|
تطورات الاوضاع العالمية تتطلب يسارا واقعيا متعددة الاوجه
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 21:25
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يجب ان لا ننسى بان اية حركة منبثقة من رحم اي مجتمع و بشكل طبيعي بعيدا عن تدخلات الاخرين و تصديراتهم غير مقلدة بشكل اعمى لمثيلاتها في المناطق الاخرى، تكون اصيلة و تتسم بجوهر الفكر و الفلسفة الاجتماعية الخاصة بذلك المجتمع الام من دون زيف او تقليد . الحركة اليسارية ليست ببعيدة عن الافكار و الفلسفات الاخرى فهي تعني فلسفيا بالتغييرات الاجتماعية و الطبقية و تهتم بالاختلافات و الفروقات و محللة للخلافات بين الطبقة الكادحة و الراسمالية، اضافة الى مطالبتها ضمان حقوق الجميع بما فيه الحقوق القومية و الطبقية على حد سواء و المساواة بين مكونات المجتمع و المواطنة لكل فرد ، و لها الدور الهام في مقارعة اي احتلال من اي نوع كان و تناضل بكل السبل التقدمية ضد المحتلين الداخليين و الخارجيين و المعتدين على حقوق الاخرين و تقارع مسببات الفقرو الجوع و العوز اينما كانت ، و هنا يطيب لمجموعة ان تسمي هكذا انواع من المنظومة باليسار القومي و اخرى بالاجتماعي و الاخرين بالديموقراطي ، و ما يتضمنه ان جميعهم لا يخرجون من اطار متطلبات المرحلة و الواقع، و يمكن ان يسمى جميعا باليسار الواقعي و هو شامل و يحوي جميع الاشكال و المسميات و هو مختلف التركيب و الاوجه و المظهر ومتميز و خاص بكل منطقة، لان اليسار في اساسه حامل للمتطلبات و الافكار الاجتماعية . اما من الناحية الفلسفية لا يمكن تحميله باكثر من منهج و توجه ان استندنا علميا على ما يتضمنه من الركائز الاساسية و القوانين و النظريات المشتركة لا خلاف عليها في جميع بقاع العالم، اي لا يمكننا خلط الفلسفات التي لها مساحتها و اطرها و جواهرها الخاصة، و بما انه لا يمكننا خلط الفلسفة اليسارية بالراسمالية، فان القومية كفكر و منهج لا يمكن ان نمزجها مع اليسارية بل يمكن ربطهما والاستفادة من بعضهما و من النقاط المشتركة بينهما ، كما هو الحال في اليسار الديموقراطي و الاجتماعي و غيره. كما نعلم ان اليسارية كفلسفة لازالت تاثيراتها واضحة للعيان على المجتمع ككل او على عقليات المثقفين و السياسيين في جميع انحاء العالم، و هذا لا يعني ان يُعتمد الشكل و الطبيعة الكلاسيكية لها و كما كانت بشكل مطلق دون تغيير او اصلاح، لا بل المستجدات العالمية تفرض الاصلاح و التغيير في جوهر اليسارية و ما تعنيها ايضا ، و اختلافاتها من بقعة لاخرى من حيث الالية و الفكر و التطبيق و التكتيك و الايديولوجيا. هناك من المفاهيم الجديدة التي طفت الى السطح و لا يمكن انكارها و هي بذاتها تعبر عن لب اليسارية . من يدعي ان فلسفة حرية التعبير و حقوق الانسان ليس بجوهر الفلسفة اليسارية فهو مخطيء و لكن من جانبها الاجتماعي و ليس القومي او الفئوي المنعزل عن تطورات العالم . و هذا لا يعني ضرورة الالحاح على تطبيق اليسارية التقليدية التي لم توائم العصر ان اتبعت و نفذت بشكل مطلق و رفضت التغييرات، و على الجميع ادعاء اليسار الاجتماعي مع الاخذ بنظر الاعتبار متطلبات و مواصفات العصر و النضال بالوسائل و الاليات التي تلائم التقدم و الحداثة و التمدن في جيمع المجالات، و هذا ما يفرض تغييرا في الفكر و الشكل و الطبيعة اليسارية و بمختلف مسمياتها. اليسارية التي تؤمن بحقوق الاخر بمعنى الكلمة و في كافة الجوانب ، و هذا ما يعني بانها تهتم بالنقاش و الجدال و التفاهم و التقارب مع الاخر و الايمان بالنقاط المشتركة و عدم الاعتداء على حقوق الاخر . و يمكن لليسارية ان تنفذ دورها المطلوب اينما كانت من اجل تحقيق اماني و اهداف الطبقة الكادحة و الفقراء المعدمين سوى كانت داخل السلطة او في المعارضة و ان كانت على هيئة حركة او حزب او تيار فكري اجتماعي او ثقافي عام، و يجب ان تكون لها اليد الطولى في مجموعات الضغط و التاثير على الراي العام في سبيل ايجاد الحلول اللازمة للقضايا التي تمس المجتمع و في مقدمتها ما يخص الطبقة الكادحة. و هي التي تجد في اكثر الاحيان الطرق الملائمة لحلحلة المشاكل المرتبطة بها مع حل القضايا الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و التربوية ، و هي حاملة لبرنامج مختلف كليا عن الاخرين و ليس ضدهم، و هذا هو جوهر اليسار الحقيقي الواقعي ان اردنا تسميته و الذي يمكن ان يناضل في هذه المرحلة التي يعيشها العالم و في خضم التطورات الحاصلة و التغييرات المشهودة و الانتقال الى المراحل الاخرى التالية ، و في حينه سيبقى لكل حديث حديث. هذا هو اليسار الواقعي المطلوب اليوم بالذات في ظل هذه الخصائص و المميزات العالمية و ما نحن فيه بعد انهيار التجربة السوفيتية و ما نشهده منذ اكثر من عقدين .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اي حزب يبني مجتمع مدني تقدمي في العراق ؟
-
تصادم المواقف و تقاطع الاراء يؤثر سلبا على المجتمع ان لم يست
...
-
هل الفساد نخر الهيكل الاداري العام في الدولة العراقية ؟
-
ملامح ما ستسفر عن المتغيرات الجديدة في المنطقة
-
التنبؤ بالمستقبل يحتاج الى خبرة و عقلية منفتحة
-
هل من الضرورة الالتزام بالقيم الاجتماعية في السياسة ؟
-
التحزب القح و مصالح الوطن
-
ضرورة التعددية في العملية الديموقراطية و لكن.......
-
تغيير ميزان القوى في المواجهات المستديمة بين الشعب و الحكومة
...
-
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
-
هل يكون التكتيك في خدمة الاستراتيجية دائما ؟
-
هل محاولات الامبريالية العالمية مستمرة في تحقيق غاياتها؟
-
كيف نخفف تاثيرات الحملات الانتخابية على اداء الحكومة
-
كيف و لمن نكتب ؟
-
الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات
-
على الاقل قدر حقوق الاخرين بقدر منديلك
-
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
المزيد.....
-
من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين
...
-
ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد
...
-
بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد
...
-
-قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول
...
-
إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في
...
-
ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج
...
-
الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
-
النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
-
كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|