|
هل من الضرورة الالتزام بالقيم الاجتماعية في السياسة ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 12:40
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
بداية لابد ان اشير الى اختلاف في القيم الاجتماعية العامة من حيث اهميتها و الاعتماد على مضمونها و قدسيتها و ما تعنيها و مؤثراتها على المجتمع من منطقة لاخرى، و حسب تاريخ المنطقة و ثقافتها العامة و العادات و التقاليد و المعتقدات و المقدسات المترسخة فيها . و من الضروري ان نذكر بان القيمة الاجتماعية بذاتها قد تنشا في لحظات تاريخية معينة استنادا على ظروف المرحلة و من ثم تنتقل عبر المراحل و تتاثر باتغييرات و التطورات سوى قلت اهميتها او انتهت كاملة من جراء التطورات الطبيعية في حياة المجتمع . و حتى طول بقاء اية قيمة اجتماعية يتوقف على مدى احترام الشعب و التزامه بها مستندا على الافكار و العقائد و الاديان السائدة التي تزكيها، و كم من عادات و تقاليد و قيم ذهبت و انقرضت مع التاريخ سوى بتغيير الاديان و المذاهب او بتطور المجتمع و الاحتكاك بين الشعوب. و في مجتمعاتنا الشرقية التي تتميز بالعلاقات الاجتماعية المتينة بين مكوناتها، الفرد او الجماعة او المؤسات ، فهم من نتاج و ولادة رحم المجتمع، و من البديهي ان يتصفوا بما يميز المجتمع و منه ينظر الى القيم و الالتزام بها كاحد المعايير الهامة في تقييمهم و النظرة العامة اليهم، و هذا ما يفرض المام و اهتمام المؤسسات و منها الاحزاب بالقيم الاجتماعية و العادات و التقاليد الموجودة في المجتمع و محاولتهم التقليل من تاثيراتها السلبية ان كانت موجودة ، و منه يتمكنون من تحديد الوسائل و الطرق لفهم المفاهيم و تطبيقها على ارض الواقع ، و به يحددون الاسلوب الملائم لاداء واجباتهم المختلفة العامة في المجتمع. و ان حللنا اية قيمة اجتماعية و فسرنا تاريخها و كيفية مجيئها و عدنا الى اصلها و جذورها يمكننا ان نعيدها الى المباديء الطبقية التي افرزتها و اكثريتها مضمونة و مؤمٌنة من قبل الفقراء و الطبقة الكادحة ، و هم الذين يلتزمون بها و يحتفظون بمضامينها و محتواها و تجذرت في سلوكياتهم و اخلاقياتهم و مسار حياتهم اليومية الطبيعية . لذا لا يمكن التغاضي عن القيم الاجتماعية الاساسية في السياسة العامة لاية جهة كانت من اليسار او الوسط او اليمين، و يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار في اداء الواجبات الفكرية و الايديولوجية الحزبية على ارض الواقع . من المعلوم ، ان النزاهة من القيم الاساسية التي تفرض نفسها على الجميع و هي احد المقاييس الاساسية الهامة لتقييم الفرد و الجماعة و المؤسسات، و لا يمكن ان يناضل اي فرد و هو لم يتصف بهذه القيمة و يكون موضع ثقة الجماهير و اعتمادهم و بالاخص في هذه المنطقة التي لم تستقم بعد و لا يمكن اعتبارها تتسم باحترام المجتمع للقوانين وبالتالي انتفى الحاجة لبعض القيم الاجتماعية الايجابية، و اكثرية المجتمع تؤمن بالروحانيات و تعتمد على الثواب و العقاب في تعاملهم مع الحياة و الاعمال الاعتيادية اليومية، و النزيه المرفوع الراس صاحب الثقة بنفسه له موقع اجتماعي يمكن الاستناد عليه في العمل و النضال لتحقيق اماني المجتمع و اهدافه. المصداقية، من القيم الاساسية الاخرى في مجتمعاتنا ، و يمكن تعريفها على انها الصفة التي تثبت النزاهة و تتضمن عدة خصائص التي من الواجب ان تتصف بها للاعتراف بها و هي طرح الاراء و المواقف و المواضيع العامة اعتمادا على المباديء المعتمدة و الدلائل و الاثباتات الصحيحة و العمل بها بعيدا عن النكوث بالوعود، ويجب تنفيذ العهود، و نقل الكلام و الاراء و المضامين العامة لاي موضوع يطرح دون نقص او زيادة مقصودة . و لا يمكن التغاضي عن هذه القيمة المترسخة في المجتمع في السياسة العامة لنا. و يعتبر الاخلاق من القيم الهامة و باختلاف محتواه و مضمونه المتعدد الاوجه من شعب لاخر، و المفروض ان تتسم بها السياسة لتؤدي ما عليها بشكل سليم و واقعي و منتج و ان اختلفت تعريفه و مضمونه و ما تحتويه من منطقة لاخرى بشكل مطلق. و يجب ان نذكر هنا، ان التاريخ يدلنا على ان اساس هذه القيم يمكن ربطه بالفروقات الطبقية و كيفية نشوئها، و ان اعدنا النظرة الفاحصة على التاريخ نشاهد دائما بان الطبقة الكادحة هي الملتزمة باكثرية القيم الايجابية من النزاهة و المصداقية و ما يتسم به المجتمع من الاخلاقيات المعتبرة، و في المقابل الاخر و البرجوازية هي التي تضرب كل القيم و المباديء عرض الحائط من اجل المنافع المادية من خلال الحيل و الكذب و السرقة والاتصاف بادنى مستوى من الاخلاقيات و استغلال الاخرين من اجل الربح و المال، و هم يتعدون على خصوصيات الاخرين و اموالهم و ممتلكاتهم دون تردد . لذا يجب ان نعلن هنا بان السياسة التي تلتزم بالقيم الاجتماعية الايجابية المفيدة للواقع و المجتمع و المرحلة تفيد الطبقة الفقيرة المهتمة بتلك القيم، و هي التي تدير المجتمع و تدعمه في التقدم و التنمية ، و على الشخصيات و الاحزاب و التكتلات تحديد مواقفها من القيم الرئيسية و افراز المفيد لتكون جزءا من المجتمع و تعمل بجوارهم و معهم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحزب القح و مصالح الوطن
-
ضرورة التعددية في العملية الديموقراطية و لكن.......
-
تغيير ميزان القوى في المواجهات المستديمة بين الشعب و الحكومة
...
-
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
-
هل يكون التكتيك في خدمة الاستراتيجية دائما ؟
-
هل محاولات الامبريالية العالمية مستمرة في تحقيق غاياتها؟
-
كيف نخفف تاثيرات الحملات الانتخابية على اداء الحكومة
-
كيف و لمن نكتب ؟
-
الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات
-
على الاقل قدر حقوق الاخرين بقدر منديلك
-
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
-
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
-
المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
-
الطبقة الكادحة و المناسبات العامة
-
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
المزيد.....
-
محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
-
التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة
...
-
غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
-
الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار
...
-
يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024
...
-
مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب
...
-
فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
-
الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
المزيد.....
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال
...
/ سعيد العليمى
-
نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|