جسد المسيح المتمزق

لطيف شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 2792 - 2009 / 10 / 7 - 09:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

أخطر ماترتب علي مجمع خلقيدونية ذلك الصدع الهائل الذي حدث للعقيدة المسيحية , وكان مقدمة لتصدعات أخري توالت عبر القرون , ذلك ان المسيحية انقسمت الآن (سنة 451م) علي نفسها الي كنيستين متباعدتين تماما .
وهما الكنائس الغير الخلقيدونيية وتقودها الارثوذكسية المصرية التي تتزعمها الاسكندرية وايضا الكنائس الاثيوبية والسريانية والارمنية وتتبع عقيدة الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة من طبيعتين بغير امتزاج ولا اختلاط ولاتغيير بمعني الاتحاد الطبيعي .
اما الكنائس الاخري والتي تسمي بالكنائس الارثوذكسية الخلقيدونية وهم الكنائس التي تقودها روما والقسطنطينية واليونان والبلقان او اوربا الشرقية وروسيا وتعرف احيانا بالارثوذكسة اليونانية والقائلة ب طبيعتين الهية وبشرية في المسيح كاملتين مستقلتين وغير منفصلتين .
والمدقق في الامر يكون كل جانب مكملا للجانب الآخر في تعبيرهما عن الحقيقة الواحدة. فالذين قالوا بالطبيعة الواحدة المتجسدة من طبيعتين أضافوا بغير امتزاج ولاتغيير لنفي الاوطاخية والذين قالوا بالطبيعتين أضافوا بغير انفصال ولا تقسيم لنفي النسطورية وقد تكلم الجانبان عن حقيقة واحدة هي ان السيد المسيح كائن واحد" الهي-انساني" أي تكلموا عن كينونة واحدة من جوهرين قد اتحدا في المسيح الواحد .
فالذين عبروا بالطبيعة الواحدة المتجسدة قصدوا التعبير عن حالة الكينونة انها واحدة والذين عبروا بالطبيعتين قصدوا التعبير عن حقيقة اسمرار الكينونة للطبيعتين . وبتعبير اخر البعض تكلموا عن حالة الوجود والبعض الاخر تكلموا عن حقيقة الوجود .
ومن الملاحظ ان الجانبان اطلق عليهما ارثوذكس خلقيدوني وارثوذكس غير خلقيدوني لان الكاثوليكية لم تظهر بعد في زمان انعقاد مجمع خلقيدونية حيث برزت في القرن الحادي عشر بعد الخلاف مع الكنيسة القسطنطينية , في حين ان الانشقاق البروتستانتي من الكاثوليكية حدث في القرن السادس عشر.
وهذه الانقسامات نتجت عن الخلافات بين الاخوة الاشقاء بمجمع خلقيدونية المشئوم وللاسف كانت الذات هي العامل الاساسي لهذا الخراب الذي تسبب في الحروب الذي راح ضحيته عددا لايحصي بل ونتج عنه الاحتلال العربي حتي يومنا هذا والي قيام الساعة .واستطيع ان اجزم ان عقول بطاركة واساقفة المؤتمر ذهبت وحكمتهم ان وجدت فيهم تبررت منهم جميعا بلا استثناء وهنا اقصد كل الاطراف ولا اعرف هل لم يدر في خلدهم لحظة واحدة مقدار الخراب والدمار الذي سيحدث نتيجة انقسامهم هل لم يسكن روح الله في احد منهم لتسوية هذه الخلافات في سبيل وحدة الكنيسة العامة او بمعني اصح من اجل عدم تقطيع جسد ربنا يسوع الي اشلاء ثم ينادون جميعا بالغيرة المقدسة وبحجة عدم التفريط في عقيدة كل منهم. ويصيبني دهشة كيف يقتتل المسيحيون فيما بينهم باسم المسيح ومن اجل مذهب عقيدي وليس من اجل الدين المسيحي وايمانهم واحد بالمسيح المخاص وكتابهم واحد وهو الكتاب المقدي اليس هذا هزل وتهريج!!! اؤكد ان الله سيحاسبهم جميعا يوم الدينونة وهم عراة من ملابسهم الكهنوتية.
فمن اجل الذات ُاحتلت مصر والشام ومن اجل الذات مات عددا لايحصي من الشعوب ومن اجل الذات تمزقت المسيحية وارتد الكثير عن الايمان ومع ذلك لم يأخذوا العبرة بل ظلوا في طريق الفرقة نشيطين وفي مسالك الانقسامات متمسكين . وحتي تاريخه يناصب كل طرف العداء للاخر , وينادون علي منابرهم بالمحبة وهم يسعون باجتهاد الي هدم الاخر .
ومااحزنني وألمني ان مؤتمر تثبيت العقيدة بالفيوم يكرر نفس المآسي فيؤكد علي الانقسام بين الكنائس ويمجد الخلافات بينهم ويعمق النزعات الطائفية . انها حقا حربا شيطانية باسم الغيرة المقدسة وتثبيت العقيدة والحفاظ علي المذهب وليس علي المسيحية ولكن الحقيقة ذات متأسدة.هل ياسادة المسيح ارثوذكسي فقط او كاثوليكي فقط او بروتستانتي فقط او كلنا في المسيح اننا نحفظ هذا الكلام لكن لانفهمه ولانعمل به ولن نعمل به ابدا, وفي ظل الانقسامات نتباكي علي اضطهاد الآخرين لنا ونحن نضطهد بعضنا البعض .
