أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث الدين النقشبندی - تفاوت القيم فی مسرح العلاقات الخارجية















المزيد.....


تفاوت القيم فی مسرح العلاقات الخارجية


غياث الدين النقشبندی

الحوار المتمدن-العدد: 2800 - 2009 / 10 / 15 - 05:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




إذا کنا مرغمين بالعيش سواسية في هذه المعمورة تحت وطأة نقص حواسنا فمقولة "الأنسان کائن أجتماعي تدحض نفسها "، کون التعايش بکل أشکاله حاجة محضة ليس إلا، حيث يتم تعريفها بأشکال مختلفة وتؤطر حسب الحاجة لإضفاء صفة الشرعية عليها ومن ثم إيجاد القوانين المناسبة للحد من جشع الإنسان وأعطاء معنی لتکوين المجتمعات البشرية وبالتالي تکوين الحضارات والتي هي نتاج حتمي للثقافات الناتجة عن ذلک التعايش.
شئنا ام ابينا فنحن بحاجة لذلک التعايش الذي يلهمنا الحوافز للمنافسة ثم التطور، حيث يتم ذلک وفق قيم عليا وقوانين وضعية لتنظيم شكل العلاقة التي نحن محکومون بها عنوة، ولکي لاينمو الجشع والحقد ومن ثم الثأر ويذعلف احدنا الآخر، تؤطر أحاسيس الأنسان بأطر وعقود غير مبرمة تمنعها من تجاوز حدودها المرسومة ضمن عملية التعايش، ولا تستطيع الجزم بأن الإنسان شرير او خير بطبعه، لکن عملية التاريخ تثبت بأن الإنسان بحاجة الی رادع يمنعه من الإعتداء علی الغير، ويتجسد اما بشکل الأديان لترهيبه من عذاب الآخرة وترغيبه برضا الله عنه. او بأيديولوجيا تسمو به لدرجة من الوعي وتروض ضميره ليکون الرادع الذي يمنعه من إرتکاب الأخطاء بحق الغير. وليست القوانين إلا رادعا" مستنبطا" من السمو بالوعي الی مرتبة الضمير الحي. .حين يتفق الملأ علی الأعراف والعهود غير المبرمة، يکون من المستصعب أن يسلم المرء أمره لفرد، بينما يقبل بتسليم أمره الی جماعة يقبل بالإنقياد تحت حکمها علی أن توفر له قسطا" من العدالة وتحميه من جشع الغير حين يستوجب ذلک، وتدافع عن کيانه الإجتماعي والإقتصادي وشخصيته السياسية، وبالمقابل يقبل الفرد بالرضوخ لقرارات الجماعة مطيعا"، فيقبل بدفع الضراءب ويخدم في الجيش حين يستوجب ذلک ويحترم العقد الإجتماعي والعادات والتقاليد کفرد من الجماعة، وذلک بتأجيل مصلحته الخاصة امام المصلحة العامة. وبذلک يستفيد من تأجيل الغير لمصالحهم امام المصلحة العامة التي يعتبر نفسه فردا" منها علی اساس الحقوق والواجبات، وبهذه المعادلة تتکون نظرية المجتمعات، فأذا ماقام الفرد بکل واجباته کمواطن في سبيل المحافظة علی ذلک العقد غير المبرم ولم يلق بالمقابل ايا"من حقوقه، او إهمال البعض منها، يصبح العقد باطلا" وتهدم مقياس توازن المعادلة بسبب الخلل الذي اصاب أحد طرفيها، فيبدأ الفرد بسحب نفسه من المجتمع نحو الإنزواء ويشعر بالإغتراب وعدم الشعور بالإنتماء ويبدأ بکراهية المجتمع وبالتالي الحقد عليه، ربما أن للمجتمع من يدافع عنه ويحمي قوانينه فمن المستصعب ان يجهر المغترب بحقده نحو المنظومة الإجتماعية کونها جريمة يعاقب عليها القانون، فيسرب حقده علی شکل جرعات حتی لاينتبه أحد لذلک وبحقد أعمی قد يصيب المجتمع وقوانينه، وحتی الأفراد المکبلين بالعقد الإجتماعي، والأمثلة کثيرة علی تسريب الحقد حيث يعتمد علی درجة الوعي ومکانة الفرد المغترب وعمله، إبتداء" بمهنة کنس الشوارع وإهمالها حين لايراقبه أحد، والوظائف الإدارية وعرقلة معاملات المراجعين وحتی المناصب العليا في الحکم والإنتقام من الشعب الذي کان ذات يوم السبب في هدم العقود الإجتماعية وسحقها. .الخ.
للإغتراب تأريخ قديم يجزم البعض علی انه وليد عملية الأنتاج الأولية، کما يعتقد البعض الآخر بأنه حالة جديدة مرتبطة بتکوين الحضارات وزوال إنسانية الإنسان امام الآلة وعبء التکنولوجيا، إلا أن مايتضح بأن الإنسان يشعر بالإغتراب منذ أن خلق علی هذه المعمورة، للنقص الکامن في حواسه وعدم معرفته لغد والکم والمتی وأخيرا وماذا بعد مما لاشک فيه بأن الإغتراب يختلف حسب نوع المجتمعات وتطورها، فالمجتمعات المتطورة تفرز إغترابا" أکثر تعقيدا، لکن الفکرة الرئيسية هي أن الأنسان لم يعد يشعر بالإنتماء الی من منظومة معينة لأسباب خارجة عن إرادته، وکذلک أذا أعتبرنا بأن المجتمع الدولی منظومة عالمیة تتحلی بالمثل والقیم وتحرص علی مصالح أفرادها - وهی تکون فی هذه الحالة الدول التی تتکون منها هذه المنظومة- وتشترک معها فی أعمال أقتصادیة ومشاریع ذات المصلحة المشترکة ویحق لها أن تکون أی الدول أفرادا فی المجتمع الدولی متمثلا بالمنظمات العالمیة و صنادیق النقد وصناعة القرار، فأذا متخلفت دولة منها عن رکب الحضارة بسبب حکامها أو نظامها الأجتماعی، السیاسی، الدینی، ولم تعد عنصرا ذو أهمیة بالنسبة للمجتمع الدولی فستصاب الدولة کلها کما الفرد فی المجتمع بالأنسلاخ عن هذی المنظومة وتتخلف عن التطور ویبقی أفرادها منبوذین من قبل المجتمع الدولی فستکون هذه الدولة بیئة جیدة لأخصاب الأرهاب وتنمیته‌ وتصدیره، وسیعادی خطابها السیاسی المنظومة الدولیة تحت طائلة الأهمال وتکون نقطة سوداء یعلق علیها الأخرون سیاساتهم الخاطئة.

