أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - السياسة السكانية والتنمية الشاملة














المزيد.....

السياسة السكانية والتنمية الشاملة


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:07
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم يعد النمو الاقتصادي وحده يعني التنمية ، إنما التنمية يجب أن تكون شاملة لشتى جوانب الحـياة، سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية أم سياسية أم غير ذلك . وهذا يعني أن ثمة فرقاً بين التنمية والنمو. فالتنمية في معناها الشامل تعني بناء " مشروع حضاري متكامل، يتوافر فيه التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن غير الجائز اليوم تجاهل المحتوى الاجتماعي والتاريخي والثقافي لكل من التنمية والتخلف ".
وأكثر ما يهم في هذا المجال هو العلاقة الجذرية بين التنمية الشاملة والسكان وبخاصة الموارد البشرية ، بل بين تنمية الأشياء وتنمية الإنسان . ولا سبيل لتحقيق التنمية الشاملة واستمرارها إلا من خلال الاهتمام بالموارد البشرية وتنميتها وتفتيح إمكاناتها المختلفة ، بالإضافة إلى الموارد الأخرى ، من أجل تحقيق تنمية ذاتية والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية عن طريق إعداد إنسان جديد وفاعل .
دلت تجربة الإنسان التاريخية ، وتدل دوماً على أن في وسع الموارد البشرية حين تنمو وتزدهر أن تتغلب على نقص الموارد المادية الأخرى اللازمة لعملية الإنتاج بفضل العلم والتقنية بوجه خاص . وعلى سبيل المثال ، ما تكاد تنفذ طاقة حتى يحل الابتكار البشري محلها طاقة جديدة . والواضح أن أفضل استثمار هو الاستثمار في العقل البشري . ومن هنا نظر بعض الباحثين إلى الهوة بين البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة على أنها هوة في تنظيم العقل البشري وتوظيفه التوظيف الأمثل.
إن عملية التنمية الشاملة تتطلب التوافق بين السياسات المختلفة . الاقتصادية الاجتماعية والسكانية وهذه مسألة هامة جداً ولا تتحقق بسهولة . لذلك لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الموارد البشرية هي أغلى ما تملكه الأمة . وأن رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه للمجتمع هي أهم الأهداف التي تسعى لتحقيقها التنمية كما أن أي تغيير يطرأ على معدلات النمو السكاني يؤدي بدوره إلى تغير مباشر في الطلب على الحاجات الأساسية للفرد واستهلاكها . بينما نلاحظ أن أي تغير يحصل في معدل النمو السكاني لا يؤثر في حجم قوة العمل والمساهمة في التطور الاجتماعي والاقتصادي . إلا بعد مرور أكثر من 15 سنة من تاريخ حدوث ذلك التغير . وهي الفترة بين تاريخ الولادة وتاريخ إمكانية القيام بعمل منتج .
كانت مسألة انعكاسات النمو السكاني على النظام الاجتماعي والاقتصادي موضع اهتمام النظريات السكانية التقليدية التي اقتصرت في تحليلها لمسائل السكان على مكوناتها ونتائجها. كما كانت السياسة السكانية بالنسبة لها سياسة في النمو السكاني تقتصر على تحديد معدلات النمو وحجمها وكثافتها. فكان العدد الأمثل للسكان هو ذلك الذي يوائم بين سياسة النمو السكاني وسياسة الموارد الاقتصادية المتاحة واعتبر الفقر نتيجة لاختلال ذاك التوازن بين العنصرين السابقين.
هناك علاقة قوية بين السكان والتنمية (أي بين السكان وخصائصهم وواقعهم الديمغرافي ونوعية حياتهم من جهة والبرامج والخطط التنموية التي تهدف إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والتطور الاجتماعي من جهة أخرى). ذلك لأن المتغيرات السكانية ترتبط بصورة عضوية بعناصر التنمية الشاملة باعتبارها تمثل التغير الهيكلي في مكونات النسق الاجتماعي - الاقتصادي في أي مجتمع. وهذا يعني أن مفهوم التنمية قد تعدى مجرد " النمو الاقتصادي " الذي كان دائماً محور الاهتمام ليشمل تحولات أساسية أخرى على الصعيد الاجتماعي والثقافي إلى جانب النمو الاقتصادي .
وقد رافق هذا التغير في مفهوم التنمية الشاملة تغير جذري في نوعية الخطط والبرامج التنموية حيث كان تركيز هذه الخطط على النواحي الكمية الاقتصادية بالدرجة الأولى واهتمت بزيادة الإنتاج والاستهلاك والتراكم والاستثمار ، ومع المفهوم الجديد أضحت الخطط أكثر شمولاً لتضفي جوانب اجتماعية وثقافية وسياسية ، حيث أصبحت تركز أيضاً على النواحي الكيفية في تحسين ورفع مكانة المرأة والاهتمام بصحة الأم والطفل، ورعاية الشباب وقضايا الديمقراطية، والبرامج الترفيهية، وغيرها من المجالات التي ترتبط بتحسين نوعية الحياة لمجموع السكان .
ولم يعد تقويم نتائج الخطط والبرامج التنموية وتأثيراتها مقتصراً على المؤشرات الاقتصادية فقط، وإنما امتد ليشمل مؤشرات اجتماعية وثقافية وسياسية تعكس مدى التغير في نوعية الحياة والمجتمع. إن وضع السياسة السكانية في إطار خطة التنمية الشاملة يهدف إلى القضاء على سوء التغذية والمجاعات وتوفير فرص عمل وخدمات صحية وتعليمية أجود، وتأمين المأوى المناسب، والإقلال من عدم المساواة في توزيع الدخل والخيرات المادية، وتمكين المرأة وزيادة مساهمتها في النشاط الاقتصادي .

الدكتور مصطفى العبدالله الكفري
جامعة دمشق - كلية الاقتصاد
[email protected]



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
- الصندوق العربي للأنماء الأقتصادي والأجتماعي
- صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي
- مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي
- قياس أثر السياسات السكانية ومدى فاعليتها
- التنمية الزراعية في الوطن العربي الخصائص، المقومات، المتطلبا ...
- التنمية الشاملة والتنمية البشرية
- مناخ ومحفزات الاستثمارفي الجمهورية العربية السورية
- تطور السياسات النقدية والمالية في الجمهورية العربية السورية
- الترجمة والانتقال الفكري والمعرفي بين العرب وأوروبا
- أضواء على صندوق النقد العربي
- الانتقالات الفكرية بين العرب والأوروبيين
- تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية
- العولمة أم الأمركة ؟
- معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي
- المرأة وظاهرة العنف
- التعاون البحثي بين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية في م ...
- الإصلاحات الاقتصادية والتحول إلى اقتصاد السوق في الدول العرب ...
- إعداد الاقتصادات العربية لمواجهة السوق الشرق أوسطي
- الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول العربية على طريق العمل الاقت ...


المزيد.....




- مستقبل التكنولوجيا المالية في منطقة المشرق العربي
- بعد تجارب 40 سنة.. نجاح زراعة البن لأول مرة في مصر
- كندا تسمح لـ-إيرباص- بشراء التيتانيوم الروسي
- -أرامكو- السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة
- مشروع ضخم جديد بين مصر والسعودية
- مصر تستعد لبناء سفن جديدة مع الصين
- روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى
- بيسكوف: -عسكرة- الاقتصاد البريطاني -تمويه- لوضع اقتصادي صعب ...
- تقرير لصندوق النقد: مصر تعهدت بالكف عن الاقتراض المباشر من - ...
- الصين تقود سوق السيارات الكهربائية بالعالم


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - السياسة السكانية والتنمية الشاملة