أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!















المزيد.....

لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 16:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إلى أين نحن ذاهبون؟ ما هو المستقبل الذى ينتظرنا؟ ماذا يحمل لنا الغد؟!
هذه التساؤلات هى التى تصدرت المشهد فى الأيام الأخيرة، ورغم أنها ليست جديدة فإن الجديد فى طرحها الآن، هو إثارتها فى سياق علمى جاد بعيداً عن العشوائية والانطباعات الذاتية. والجديد أيضاً أن نفس التساؤلات ترددت على منابر متعددة فى وقت واحد، الأمر الذى يبين أنها أصبحت ملحة وضاغطة وتمثل هاجساً حقيقياً للمصريين وليس فقط لبعض الأفراد هنا أو هناك.
ففى القاهرة صدر تقرير بالغ الأهمية والخطورة عن لجنة الشفافية والنزاهة، التى ترعاها وزارة الدولة للتنمية الإدارية، يضع يده على "الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم".
هذا التقرير هو بمثابة دراسة علمية لقيم النزاهة والشفافية والفساد أجراها فريق بحثى بقيادة الدكتور احمد زايد عميد كلية الآداب جامعة القاهرة، ومنسق الدراسة الدكتورة غادة موسى مدير مركز دراسات الحوكمة بالمعهد القومى للإدارة.
ولم يبالغ الدكتور أحمد درويش، وزير الدولة للتنمية والإدارة، عندما قال فى مقدمة هذا العمل العلمى المهم إنه "الدراسة الأولى من نوعها فى مصر والشرق الأوسط من حيث تناول الموضوع ومن حيث المنهجية ومن حيث الحجم" متمنياً أن "يتم تناول الدراسة فى الإطار العلمى اللائق بها للاستفادة من النتائج التى تم الوصول إليها"، وألا يتم "تناولها بسطحية أو التعامل مع مجموعة من الأرقام المبتورة من موضعها أو بتعريف مغاير او دون النظر والتدقيق".
وهذا منهج مطلوب فى كل الأحوال، فما بالك بدراسة أنجزت عبر عام من العمل الشاق لفريق البحث كما أوضح الدكتور احمد زايد.
ولذلك فإن هذه الوثيقة المهمة تستحق عرضاً شاملاً ومتكاملاً وتحليلاً موضوعياً مسهباً نرجو أن نقوم به فى وقت لاحق.
لكن ما يهمنا فى هذا المقال، ودون رغبة فى تصيد رقم هنا أو هناك، أن نتائج تلك الدراسة تشير – ضمن ما تشير – إلى " أن 63.4% من المصريين يخافون من المستقبل، مقابل 36.6% مطمئنون للمستقبل.. ويرجع ذلك إلى ارتفاع الأسعار والغلاء الذى يعانى منه كثير من أفراد المجتمع لدى 73.4% وعدم وجود رؤية مستقبلية فى المجتمع عند 37.4%، وانعدام الثقة عند 25.9%"
ورغم أن هذا ليس هو جوهر التقرير المشار إليه، فإن تركيزنا عليه فى هذا المقال يعود إلى كونه مؤشراً مهماً لهواجس المصريين – أو غالبيتهم على الأقل – من المستقبل.
هذه الهواجس تكتسب أهمية استثنائية إذا نظرنا إليها فى سياق آخر، هو إطلاق الإصدار الثانى لتقرير مرصد الإصلاح العربى بمكتبة الإسكندرية فى وقت يكاد أن يكون متزامناً مع إطلاق تقرير لجنة الشفافية والنزاهة التى ترعاها وزارة التنمية الإدارية.
وكانت مكتبة الإسكندرية قد أطلقت العام الماضى الإصدار الأول لتقرير مرصد الإصلاح العربى على هامش منتدى الإصلاح العربى والذى جاء تلبية لتوصيات مؤتمر الإصلاح العربى الذى عقد بمكتبة الإسكندرية فى مارس 2004، والذى تمخض عن "وثيقة الإسكندرية" الشهيرة. وفى هذا السياق استحدثت "المكتبة" مشروع رصد تطور الإصلاح العربى. وبدأ هذا المشروع فى عام 2007 واهتم برصد وقياس وتحليل إدراك النخبة العربية لعملية الإصلاح العربى من خلال بناء مؤشر عام لإدراك النخبة العربية للإصلاح العربى بمؤشرات فرعية لكل من الإصلاح السياسى والإصلاح الاقتصادى والإصلاح الاجتماعى والإصلاح الثقافى.