إتساع الهوة والإغتراب العالمي الجديد

ان سيطرة الولايات المتحدة علی العالم لم تأت بمحض صدفة، فحتی نهايات الحرب العالمية الثانية لم يکن للولايات المتحدة دور يذکر، لکن بعد تقوضت الأمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس، بدأت الولايات المتحدة لأسباب جیوبولوتیکیة وهجرة الکم الهائل من الطاقات والعقول بالإستعداد لتسنم دور الريادة، لاسيما مع بدايات الحرب الباردة، تلک الحرب أعطت للولايات المتحدة مبررات هذه الريادة کقائد للمجتمع الغربي بکل إفرازاته، وقد اذعن حلفاؤها، کون المنظومة والجيوبولوتيکية والإمکانات الفکرية والمادية الهائلة، جعلت منها الخلف الأمثل لتوصيات الإمبراطورية التي غابت عنها الشمس فيما بعد، وعلی هذا المنوال سخرت کل طاقاتها ودعم حليفاتها تحت ذريعة المدافع الوحيد عن آيديولوجية الحضارة الغربية، ووظف حلفاؤها الکثير من أجل الحفاظ علی منجزات المجتمع الرأسمالي. وبعد إنهيار الکتلة الشيوعية وإنتصار الفکر اللبرالي إنهارت مبررات وجود الولايات المتحدة في الريادة، فدأبت علی أيجاد أعداء وهميين تحاربهم وتنافسهم لتبرر أسباب وجودها وصلاحيتها للقيادة وسيطرتها علی أسواق المال والتکنولوجيا والسلاح، ربما لايخفی بأن التطور السريع الذي نشب في المعمورة في القرنيين الماضيين قد حث علی إلتحام أمتن بين الکتلة الغربية والولايات المتحدة، وکذلک إتساع الهوة بين الغرب المتطور بقيادة الولايات المتحدة والشرق النامي الذي يسعی الی إکتساب التکنولوجيا، ويخشی التقليد الذي يهدد طبيعته الآيديولوجية.
يخطئ البعض بالإعتقاد بأن الولايات المتحدة قد إنتصرت فعلا علی الإتحاد السوفيتي، حيث أن زوال قطب ما في صراع الأضداد لايؤدي بالضرورة الی قوة الآخر، بالعکس فهو يقضي علی مبررات وجوده، علی الأقل بالشکل الذي کان عليه في فترة الصراع، فلقد تقوضت الولايات المتحدة بإنهيار الإتحاد السوفيتي، ولم يعد هناک احد ينافسها ويبرر لها اسباب وجودها، فتخبطت تارة بالنظام العالمي الجديد، وأخری بالعولمة ومکافحة الإرهاب.

