أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - مَنْ يتأرجح على حافة البئر يقع فيها ..!!















المزيد.....

مَنْ يتأرجح على حافة البئر يقع فيها ..!!


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد مرور اكثر من عام على سقوط النظام الفاشي في العراق يمكن القول إن الديمقراطية الموعودة كحلم بديل يبدو كجبل شاهق لا يمكن تسلقه من دون المرور بوادي النار. هذا هو المنظر العام تكشف عنه أرواح ضحايا صارت تتساقط ليست بسلاح قوى صدام حسين أو بقايا قواه ، بل تتساقط بألحان سلاح " عراقيين " ضد " عراقيين آخرين " متعثرين بأقدام عنكبوت الإرهاب الدولي تارة وبوثبات الطائفية تارة أخرى حتى انتهت تذكرة شياطين النظام السابق وفلوله ملثمة وراء الكثير من أعمال التخريب في اغلب أنحاء العراق .

أليست هذه مسخرة..؟

يا للديمقراطية من هدف جميل ..

هتاف مسموع من كل الجهات . لكن يقف أبناء شعبنا حيارى مبلسين يتطلع بعضهم في وجوه البعض الآخر متسائلين : هل ما نشاهده من صور في المعنى والمكان العراقيين هي الديمقراطية ..؟

من الناحية العملية قد يبدو من حيث الجوهر أن ليس هذا بالأمر الغريب في كل حالات الانتقال الفجائي في حياة الشعوب . لو نظرنا إلى التغييرات الديمقراطية في روسيا وفي عدد آخر من دول المنظومة الاشتراكية السابقة التي تحولت إلى الرأسمالية في مرحلة تسعينات القرن الماضي لوجدنا أن المصاعب الكبيرة والكثيرة ما زالت تعترض طريقها رغم عدم إمكانية المقارنة بين تلك البلدان والعراق لسببين رئيسيين :

الأول : إن جذور الديمقراطية كانت نابتة منذ زمن طويل في تلك الدول وقد تم تشذيب تلك الجذور بعد سقوط الأغصان الشيوعية .

الثاني : إن كمّاً هائلاً من القائمين بالتحول نحو الديمقراطية في تلك البلدان هم أعضاء في القيادات أو القواعد الشيوعية السابقة تملك تجربة عملية يمكن تواصلها على أسس ديمقراطية .

لهذين السببين الرئيسيين احتل التغيير المطلوب مكانه الملائم في القطار الديمقراطي المتحرك إلى أمام رغم أن بعض القطارات الرئيسية لا تزال تمشي بطاقة الفحم الحجري أو فحم الخشب..!

الوضع مختلف كليا في العراق فقد كانت قيادة وممارسات صدام حسين وعموم حزب البعث العربي الاشتراكي قد قضت بصورة تكاد تكون كلية على جذور الديمقراطية العراقية السابقة وهي لم تكن قد تجاوزت بعد ، مراحل التكوين الأساسية خلال العهد الملكي .

من هنا نجد أن ما تسميه الحركة الوطنية العراقية بمرحلة التحول نحو الديمقراطية قد اصطدم مباشرة مع دواعي سياسة الاحتلال الأمريكي داخل العراق من جهة ومع سياسة هيئة الأمم المتحدة التي كان قرارها 1483 ليس منفصلا عن السياسة الأمريكية نفسها . ربما يمكن الإشارة هنا إلى حقيقة منفردة في تجربة المنطقة الكردية حيث تجربة سنوات العقد الماضي قد صهرت بعض الحديد الصلب من أمام مسيرة الديمقراطية في كردستان ففيها نجد ، بعد سقوط صدام حسين ، أن شكاة الموت اقل بكثير مما في وسط العراق وجنوبه حيث ترفرف في كردستان أجنحة الديمقراطية على مؤسسات حكومية وأحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية كثيرة وحيث نجد في كثير من الأمكنة والمعامل والشوارع والمزارع والجامعات حركة يومية واسعة للعاملين الكرد تشير بوضوح إلى تنفيذ إرادة إعادة أعمار كردستان .

