أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جنبلاط الغرابي - دراسة في ظواهر المجتمع العراقي















المزيد.....


دراسة في ظواهر المجتمع العراقي


جنبلاط الغرابي

الحوار المتمدن-العدد: 2806 - 2009 / 10 / 21 - 14:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الظواهر الاجتماعية

تشكل الظواهر الاجتماعية محمولات لموضوع نستطيع ان نطلق عليه صفة المؤسس,ولما كانت هذه الظواهر تمثل نتيجة لعلة سابقة فلا يمكننا ان نُلزمها بقانون الثبوتية,بسبب تمثيلها الجزء المترتب.وما يبرهن على هذا الاتجاه رؤيتنا للتغيرات الدائمة التي تطرأ على المجتمعات,فأنه لا يوجد مجتمع ثابت في العطاء الفكري او ملتزم بثقافة خاصة على مستوى واحد,وان حدث هذا الامر فهو لا يدلل على الثبوتية في الصفات وانما يدل على استمرارية الظروف الموضوعية التي هي الدافع والمحفز الاساسي لكل الظواهر.فأن الدوافع الخارجية هي التي تحد المجتمع نحو اتجاهات معينة من الثقافة والرؤية في التعامل مع الاحداث.ولهذا نجد في القبائل الاسترالية من يؤمن بأنه ينحدر من فصيلة الافاعي او النسور,ويظهر لنا بادئ هذا الامر دلائل على الجهل,علماً انه لا يتعلق بذلك.فلو اخذنا طفلاً من مجتمعنا ليعيش بين هذه القبائل عندها سيكون مصيره الفكري مشابهاً لاتجاهات هذه الاقوام,لان القضية لا تتعلق بطبيعة عقلية خاصة وانما يرتبط موضوعها بالمكتسبات الخارجية,فكل ما نعتقد ونفكر ما هو الا قضايا مكتسبة,والانسان ليس حراً في نطاقات تفكيره كما يظن الكثير,ولكن الظروف الخارجية هي المحدد الاساسي لطبيعة التفكير.وقد ذهب العديد من علماء الاجتماع على ان الانسان يفكر بعقل مجتمعه,لا بعقله الذاتي,وانا ارى المعنى غير دقيق وان كان فيه شيئاً من الصحة,ولو كان كذلك لكان الشخص العراقي الذي ينتقل للعيش في النمسا يترك وراءه تقاليده بعد فترة وجيزة من حياته,وهذا ما يندر حدوثه.لذا اذهب بأن الانسان يفكر حسب معطيات المحيط الخارجي واحداثه وليس حسب طبيعة مجتمعه.وقد يثير طرحنا هذا تنافياً مع موضوع الارادة الحرة,حيث يرى براتند راسل عدم وجود الارادة الحرة عند الانسان مادام اختياره للاشياء مبني على قضية مطروحة سابقة بالاصل.وفي الواقع ان هذه الشبهة بعيدة عن خطوط المنطق الكوني المتعارف في الطبيعة الحياتية,فأن الاختيار عند الانسان قضية معلولة وليست علة.فعندما يختار الانسان بيتاً ليعيش فيه, فقد جاء هذا الاختيار على انه معلول,لا على انه علة,ومن هنا لا يمكن لنا البحث عن الارادة الحرة وفق مفهوم اصحاب المنطق الوضعي,لان ارادة الانسان دائما متعلقة بشيء,والشيء الغير متعلق لا يخلق الارادة,فالانسان يحب ويكره الاشياء بعدما يرى طبيعتها ولا يمكن له ان يحب اللاشيء لانه غير موجود ....






مفهوم الرجولة والانوثة (قانون التناسب الطردي)


