أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء الفزاع - الفقسة














المزيد.....

الفقسة


علاء الفزاع

الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في كوميديا شعبية سوداء شائعة، تنضح بالمرارة، أن عام 1948 هو عام النكبة، وأن عام 1967 كان عام النكسة، فيما كان عام 2003 عام "الفقسة"، تعبيرا عن خيبة الأمل الكبيرة التي عاناها الناس بسقوط بغداد السهل والسريع.
وبالفعل، فإن الفقسة قد حصلت. ولكن ليس بسبب سقوط بغداد وملابساته، فذلك كان متوقعا في النهاية. ولكن الفقسة كانت بسبب طريقة تفكيرنا نحن في المرحلة التي تلت دخول القوات الأمريكية دخول الفاتحين إلى عاصمة دولة عربية كبرى في حجم العراق. إذ كان من المنطقي والمتوقع-بل والمفروض-أن تجري مراجعة فكرية شاملة لواقعنا، ولأوضاعنا الاجتماعية، ولمنظومتنا الفكرية التي توالت الهزائم عليها دون أن تتغير، والتي أفرزت طبيعيا واقعا اجتماعيا مهد لنظم حكم تسقط من الخارج بمجرد النفخ عليها، فيما هي من الداخل وباتجاه الداخل وعلى المواطن أقوى من الفولاذ.
لقد كان لدخول نابليون إلى الشرق قبل عدة قرون مفعول الهزة التي حركت كل السواكن. لقد حفزت حملة نابليون ثورة فكرية واجتماعية، تبعها محاولات جادة للنهضة، أخرجت منطقتنا من ظلام العصور الوسطى إلى بوابات العصر الحديث، رغم تعثر تلك النهضة بفعل الاستعمار لاحقا. وهكذا فإن الهزيمة العسكرية للمماليك تركت أثرا ايجابيا تحرريا مهما، وحركت الماء الراكد الذي سهر المماليك على ركوده لسنوات وسنوات.
وفي عام 67، ومع الهزيمة التي تمكن الإسرائيليون من أن يوقعوها بعسكرتاريا العالم العربي، جرت قفزات جريئة، وخرج مفكرونا ومثقفونا إلى آفاق جديدة. وقدم هؤلاء نقدا عميقا للأسس التي تقوم عليها نظم الحكم بأكملها، وإن لم يكن ذلك بالقدر الكافي.
أما في حالتنا الجديدة فالفقسة مكتملة الأركان. لا زلنا نتصرف ونفكر وكأن كل شيء كان كما يرام. ولا زلنا ننظر إلى ما حصل في العراق على أنه كان من فعل بعض الخونة الذين فرطوا عقد الجيش الصامد، وسلموا عاصمة الرشيد إلى هولاكو العصر. بل وبادر البعض بسرعة البرق إلى اختراع ابن علقمي هنا أو هناك، وكثر الحديث عن بيع النفس بثلاثين من الدنانير. تناسينا جميعا أن هولاكو لم يأت من الشرق هذه المرة. ولم يدخل جندي تتري واحد من أرض غير عربية إلى العراق. بل إن التتار مروا من عند كل واحد فينا مرور النسمة. وباستثناء سوريا ولبنان فإن كل دول المشرق العربي، وكثير من دول مغربه، سهلت لقوات الغزو واستقبلتها، وبقينا نحن كشعوب نتفرج على حكوماتنا تفعل ما تريد.
وعندما اختار الشعب العراقي بغالبيته أن ينتظر، وألا يصطدم بقوة الغزو-والاحتلال لاحقا-ريثما يلتقط أنفاسه، ويلملم شتات ما يزيد على ثلاثين عاما من الحكم التسلطي الفردي الفاشي، اخترنا نحن أن نزاود عليه وان نخوّنه. تناسينا عدم قدرتنا على وقف دخول قوات الغزو من كل الأراضي العربية، واندفعنا نطالب العراقيين بالرد العنيف. ووصل بنا الأمر إلى حد عدم التفريق بين المقاومة والإرهاب، فأخذنا نؤيد كل ما يجري في العراق من تفجيرات، حتى ولو كان ضحاياها من المدنيين العراقيين ومن الهيئات الدولية، على اعتبار أن كل ذلك يؤذي أمريكا، وكأنه لا يؤذي العراقيين، أو كأن أرواحهم في رخص أرواح الجراد.
لا زلنا أسرى نفس المسلمات التي حكمتنا منذ عقود. ظهر ذلك جليا عند اعتقال الرئيس العراقي السابق. انكشف بوضوح أننا نؤمن بالفرد وليس بالوطن، وأننا لا نحمل قناعة راسخة بالمدنية ولا بالمجتمع المدني، ولا بالمؤسسية. لا نؤمن بتقوية أجهزة الدولة ولا بتعزيز روح الحوار ولا بالعمل الجماعي، ونكتفي بالتعلق بفرد رمز بطل يحمل صفات صلاح الدين بالذات. نقاطع الأحزاب والتنظيمات، وننتقد ضعفها، ولا نرفع صوتا في معارضة ولا دفاع عن حقوق. ويقع معظمنا تحت تأثير أي شخص يدعي التدين بغض النظر عن صدقه أو عن عمق تفكيره. لا نؤمن بالعمل التراكمي ولا بالبناء البطيء. ونحلم دائما بصلاح الدين الجديد يأتي بجيشه الذي لسنا من ضمن تعداده، ليهزم الأعداء بضربة واحدة، متناسين ما لدى أولئك الأعداء من تراكم من العمل والتطور عبر عدة قرون. كنا ننتظر من العراق المحاصر الضعيف المهتز الواقع تحت حكم تسلطي أن يهزم قوة حديثة مدعومة بمؤازرة شعبية كبيرة في وطنها. هكذا كنا نمني أنفسنا بشيء ما.
يجب أن ندرك أن كل واحد فينا هو صلاح الدين عندما نتحول إلى العمل الجماعي، وعندما نبدأ ببناء مستمر مهما كان بطيئا، وعندما نمد أيدينا إلى مؤسسات المجتمع المدني ونعززها، وعندما ننتخب على أسس غير الانتماءات الضيقة، وعندما ننتج أحزابا قوية وبرلمانا فاعلا، وعندما نتخلص من سيطرة تجار الدين، عندئذ نكون قد سرنا على الطريق الصحيح التي توصلنا إلى مجتمع قادر على أن يبدأ التفكير الحقيقي في مستقبله.



#علاء_الفزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء الفزاع - الفقسة