أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث الدين النقشبندی - الديمقراطية مفهوم يوتوبيي، أم منظومة براغماتية؟!















المزيد.....

الديمقراطية مفهوم يوتوبيي، أم منظومة براغماتية؟!


غياث الدين النقشبندی

الحوار المتمدن-العدد: 2801 - 2009 / 10 / 16 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية مفهوم يوتوبيي، أم منظومة براغماتية؟!
غياث الدين النقشبندي
تتهافت الى الذهن مجموعة أسئلة محيرة حين يتمعن المرء بالهيكل السياسي للشرق الأوسط عموما أو العراق بصورة خاصة، فالديموقراطية التي هي بلا شك نظام أثبت جدارته في بعض البقع السياسية من المعمورة، هل يستطيع نظام كهذا انقاذ نفسه في بقع أخرى تآكلت ظلما تحت نير الدكتاتوريات الرهيبة وتناحر أهلها منذ بدء الخليقة، رافضين أبسط مبادئ التعامل أو التعايش !
لقد برهن التأريخ على أن القوانين الجيدة، هي بلا شك، تلك القوانين التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع، وليست القوانين الجميلة أو الرنانة أو العلائيةTranscendental ؛ فالقوانين والتشريعات يثبت الزمن مدى صلاحيتها، لإسعاد البشر أو تنظيم حياتهم ضمن مفاهيم العقود الاجتماعية غير المبرمة.
إن صلاحية أي قانون تقاس بنتائجه، واٍلا سيغدو مثل باقي اليوتوبيات التي يتكدس عليها الغبار على رفوف المكتبات، أو التي حاول بعضهم عبثاً فرضها على عقول الناس بالتزيين أو العنف ....ألخ.
الديموقراطية مثلا كمفهوم وتجربة انتهجت من قبل الكثير من الدول والأحزاب ونجحت الى حد ما في تطبيق المفهوم على أرض الواقع، مع التغيير الدائم للقوانين التي استنبطت من هذا المفهوم.
قبل 2400 سنة، تجرع سقراط السم في زنزانته البائسة حين كانت الجماهير تهتف بموته لأنه رفض الديموقراطية واعتبرها نظاما عشوائيا؛ لأنه ليس بالضرورة أن يكون قرار الأغلبية هوالقرار الصحيح.
لقد امتزج المفهوم بمفاهيم أخرى عبر العصور ودخلت عليه مغالطات كثيرة، فكثيراً ما يعبر االمصطلح عن الحريات الشخصية وليس حكم الجماهير؛ أي الأغلبية، ويعتبره بعضهم مجسدا لحرية الرأي والحريات الأخرى...الخ
وحيث نستنتج من عملية التأريخ، أن الديموقراطية ليست البلسم الشافي لجميع الشعوب ولا في جميع الظروف، مالم يتم تهيئة أرضية مناسبة، وذلك بدعم البنى الفوقية للمجتمعات وتثقيفها الى درجة قبول الاخر ـ الضد ـ مهما كان أتجاهه والتعايش معه.
لقد انتهجت الحكومات الغربية مفهوم الديموقراطية وصقلته، جاعلة إياه المفهوم الأنسب للتشريع وفق متطلبات اجتماعية، سياسية واقتصادية، لاسيما بعد انهيار الكتلة الشيوعية في أوربا، تلك النهاية ألتي تنبأ بها الكثير من المفكرين ابتداء بـ"هيغل" وليس انتهاء بـ"فوكوياما" وصدام الحضارات لـ"هنتكنتن".
إن نهاية العملية التأريخية وانتصار الليبرالية على الشيوعية والرأسمالية على حد سواء، مهّد الطريق فيما بعد أمام أنظمة جديدة تحتم سيرورة التأريخ؛ كالعولمة وما تلاها ستظل بحاجة ماسة الى منافس لدود كيما تقوم بدورها الطبيعي وتثبت أسباب ومقومات وجودها كأية منظومة تحتاج لنقيضة لتثبت نفسها.
بناء على ما افترضناه في مستهل الحديث، تعتبرالديموقراطية كمنظومة سياسية، اجتماعية واقتصادية، تحوي المبادئ الأساسية لهيكلة البنى الفوقية والتحتية لتنظيم المجتمع. فالديموقراطية ليست بالضرورة هي الحكم الأفضل لجميع المجتمعات، بل ربما تكون جيدة للبعض الذي أنهى المعضلات الاجتماعية واختزل ردحا من الزمن، وإنما فرضها ـ اي الديموقراطيةـ في أمكنة غير ملائمة يعتبر استبداداً بحد ذاته.