لا نقصد في هذا البحث الرجولة والانوثة وفق المعنى الحرفي المتعارف الذي يمثل مظاهر الاعضاء لكلا الجنسين,وانما نعني التوجه النفسي لهذا المفهوم.حيث نرى في بعض الاحايين امراة تحمل شخصية الرجل وكذلك العكس,هذا ما يجعلنا ان نبحث في الجانب النفسي دون الجانب العضوي,بالرغم من انه يشارك في تحديد الهيئة النفسية للرجولة والانوثة.فعندما يدرك الانسان في بادئ حياته بأنه من جنس الاناث من خلال الاعضاء ومعاملة الاخرين,فبالضرورة يسير على الهيئة التي تمثل حقيقة تكوينه,ولكن لو كانت المعاملة من قبل الاخرين مخالفة لتكوينه الجنسي,عندها يكون صاحب شخصية مضطربة وميول متباينة.والطرف الاخر الذي يشترك في هذا المجال والذي يمثل الاهمية الكبرى هو الغريزة,فأنها تمثل المنبع الاساس والمحدد الاتجاهي لمفهوم الرجولة والانوثة في الشخصية.ومن خلال هذه الاطروحة نستخلص القضية التالية,وهي,ان مفهوم الرجولة والانوثة جهة نفسية تتصف بالنسبية والتفاوت من شخص الى اخر,ان هذه النسبية وتباينها تابعة الى مجموعة من القضايا,الوراثة,الغريزة,الاعضاء,المعاملة المكتسبة,ان البعد النفسي لمفهوم الرجولة والانوثة يمثل مجالاً مرناً قابلاً للتغير والانقلاب بعوامل الاكتساب.وهذا الاخير نلاحظه بوضوح في بعض المجتمعات حيث نرى الرجل يميل ان يشبه المراة في تعامله وكذلك العكس.وقد يظن البعض ان العلة في هذا الامر ناتجة عن المراة او عن خلل هرموني,لكننا لا نستطيع ان نسكن الى هذا التعليل لاننا اشرنا الى ان الموضوع مرتبط بالمجتمع وليس بالافراد,ومن هنا نذهب الى ان المسبب هو خلل في الموازنة النفسية من طرف الرجل,كون الرجل في الاعم الاغلب يسيطر على الادارة القيادية في المجتمع والاسرة,وان خفت لديه مشاعر الرجولة فيكون طردياً انخفاض مشاعر الانوثة,وهذا ما نسميه بقانون التناسب الطردي.وهذا القانون يعم المجتمعات من جميع نواحيها النفسية ويمكن تطبيقه وملاحظته بدقة في مجتمعنا,حيث نرى المراة اكثر حياءاً من غيرها في باقي البلدان بسبب ارتفاع المعدل النسبي لمفهوم الرجولة من الناحية النفسية,هذا الذي يدعوا ان تستجيب وفق هذا القانون ليتحصل التكافؤ بين الشخصيتين.اضف على ذلك موضوع الكشف عن العيوب,فأن المجتمع العراقي من اكثر المجتمعات التي فيها يُبحث عن عيوب المقابل,مما يدعوا الى اجبار البعض على التحفظ خوفاً من السقوط داخل شبكة النقد.وقد صنف البعض هذا الاخير على انه نوعاً من الازدواجية الا اني لا اراه كذلك,كون المجتمع العراقي اعتاد على نقد الاخرين لابسط الامور وعدم التسامح في مجمل اخطائهم,مما جعل الفرد يتخوف من ظهوره بزي قد لا يروق للكثيرين,والمحاولة في تغطية ما يذهب اليه خصوصاً اذا كان منافياً للطبيعة الاجتماعية,وهذا الامر ليس بجديد داخل المجتمع العراقي وقد نجده في التراث السومري,وسيأتي بحثه....