وفى هذا التقرير الذى لايقل أهمية عن التقرير الأول – والذى كان لى شرف المشاركة فى مناقشته أيضاً لدى إطلاقه – أن إجابات من جرى استطلاع آرائهم من النخبة العربية فيما يتعلق بتقييم الإصلاح السياسى الذى تم فى المنطقة العربية جاءت " لتشير إلى حالة عدم رضا عن الإصلاح السياسى الذى تم حتى الآن.."
كذلك الحال بالنسبة للإصلاح الثقافى حيث يرى 71% من أفراد العينة أن برامج الإصلاح الثقافى إما غير موجودة أو أنها غامضة أو غير واضحة.
وفى تحليله لأسباب هذا الاتجاه العام بعدم الرضا عن برامج الإصلاح الثقافى أرجع التقرير ذلك إلى عدم وجود برنامج حقيقى للإصلاح وغياب الإرادة السياسية فى انتهاج طريق الإصلاح الثقافى، ووجود معوقات اجتماعية تقلل من فاعلية محاولات الإصلاح مثل تدهور التعليم، وانشغال الناس بمواجهة الضغوط والمشاكل الاقتصادية وعدم اهتمامهم بالشأن الثقافى، وغياب مشاركة النخب فى صنع توجهات هذه البرامج، وبالتالى فما هو مطروح يمثل رؤية النخبة الحاكمة، والتى لا تتعامل مع القضايا الثقافية الحقيقية والشائكة، ووجود قوى سياسية محافظة متشددة ومتطرفة دينياً تهاجم اى محاولة للإصلاح باعتبارها تعبر عن "ثقافة مستوردة"، فضلاً عن ظروف الاحتلال (كما هو الحال فى فلسطين والعراق) التى تحول دون تنفيذ برامج إصلاح حقيقية.
أما تحليل إدراك النخبة محاولة الإصلاح الاقتصادى فى المنطقة العربية فيشير إلى أن هناك مساحة من الرضا الذى يحتاج صانع السياسة إلى اجتيازها حتى يصل إلى المواطنين، ورغم أن البيانات تشير إلى تقدم فى بعض المجالات فإن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تركت بصمات وتأثيرات سلبية خطيرة من ناحية، وأكدت من ناحية أخرى على ضرورة الارتقاء بمستوى التعليم والمهارة لقوة العمل العربية، إذ لايمكن لأى دولة عربية – بغض النظر عن مواردها – أن تعيد بناء اقتصاد ما بعد الأزمة إلا عن طريق تزويد القوة العاملة بالمهارات اللازمة لتنافسها فى الاقتصاد العالمى.
وبالنسبة للإصلاح الاجتماعى رصد التقرير قضايا عديدة من أهمها أن البعد الاجتماعى للإصلاح أتى تالياً وتابعاً لسياسات الاصلاح الاقتصادى وإجراءات وعلاج ما يترتب عليه من مشكلات بعد حدوثها، كالبطالة وانخفاض الدخول وحدة الفوارق بينها والفقر وغيرها من صور الاستبعاد الاجتماعى والسياسى، وبخاصة تهميش الشباب والمرأة.
وأطلق التقرير صيحة تحذير من تزايد معدلات البطالة، وتزايد أعداد الفقراء.
ويمكن تلخيص كل ذلك فى القول بتراجع عجلة الإصلاح فى العالم العربى أو على الأقل سيرها ببطء شديد لاينسجم مع ضرورات التحرك فائق السرعة من أجل تقليص فجوات التخلف التى نعانى منها على جميع المستويات.
أما الدكتور مصطفى علوى محرر التقرير فيستخلص نقاطاً أساسية:
1- أن أغلب إجابات النخبة العربية تميل إلى عدم الحسم ومواقف الحياة وهو ما يشير إلى استمرار وجود البلاد العربية فى المرحلة الانتقالية التى تؤهل أو تمهد للدخول فى مرحلة الإصلاح ولكن من دون الانخراط الفعلى.
