أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-















المزيد.....

تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 10:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


“إسرائيل” التي لا تكترث بقرارات المنظمات الدولية بما فيها الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، قابلت بالتنديد على نحو لم يسبق له مثيل، التقرير الذي صدر قبل أسبوع واحد من انعقاد الدورة ال 64 للجمعية العامة للامم المتحدة، بخصوص انتهاكاتها للقانون الدولي الانساني وارتكابها جرائم حرب، فلماذا إذاً تثير “إسرائيل” كل هذه الضجة اليوم حول قرار لجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن الحرب على غزة، وهي التي تستهين وتتنكر لما يسمى “بالشرعية الدولية” والقانون الدولي؟

ومثلما وصفت غولدامائير، جهاراً نهاراً القرار 3379 الخاص بمساواة الصهيونية بالعنصرية العام 1975 بأنه يثير الاشمئزاز ومدعاة للكراهية، فإن شيمون بيريز رئيس “إسرائيل” الحالي وصف تقرير البعثة الأممية برئاسة ريشارد غولدستون بأنه “فصلٌ مُخز”.

لعل السبب الاول لقلق “إسرائيل” يعود إلى احتمال المطالبة مجدداً بمحاكمة مجرمي الحرب، تلك التي بدأت تبرد، بل إن بعضها كان عاطفة أو مجرد ثورة، بما فيها تشكيل لجان متابعة واصدار قرارات لملاحقة المرتكبين، سبق لمنظمات فلسطينية وعربية واتحادات ونقابات محامين ونشطاء، بمن فيهم جامعة الدول العربية، أن أخذوها على عاتقهم، ولكن الأمر سيكون أكثر خطورة عندما تأتي الادانة هذه المرة من بعثة تحقيق دولية، وليس من مجرد منظمات عربية أو جهات اسلامية، تعتبرها “منحازة”.

السبب الثاني، للحملة “الإسرائيلية” ضد التقرير يعود إلى أن رئيس اللجنة هو القاضي ريشارد غولدستون من جنوب افريقيا، وهو يهودي الاصل ولا مجال لاتهامه بمعاداة السامية، مثلما تم اتهام كورت فالدهايم عند صدور قرار الامم المتحدة 3379 في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) ،1975 حيث “نُبش” ماضيه “النازي” بزعم أنه كان مجنداً في الحرب العالمية الثانية في الجيش الالماني، في محاولة لايجاد ثغرة للنيل منه وتأكيد عدم صدقيته، وكذلك حين اتهمت قرارات مؤتمر ديربن ضد العنصرية العام 2001 بأنها ضد السامية، لدمغها ممارسات “إسرائيل” بالعنصرية والتمييز العنصري، ولعل حملة من النوع يمكن أن تطال أية شخصية أو هيئة أو منظمة أو دولة، حيث تم مؤخراً اتهام الصحافي السويدي بوستروم بمعاداة السامية لكشفه قصة الاتجار بالاعضاء البشرية، وقبل ذلك اتهم المفكر الروسي يفسييف بمعاداة السامية لموقفه من الصهيونية وجرى التشكيك بكتبه وأبحاثه، حتى وجد مقتولاً في ظروف غامضة قرب موسكو العام 1990.

السبب الثالث، أن هذا التقرير الذي يتهم “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب، لاسيما بعد حصار غزة الذي يستمر منذ نحو ثلاث سنوات، يرتّب مسؤوليات قانونية، حيث يمكن أن تتبعها امكانية ملاحقة ضباط ووزراء ومسؤولين في الخارج، وهو ما أقدمت عليه جهات اسبانية ودولية بالتعاون مع ناشطين حقوقيين عرب وأجانب في إقامة دعاوى فردية في المحاكم الوطنية التي تسمح قوانينها بإقامة مثل هذه الدعاوى، وهناك جهود تنظيرية فكرية كبيرة تحتاج إلى امكانات وفرق عمل متطوعة ومحترفة، مدعومة من جهات رسمية وشعبية لمواصلة هذا الطريق الصعب والطويل نحو العدالة الدولية، إذ إن حلمها أو حتى يوتوبيتها لا بدّ أن تبقى مستمرة، وفي دائرة الضوء.