المسخ الاجتماعي


اعني بالمسخ هو التشوه الفكري الذي يفارق المجالات الطبيعية من ناحية التصرف والتعامل مع القضايا الحياتية بصورة عامة,فالفرد الذي يفضل الحصول على حاجاته من خلال الاعتداء والطرائق الشاذة فهو يمثل المسخ الذي نعني به.ولما كانت هذه الجهة منتشرة في جميع المجتمعات فهذا لا يعني الرسوخ النفسي للقضية في ذات الانسان او انتقالها عن الطريق الوراثي,وانما يكون صدورها نتيجة عوامل خارجية ضاغطة.وكي يحافظ المجتمع على توازنه والقضاء على هذه الظاهرة فلابد اولاً من غلق المجالات التي تخلق هذه التوجهات وليس الاقتصار فقط على معالجة المصاب بهذا الداء,فعلاج الافراد بصورة مباشرة اشبه بمحاولة تسكين الالام دون البحث عن العلة الرئيسية واستئصالها.وقد لاحظت تميز مجتمعنا بهذه الصفة بالرغم من تميزه من جهة اخرى بصفات ايجابية قد يندر وجودها في المجتمعات الاخرى مثل التاخي ومنزلة الشرف والتضامن الاسري والكرم,الا ان هذه الصفات بطبيعتها لا تستطيع ان تمتد وتشكل قاعدة لتغذي الفكر المفقود وتلبي حاجته.فأن الكرم لا يمكن ان يكون محوراً لازالة الشر,ولا التاخي يمكنه ان يحول صاحبه دون الوقوع في الجريمة,لذا ينبغي للتغذية الفكرية ان تنطلق من قاعدة تشمل جميع الاتجاهات وتكبح جميع الميول الشاذة,والجهة الوحيدة التي يمكنها ان تؤدي هذا العمل,هي,المنظومة الثقافية الاخلاقية,وهذا ما افتقر اليه مجتمعنا على مر الزمن اخص بذلك فترة النظام السابق,اضف على ذلك الظروف القسرية كالحروب وفترة الحصار الاقتصادي والاضطهاد الداخلي,فكانت بمثابة توجيه نحو الخطى الغير سليمة,ودوافع مباشرة الى ترسيخ المسخ الاجتماعي داخل الفرد,لدرجة ان الكثير اصبح يتعامل معه على انه الطريق السوي والدقيق لنيل المبتغيات,وهكذا فأن الحاجات تتطور وفق متطلبات الواقع في ذات الوقت الذي تزيد هذه العوامل نسبة الندرة,وقد اشرنا مسبقاً من ان الندرة عامل كفيل في زعزعة البنية الاخلاقية,من خلال خلق اساليب بعيدة عن المنهج الطبيعي,لذا نلاحظ كثرة الانحراف والتجاوزات في فترة التسعينيات واستمرارية ارتفاع معدلها الى يومنا هذا,وهذا يدل على ان الظروف الموضوعية الراهنة وان اختلفت في شخوصها الا انها لم تختلف من ناحية المعطى السلبي,فما زلنا نرى التجاوزات والشذوذ الفكري يسيطر على نفسية الفرد في الاعم الاغلب,ولا يمكن التخلص من هذه الاتجاهات دون التوجه نحو الاصلاح,وهذا الاخير لا يتم الا من خلال علاج العلل الاولية المتمثلة بالعامل الاقتصادي وتوفير البيئة الثقافية السليمة من خلال التنظير,هذا بالاضافة الى توفير الرقيب السلطوي للحد من وقوع التجاوزات من خلال المحاسبة والتأنيب,وانا ارى الحاجة الملحة في يومنا هذا تتمثل في هذا الاخير,لان الرقيب الغيبي يحتاج الى توعية فكرية قد تستغرق وقتاً طويلاً كي تصل الى اذهان المجتمع ليباشر مفعولها,هذا بالاضافة الى عدم توفر الارضية التي تساهم في سهولة التلقي الفكري,فالاجواء التي تهيمن على المجتمع العراقي في هذا اليوم تميل ان تكون فوضوية الحال,والمجالات غير مغلقة امام استخدام الطرائق الشاذة,وهذا بدوره سيعزز الابتعاد عن الايجاب في نيل المطالب والمبتغيات...





