أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - العلمانيّون في مواجهة التكفيريّين














المزيد.....

العلمانيّون في مواجهة التكفيريّين


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 01:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شنّ التكفيريّون" الرابطة الشرعية والدعاة بالسودان" في الأسابيع المنصرمة، هجوماً بالسلاح الأبيض على حَفلٍ أقامه الحزب الشيوعي السوداني في منطقة الجريف، وحاولوا الاعتداء على بعض الحاضرين، ولم ينهاهم وازع عن توزيع بيان يكفرون فيه الحزب، ويصفون الشيوعيين بالمرتدين عن الملة والدين، فطعامهم لا يؤكل، وبناتهم لاتنكح، وأمواتهم لا يدفنون في مقابر المسلمين.. وكفى المؤمنين شر التكفير والقتال.
نفس المجموعة كفّرت سابقاً حسن الترابي، لأنّه عَمِل على إصدار فتاوى تفيد ب"إمامة المرأة، وجواز زواجها من الكتابي" وغيرها مما يتناقض مع ذهنية السلفيين والتكفيرين. وقِيل حينها لقد جنت يدا الترابي على نفسه، حينما صمت، والبعض يقول شارك بالفتوى ضد المفكر السوداني، محمود طه، وأدت إلى قتله، وبحضور جمهرة من المتأسليمن.
التكفيريون لا يفهمون من الدنيا، إلّا أنّ الناس صنفان مؤمن وغير مؤمن. والأدق: إمّا أنّ يتبعونهم، وبالتالي هم مناصرين لحزب الله، وإمّا أنّهم مرتدين وكافرين، يتبعون حزب الشيطان. وبالتالي هم ضد منظومة الحداثة برمتها، ضد قيم المواطنة والديموقراطية والفردية والعقل، وضمنا ضد الماركسية، لِما أُشيع عن معاداتها للدين، علماً أن مشروع الحداثة الليبرالي وبعده الماركسي، منهجياً هما ليسا ضد الدين- ويعتبرون الدين بمثابة عزاء للمصابين بالخصاصة الاجتماعية أو العاطفية ...- بل هما مع فصل سلطة رجال الدين عن الدولة، ومع نظامٍ علماني، ينسف دور رجال الدين، ويحوّلهم إلى أشخاص فاعلين في قضايا أرضية، بدلاً من الأعمال التي يكلفون أنفسهم بها باسم الله، ويرعبون الخليقة بفكرة الله، وأشكال العذاب وألوانه، وكأنّ الله، خريج إحدى الأجهزة الأمنية للأنظمة الديكتاتورية.
هؤلاء التكفيريون، هم كذلك، لأنّهم متخلفون معرفيّاً حتى عن علوم الحضارة العربيّة الإسلاميّة، عدا عن انفصامهم عن العلوم الحديثة. فالمتخلف معرفياً يؤوّل كل شيء بشكل رجعي، ولذلك يأتي التأويل التكفيري متجاوزاً النص الديني ذاته لصالح فتاوى ورؤى دينية، قاصرة وضيّقة ويغلب عليها الهوس العاطفي الديني بدلاً من التفكير العقلي الديني. لذلك فالتكفيريّون يكفّرون كل شيء، بما فيه طفولتهم وما قبل امتلاك تلك الرؤى الظلامية، ولو أخذنا فقط الآيات المتضمنة في بيانهم، لوجدناها كلّها تحيل إلى أنّ الله هو من يحاسب وليس هم، فلنتأمل" إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً"و" إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"، لاحظ هنا الذات الإلهية المُقدّمة، عدا عن الرسل، وبالطبع ليس المقصود بهم هنا هؤلاء التكفيريّون.
معظم الأحزاب السودانيّة، أصدرت بياناتها التنديديّة، بالحملة التكفيريّة، وهو مؤشر هام، على أهمية الحراك العلماني السوداني، وأقول هنا العلماني، انطلاقا من احترامهم حرية الآخر والدفاع عنه، ورفض الخلط بين السياسة والدين، أو رفض إعطاء التكفيريّون مكانة بين أهل السياسة أو في المجتمع السوداني. بروز الظاهرة الإرهابيّة التكفيريّة متأتٍ من سماح الدولة لها بذلك، فهي التي تغمض الطرف عنها، وكأنّها لا تراها، أو أنّها تبتغي منها أهداف سياسيّة محدّدة. أي أنّ الدولة السودانيّة كما العربيّة، لم تفهم بعد أنّ اللعب بورقة التكفير قد يؤدي إلى خلق صعوبات وأزمات تطال استقرار الدول، عدا عن الكلفة البشرية والقتل المجاني والعبثي.