السبب الرابع، كانت “إسرائيل” تتخوف من أن يتقدم المدعي العام أوكامبو وتحت ضغط الرأي العام باستدعاء بعض المسؤولين “الإسرائيليين” العسكريين والمدنيين لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب، وهذه الخطوة يمكن أن يتخذها مجلس الأمن رغم الصعوبات الكبيرة بسبب انحياز الولايات المتحدة الكامل وحجبها أي قرار بهذا الخصوص، لاسيما بإمكانية استخدام حق الفيتو، كما يمكن لأي دولة أن تتقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، تطلب مقاضاة “إسرائيل” وملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، ويمكن توسيعها بجرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية، وهذه ستكون ثالثة الأثافي بالنسبة ل “إسرائيل”، علماً بأن منظمة بتسليم “الإسرائيلية” ذكرت أن 775 مدنياً فلسطينياً سقطوا ضحايا (أي أكثر من ثلثي مجموع الضحايا، وأن بينهم 325 طفلاً) ناهيكم عن عدد المصابين والجرحى الذين جلّهم من المدنيين، وهو ما أكدته منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) ومنظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشنال). وسبق للأمين العام للامم المتحدة بان كي مون أن صرّح عقب زيارته قطاع غزة بما يشير إلى ذلك، لاسيما عندما تحدث عن الوضع اللاانساني والمأسوي.

السبب الخامس، أن “إسرائيل” أرادت إلفات النظر في اجتماعات الجمعية العامة إلى الملف النووي الايراني وخطر ذلك على السلام في المنطقة، وإذا بصدور التقرير تتوجه الانظار اليها، خصوصاً موقفها المتشدد من عملية تجميد المستوطنات واصرارها أن هذه المسألة مؤجلة إلى المرحلة النهائية من المفاوضات، تلك التي وصلت إلى طريق مسدود منذ العام ،1999 ورغم محاولات اعادة الحياة إلى اتفاقيات اوسلو وواي ريفر وخارطة الطريق الجديدة القديمة، لكن جميع المساعي أكدت أن “إسرائيل” لا ترغب في ايجاد تسوية سلمية، حتى وإن كانت لا ترتقي إلى معيار الحد الأدنى فلسطينياً وعربياً.

ان مبعث السخط “الإسرائيلي” على التقرير يعود إلى أن “إسرائيل” تدرك بأن موقفها سيضعف إزاء بعض ضغوط الرئيس أوباما بشأن تجميد الاستيطان لبدء عملية تفاوض، وهو ما حاوله الرئيس الامريكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبين رئيس الوزراء “الإسرائيلي” نتنياهو، خصوصاً وأن مسألة الاستيطان تلقى معارضة دولية، رغم أن البيت الأبيض بدا غير متفائل في نتائج اجتماع القمة الثلاثية.

لعل “إسرائيل” لم تهدأ ولن تنام منذ صدور التقرير وقد عملت بدأب على تسفيهه وإبطال محتواه، في حين أن العرب، لاسيما الحكومات والجهات الرسمية، قابلوا التقرير بشيء من الفتور، ولعلها تكاد تكون عادة عربية إذا اعتبرنا ذلك مجازاً، فالتقرير جاء بمجمله لصالح العرب، رغم وجود بعض النواقص والانتقادات عليه، لكن ذلك لا يقلل من شأنه أو أهميته.

وإذا كان هناك تحركاً عربياً شعبياً، فقد بدا موقف السلطة الفلسطينية غريباً حين طلبت بالاتفاق مع بعض البلدان العربية وقوى دولية كبرى تأجيل البت في التقرير، ولعل هذا الموقف كان مفارقة حقيقية، بل وفضيحة كبرى، جاءت لتبديد قلق “إسرائيل”، مزدرية رأي المجتمع المدني العالمي والعديد من القوى الدولية، التي كان تقرير غولدستون ينسجم مع وجهات نظرها، بل ويعطيها مبررات جديدة للضغط على “إسرائيل”، إنْ لم يكن إدانتها، في حين طالبت العديد من منظمات حقوق الانسان ملاحقة مرتكبي الجرائم “الإسرائيليين” وإحالتهم إلى القضاء الدولي بالاستناد إلى الكثير من الوقائع والاسانيد والبراهين، التي جاء تقرير غولدستون ليؤكدها.