عراقيو المهجر-النزعة التثاقفية



تكلمنا في بحث سابق حول اشكالية وصعوبة المهجر بالنسبة للفرد العراقي واوضحنا هذا الجانب من ناحية المردودات السلبية على النفس.والان سوف نطرح جانباً مهماً في هذا المجال وهو التفكك الاسري,حيث يلاحظ هذا الاخير بنسبة اكبر مما هو في الداخل,ولوقوع هذا الامر جملة من الاسباب,تتكون بصورة مطردة تبعاً للعلل الاولية,او للقاعدة المؤسسة,وهي,الحياة في طبيعة مختلفة من ناحية المناخ والثقافة والتقاليد.فأن هذا الامر بذاته يخلق صعوبة الانسجام ما بين الحياة السابقة والجديدة,وتظهر المعاناة النفسية في بادئ الامر على شكل خشية وتحذر وقلق,بسبب عدم المعرفة المسبقة بهذه الحياة من الناحية الاجتماعية,وكيفية التوافق ما بين تقاليد الشخص المغترب والتقاليد الطارئة.ومن هنا يكون الاكتساب للثقافة الجديدة من خلال امرين,هما,الانسجام المباشر وفق قانون التفاعل النفسي,والاخر اكتساب الثقافة بصورة لا شعورية.وهذا الاخير يشكل خطورة اكبر من الاول كونه يدخل الى النفس ويحيط بها دون معرفة الفرد,ويتم ذلك من خلال الاعتياد على اشكال الطبيعة السائدة,مثالاً على ذلك,فأن العلاقة الزوجية داخل المجتمع الاوربي لا تتصف بالقداسة وليس هناك اية ضوابط رادعة لانفكاك الاسرة,وتكوين العلاقة وزوالها يُعتبر امراً هيناً في الاعم الاغلب,وهذه الصورة الظاهرة التي يمكن ملاحظتها في كل لحظة تدخل في ذات الفرد دون تأمل وتقييم كونها لا تمثل حالة عابرة,وانما تمثل طبيعة اجتماعية خالصة,وبالنتيجة ينقاد الفرد بصورة لا شعورية الى الامتثال لهذا النظام واصدار نفس الرؤية المكتسبة.لذا نرى وبوضوح التفكك الاسري الذي ساد بين عراقيي المهجر,والابتعاد عن القيم والمبادى التي اعتاد العراقيون على المناداة بها,وحيث ان الواقع الموضوعي مستمر في تصميم وتهيئة هذه الافكار في الذهن,فيكون مطرداً ازدياد نسبة هذه المفاهيم السلبية واقترابها شيئاً فشيئاً الى نبذ جميع ما يحمل الفرد من تعاليم واتجاهات صحيحة,ومنها ما نلاحظ في الاونة الاخيرة من اتجاه نحو الالحاد,واتباع المفاهيم المادية,وهذا الاخير يتم عن طريق النزعات التثاقفية والانصهار في الفكر الاجتماعي الاوربي دون دراية وبحث.وقد اعتاد العرب بصورة عامة على التأثر بالواقع الغربي واستيراد المفاهيم وتطبيقها على مجتمعاتهم بصورة تحمل الاحكام الايجابية المسبقة,علماً ان هذه المفاهيم انبثقت من خلال ظروف موضوعية خاصة,ولا يصح من الناحية العلمية تطبيقها على مجتمعاتنا,بسبب الاختلاف الجغرافي والبيئي والتراث الثقافي والميول النفسية.هذا بالاضافة الى ان الوقوع في شبكة النزعة التثاقفية يخلق صراعات اجتماعية بين الاقطاب الرافضة والمؤيدة,وليس ببعيد ما رأيناه حينما امتد الفكر الماركسي داخل العراق,وراح ضحية هذا الفكر الاف النفوس,وفي ذات الوقت شارك هذا المد في تعطيل المسيرة الاجتماعية الطبيعية التي تُخلق حسب ظروفها الخاصة وحسب المتطلبات الواقعية.وافضل ما نورده في هذا الشأن هو,ان المجتمع عبارة عن تيارات متعددة توجه افرادها الى طبيعة خاصة,وما ان تمرد الفرد على هذه الطبيعة فأن النتيجة السلبية تعم المجتمع برمته وليس الفرد وحده.....



ظواهر المجتمع العراقي....



ارى ن ان دراسة المجتمع العراقي انطلاقاً من التراث السومري تمثل افضل وسيلة لاستيعاب الظواهر والميول الاجتماعية لدى الفرد,والسبب في ذلك يظهر من خلال امرين,اولهما,ان العمق التاريخي يعطي ملامسة حقيقية للواقع المعاصر,والاخر,الرابطة القوية ما بين الفرد العراقي وتراثه.ولا يمكن لنا ان نتفهم طبيعة المجتمع السومري وعلاقته بالمجتمع العراقي الحالي دون الخوض في المجالات الادبية المدونة,حيث تعطي هذه الاخيرة مفهوماً وانطباعاً واضحاً عن الحياة الاجتماعية السائدة انذاك,خصوصا اننا سنلاحظ شبهاً كبيراً ما بين الفرد السومري والفرد العراقي الحالي..




نص سومري يظهر مجادلة قاسية بين طالبين داخل المدرسة....



