أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر عبدالله - مقطع من رواية هرتا مولر الأخيرة - أرجوحة التنفس -














المزيد.....

مقطع من رواية هرتا مولر الأخيرة - أرجوحة التنفس -


ياسر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 18:00
المحور: الادب والفن
    


مقطع من رواية هرتا مولر الأخيرة " أرجوحة التنفس " Atemschaukel

ترجمة : ياسر عبد الله .

(كاتب ومترجم مصري ) .


كل ما أملكه احمله معي

أو : كل ماهو ملكي محمول معي


حملت كل ما كنت املكه، لم يكن كله ملكي، في الحقيقة، كان إما مصنوع لغرض آخر، وإما مملوك لشخص آخر . الحقيبة المصنوعة من جلد الخنازير كانت صندوق جرامفون، بالطو الشغل كان من والدي، بالطو الخروج بالياقة القطيفة من جدي، البنطلون القصير من عمي إدﭭين، القلشين الجلد من جارنا، الهر كارﭖ Herr Carp ، والجوانتي الأخضر من عمتي فيني، الايشارب الحرير النبيتي وعلبة الماكياج، فقط، كانا ملكي، هديتان من الكريسماسات التي فاتت .

كانت الحرب لازالت مندلعة، في يناير 1945، وجاءتني الصدمة، في زمهرير الشتاء، كان سيتم ترحيلي، لأين الله أعلم، بواسطة الروس، كل واحد أراد أن يعطيني شيئًا يمكن أن يصلح، ربما، حتى ولو لم يكن ينفع، لنه لا شيء في الدنيا ينفع، قُضي الأمر : كنت على قائمة ترحيلات الروس لذا أعطاني كل واحد حاجة وقاموا بإستنتاجتهم الخاصة، أخذت الحاجات، وقمت باستنتاجي الخاص : الوقت حان للرحيل، كان باستطاعتي فعل ذلك حتى ولو تكن هناك قائمة، ولو لم تسوء الأمور كان ذلك حتى سيكون جيدًا لي، أردت الابتعاد عن تلك المدينة الصغيرة كالحُق، حيث للأحجار كلها عيون، لم أكن خائفة بقدر ما كنت غير صبورة في داخلي، وكان ضميري يؤنبني لأن القائمة التي سببت لاقاربي كل هذا الغم، كانت بالنسبة لي، مُحتملة، خافوا ان يجرى لي شيء في بلد أجنبية، وأردت أن اذهب لمكان لا يعرفني فيه أحد .

لكن شيء ما كان قد حدث لي بالفعل، شيء ممنوع، كان غريبًا، وسخًا، قليل الحياء، وجميلاً، حدث ذلك في الحديقة مع كل البالغين، بعيدًا في الخلف، وراء التلال ذات الحشيش القصير، وفي طريق العودة للبيت، ذهبت إلى منتصف الحديقة، إلى المقصورة الدائرية التي تعزف فيها الاورسكترا في العطلات الرسمية، بقيت جالسةً لفترة، ونفذ الضوء عبر الغابة المنسقة بعناية، وكان بإمكاني رؤية خوف الدوائر الخالية، والمربعات، وعقل الترابيز، والسلك الابيض بالاشواك المسننة التي تربطه ببعضه، كان تلك هي الصورة المثلى لشرودي، والصورة المثلي لرعبي أمام وجه أمي، في تلك المقصورة اقسمت لنفسي : لن أعود إلى هذه الحديقة أبدًا .

وكلما حاولت منع نفسي، كلما عدت أسرع، - بعد يومين، إلى راندﭭوهي 1Rendezvous كما كان يسمى في الحديقة .

ذهبت للراندﭭو الثاني مع نفس الشخص الأول، كان يدعى البجعة، والرجل الثاني كان جديدًا، كان يدعى شجرة الشربين، والثالث كان يدعى الأُذن، بعد ذلك جاء الخيط، ثم العصفور الصَفّار2 والكاب، وفيما بعد، الأرنب البري، القط، النورس ثم اللؤلؤة، فقط عرفنا لأي واحد ينتمي أي أسم، كان هناك ساحة للالعاب في الحديقة، ابتعدت داخلها، كان الجو صيفًا، وشجر البتولا يكسوه لون ابيض، والحائط النباتي الأخضر الذي لا يمكن إجتيازه ينمو بين الياسمين والأيك الأقدم .

للحب مواسمه، وضع الخريف نهاية الحديقة، صارت الغابة عارية، انتقل الراندﭭو إلى حمام النبتونه Neptune، بجوار بوابة الحمام كانت هناك بوابة بيضاوية عليها بجعة، كل اسبوع، كنت اقابل الرجل الذي كان ضعف عمري، كان رومانيًا، كان متزوجًا، ولن أقول الآن ماذا كان اسمه، ولا اسمي .

وصل كلٌ منا على حدة : السيدة الجالسة لقطع التذاكر، خلف الشباك الرصاصي، الأرضية الحجرية اللامعة، العمود المستدير في المنتف، قرميد الحوائط المتخذ شكل الزنبق، السلالم الخشبية المحفورة – كل هؤلاء ما كانوا يجب أن يعرفوا اننا خططنا لنلتقي، ذهبنا إلى الحمام وعُمنا مع الاخرين كلهم، وفي الساونا، فقط، التقينا أخيرًا .

لنرجع إذن، قبل معسكر التجميع بقليل – وكما سيكون الأمر عن عودتي، حتى غادرت البلاد، في 1968، أي راندﭭو كان سيعني حكًما بالسجن، خمس سنوات، على الأقل، لو كان قد أُلقي القبض علي، كان الكثيرون، بعد تحقيق وحشي، يساقون مباشرة من الحدائق والحمامات العمومية إلى السجن، ومن هناك إلى معسكر الإعتقال بجوار القناة، الآن أعرف : لم يعد أحد من القناة، ومن عاد عاد جثة متحركة، كبر في السن، واستنزف، ولم يعد صالحًا لأي نوع من الحب .
___________________
1 بالفرنسية في الاصل وقد ابقيت عليها لكونها مستخدمة في العامية المصرية
2 عصفور مغرد لونه اصفر في اسود بمنقار اسود اسمه العلمي oriolous








#ياسر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر عبدالله - مقطع من رواية هرتا مولر الأخيرة - أرجوحة التنفس -