بما أن الناس يشترکون في هذه المعمورة في الکثير من الصفات رغم إختلاف المنهل الحضاري والمشارب الآيديولوجية، فالإنسان في باريس ولندن إنسان، وکذلک في بغداد وطهران وقندهار إنسان محکوم بإنسانيته. والإختلافات إنما تکون بنوع المنظومة التي تدير البناء التحتي المتمثل في الإقتصاد والقاعدة والبناء الفوقي المتمثل في الآيديولوجية، وبفعل الإستغلال غير العادل للموارد وبالتالي التفوق الحضاري والتکنولوجي، أصبحت الهوة سحيقة بين بلدان الشرق النامي والغرب المتحضر، لقد تغيرت الأمور ابان الحرب الباردة، حيث بدأت حرب المهاترات الإعلامية بين الولايات المتحدة والحرکات الأصولية وتجريد إحداهما للأخری، الأولی بأسم التوليفة الليبرالية الديموقراطية، والثانية بأسم الإسلام، وبما أن الليبرالية الديموقراطية لاتسمح بإقامة أي نوع من الإرهاب علی الأقل إعلاميا علی أساس أنه فکرة متخلفة لأيصال الأراء من خلال أرهاب المدنیین، وکذلک الدين الذي لم يبح في يوم من الأيام زهق الأرواح.
ربما يواجهنا سؤال تردد في عدة مقالات وکذلک فی الشارع الشرق أوسطی: لماذا لاتدعنا الولايات المتحدة وشأننا ؟. . من البديهي أن يکون للغرب تدخل مباشر في المناطق التي تکون لها مصالح مباشرة فيها، کون المحافظة علی الأعمال تحتاج لرعاية مباشرة وتدخل سياسي لصالح المحافظة علی تلک الأعمال وأن سيطرة الولايات المتحدة علی منابع النفط والإقتصاد العالمي جعلت لها أعمالا تحتاج لموظفين يرعون هذه المصالح کما في عمل تجاري، لذلک لا يأبه الغرب کيف يکون شکل هؤلاء الموظفين او درجة ثقافتهم او إنحدارهم الطبقي، أن أهم شيء هو ان يکونوا موظفين جيدين لرعاية تلکم المصالح، لضمان دخل ثابت يأتي منها وتبقيهم أثقالا علی رقاب شعوبهم المغلوبة علی أمرها وتفتک بها وتدمرها وتؤخرها عن رکب الحضارة، من أجل المحافظة علی تلک الأعمال، وإذا اعتبرنا بأن العالم منظومة حياتية لجميع البشر علی السواء بالحقوق والواجبات وفق نظام عالمي متفق او غير متفق عليه، سيحصل الإغتراب الجماعي من النظام العالمي الذي تم فرضه علی أسس غير متکافئة. وحين يعجز الفرد عن إبداء رفضه خوفا من سطوة رعاة الإستثمارات الغربية الذين يمتلکون ناصية الحکم، فأن الإغتراب يبدأ بمد أصابعه الخانقة ويولد قوة تدميرية هائلة لدی الفرد، وستکون وليدة حقد أعمی أساسه تدمير کل شيء آت من تلک المنظومة، وحيث ان المهاترات ضد الغرب تتخذ صفة الشرعية دائما لإمتصاصها نقمة الجماهير، فهم يجهرون بها غير آبهين بسياسات حکامهم، فتارة بالأحزاب القومية وتارة بالتوتاليتارية وأخری بالإرهاب تحت مظلة الدين، وبما أن الأرضية مهيأة لتنفيس تلک الأحقاد علی الغرب، فيتخذ روادها أشکال الأبطال الأسطوريين، ولا أعتقد بأن هناک سببا آخر غير ذلک يدفع بمجموعة شباب حجز تذاکر الطرف الواحد بطائرة بوينغ وتحويلها الی صاروخ موجه نحو مرکز التجارة العالمي لينحروا مع أنفسهم الالاف ممن لاشأن لهم، بل ولاعلم لهم بسياسة الغرب، ماالذي يدفع هؤلاء الشباب بالتخطيط لقتل أناس آخرين لاذنب لهم، هل هي الآيديولوجية، ام هو الدين ؟ وحيث من المفترض ان يکون کلاهما بريئا" مما حصل في الحادي عشر من سيبتمبر ولست أدري کيف يمکن تسمية ذلک بالعمل البطولي او الجهاد ووفق اية مقاييس. .
