أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - صورةٌ بشعةٌ جدا














المزيد.....

صورةٌ بشعةٌ جدا


فاطمة الشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


قررتْْ فجأةً أن تهدِيه صورةً جديدةً، لأنها كانت تعرفُ جيدا أن الصورةَ التي يضعها على حافةِ قلبهِ مشوهة وقاتمة جدا..
الآن 321 تك..
في الصورةِ كان كلُ شيء يبدو بعيدا جداا ، وجهُها كان مسافرا في الدخانِ المنبعثِ من مكانٍ ما، ربما من المُقَلِ الجاحظةِ بالرعبِ، أو من القلبِ المتعاظمةِ دقاته، والظاهرِ من قفصهِ، كمشهدٍ فنتازيٍّ مرعبٍ لكائنٍ تبدو كلُ أعضائهِ الداخلية للرائي، القلبُ عجوزٌ يتوكأ على عكازهِ ويهزُّ رأسَهُ في حركةٍ متكررةٍ ينتجُ عنها صوتٌ من التواءِ عظامِ رقبتهِ وهو النبضات، والكبدُ شمطاءٌ تدخن الغليونَ من عروقِها النافرة، والمعدةُ مصنعُ أعلافٍ برائحةٍ نتنةٍ، والأطرافُ طاحونةُ دقيقٍ قديمةٍ، والشعرُ مكنسةُ الساحرةِ التي سقطت منها سهوا..
صرخت: لا يا إلهي إنها صورةٌ بشعةٌ جدا جدا
قررتْ أن تأخذ صورةً أخرى..
الآن 321تك
كلُ شيءٍ لازال يبدو بعيدا جداا ، المشهدُ الخارجيُّ مريعٌ جدا، الغيومُ غرابيلُ شؤمٍ تُعْصَرُ منها دماءُ البشرية فتتساقط ملطخةُ بالحقدِ والعارِ من نواجذِ الشياطين/البشر، لا يمكنُ القبض على شيءٍ يصلحُ أن يكون خلفيةً لصورةِ بسيطةٍ لحبيب ما.
قررتْ ربما من المفيدِ أن تأخذَ صورةً له لتضَعَها على حافةِ قلبِها فصورته أيضا مشوهة.
321 تك
في الصورةِ جاءَ هو مقسَّطُ الملامحٍ على حضورهِ المباغتِ، يدهُ تحضرُ فجأةً، وتغيبُ بعد أن تغرزَ أصابعَها في عينِ الكاميرا، قدماهُ يركلان اللعبةَ الخشبيةَ القديمةَ التي ماهي إلا جسدها الوهن، يهرسانها كالعنبِ فتسيل سائلا أزرقا على عكسِ ماهو متوقع أن تسيلَ سائلا أخضرا مثلا، بحكمِ أنها كانت تظن نفسها شجرةً
الزرقةُ كانت لا تشبهُ البحرَ تشبهُ الحبرَ الكثيف برائحتهِ المضاعفةِ حتى الغثيان.
عيناه كانتا تبرقان كحد السيفِ، وهي تقطع عنقَ المسافةِ بينهما بين نظرةٍ وأخرى، حتى تصل للوجه فتحرقه بماءِ النارِ الطافرِ من بؤبؤها الزيتي.
أذناه كانتا تستطيلان تستطيلان حتى أصبحتا خيمتان كبيرتان
نظراته كانت تشطرها شطرين وتقدمها لضيوفهِ عشاءَ العيدِ الطري.
لسانُه يفرزُ مادةً صمغيةً، رائحتها حولتها فأرا رماديا جاهزا للالتصاقِ ثم البلعِ كشفرةٍ تقطع بلذة .
لاااا أف هذا بشعٌ جدا
قررت ستأخذ صورةً أخرى له 321 تك
في الصورةِ كان يجلسُ على حافةِ الوجعِ المنتفخِ كفقاعةٍ، يجلسُ متكئا على مرفقه في إحدي عينيّها، تنظر إليه بحذرٍ بالعينِ الأخرى، يبدو متجاهلاً للأمرِ بشدةٍ، وثمة مودةٌ نمت بينه وبين بؤبؤ العين الأخرى من ربيع قبل الميلاد، ويبدو أنها لم تذبلْ بعد، وإن تكورت في رحم العتبِ أو الغيابِ، وثمة تكافؤٌ في مساحةِ المرفقِ فهي في صورتِها المشوهةِ أيضا ظهرت متكئة على رئتيه اليسرى حيث جلستها المفضلة.
أخيرا قررت أن تأخذ صورة مشتركة لهما معا ..
مساحاتٌ من إدراك الكائن للآخر في زمن طويلٍ، لايمكن أن يمحوه زمنٌ أقل، خاصة أن كل أسبابه لا تزال قائمة، كوجودِ خمسة أطراف لكل منهما، لايمكن أن تبتر إلا باليد الأخرى لكائن لا يملك إلا يدا واحدة .
شيءٌ آخر كانا بوضعية لا تسمح لهما بالجلوس أبدا في مقابل بعضهما، كالخطين المستقيمين كانا لابد أن يسيرا بمحاذاة بعضهما، لذا كانا ولا يزالان يركضان لاهثين في تتبع شيء كي لا يفوتهما قطاره .
هو بلا تذكرةٍ، وهي بلا موعدٍ، وذلك الشيء الذي يلهثان خلفه مخاتل وقد لا يأتي أبدا، ذلك المطلق الذي يتتبعانه هلامي أيضا، ولا يمكن القبض عليه في صورةٍ طبيعيةٍ لذا لا يظهر في الصورةِ.
وهما لم ينتبها يوما بشكلٍ ناصعٍ وحقيقيٍ لجمالياتِ الركض، كنا يركضان فقط، ولم ينتبه أي منهما لقطرات عرق الآخر إذا تسقط وتنعشهُ، ولأكسسواراتهِ التي تسقطُ وهو يركضُ في ذات الخطِ كي يحافظَ على توازي الكائن الآخرِ المضطربِ.
انتبهتْ ربما البشاعةُ في الصورةِ نتيجةَ الركضِ !ماذا عن صورةِ واقفةِ؟! قالت:
321 تك
كانا فيما يقفان للحظات يكون ثمةَ عطشٌ كبيرٌ، فتكونُ صورة الماءِ ضروريةً، الضرورةُ نقصٌ، صورةُ العطشِ والرواءِ بحكم النقصِ تكون مشوهة.
يبدو أن الصورةَ جاءت مشوهةً بحكم اللقطةِ الخاصةِ،قالت/ ماذا عن لقطةٍ خارجيةٍ من قِبَلِ آخر!!
321 تك
صورةُ الآخرِ لهما في التوازي جاءت من زاويةٍ واحدةٍ، وكانت تلك الزاوية مظلمة جدا، ولذا ربما كانت عقيمة.
وهكذا يمر العمرُ، كلما قرر أحدهما أن يقدمَ صورةً جديدةً له للآخر، وفقَ إطارٍ أفضلَ، كانت الصورةُ تحترق،أو تأتي مشوهةً جدا، كانت كلُ الظروفِ تجعلُ تلك الصورةُ ضبابيةً وكأنها ليست هو.
لذ لا زال كل منهما لا يملك للآخر إلا صورة بشعةً جدا، خاليةً إلا من جماليات البشاعةِ والتي تحتاجُ عينا إضافيةً لكائنين بلا عينين، ويحتاج كل منهما صورةً جميلةً للآخر.