من جهة ثانية نجد أن أحزابا إسلامية كثيرة من المنادين بالديمقراطية النظرية قبل سقوط نظام صدام حسين قد وجدت نفسها عمليا في مواقف عديدة غير ديمقراطية( قرار 137/ نموذجا) وقد مست هذه المواقف ، بصورة غير مباشرة ولكنها حساسة ، الممارسة الديمقراطية الأولى عند صياغة وإقرار قانون إدارة الدولة الانتقالية مما أدى إلى تجميد القانون من الناحية العملية منذ يوم إعلانه في الجريدة الرسمية ..!

لا تبتعد المسئولية الأولى في ما آل إليه الوضع السياسي العام في العراق عن سلطة التحالف والسفير بول بريمر فقد توالت أخطاء هذه السلطة منذ اليوم الأول لسقوط النظام الفاشي بترك الفراغ السياسي والأمني يعبثان بمصير الشارع العراقي والرأي العام فيه مما أدى بالنتيجة الملموسة الآن إلى تقييد الديمقراطية السياسية والاجتماعية والى ظهور قوى تخريبية عراقية وإقليمية ودولية تمارس الإرهاب والتخريب والتقتيل تحت مظلة ( المقاومة الوطنية) ضد الاحتلال كما في الفلوجة و تحت مظلة (المقاومة الإسلامية ) كما في حالة جيش المهدي مما عطل جميع أنواع الإصلاح السياسي والاجتماعي وأوقف حركة إعادة أعمار البنية التحتية.

لا شك إن متاهات الكثير من الحركات والأحزاب الإسلامية السنية والشيعية كانت وما زالت تتصل بالأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية الخانقة الموجودة في عمق المجتمع .غير أن اغلب مواقف هذه الحركات والأحزاب لم تستطع أن تعالج وضعها بالذات من خلال العمل لتوفير مستلزمات الحياة الديمقراطية التي لا غنى عنها للجميع بما فيها الأحزاب والتيارات الدينية بل وقعت في فهم خاطئ لقيم التعددية والديمقراطية والليبرالية أعني قيم المجتمع المدني فراحت تبحث عن مكاسب وقتية ومواقع حزبية من دون أن تحيط بمجموع العملية السياسية التي تواجهها الحركة الديمقراطية برمتها .

بعض هذه الأحزاب والحركات أشهرَ سلاحه في شارع السلم الاجتماعي المنشود كما يشهرها قطاع طرق فعبث بحقوق النساء في البصرة وبغداد واخيرا في الموصل بحملة متواصلة لقتل النساء غير المحجبات أو النساء العاملات كمترجمات في المؤسسات الأمريكية وغير ذلك من التجاوز بحرق بعض مؤسسات الترفيه الاجتماعي كالمطاعم ودور السينما والبارات والملاهي والمسارح متجاهلين حقوق الملايين من أبناء الشعب في ممارسة المتع الاجتماعية والإنسانية . من المؤسف أن هذه القضية ما تزال مفتوحة ومستفحلة وقد ظهرت في مدينة الفلوجة التي يتهدد مواطنوها بعقاب الجلد لأي حجة تراها هذه أو تلك من الجماعات الإسلامية التي تمنحها سياسة سلطة التحالف حريتها بهذا الصدد ، من دون أن تعطي الجهات الحكومية والحزبية ومنها مجلس الحكم أجوبة صريحة على أسئلة السائلين حول هذه التجاوزات التي لا تؤدي إلى أي نوع من أنواع الشعور بالاطمئنان بل العكس تماما فهي تزرع بذور الفرقة والريبة بين صفوف الشعب العراقي .

لقد وقع الجميع ضحايا لسياسةٍ لا ديمقراطية ولا قويمة باتباع نهج ( الترضية ) لهذا الطرف السياسي أو الديني مقايضة مع نهج ( التجاهل ) لهذا الحزب أو ذاك من المجموعات الدينية .

سياسة السفير بول بريمر وسلطة التحالف مبهمة ومتناقضة في آن واحد . فالمستر بريمر هو من جهة من المتحمسين لحل هيكلية الجيش العراقي لكنه لا يمانع من عودة ألوية الحرس الجمهوري إلى ميدان معارك الفلوجة وغيرها .

وهو من جهة ثانية من دعاة ( استئصال البعث ) لكنه في صراع مستمر وخطير مع هيئة ( اجتثاث البعث ) وسط متخبطات داخل هذا الصراع .