من الملاحظ بأن الحرکات الأصولية تنمو بسرعة أکبر في المجتمعات المتخلفة إجتماعيا ، حيث يمکن تفسير الدين فيها بالشکل المراد تفسيره، ولأن الأرضية خصبة لتعبئة الجماهير ودغدغة مشاعرهم، لذا ينتهي الأمر في أکثر الأحيان بتبني الإغتراب الإجتماعي والحقد الکامن في النفوس مبدأ لحل المشاکل المستعصية بدل المشروع الإقتصادي والإجتماعي الحضاري المنقذ، وبما ان الحقد موجود اصلا في هذه المجتمعات، وحتی قبل الشروع في التعبئة والتلاعب بسايکولوجية الجماهير، کون المواطن في هذه البلدان ليست له اية حقوق للمواطنة، بل انه ليس بالمواطن اصلا بالمعنی الحرفي للکلمة، فهو لايتمتع بأية حرية او حقوق مدنية او أمن إقتصادي او اجتماعي، وأن وجود ‌أعلام للدول و مندوبين في الأمم المتحدة ليس کافيا لتسميتها بالدول، مادامت لاتتمتع بأسس ومقومات الدولة ؛ هذه الدول ليست الا مناطق نفوذ خاضعة الی جيوبولوتيکية معينة وفق معيار المصالح وقوات قمعية ضد الکتل البشرية، حيث ان برميل النفط فيها أغلی وأهم من المواطن الذي يعتبر محظوظا ومشمولا بعطف القيادة لأنه مازال حيا لايرزق، وحسب التعاليم السماوية والمنطق الحضاري، فأن المتهم بريء حتی تثبت إدانته، لکن مشکلتنا في الشرق بأن المواطن متهم حتی تثبت براءته ؛ إن إغتراب هذه الشعوب حتمي وان التحضر بحد ذاته عملية تغريب لها، کونها –اي الشعوب- لم تمر بسلم الحضارة ومراحل التطور، انهم غرباء عنها کونهم لايستطيعون إيجاد أنفسهم الضائعة بين طيات حضارة غربية، وليس بإمکانهم إشغال حيز في تلکم المجتمعات، وبالتأکيد يرفض الأنسان الأفکار التي يجهلها ويبدأ بمعاداتها خوفا" علی نفسه من الضياع في کواليسها.
لقد إقتنع الأمريکان بأن التطرف متمثل في مجموعات صغيرة مرفوضة من قبل العلمانيين والرأي العام لکن سياساتهم التي اثبتت فشلها لهم بعد الحادي عشر من سيبتمبر، ولدت تعاطفا مع هذا التطرف وإن کان مرفوضا في السابق، واصبح الأرهاب المشروع التنفيسي الوحيد علی الرغم من مساوئه، ففکرة الإرهاب فکرة مرفوضة بين المسلمين، او بالأحری من المفروض ان تکون مرفوضة، ولم يکن نظام الحکم في افغانستان يوما جنة يحلم بها أي مسلم، بعد رؤية الواقع المرير للحياة وکيف يتم التعامل مع المرأة وباقي شرائح المجتمع وکيف تستقبل تکنولوجيا الرقائق الألکترونية، وکيف يقوم وزير الصحة بالذات بقطع الأيدي تحت مظلة الإسلام، وبما أنهم يدعون بالحکم حسب شريعة السماء فليس لإنسان يرفضها، او يعارضها او يساهم في إغناءها او تطويرها حتی، وإن کان للإنسان الحق في تعديل القوانين الوضعية حسب حاجة الظروف الحياتية وتطورها، فليس له الحق في إبداء أية زلة لسان من الممکن ان تزلقه نحو هاوية الکفر ومواجهة عقوبة من يسمون أنفسهم أولياء الله علی الأرض. .إن الجماعات الأصولية ليست هي الداء، بل هي من الأعراض التي تعرف الداء، کما أن الليبرالية ليست هي الشفاء، وأن الإرهاب يؤثر سلبا علی الإسلام أکثر من تأثيره في الولايات المتحدة والغرب، لأن الإرهاب بالنسبة للغرب هو تهديد للمصالح او تهديد للمنجزات التي تم تحقيقها ليس إلا، کتشويه وجه الحضارة علی أسوأ إحتمال، اما بالنسبة للإسلام فالأمر مختلف تماما، أن الأرهاب يهدد وجود وکيان الإسلام، لذلک علی الإسلام مکافحة الإرهاب قبل أن يقوم الغير بذلک.


