جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2800 - 2009 / 10 / 15 - 19:07
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
إذا كنت أنا يا شباب مش قادر أتعايش مع الإسلام فبستغرب كيف اليهود بدهم يتعايشوا معهم , وبشفق جداً على الأقباط المصريين وخصوصاً أصدقائي منهم الذين يعملون في الأردن , كيف بهؤلاء يتعايشون مع النظم الإسلامية.؟.
أنا مش حاقد ولكن من البديهي أن الفكر الواحدي لا يستطيع أن يغذي الروح وخصوصاً الأمزجة فأمزجة العصر الحديث تتطلب التعددية والإسلام معارض جداً للتعددية حتى إذا بده يخلص من علماني بطلقوا عليه إشاعات شيوعية وبحكوا عنه شيوعي , مثل ما حصل معي سنة 1996م في جامعة اليرموك.
إن حضارتنا الإنسانية الحديثة تتميز عن القديمة بالتعددية ويجب أن نقبل بالتعددية وأن نتنازل عن التفكير الأحادي الجانب والعقائدي الأحادي وأن نؤمن أن أي تفكير سليم لا يقبل بالعقليات القديمة المستبدة التي لا تقبل إلا نفسها ولا ترغب بالتعايش إلا مع ذاتها.
إن الدين الإسلامي الذي يوصف بالحنيف وبصلاحيته لكل زمان ومكان ما هو في الحقيقة إلا مستبدٌ بمظاهر التشكل الأيديو لوجي ويلحق الضرر بشتى أنواع المخلوطات الفكرية وهو ضد التعددية وضد المشارب الفكرية فهل مثلاً يقبل المسلم الحقيقي بأن يكون في بيته فكر عدى الفكر الإسلامي؟ وهل يقبل الإسلام بحرية المرأة ؟ طبعاً لا يقبل بكل ذلك , وإنه اليوم من الملاحظ جداً أن منازلنا وبيوتنا نجد فيها اختلافات شتى بين أفراد العائلة فلكل شخص هواه ولكل شخص وثنه وصنمه الذي يعبده حتى على مستوى الفضائيات نجد في بيوتنا أن لكل فرد من أفراد العائلة فضائيته المفضلة وكذلك على الإنترنت لكل فرد صحيفته أو موقعه المفضل , هذا إن دل على شيء فإنما يدل عل ى أن ما يميز الحضارة الحديثة عن القديمة هو التنوع والتعدد.
الديانة التوحيدية أضرت وتضر بالفكر الإنساني القائم على التنوع والتلون والتعدد والتمظهر بمظاهر شتى.
وكما يقول شكسبير " إن الذي لا يأكلُ الورق ولا يشرب الحبر يبقى عقله فارغاً " .
فالتنوعات الثقافية يجب أن تكون في المجتمع مثلها مثل المنوعات الغنائية ,فكما نستمع كل يوم لأصوات شتى من المغنين يجب أيضاً أن نستمع لمنوعات شتى من الأفكار والمدارس والمذاهب الفكرية , وكما نشاهد المطربين على شاشات التلفزيون والفضائيات يجب أيضاً أن نشاهد المفكرين المتنوعين ثقافياً, فلطالما هنالك أمزجة مختلفة طالما هنالك أفكار مختلفة , ولكن طبيعة الفكر الواحدي المعارض للتنوع يخنق جداً المنوعات الفكرية لذلك مجتمعاتنا جافة فكريا ولا توجد عندنا حركة ولا حِراك ثقافي ولا سياسي.
والديانة التوحيدية تدرب العقل على الجمود لأنها لا تقبل بغير الواحد ولنلاحظ جميعنا كيف يخطب الخطباء في المساجد إنهم يرددون إصرارهم على عبادة الإله الواحد , هذا يعني رفض تام لشتى الألوان الفكرية والحرية والديموقراطية والمساواة بي ن الرجل والمرأة وبين كافة شرائح المجتمع الفقيرة والغنية .
