أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - الملاك














المزيد.....

الملاك


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2796 - 2009 / 10 / 11 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


رن جرس الهاتف. رفعت السماعة وقلت نعم فجاءني صوت الممرضة بيجي يقول:" هل يمكنني أن أزورك وأشرب فنجانا من القهوة العربية عندك؟" قلت: أهلا وسهلا، أنا في إنتظارك فاجابت سأكون عندك خلال دقائق.
فتحت لها الباب ودعوتها للدخول. هالني منظرها فلقد كانت في حالة مزرية، شاحبة الوجه كأنما الدم قد سحب منه، عيناها حمراوتان، متعبتان من أثر البكاء. لقد كبرت سنين منذ رأيتها الأسبوع الماضي. عنما جلست قلت لها: "إنك في حالة مزرية فما الذي حصل لك؟" قالت:" شكرا على صراحتك، إحضر لي القهوة أولا وبعد ذلك يمكننا أن نتحدث."
مسكت فنجان القهوة بكلتا يديها وهي ترتجف حتى خلت أنها ستدلق القهوة على نفسها ثم قربته من أنفها واخذت نفسا عميقا وقالت: ما اطيب هذه الرائحة، إنها تنعش الروح ثم بدأت تحتسي القهوة وهي تنظر إلى الفنجان كأنما تقرأ طالعها.
وضعت الفنجان على الطاولة وقالت: " اليوم، في الصباح الباكر مات بين يدي الطفل بتر." قلت لها ومن هو بتر؟ قالت: إنه طفل في السادسة من عمره، كان يشكو من سرطان الدم." قلت: ولكن ليس هذا الطفل الوحيد الذي مات بين يديك فمنذ أن عرفتك وأنت تعملين في قسم الأطفال التابع لمستشفى السرطان وعشرات الأطفال ماتوا بين يديك، ولقد قرأت قصصهم في كتابك فما الجديد؟
نظرت إلي طويلا ثم قالت:" يا صديقي أنا أموت مع كل طفل يموت بين يدي، لم أعد أحتمل، في كل مرة يموت واحد منهم يأخذ قطعة مني وأنا أخاف أن لا يبقى عندي ما أعطيه لهم."
أردت أن أغير الموضوع فسألتها متى سيكون عرسك؟ نظرت إلي وضحكت ثم قالت: لن يكون هناك أي عرس فلقد تركني خطيبي وأنا لا ألومه، فمن يريد امرأة تعيش يوميا مع الموت وتأتي إلى بيتها وزوجها بقصة طفل جديد مات بين يديها.
بيجي تعمل في قسم الأطفال التابع لمستشفى السرطان منذ سنين طويلة ولقد كتبت كتابا بعنوان " أطفال قلبي" وصفت فيه القصص المحزنة للأطفال الذين ماتوا بين يديها وهم يعتقدون أن الملائكة ستحملهم إلى جنة في السماء، مليئة بالألعاب والحلويات وكل ما يشتهيه الأطفال. لقد رأيتها بنفسي كيف تتعامل مع كل طفل كأنما هو طفلها.
قلت لها: لم أكن أدري، أنا آسف. ثم خيم الصمت على الغرفة وتهنا كل مع أفكارة حتى شقته بسؤالي: أخبرني يا صديقي ما الحكمة في موت هؤلاء الأطفال؟ هل يوجد في ديانتكم تفسير لذلك؟ قلت لها: ديانتنا مثل ديانتكم تقول بأنها حكمة الخالق وهو أعلم بحكمته."
لم تقتنع. قالت: شكرا على القهوة، وشكرا على مواساتي، لقد كنت في أمس الحاجة للإثنتين ثم قامت وتوجهت نحو باب الخروج، فتحته وأدارت وجهها إلي وقالت:" هل تؤمن حقا بالملائكة؟" قلت لها:" نعم، إنني الآن أنظر إلى واحد منهم." فهمت قصدي فضحكت وقالت لي " شكرا" وأغلقت الباب خلفها.

د. نضال الصالح / فلسطين



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك حياة أخرى موازية لحياتنا على الأرض؟
- تعالوا نحطم مرايانا
- كيفية ظهور - الله- في الوعي العربي
- بعض من الحكم التاوية
- أمنية
- المعتقدات الدينية الصينية وفلسفة الوجود
- الآخر في الديانة اليهودية
- التوراة في الفكر الديني الإسلامي : كتاب مقدس أم محرف ؟
- عندما يصبح غصن الزيتون رمزا للمقاومة
- القصص القرآنية بين التاريخ والخرافة
- المتاهة
- الوداع الأخير للحب الأول والأخير
- العار
- أم الشهداء
- يوم عادي من يوميات فلسطيني
- أشجار الزيتون ستظل في فلسطين واقفة (قصة قصيرة)
- الأخلاق و- الكتب السماوية-
- كلنا مشاريع قص رقبة
- علاقة الديانه اليهودية بالمشروع الصهيوني والتكوين السياسي لد ...
- عودة إلى موضوع الدين والعلمانية


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - الملاك