ففي اليمن دعم النظام الظاهرة الحوثية، ونفس الأمر تم مع القاعدة، حين دعمتها السعودية سابقاً وذات الأمر يتم في أكثر من دولة عربية.
التكفيريون لا يوفرون أحد، وبالتالي على قوى المجتمع المعرفية والسياسية، رفض هذه الرؤية ومحاربتها نقدياً وإجتماعياً وسياسياً، وهذا الكلام، موجه إلى الإصلاحيين المسلمين قبل العلمانيين، فمع التكفيريين لا توجد تحالفات، فهم قتلة بكل معنى الكلمة، لو أتيح لهم ذلك، ولا يترددون عن القتل والتفجير في أية لحظة تعطى لهم الأوامر.
هل يمكن رفع الغطاء عنهم، هل يمكن كشف الداعمين لهم، هل يمكن التعرف على الأيدي التي تمدهم بالمال، هل يمكن معرفة تفاصيل علاقتهم مع الأنظمة، ربما سيكون ذلك ممكناً بعد سنوات، وعندها ستتكشف الخفايا السرية للتحالف المخيف بين الأنظمة العربيّة وبين تلك المجموعات الإرهابيّة.
ما يهمني جيداً هو التأكيد، وربما بعكس كثير من المحلّلين، أن القوى العلمانيّة في العالم العربي" من ليبراليّين وديموقراطيّين وقوميّين وماركسيّين ومستقليّن أحرار وغيرهم" أصبحوا قوّة فعليّة في المجتمعات العربيّة، وتجاوزا كثيراً من رؤاهم الأحاديّة أو فكرة الحقيقة المطلقة، وهم يحوزون على مكانةٍ إجتماعيةٍ ومعرفيةٍ تتقدّم باستمرار، وهذا بتأثير الحداثة على/ وفي العالم العربي سواء أكانت حداثة واعية أو حداثة بحكم التكوين الرأسمالي لهذه الدول وكذلك بتأثير الحركات السياسية العلمانيّة المعارضة. وبالتالي ما تم في القرنين الماضيين، ورغم كثير من أوجه التراجع والكلام المتزايد عن ثورة دينية محافظة عالمياً، فإنّ تأثير الحداثة صناعةً وفكراً وعلاقات إجتماعية وثورات علمية وثقافية وأنظمة مواطنية، لا يمكن أن يهتز أو يمحى أو يقلل من تأثيرها وتوهجها العالمي.
إذن، ورغم النبرة المرتفعة للظلاميين الحاملين سيف الله، فإنّ شكل حضورهم هذا بالذات، يعدّ تعبيراً عن الرغبة المجتمعيّة بلفظهم، لصالح مشروع إجتماعي جديد، يفصل بين الدين والسياسة و الدولة و العلم. مشروعاً علمانيّاً لا يعادي الدين، ولا يسمح بتسيّيسه، وينتقل بالمجتمعات العربيّة إلى فضاء الحداثة كمشروع كوني، متجاوزاً أزمات الحداثة العربية المتعددة الأوجه، وبما يؤدي إلى حداثة علمانيّة مفتوحة نحو تحقيق إنسانيّة الإنسان.







#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد نقاد مهدي عامل
- انتصار جزئي للعلمانية في سوريا
- في ذكرى استشهاد مهدي عامل
- الماضي والحاضر حاضران... فأين المستقبل؟
- عن اليسار ودوره في الأزمة الاقتصادية العالمية نقاش في مقالة: ...
- مشروع قانون سوري للأحوال الشخصية من العصور الوسطى
- العلمانية السورية على محك مشروع الأحوال الشخصية
- العلمانية اللبنانية على المحك
- -الديموقراطية- في الكويت
- ثمرة الطرح الفلسفي أم ثمرة الحداثة
- الدولة الوطنية الجديدة
- جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟
- في الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة
- الاطفال يتعلمون الموسيقى في سوريا. أهي أحلام ضائعة أم رغبات ...
- الجسد: مشكلة أخلاقية في الفكر العربي المعاصر
- لماذا العودة إلى لينين..؟*
- خيار الشعب الفلسطيني خيار الدولة الواحدة
- اليسار الماركسي والمقاومة
- قمم بلا معنى
- الأمة العربية في مواجهة الموت


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - العلمانيّون في مواجهة التكفيريّين