كثرة المناظر الطبيعية تثري الخيال وتجعله خصباً فينتج عن ذلك أنواع شتى من الأدب والرومنسية والتصورات الفنية , وهذه الظاهرة موجودة عند كافة الأمم والشعوب .
ويستمد الفكر الانساني مجهوده من التضاريس الطبيعية للمكان الذي ينشأ فيه , فأهل الجبال طبيعتهم قاسية وأهل الريف طبيعتهم لينة , وأهل الريف لا يحرمون المرأة من العمل والاختلاط بالرجال لأنهم منتجون داخل بيوتاتهم أما أهل الجبال فيحرمون النساء من العمل لأنهم أصلاً كذكور لا يعملون فكيف ستعمل النساء إذا كان الرجال أنفسهم لا يعملون.
والخيال العربي غير خصب والتصورات والتخيلات لديه ضعيفة في الآداب والفنون , وذلك بسبب طبيعة الصحراء العربية وهذه الظاهرة حافظت على صبغ الثقافة العربية بطابع ثقافي واحد مميز , فالتوحيد وعبادة الإله الواحد شجعت عليها طبيعة التضاريس التي من المستحيل أن تمنح العقلية العربية شيئاً من التعددية الفكرية , لذلك بقي العقل العربي محاف ظاً على طبيعته الأحادية .
وهذا بعكس طبيعة الثقافة اليونانية والسريانية فاليونانية كانت لديها تعددية فكرية ومزاج فكري رائع وهذا بسبب طبيعة التضاريس وكذلك للسريان كانت لديهم تصورات ميتافيزيقية عن العبادة وخصوصاً شخصية المسيح والأقانيم الثلاثة والأسرار الدينية , كل تلك التصورات منحت العقلية السريانية نوعاً من التعددية الفكرية.
واليوم مازالت الثقافة العربية ترفض التعددية وذلك بسبب الوحدانية الدينية فالوحدانية وعبادة الله الواحد وإتباع الرسول الواحد والكتاب الواحد كل تلك الأمور مجتمع ة تؤدي إلى إغلاق الباب أمام التعددية الثقافية والحزبية السياسية والمذهبية الدينية والفكرية والفلسفية.
فالطريق أمامنا مغلق ولا توجد أحزاب سياسية ولا مؤسسات ثقافية بسبب وجود الثقافة الواحدة المستبدة والتي ترسل يدها لتستبد بباقي الثقافات العالمية.
والتوع غير موجود بسبب سيادة الثقافة الواحدة وهذا اليوم مرفوض رفضاً تاماً ذلك التطور يجب أن يزيد من التنوعات المذهبية والثقافية نتيجة سرعة الاتصال بالحضارات الأخرى والتأثر فيها فالناس اليوم تتأثر بالثقافات الأجنبية أكثر من أي وقت مضى بسبب زيادة التدفقات الثقافية من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي وكأنها بضائع من وإلى.
د
وهذه التنوعات الثقافية تكون في الغالب ظاهرية وباطنية وظاهرية في الملبس والمأكل والمشرب وباطنياً في الفكر والثقافة والفنون , وبما أن للناس عيون تأكلُ فيها المظاهر فإنه حتماً ستطلب العيون أن تخرج من أثوابها القديمة لتتبع آخر الصرعات الفكرية من تعددية ثقافية وأشكال تعبيرية مجونية وصاخبة وغير مجونية وغير صاخبة وكل هذه الأمور تبعث المجتمع للبحث عن التعددية والتعايش معها في ظل نظام أو نُظم سياسية متعددة حزبياً ونظم ثقافية متعددة .
إنه لا يمكن أن يتحرك تيار التعددية في المجتمعات التي تقف موقف الرافضة للثقافات الأخرى أو على الأقل التي تقف كسد وكحاجز وكمانع بينها وبين الشعوب المستهلكة لها .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