الحملة ضد الإرهاب

لقد جاءت الضربة في عقر دار الأمريکان، مجرجرة الآلة الحربية الأمريکية نحو حرب غير إختيارية، وکان الرد الأمريکي عنيفا وإن لم يکن نهائيا، حيث أنه من المستبعد إنهاء حرب ضد شبح أصبح ماردا بعد إنفلاته من مختبرات السياسة الأمريکية ؛ لقد قرر الطالبان دعم أسامة بن لادن الذي أصبح بفضل الدعاية الأمريکية أشهر من نار علی علم، وان دولا نائية عن مسرح الأحداث بدأت بأتخاذ إجراءات وقائية للقاء الحرب الأولی من نوعها، حيث أن الأمريکان يحاربون حالة إغتراب جماعي، لايخيم علی منطقة جغرافية معينة، ولايحوي علی ترکيبة إجتماعية معينة، فالإرهاب ليس لديه هوية، وهو حالة إغتراب متأخرة، ومن الممکن أن ينضح في أية بقعة من المعمورة، و يتبرقع في أية مجموعة مهيأة لذلک، لذلک لاأعتقد تسميتها بالحرب تسمية صائبة ؛ أن أفغانستان الهدف المستهدف "الآن علی أقل تقدير "لاتملک ماتخاف عليه من التدمير في حالة الحرب، وأن حياة الأنسان في مکان مثل أفغانستان، ليست بتلک القيمة ليحافظ المرء عليها، فالفقر والجوع ونمط الحياة المهين، أصعب من الموت بحد ذاته، وربما هناک الکثير ممن يفضلون الموت المجرد علی کذا حياة، فکيفما إذا کان الموت مطليا بشعارات الشهادة ومحاربة الکفر والجهاد في سبيل الله ؟!. .اما بالنسبة للأمريکان فالأمر مختلف، فهم يقصفون أفغانستان منذ فترة، وقندهار مازالت کما هي قبل القصف، ماعدا بعض الإصابات والحوادث المؤسفة، لم يتغير شيء من حال المدينة التي کانت تبدو للناظر اليها حتی قبل الحرب بأنها قد قصفت توا، وإذا لم يکن هنالک أهداف ستراتيجية او منشآت حيوية او جسور وبنايات، فالصواريخ لايمکن ان تعني الکثير بحسابات أمريکية، ان کلفة الصاروخ الواحد هي‌ أکثر بکثير من قدرته التدميرية في مکان مثل أفغانستان، فإذا کانت تکلفة الصاروخ الواحد نصف مليون دولار فأن قوته التدميرية والأضرار التي يحدثها ماعدا الأرواح البشرية لاتساوي 1/100 ؛ اما أضرار قنبلة يدوية تکلف دولارا واحدا، فيمکن أن تحدث أضرارا بالملايين في مکان مأهول بالحضارة، فإذا کانت حساباتنا للحرب علی الطريقة الأمريکية في حساب الأضرار والفوائد فيتضح أن لأمريکا أغراض أخری وراء هذه الحرب، لايمکن التکهن بها قبل أن تنتهي، وحري بنا کشعب مقهور بأن لاندع هذه الفرصة تفوتنا دون إستغلالها لصالح أهدافنا القومية المشروعة ؛ أنه لمن المستبعد أن تخوض امريکا حربا برية مباشرة، وإن کانت المشاة الأمريکية علی أرض أفغانستان، لأن الجيوش النظامية مهما کانت قدراتها القتالية عالية، لاتستطيع محاربة فلول غير نظامية، وحرب المتمردين هي إستنزاف طويل الأمد للقوات النظامية، والأمريکان أدری بذلک کونهم أصحاب تجربة في الحرب الفيتنامية، وکذلک تجربة الإتحاد السوفيتي مع الأفغان والروس مع الشيشان وتجارب أخری أضطلعت فيها الولايات المتحدة مباشرة، واکسبتها خبرة عدم الوقوع في کذا فخ، هذا وليس بالمستبعد ان يشع الطالبان تارکين المدن والقواعد ويفرون الی الجبال، حينها لاأعتقد بأن أسلحة التحالف ستکون قادرة علی الإنتصار علی فلول مختبئة في کهوف، وهذا ماحدث بالظبط فمازالت فلولطالبان تهدد وجود الأمریکان وحلفائهم وتهدد بالرجوع الی سدة الحکم لکن بحلة أخری فلیس هناک أی مانع یمنع الولیات المتحدة التفاوض معهم کما فعلوا مع حزب البعث البائد(عدو الیوم صدیق الغد)
لقد کانت الحرب الوهمیة علی الأرهام محط أهتمام وقلق دول الجوار فأیران أستغلت الموقف لتقویة علاقتاتها بالروس وتطویر برنامجها النووی وکذلک الروس الذين لايمانعون بالتأکيد رؤية الولايات المتحدة عالقة في الفخ الأفغاني أو العراقی، وستکون الفرصة ذهبية لتصفية الشيشان بدعم دولي تحت شعار مکافحة الإرهاب. .ان هذه الحملة هي حملة مصالح عامة نشطت الولايات المتحدة لخوضها نيابة عن دول أخری، وکذلک حرب مصالح امريکية غير متممة من قبل رؤساء سابقين لبوش، تفادوا الضلوع المباشر فيها في فترة رئاساتهم تحسبا للکوارث والفضائح ؛ يجب حلها بقهر الإغتراب الدولي الذي لايمکن بالتأکيد معالجته بالصواريخ.