تعتبر الديموقراطية في الشرق نظاماً غريباً، كون الفرد لم يتعايش مع مراحلها التطورية، انما هي تمثل مجموعة شعارات براقة خطفت أنظار العالم كمنظومة معاصرة يتباهى بانتهاجها أو على الأقل يحمل رايتها الكثير من الشعوب والمؤسسات السياسية والأحزاب؛ فالولايات المتحدة تتخذها ذريعة لقلب موازين القوى وحجة لوجودها العسكري في الشرق، وتعتبرها بعض الدول العربية تهديدا لبقاء الحكام في سدة الحكم. ويعتبرها الحكم العراقي الجديد من مقومات الشرعية المستقبلية، فالشيعة يعتبرونها مجالا لإدارة الحكم في العراق كونهم الأغلبية التي لم تحكم. ويعتبرها الكرد ضمانا للحقوق المستباحة من قبل الأنظمة المتعاقبة كمرحلة نحو الخلاص النهائي.
لنكن واقعيين وننظر الى الأمور بما هي عليه، وليس كما نريدها نحن أن تكون.
الديموقراطية كمنهج، لا يصلح في تقديرنا لبلد مثل العراق، كون تركيبة الشعب فيه لا تميل للتعايش معا، رغم الخطاب السياسي المشٌبع بهذه المفاهيم التي تكرس جيوبولوتيكية معينة من أجل مجموعة مصالح أقليمية.
فحتى أصحاب الشأن أقتنعوا أخيرا بأن المشروع الذي خططوا له في السابق (مشروع دولة العراق) مشروع فاشل، وأن الأقليات الطائفية والعرقية لا تبطن نيات حسنة للتعايش ضمن مشروع سياسي يخدم بالتالي مصالحا غير مصالحهم.
هناك من يتحدث عن قدسية حدود العراق الجغرافية كشئ لا يمكن المساس به، وهو بهذا يعطي شرعية لنظام صدام البائد أو الأرهاب الذي يسمي نفسه مقاومة. لا أحد في الكون يستطيع دمج شعبين مختلفين في الهوية القومية والتركيبة القومية عنوة، ولم يقم بهذا الدور شخص أفضل من صدام الذي أستباح الأرض والعرض في سبيل سياساته الدموية؛ ان النعرات العرقية والطائفية تعلو في مخيلة الفرد على الشعور الوطني ضمن جيوبولوتيكية معينة، والذنب ليس ذنبه بقدر ما كانت هناك أثارات وأساليب قمعية تفقد الفرد شعوره بالانتماء.
فالشيعي شيعي قبل ان يكون عراقيا، والكردي كردي قبل أن يكون عراقيا، أما العرب السنة فهم الذين حكموا العراق منذ تأسيسه وكان يهمهم أن يبقى العراق بهذه التركيبة الغريبة حتى يوطدوا دعائم حكمهم.
لقد تغيرت حكومات كثيرة منذ تأسيس الدولة العراقية، لا مجال لعدها هنا، فمن التقدمي الى الرجعي والعسكري والمدني، اليساري واليميني والمتطرف، ولم تأت حكومة تستطيع حل المشكلة الكردية أو الشيعية، او على الأقل أن تعاملهم بالتي هي أحسن.
هناك مشاكل قومية بين القوميتين الأساسيتين: العربية والكردية، وبما أن الشيعة لم يتعاملوا مع الكرد من سدة الحكم، فيفترض أن يكونوا شركاء في الأضطهاد: لقد حكم السنة العراق منذ تأسيسه. والكرد الذين حاربوا هذه الأنظمة على التوالي، دون وجود أي حل جذري يوقف حقن الدماء بين الدولة العراقية المتمثلة بالسنة العرب والحركات التحررية التي تناضل بأسم شعب كردستان. ان بقاء الكرد ضمن الموزاييك العراقي سوف لن يزيد الطين إلا بلّة، كون المشكلة الكردية أيضا في العراق ليست مشكلة سياسية، انها بالتأكيد مشكلة عرقية متأصلة في الملف الشرق أوسطي اذ تعتبر مشكلة عويصة الى درجة عدم التفكير في حلول مناسبة لها أسهل بكثير من التعامل معها.