انتقلت هذه السمات في سياسة بول بريمر إلى مجلس الحكم فصارت ( التوفيقية الانتهازية ) بدلاً من ( التوافقية الديمقراطية ) ثم انتقلت من مجلس الحكم إلى كثير من الأحزاب والمنظمات الوطنية والنقابات والمهرجانات والمؤتمرات مما أوقد نار الحزبية والطائفية محركا إياها بشكل لم يسبقه مثيل في تاريخ الحركة الوطنية العراقية .

بصورة عامة يمكن القول إن هذا الوضع أدى إلى ضياع (الشرعية السياسية والقانونية ) واستبدلت بما يسمى بـ(الشرعية الدينية ) في كثير من المدن والله وحده يعلم كيف هو حال القرى والأرياف النائية إذا ما عرفنا أن كتل الشرطة العراقية في المدن بما فيها العاصمة بغداد غير قادرة على فرض سلطة القانون .

لا بد من التحذير من مغبة الاستسلام لسياسة التراضي مقابل ضياع (سيادة القانون ) كما جرى في الفلوجة . كذلك التنبيه إلى مخاطر سياسة الضغوط والقهر التي لا نتائج لها غير المزيد من الضحايا ومزيد من خط الابتعاد عن الديمقراطية .

إن شرعية الدولة الانتقالية وما بعدها لا يمكن تحقيقها إلا بفعل الدور الوطني (الشامل) لجميع الأحزاب الوطنية بصفتها القوة الوحيدة القادرة على فرض دولة القانون حيث تكون مسئولية الأحزاب الإسلامية تغذية الدولة ومؤسساتها وجماهير الشعب بروح الديمقراطية التي لا رجعة منها باعتبارها السبيل الوحيد لعدم (خصخصة الدولة) ومنع ظهور (سلطة الخلية الأسرية) والطائفية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تمزيق الوحدات الإدارية الصغيرة ..

حينما تولد التفرقة تولد معها جذور العنف وقد يولد سرا وقد يولد علنا وقد يولد عاجلا وقد يولد آجلا . في كل الحالات لا بد أن يستمر الحوار الثقافي لدعم الحوار السياسي بين مختلف القوى ولا بد أن يتخلص المثقفون العراقيون في داخل الوطن وخارجه من خواطرهم التي تحاصرهم في هذه الفترة الوقتية كي يمارسوا دورهم في مواجهة جذور صراع العنف المحتمل خلال الشهور القادمة، إذ يزمع قادة بقايا تنظيم صدام حسين الحزبي و العسكري التحالف مع قوى الإرهاب الدولي لإثارة فتن جديدة وفق رؤية أبو مصعب الزرقاوي بالتركيز على الدين والطائفية وإيجاد التفرقة بين القوى العلمانية الوطنية والقوى الإسلامية التي أكدت في برامجها جميعا قبل سقوط النظام الرجعي الفاشي وبعده إنها تستهدف إقامة دولة المجتمع المدني القائمة على( القانون ) وليس على( الفتوى ) ، دولة قادرة على إنجاز الديمقراطية والتنمية وإشاعة مبادئ حقوق الإنسان ، وفقا للرؤية الستراتيجية التي تشترك فيها بأوسع مدى جميع فصائل الحركة الوطنية في العراق الحر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بصرة لاهاي في 25/5/2004



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذراً .. يا لبؤس الديمقراطيين العراقيين ..!
- مسامير صغيرة 662
- مسامير صغيرة 661
- مسامير صغيرة 660
- مسامير صغيرة 658
- الصحافة العراقية وفقدان الإرث الديمقراطي ..
- مسامير صغيرة 657
- مسامير صغيرة 656
- مسامير صغيرة655
- مسامير صغيرة 654
- مسامير صغيرة 653
- مسامير صغيرة 652
- مسامير صغيرة 651
- مسامير صغيرة 650
- مسامير صغيرة649
- مسامير صغيرة 648
- المحاصّة الطائفية .. واقعها ومخاطرها
- مسامير صغيرة 645
- مسامير صغيرة 644
- مسامير صفيرة 642


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم المطير - مَنْ يتأرجح على حافة البئر يقع فيها ..!!