انت ابله انت مغفل حشرة في المدرسة
انت امي انت جاهل سومري
فيدك فظيعة انها لا تقدر على الامساك بالقلم بصورة صحيحة
انها لا تصلح للكتابة ولا تقدر على كتابة الاملاء ومع ذلك تدعي انك ناسخ مثلي
-----------------------------------
ماذا تقصد بقولك انني لست كاتبا مثلك
انك حينما تكتب وثيقة لا يفهم منها شي
وعندما تكتب رسالة لا يمكن قراءتها
وعندما تذهب لتقسيم ارض زراعية لا تستطيع تقسيمها
لانك عندما تذهب لقياس الحقل فانك لا تستطيع الامساك بحبل القياس
انك تعجز حتى عن الامساك بمسمار في يديك
فانت لا عقل لك, انك لا تعرف الفصل والحكم بين المتخاصمين
بل انت تصعد الاشتعال النزاع بين الاخوة
انت واحد من اقل كتاب الالواح كفاءة
لاي شي انت تصلح ايستطيع احد القول؟
-------------------------------------
ماذا تقول ؟ انني كفء في كل شي
فاذا ذهبت لتقسيم مقاطعة اقسم المقاطعة
واذا ذهبت لمسح حقل فانني اعرف كيف امسك بحبل القياس
واعرف كيف احكم بين المتخاصمين
واعرف كيف اطفئ نار الفتنة بين الاخوة والطف مشاعرهم
ولكنك اكسل النساخ واكثر الرجال اهمالا متهور
اذا مارست عمليات الضرب فانها تكون مليئة بالاخطاء
وفي مجالات الحساب تخلط بين الطول والعرض
وتعامل المربعات والمثلثات والدوائر والمقاطع بلا فهم
كما لو انت مهذار وغد ساخر متنمر حامي المنحرفة
انت تجرا القول بانك قلب الهيئة الطلابية
---------------------------------------
ماذا تعني بقولك بانني لست قلب الهيئة الطلابية
انني ربيت على السومرية انا ابن كاتب
اما انت غير ماهر متبجح اخرق ومدع
اذا حاولت عمل لوح طيني للكتابة فانك لاتقدر حتى على تنعيم الطين
اذا حاولت كتابة سطر واحد فان يدك لا تستطيع مداراة اللوح
انت طالب في السنة الثانية سددت اذنك سددت اذنك
ومع ذلك انك تدعي معرفة اللغة السومرية مثلي...
----------------------------------------
وفي نهاية المطاف ينتهي هذا النزاع بحضور المشرف الذي بدروه يقوم بتوبيخ الطالبين ويهدد الطالب الاصغر بالضرب لانه تعدى على اخيه الاكبر حسب تعبيره,من ثم يصل الامر الى مدير المدرسة الذي يأمر المشرف بفعل ما يشاء لاجل معاقبة الطالب,ويطرح خياراته للمعاقبة من خلال ربط احدهم بسلاسل نحاسية وحبسه لمدة شهرين داخل المدرسة والضرب بالعصا.وبعدما ينهي المدير تهديداته يأخذ ايدي الطالبين دلالة على المصالحة دون مفاضلة احدهما على الاخر.وفي الواقع ان هذه المجادلة تحمل لنا كثير من الصور عن الحياة السائدة انذاك,وفي ذات الوقت نلاحظ الشبه الكبير بينها وبين ما نعيش في حياتنا اليوم,فالنص يختزل الاسلوب الجدلي في الخصومة والتجاوز بالالفاظ الغير لائقة وطريقة التباهي والتفاخر بالعلم وفعل الخير والانتقاص من عدمه والعناد وحب الذات والتنافس ووجوب الاحترام والعقوبة.وقد اوردته لهذه الاسباب....