هنالك أصطلاحات رمزية وسيميائية تتبلور من خلال نوع العلاقة بين هذه الأطراف، وتكون ضمن عملية سياسية أقتصادية منظمة؛ وبتأثير السياسة والأقتصاد والعلاقات التجارية على بعضهم البعض. بعدها يمكن تسمية العديد من المسميات لنوع العلاقة بين الشعوب من وراء حدود جغرافية أو بدونها، حيث تختار الشعوب نوع العلاقة التي تخدم مصالح وأزدهار جميع الأطراف المعنية.
هناك أكثر من طريقة للتعايش ووقف حقن الدماء الذي طال عصورا، في سبيل المثال لا الحصر الفدرالية، أو الكونفدرالية أو الأقليمية او الكانتونات التي تقلل من نفوذ المركز وتعطي صلاحيات أكبر للحكومات الأقليمية. مع الأخذ بنظر الأعتبار الهوية القومية والسيادة الأقليمية.
وكذلك خيار الاستقلال والعيش في ثلاث أو أربع دول متقاربة متحالفة في نظام أقليمي جديد micro Regionalism بسلام بعيدا عن التناحرات التي زرعت الحقد في القلوب وأودت بحياة الملاين من البشر.
لقد تركت العولمة بصماتها على النظام العالمي الجديد خاصة بعد أنهيار الأنظمة الشيوعية في أوربا والاتحاد السوفيتي، وان السنوات التي تلتها شهدت انبعاثا جديدا للأقليمية التي كان لها تأثيرا مباشرا على السياسة العالمية. لقد تم تأسيس منظمات اقليمية جديدة وتم تقوية النزعة الأقليمية حتى أصبحت من أساسيات البحوث والمناقشات حول طرق التعايش ومحط اهتمام الباحثين في هذا المجال. فأصبحتASEAN منظمة دول جنوب شرق أسيا نموذجا حيا للعلاقات الأقليمية والتبادل التجاري وجامعة الدول العربية من خلال حجم التبادل التجاري مع الدول الأخرى غير العربية وكذلك الأتحاد الأوربي الذي بات قوة عظمى لها اعتباراتها بعد أن أصبحت الحدود بين الدول الأعضاء لا قيمة لها، بالطبع مع المحافظة على الخصائص الذاتية لكل دولة عضو والسيادة الأقليمية التي تحدد الهوية القومية.
نماذج كثيرة في العالم، من الممكن أن يحتذى بها لأختيار المنظومة الأفضل التي تتناسب مع خلفياتنا الأجتماعية والسياسية وليس بالضرورة أستيراد منظومة غريبة نبقى نصارع بأجيالنا القادمة في سبيل تثبيتها عنوة وبلا جدوى.
إن إيجاد أي حل آخر ما هو الا مضيعة للوقت وهدر للطاقات.
أن التبادل الثقافي والتجاري والعيش بسلام وأزدهار، لهو بلا شك أفضل من حصر قوميتين في مكان واحد لا يطيق أحدهما سماع أسم الثاني، وبرأيي لا يستطيع أحد فعل ذلك غير شخص ينتهج أساليب صدام. وهذا لم يعد ممكنا في الموازين الأقليمية والعالمية الجديدة.
ان المطالب الكردية المشروعة هي أقل مايمكن نيله بعد النتائج المذهلة للانتخابات وأن أي حكومة مستقبلية للعراق لن تثبت دعائم حكمها بدون أرجاع الحق لأصحابه؛ خاصة قضية كركوك التي تطالب بها القيادات الكردية بأسم شعب نال ظلما وأضطهادا على مر العصور وعلى يد الحكومات المتعاقبة التي لم تنل قط أية شرعية لهذا السبب؛ و الفيدرالية التي أختارها شعب كردستان طريقة للتعايش، ليست الا تأجيلا مرحليا لحق من ابسط الحقوق الأنسانية ألا وهو الأستقلال والسيادة على أرض آبائه وأجداده بعيدا عن الوصاية والاحتلال.
[email protected]







#غياث_الدين_النقشبندی (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاوت القيم فی مسرح العلاقات الخارجية


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث الدين النقشبندی - الديمقراطية مفهوم يوتوبيي، أم منظومة براغماتية؟!