2- أن موقف النخب العربية السلبى من نخب الحكم والسياسة وانعزالها عن مجتمعاتها يفتح الباب لمناقشة أكثر تحرراً لمسألة مستوى الشرعية السياسية الذى تحظى به نخب الحكم والسياسة لدى الناس والذى يؤدى إلى تحديد درجة الرضا أو عدم الرضا عن هياكل السلطة وسياساتها. ومن ثم يصبح مهما البحث فى هذه المسألة بهدف ردم الفجوة بين النظم والمجتمعات العربية باعتبار ذلك أحد أهم أركان النجاح لأية عملية إصلاح فى بلادنا العربية، لأن نجاح الإصلاح يحتاج إلى المساندة والدعم من جانب الناس وهو ما لا يتأتى دون تواصل طبيعى غير مصطنع مع الناس.
3- تثبت نتائج التقرير أن رأى النخبة فى الإعلام العربى هو رأى أقرب إلى السلبية، ومن هنا فإن نجاح الإصلاح فى المستقبل يستلزم إعادة صياغة لنظام الإعلام ليتخلى عن دور قديم قوامه ترديد سياسات الحكومات إلى دور جديد كحلقة وصل بين برامج الإصلاح الجادة وبين إدراك النخب والناس.
4- تؤكد نتائج الدراسة أيضاً على أهمية مكافحة الفساد.. باعتبار هذه المهمة شرطاً ضرورياً لانجاح جهود الإصلاح فى جميع المجالات.
5- أى أمل فى الإصلاح على أى مستوى مرهون بتطوير جذرى فى منظومات التعليم والبحث العلمى والتطوير التكنولوجى.
***
لكن الانطباع الرئيسى الذى نخرج به من تأمل تفاصيل "الكر والفر" على جبهة ما يسمى بالإصلاح فى العالم العربى، والتى رصد بعضها تقرير مكتبة الإسكندرية، هو أن الحكومات العربية وافقت على فكرة الإصلاح، وربما دفعت بعض رجالاتها للانخراط فى هذه العملية، والتوقيع على وثيقة الإسكندرية مثلا عام 2004، عندما كانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش تكشر عن أسنانها وتهدد علنا بتغيير الأنظمة العربية بالقوة فى إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير كما نتذكر. فهرولت الأنظمة العربية لرفع شعارات الإصلاح لكى يكون التغيير بيدها لا بيد "عمرو" الأمريكى. وعندما اختفى شبح بوش وتهديداته – نتيجة لعوامل متعددة ليس هذا مجال الحديث عنها – عادت ريما إلى عادتها القديمة، وبدأ حديث الإصلاح يخفت تدريجياً، بعد أن حققت الأنظمة العربية غرضها منه.
ونتيجة لتعثر عجلة الاصلاح تبددت الآمال حتى عشنا وشفنا ثلثى المصريين تقريباً يخافون من المستقبل على سبيل المثال.

***
نفس هذا الهاجس.. هاجس المستقبل.. طرح نفسه فى توقيت متزامن – وياله من تزامن عجيب لا يخلو من الدلالات – على جدول أعمال واحدة من أهم منظمات المجتمع المدنى المصرى، هى جماعة الإدارة العليا، التى عقدت مؤتمرها السنوى الخامس والأربعين بالإسكندرية هذا الأسبوع، وكان مستقبل مصر هو المحور الرئيسى والوحيد لحوار ساخن ومتحضر وبناء سنتحدث عنه فى مقالنا القادم.. إذا كان فى العمر بقية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
- موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
- صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
- حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل ...
- اختفاء النصف السفلي لإنسان!
- نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
- زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟̷ ...
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
- يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
- عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
- الحياة.. بدون محمود عوض!
- الفتنة الصحفية.. الكبري!
- حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
- مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!
- في عام 2002 دق »تقرير التنمية الإنسانية العربية« نواقيس الخط ...
- أسماء .. الفلسطينية!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية
- قراءة سريعة في تقرير مهم (3 3)
- وهم حوار الحضارات


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!