#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزار قباني : دهشة الاكتشافات الأولى ل جسدية النص، ونصية الجس ...
- رقاع تاريخي
- النص الشعري عند ظبية خميس
- الغربال الأعمى
- رسالة إلى ابن عربي
- القفار سردا: لطالب المعمري : سينمائية الواقع حين تكتب بالحبر ...
- ذاكرة الإسفنج
- سيدةُ الحيادِ
- الصورة الشعرية بين الذاكرة والمخيال في نصوص الشاعر الإماراتي ...
- العزلة:رقية الحيوات السرية
- أرواحنا بين قيد ومقص، وتحت جلودنا رقيب
- حساسية الرؤية الشعرية المغايرة في مجموعة -نون الرعاة- للشاعر ...
- ثقافة الطفل العربي : حاجة أم ترف ؟!
- كفاءة التناص في توظيف الموروث اللغوي في النص الشعري المعاصر ...
- رسالة إلى الله
- قرابين الوجع
- بين أدب الطفل .. وثقافة الآخر .. حول مجموعة -أنا ويوكي- للكا ...
- تأملات في سيرورة الكائن في المطلق والعبث
- المسرح ..خفة التلبس ..وابتهاج الضوء بالظل
- -لعبة الكراسي- رؤية سيسيو ثقافية للوضع العربي


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - صورةٌ بشعةٌ جدا