قهر الإغتراب
علی الولايات المتحدة والتحالف التمعن في زمکنة الحملة، ومراجعة السياسات البائدة، وتصحيح الأخطاء والتي نتج عنها ماشاهدناه علی شاشات التلفزيون في نييورک وواشنطن، وعليها القيام بدور الريادة بکل ما للکلمة من معنی، فإذا کان للولايات المتحدة حقوق إستثمارية او إستعمارية في المنطقة، فهنالک بالتأکيد واجبات ملقاة علی عاتقها، وأن أخذ الحقوق والتقصير في اداء الواجبات يولد هوة بين الأطراف التي تشترک في العملية الإنسانية علی الأقل؛ يجب رفع الدکتاتوريات المفروضة علی رقاب الشعوب وإعطائهم فرصة للتطور وإستغلال مواردهم في خدمة ذلک التطور، وحل المشاکل المزمنة المستعصية في المنطقة کالقضية الکردية والفلسطينية بشکل يتناسب مع مدی التحضر الذي يدعون اليه وبموافقة الأطراف المتضررة، وفتح ابواب التجارة والتعاون وفسح المجال للتکامل الإقتصادي والثقافي الذي سيعود بالنفع للبشرية جمعا، بما فيها الولايات المتحدة، وفسح المجال امام التلاحم الثقافي والحضاري، حتی لايتخلف أحد عن رکب الحضارة، ولاتصبح الهوة سحيقة لهذه الدرجة التي نراها بين نييورک وقندهار، وکابول وواشنطن بغداد والبصرة وعلی الولايات المتحدة أن تقتنع فعلا بأنها تقود العالم وأن تتحمل مسؤوليات هذه القيادة، من حيث الإبتعاد عن المصالح التي تهدم الطرف الآخر بجشع، وتستبدل عصا التوبيخ بالتلاقح الثقافي الذي يولد إنفراجا سياسيا في نهاية المطاف، وإلا فأن الشعوب المقهورة ستجد آيديولوجية مضادة للتشبث بها وإعادة المسلسل مرة أخری وذلک بالتأکيد سيقود العالم الی کوارث أفظع.






#غياث_الدين_النقشبندی (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث الدين النقشبندی - تفاوت القيم فی مسرح العلاقات الخارجية