يظهر في النص نوع من الاطناب والاسهاب الكلامي في الردود بين الطرفين,وهذا يدل على ان الناسخ الذي دون هذه الحادثة قد نقلها بتصرف,ويظهر ايضاً قلة الخبرة في التعامل مع الادبيات,فقد لاحظنا الكلام لا يحتوي على الايجاز ويتعامل من الحدث بصورة حرفية,الا انه ينقل لنا مدلولات كثيرة وهذا ما نحن في صدد بحثه. فحيث نرى بوضوح التقسيم الطبقي بين الافراد من الناحية العلمية,فوجود المدير والمشرف يبين لنا التفوق الحضاري السائد انذاك ويظهر العمق في هذا المجال لحقبة قد تكون ابعد بكثير مما وصلنا من تراث.ويظهر لنا المنهج التعليمي المتبع الطابع السيادي من خلال تفاوت الوظيفة حسب الكفاءة العلمية,وهذا يدل على الاهتمام العالي بالعلم والتعليم.اما اسلوب التعامل الذي ورد بين الاطراف المتنازعة والقاضية,فهو يصور اللهجة العدائية في حالة ردود الفعل عند الفرد العراقي,التي ما زلنا نراها الى يومنا هذا,بالاضافة الى استخدام الالفاظ الخادشة كما ورد في كثير من السطور اخصها الرابع والعشرين,حيث نلاحظ الطالب كيف يصف زميله بوصف يُفهم من خلاله وجود مسألة العار والتعيير في الشرف الاخلاقي,وهذا هو ما نجده اليوم في مجتمعنا,حيث يستخدم الفرد العراقي اسلوب كشف عيوب الخصم واذا دعى الامر يطرح عيوباً من مخيلته وينسبها اليه,علماً ان المجتمع العراقي الحالي من الاكثر المجتمعات في العالم في استخدام كلمة(العيب),وقد جعل هذا الامر مسألة الايذاء بالكلام القاسي منتشرة ولها المفعول المؤدي الى نيل الانتقام من الخصم.ولقضية الاخلاق بعداً تاريخياً قديماً يرتبط بكثرة النبوءات والديانات في ارض الرافدين,والغريب ملاحظة التركيز على المدى الاخلاقي اكثر من الديني في التاريخ القديم والمعاصر,ويبدو ان العراقيين القدماء لم يعطوا اهمية للفكر الديني المتمثل بالعبادة بقدر ما اعطوا للاخلاق,هذا الذي جعلهم يحرصون اشد الحرص على موضوع السمعة والمكانة الاجتماعية,ومازال هذا الامر نشهده في ايامنا هذه.حيث ان شهرة السمعة تتدخل في جميع الجوانب الحياتية وتعطي صاحبها النفوذ في ميادين شتى بينما يظهر في الاعم الاغلب النفوذ في المجتمعات الاخرى حسب المقدرة والكفاءة.وفي الواقع ان هذه القضية تمثل السبب الرئيسي الذي دفع المجتمع العراقي الى ان يركز على قضية السمعة اكثر من الاخلاق ذاتها,مما ادى الى ظهور قضية التظاهر والتبجح كمبتغى وهدف اساسي في الحياة الاجتماعية.وقد يبدو هذا الامر على شكل ظواهر متناقضة وشائكة,كونه يجسد لنا شخصية تحمل اتجاهان متناقضان,وفي ذات الوقت التركيز على الامر الظاهر اكثر من الباطن يبين لنا الخلل في فهم المجتمع للطبيعة الاخلاقية.وانا ارى القضية ليست كذلك,الا انها تحمل مدلولاً ظاهرياً يقود الى هذا التصور,ولو رجعنا الى العلل الاولية عندها يكون بأمكاننا فك هذه الالغاز وفهم حقيقة هذا الاتجاه.فأن المجتمع العراقي يحمل طبيعة غير متسامحة تجاه من يخطئ,ومن طبائعه ان يحاسب الفرد بأفعال الماضي وان عدل عنها,وهذا بدوره جعل من الفرد مجبراً على التظاهر حتى لا يقع في شبكة النقد الاجتماعي والتفتيش عن العيوب,خصوصاً ان قضية النقد ليست ظاهرة جديدة في مجتمعنا وقد لاحظنا وجودها في الحقبة السومرية من خلال النص الذي اوردناه وهناك نصوص اخرى تحمل نفس الطابع تؤيد ما ذهبنا اليه.اما العلل التي ادت بالمجتمع ان يكون نقدي النزعة فهي كثيرة,ومنها,التفوق الحضاري الذي دفع بذاته افراد المجتمع للدخول في حلبة النزاع والتنافس الثقافي,الكبرياء وحب الذات الذي تولد بسبب هذا التفوق,قيمة الثقافة والتعليم التي كانت محور القياس الاجتماعي والسبيل الاوفر لتخطي صعوبات الحياة.وقد ذهب البعض الى ان علة النقد ناشئة عن المدارس الفلسفية التي ظهرت في فترة الحكم العباسي كالمعتزلة وغيرهم,وهذا الاتجاه ليس بصواب وقد اثبتنا الجذور العميقة لقضية النقد والانتقاص.