حتى في فكرة تأمين مستقبله الدراسي، فالدراسة متوفرة بالجامعات الفلسطينية بشكل كبير، ولم أجد إلا أسباباً إجتماعية ركزت عليها المخرجة في المشهد الأول من الفيلم.
مسألة أخرى بحثها الفيلم وهي معاناة أسرة شقيقة بطلة الفيلم من خلال إقامتهم في أمريكا، فهم يتعرضون للتمييز العنصري الذي يصل إلى حد التهديد بالقتل على خلفية حرب الخليج والعراق وأسامة بن لادن، وتقول شقيقة البطلة (هيام عباس): هنا لا يميزون بين العرب، فكلنا مستهدفين، وفي نفس الوقت الذي تمكنت المخرجة بقوة من الإشارة لهذه المعاناة، فقد أشارت إلى معاناة المهاجرين من خلال انخراط الشباب بالحياة الأمريكية البعيدة عن تقاليدنا وعاداتنا من خلال ابنة الأخت الشابة، ومن خلال ابن بطلة الفيلم، ومن خلال الطفلة التي لا تتكلم إلا بالانكليزية ولا تتكلم العربية، رغم أن أهلها عرب ويتكلمون العربية، وهم يحنون للوطن وظهر ذلك بالعديد من المشاهد الرمزية ولعل أهمها تنشق أخت بطلة الفيلم للزعتر وقولها: ما أجمل رائحة بلادنا، ومتابعة زوجها الطبيب (يوسف أبو وردة) للأخبار العربية، وتحسره على البلاد وذكرياتها وحلمه بالعودة، في الوقت الذي تكون ردة فعل بطلة الفيلم سلبية تجاه هذا الحنين، فتقول لأختها: لكم خمسة عشرة سنة مهاجرين، الم تنسوا؟ وتطلب من زوج أختها أن يخفف متابعة الأخبار العربية حتى لا يتعب نفسه.
هناك مسألة أعتقد أن ظهورها الرمزي كان خاطئاً، فقد ظهر الصليب في رقبة أخت بطلة الفيلم، وهذا أظهر وضوح الديانة، بينما المعاناة في الوطن شاملة لكل أبنائه بغض النظر عن ديانتهم، فجميعنا تحت الاحتلال نتعرض للاضطهاد والقتل والأسر، والجميع رافضون للاحتلال بغض النظر عن الديانة، وأرى أن إظهار الصليب قلل من شمولية الحدث على مستوى الشعب الذي يعاني من الاحتلال، ولا ننسى أن بعض الأقلام المأجورة كتبت في الماضي أن المسيحيين أقل ارتباطاً بالوطن، وأنهم هم الذين يهاجرون ويتركونه نهباً للاحتلال، بينما نجد أن الاحتلال الذي يسعى لتدمير الأقصى، هو نفسه من حاصر كنيسة المهد وقصفها بمدافع الدبابات وقتل فيها محاصرين مسيحيين ومسلمين، ولم يوفر كنيسة القيامة من إجراءاته القمعية، وفي نفس الوقت نجد أن والدة بطلة الفيلم ترفض فكرة الهجرة بالمطلق حين تدعوها ابنتها لذلك وتتمسك رغم عمرها وشيخوختها بالوطن. لذا فإبراز هوية الدين لم أجدها موفقة في الفيلم.
في خلال أحداث الفيلم نرى لقاء البطلة مع يهودي أمريكي من أصل بولندي، يصبحون أصدقاء ويقف بجانبها مع ابنها في مشكلة تواجهه ، وهي إشارة واضحة أننا لا نعاني من مسألة العداء لليهودية كدين، فهي من الأديان السماوية الثلاث، ومشكلتنا مع الصهيونية كفكرة سياسية تتخذ من الدين وسيلة وستار، واليهود عاشوا بيننا منذ القدم باحترام.
حين يفكر الابن بضرورة العودة من خلال المشكلات العنصرية التي تعرض لها، وتأكيده في الحوار أنه فلسطيني وليس أمريكي نجد البطلة تقول لابنها: يجب أن تصمد فأمريكا ليست لهم وحدهم، وسؤالي: لماذا لم تطرح فكرة الصمود في الوطن بدلا من فكرة الهجرة والإصرار عليها؟ بحيث أنها استقالت من عملها في وطنها وقطعت جذورها فيه، ورغم أن وضعها في العمل والحياة الاجتماعية بين أهلها وفي وطنها كانت أفضل، ففي مشهد تكرر مرتين في الفيلم وأثناء عمل بطلة الفيلم في المصرف الذي تعمل به، نرى مروحة الهواء تجعل الأوراق تطير وتتساقط عن المكتب، وكأنها إشارة واضحة على فكرة الهجرة وطيران البطلة من وطنها إلى وطن آخر، وبدل وظيفة محترمة إلى وظيفة لا تحتاج مؤهل علمي.
الممثلين أتقنوا أدوارهم بطريقة متميزة، ولا يمكنني إلا أن أشير لقدراتهم الإبداعية في التمثيل، والمخرجة بذلت جهودا كبيرة يشار لها بإيجابية، هذه الجهود التي استحقت بجدارة الحصول على جوائز دولية، وإن كان لا يعفيها ذلك من إبداء الملاحظات ومناقشة الفيلم، والموسيقى في الفيلم كانت موفقة جداً، وخاصة في المشهد الأخير الذي جمع الأسرة مع المهاجر اليهودي، دلالة على أن الشعب الفلسطيني لا يميز ضد اليهود كبشر ودين.

(رام الله 12/10/2009)


http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com

http://www.arab-ewriters.com/jayosi




#زياد_جيّوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحكم أجمل/ رام الله أحبك فأحبيني
- همسات مع (تشوّقات)
- هذيان مع (خزفيّة نَصّيّة)*
- فضاءات قزح في الصحافة الأردنية
- صباحكم أجمل/ همسات بغداد 2
- المرأة في الرّواية العربيّة
- عيد ميلاد ليلى
- اسطنبول
- بين هذا ليل وآدم
- الأفلام الفلسطينيّة المشاركة في كارَفان السّينما العربيّة ال ...
- مع نصّ: مع إنّكَ غيرُ عاديّ للكاتبة: نوريّة العبيديّ
- أطياف متمردة 2 - أفق عينيك
- أفق عينيك


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - أمريكا/ فيلم للمخرجة: شيرين دعيبس