أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب الفكي - الفراشَة التي هَاجرتْ معَ سِرب الأُمنيَات














المزيد.....

الفراشَة التي هَاجرتْ معَ سِرب الأُمنيَات


هشام الطيب الفكي

الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


كـانت زاهية ، ألوانها متناسقة ، مخلصةً في فَتنةِ السِحر ، بارعـة في نشر الجمال بين الأمكـنة ، تتدلى من اجنحتها معانٍ لا نهاية لشطآنها ، لوَّنت حركاتها عينايَّ وهي تتنزه بين الاغصان الصغيرة وتسبحُ في أعماق الورود النضرة فرحةً بنفسها لأنها تُسعد ناظريها حتماً ، حازت على إعجاب الورود بأكملها ، كـانت ورود البستان المجاور لمنزلنا تحتَضِنها بِدفء وتعبِقها أريجاً ثم تملأ المكـان والشوارع براوائحها التي سكرت بها الروح ومضت على رونقها عينايّ لتتلصص أمكنة الجمال ، شدني بهـائها حين دنت تهمس لوردة فارتج بستـان الورود مندهشاً ، وتدلت بعد أن تخلـَّقـَتْ مراءٍ ما رأيتها من قبل ، ثم أبهرتني بفتنتها التي بثتها بين الورود عبيراً لا مثيل له.
(2)
إقتربتُ مِنها ذات صباح عَذب ، إقتربتُ منها بعد أنْ حَطّت بين ثنايا وردة شاحبه أظنها قصدت الولوج اليها عن قصد كيمـا تعيد لهـا بهائها وحسن منظرها بين جاراتها من الورود في البستان . حدقتُ فيها عن كثب وهي تعيد ترتيب تلك الوردة قبل أن تبدأ في محادثتها واللهو معها ببعض رحيق ، كان صقيع الدهشة قد ملأني ساعتها ؛ حينما رأيتُ ألوانها المتناسقة التي إرتدتها ثياباً أنيقة تتحد مع فكـرة سـر إختيارها للوردة الشاحبة ، كـان كل لون فيها قد أخذ رمزيته في حيـاتي ، كل لـون يدلني على تفاصيل احداث وذكريـات كـادت أن تتلاشى من أعماق ذاكرتي الخربة ، كل لون فيهـا كان له تفاصيله الجميلة حتى أنني فارقت جسدي لبضع دقائق أتأمل في نسق الوانها مبتسماً ، أبحثُ عن رمزيات مفقـودة وأخرى موجودة غير أنهـا تائهة.
أخذتُ شهقة عميقة ، تنفستُ كمَـا الذي إختَنق بالفَرحة .
كانت الورود بأكمالها مضغوطة في حيز ملأ العين فقط وقَفت الفَراشة في منتصفه رافعة جناحيها للهواء ووقفتُ أنـا مشدوها على أطرافه.
غطت الدهشة مساحات النظر تراءت للاعين من بين السـواد حبيبات أسى عَميق تُغمض الجفن غصباً لمتَنع إكتمال النشوة المكتسبة من مشهد ذا عذوبة غير مألوفة . أغمضت جفني وأعدتُ بصري سريعاً صوب الوردة مرفأ الفراشة مرةً أخرى لكني فوجئت ولم أجدها ..
(3)
نقّبتُ عنها اليـوم بعد أن أعياني وأكتساني التعب ، بحثاً وتنقيباً في البستان علَّني أُعيد بعضاً من تفاصيل دهشتي الأولى بها لكن دون جدوى ..
سألتُ أغصان الشجر الصغير ، الجدول على حافة البستان ، جمع الورود الذي بدى متعباً على غير عـادته ..
قالت وردة وقد تبوأت مكانها في وسط البستان : لاتتعب نفسك ، لقد غادرت تلك الفراشة ولن تأتي بعد اليـوم ..
قلتُ : كيف عرفت ذلك؟
قالت : لقد تزودت بمؤونة رحيقها من قلبي ؛ ثم هاجرت مع سرب امنيات الجميع .!
ثم سكبت الوردة الندية دمعها ، و بَكت لرحِيل فَراشة البُستَان تِلاها جَمع الورود النَواضِر ،البُستَان بأكمله باكياً وعلا أنين القلب السقيم يتسربُ من أتونِ الروح ليُعلن للملأ رحيل فراشـة جَميلة أسرت القلب بروعتها ودهشتها وجمال فكرتها ، لكنها رحلت وضاعت مع سرب الامنيات في طريق الفـرار من الهروب الى الهروب..!
قلت في نفسي متحسراً على الفراشة التي أفلتت مني :
لي وللورد أن نبكي ونُعلن مراسم الحداد في البُستـان ثُم سنصرخ بأعلى صوتنا على رحيل تلك الفراشة التي إدخَر لهـا الله من زاد الجمَال ما لاعين رأت ولا أُذن سمَعت ولاخَطر على جوقة وردة .!




#هشام_الطيب_الفكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطر .. !
- معاً لإيقاف العنف ضد المرأة
- على نهج الحوار المتمدن - صحيفة سودانية إلكترونية - خطوة في ط ...
- (ستنا) إمرأة بحجم الثورة قصة .. أشبه ما تكون واقعية !!
- ماشين في السكة نمد.. في عيد العمال العالمي .. فلنكن فرساناً ...


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب الفكي - الفراشَة التي هَاجرتْ معَ سِرب الأُمنيَات