وقد نلاحظ نقداً من طراز اخر يُظهر اسلوباً انتقامياً يجسد حب الردع وايذاء الخصم بطرائق متعددة,وقد يصنفه البعض على انه رد اعتبار للنفس وتقديس لكرامتها,وهذا واقعاً ما تبرزه طبيعة المجتمع,الا ان هناك سبب اعمق من الذي يظهر,وهو,القلق النفسي.فأن الفرد العراقي شخصية قلقة وتتعرض للتوتر والاستفزاز بسهولة,وهذا القلق منشؤه كثرة الحروب والترقب بالاضافة الى الكبت الغريزي,اضف على ذلك الكبرياء,ففي الاعم الاغلب يصور الفرد العراقي ذاته على انه عالم مستقل لوحده,لذا نراه في بعض الاحايين يحاول الابتعاد عن اقرانه بغية عدم تحمل اخطاء غيره,ويلاحظ هذا الامر في المهجر بصورة اوضح.والجهة الاخرى التي تصور لنا الحالة القلقة التي يمر بها الفرد هي حب الهيمنة والتسلط,وقد يتصور البعض ان هذه القضية ناتجة عن حب التعالي والظهور بالمستوى السلطوي الذي يعزز من قيمة النفس امام صاحبها والاخرين,وهذا هو مظهر القضية,ولكن العلة الاعمق تكمن في محاولة ابعاد القلق النفسي الذي يصدر خشية من الاخرين.صحيح ان التسلط والهيمنة تعطي صاحبها القدرة على التحرك بحرية والنفوذ في المجتمع من خلال توفير سبلاً اسهل لتلبية متطلبات الحياة,ولكنها في علتها العميقة تعطي السكينة والامان تجاه التعرض من الاخرين,خصوصاً ان مجتمعنا مليء بالمشاكل التي يترأسها حب الانتقام,واخفاء ما في القلب من توعدات,في ذات الوقت الذي يتميز الفرد في المجتمع العراقي بالطيبة وحب الخير,وهذا غالباً من يُلاحظ.وقد يولد هذان الاتجاهان اعتراضات اخرى تطمع بالاجوبة الدقيقة,فكيف يجتمع حب الخير والانتقام في شخصية واحدة!؟,وقبل ان نجيب على هذا الاعتراض نذكر بأن هذه الظواهر وليدة العوامل الخارجية وليست جوهراً ذاتياً,بمعنى اخر,ان هذه التوجهات متعرضة للزوال والفناء من خلال تغيير العوامل والظروف الخارجية,اما من ناحية تكوينها,فالاظهر انها تولدت بسبب كثرة الحروب والانتكاسات من جهة وكثرة النبؤءات الدينية من جهة اخرى,مما جعل الفرد العراقي يتلقى افكاراً دينية تحثه على عمل الخير,وترسخ في نفسه مشروعية البناء النفسي الاخلاقي,ومن جهة اخرى تفرض الظروف الخارجية القاسية ردود فعل مليئة بالاتجاهات السلبية الناشئة عن الاضطراب وتغير الاوضاع,ومن خلال هذه العوامل تكونت في المجتمع العراقي الحدة في التعامل,بالاضافة الى الفطنة والذكاء والحذر.وهذه الصفات تمثل نتيجة التكرار في الحوادث اخصها المجال المجهول,وهذا الجانب له تاثيراً نفسياً حاداً في شخصية الفرد العراقي,كونه يبعث القلق والخوف.فقد رافق السير الى المجهول مجتمعنا منذ زمن بعيد,ومازال يتظاهر في كل لحظة,مادام المجتمع يفتقد الى الاستقرار,وفقدان هذا الاخير يبعث انطباعاً سلبياً يسلب من الفرد الشعور بالمسؤولية والاكتراث بما يدور حوله ابتداءاً بذاته وانتهاءاً بمستقبله...



#جنبلاط_الغرابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (عقيدة الثالوث)
- الاديان والطوطمية -نحو معرفة جديدة
- أوهام علي الوردي-2-
- أوهام علي الوردي
- الأسس العلمية في دراسة المجتمع العراقي
- مبحث حول الازدواجية الشخصية
- ثقافتنا!


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جنبلاط الغرابي - دراسة في ظواهر المجتمع العراقي