لعل صدور قرار من المجلس الدولي لحقوق الانسان استناداً إلى تقرير غولدستون، كان بامكانه أن يعزز عوامل النصر على المستوى الدولي ضد جرائم “إسرائيل”، ولكن للأسف، فمثلما قابلنا النصر الكبير الذي تحقق العام 1975 بدمغ الصهيونية بالعنصرية بصدور القرار 3379 بشيء من الارتياح، ثم عدنا وتعاملنا معه لاحقاً بالاهمال، فإن القيادة الفلسطينية الرسمية ومعها بعض البلدان العربية، تعاملت بلا مسؤولية إزاء قرار كان من شأن صدوره تعزيز الجهود الدولية لملاحقة المرتكبين “الإسرائيليين”، وقد كان مجرد الطلب بتأجيل البت في التقرير من جانب مجلس حقوق الانسان في جنيف، ضربة لجهد مدني عربي ودولي مثابر، ولم يكن ذلك بالطبع بمعزل عن “تواطؤ” فلسطيني وعربي، وهذا ليس اتهاماً بقدر ما هو اقرار بواقع أليم.

“إسرائيل” عبر وزارة خارجيتها أصدرت تقريراً مضاداً لتقرير غولدستون يقع ب 160 صفحة وزعته في واشنطن وعلى الإعلام والصحافة ومراكز الابحاث الامريكية والعالمية، نددت فيه بالتقرير وبالقاضي غولدستون اليهودي، وكما قالت إنه استخدم ورقة توت، وكان مجرد اختياره استفزازاً لمشاعر اليهود، فاليهود حسب “إسرائيل” معها بغض النظر عن قوميتهم وجنسيتهم، وكأنها تريد أن تقول إن وظيفتهم هي التستر على جرائم الصهيونية.

ان صدور تقرير غولدستون الدولي هو فرصة “تاريخية” لتذكير الجميع بالتزاماتهم وتعهداتهم، لاسيما في المجتمع الدولي وبشكل خاص أعضاء مجلس الأمن الدولي تحديداً، وذلك طبقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة من جهة، ومن جهة أخرى استناداً إلى الشرعية الدولية لحقوق الانسان، واتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الانساني، بشأن ملاحقة المرتكبين وانسجاما مع حلم العدالة الدولية، الذي حاولت المحكمة الجنائية الدولية أن تجسّده، لاسيما في فضائها المستقبلي، وثانيا انه مناسبة لاستذكار الالتزامات العربية والضغط بجميع الوسائل الشعبية والرسمية، لتأمين فريق عمل أو مؤسسة متخصصة لملاحقة المرتكبين في إطار معرفي وحقوقي وفي ظل تحرك دولي واسع، وهو الأمر الذي ما نزال نفقتد اليه.

المسألة الثالثة أن مهلة التحقيق المستقل التي يعطيها التقرير هي 6 أشهر، وذلك قبل أن تتخذ القضية طريقها إلى القنوات القضائية وفقاً لوسائل تنظيمية ومتبعة، لكن “إسرائيل” المتمرسة في التملّص من التهم، ناهيكم عن محاولاتها لابتزاز الجهات التي تصرّ على المضي في التقرير إلى غايته، أحبطت بضربة بارعة من داخل البيت الفلسطيني والعربي، المحاولات والجهود المضنية التي توّجت بتقرير دولي مُنصف يدين مجرمي الحرب، وهو الأمر الذي تم تبديده على نحو عديم الشعور بالمسؤولية على أقل تقدير، في حين أنها عاشت مرحلة قلق واضطراب لا تزال قائمة حتى الآن رغم ابعاد صدور تقرير يدينها دولياً.




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!
- السجون السرية وجدار الصمت
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-