ولم يكتفي المتكلم الساخرعن الطعن في الاخرين بل امتدت غيرته "المقدسة" الي اباء كنيسته النشطاء ايضا فراح يستهين بهم ويستهزأ بخدمتهم ويتهمهم كذبا وزورا بباطل الاتهامات وأكاذيب الكلام يقول عن احدهم مرنم اسرائيل غير ارثوذكسي اي غير مسيحي في رأيه, وانا بدوري ارجو من ابونامكاري بصفته موهوب ويخرج الشياطين قادر بالنعمة المعطاه له ان يخرج الشياطين من جسد الكنيسة المتعب والمتهالك نتيجة زرع الانقسامات ,اما الكاهن الذي وصف خدمته بالوكر وبهذا الكلام يعطي الاشارة الخضراء للاخرين وهم علي اهبة الاستعداد دائما لدهم الوكر ويدمروه ولمن لايعرف خدمة ابونا سمعان قمص الزبالين العظيم ووكره الذي أسس أكبر خدمة في الشرق الاوسط وبني اعظم كنيسة في حضن جبل المقطم تسع اكثر من عشرة الاف نفس علاوة علي خمسة كنائس في منطقة الزبالين الذي اتحداه ان يستطيع ان يدخل المنطقة برائحتها التي تزكم النفوس والقمامة التي تسد عين الشمس , لكن بصلواتهم في وكرهم الذين يسبحون فيه الله يستجيب لهم الرب بازاحة مخربين البيعة اما الثالث المحروم والمتهم بالسب فيرد عليه البابا وليس انا في احدي القنوات الفضائية"اعتقد ان الراجل لا يهاجم بل يقرأ من كتب اسلامية و يجب على الشيوخ الرد عليه" ثم يصل الاستخفاف بالعراب بسؤال استنكاري هل يستطيع زكريا بطرس الرد علي ديدات ويرد احد العراب ميقدرش فيكرر عراب المؤتمر الاوحد ميقدرش .هل هذا كلام ممكن ان يتفوه به مطران العقيدة اذا كان ميقدرش فمعناه ان عقيدة ديدات هي الصح لانه لايستطيع الكاهن الصنديد او انتم الرد عليه . لكن مردود هذا الكلام لم تكن الفضائيات قد ظهرت بعد ليرد علي اتهامات ديدات وغيره الذي لم تجرؤ ذكره بالاسم وانا اترك القراء للرد علي مثل هذه المهاترات والترهات ودفاعك الميمون علي ديدات ضد القمص زكريا اليس هذا يصب في خانة الشكوك التي تحوم حوله .
ان هؤلاء الكهنة الذي رشقتهم بالاهانات والسخافات...اتسموا بالنشاط المتقد نارا ولهم عمل لاتستطيع انت ولا مئات امثالك ان يصنعوا جزءا ولوضئيل جدا مما عملوه هؤلاء الآباء المباركين بنعمة . لكنه حسد الشيطان.. وللاسف اصبح الشعب كااطفال في فكرهم وفطنتهم و لم يصلوا بعد الي مرحلة النضج والرجولة حتي يبطلوا ماللطفولة لاننا الان ننظر في مرآة ماضي الانقسامات وكأنه لغز لانعرف له حلا لماذا ولمصلحة من ؟هل احد يستطيع الرد اذن فهو لغز لايعلمه الا الله .
ويسعي عراب المؤتمر بتجذير الفرقة بين اشقاء المذاهب مما يؤدي الي نشوب خلافات لايعلم مداها الا الله وحده وهنا يتدخل عدو الخير فيكون التعصب وكراهية الآخر مضاعفا خارجيا وداخليا وتأتي العثرات وويل لمن تأتي بواسطته العثرات وهو لا يبالي بهذه الامور متمرسا علي هذه الاعمال والتصرفات من قبل وسبب حرجا للكنيسة. ولكن لابد للشعب ان ينظر اليهم وجها لوجه ونبطل ما للطفولة ونصرخ لايحل لك ولا يحق لك ان تفسد جسم لكنيسة الواحدة المقدسة وتمزق جسد المسيح وتغمد سلاح الحرمان المصدأ والذي لاجدوي منه بعد ان انتهت صلاحيته ( راعيت التأدب ودون ذكر اسماء حتي لاتمتنع المواقع علي نشر المقال ) .
ويقول المتكلم الهمام كلاما اغرب من الخيال يدينه شخصيا علي عفويته في كلام الهزل ويبين مدي حجم الكراهية فيقول: حاكمنا أحد القساوسة فى يناير الماضى لحضوره جنازة بروتستانتية فى كنيسة قصر الدوبارة وقوله على الميت إنه يضىء فى السماء . واريد أوضح هذا الموضوع للقارئ ان قام احد الكهنة الذي يتميز بالوداعة والاخلاق (افضل عدم ذكر اسمه ) بالاشتراك في جنازة الانسان العظيم والشاب النشيط وخادم الرب المبارك القديس الدكتور مجدي صموئيل الذي يضئ بنوره الوهاج بذكراه العطرة والذي بانتقاله احزن كل البيوت المسيحية في مصر وبلاد المهجر وأدمع حتي العيون الحجرية وبفقده خسرت الكنيسة العامة احد اكبر الحصادين لكرم الرب. لكن دعني اسألك ايها العراب المتكبر ألم يقل الكتاب فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكيين وهل اذا مات اي شخصية اسلامية او صديق مثلا دون ذكر اسماء معينة لعدم الاحراج الا تقدم واجب العزاء.. حينئذ ستستحق المحاكمة ولا علي رأسك ريشة .
صدقني الوقت مقصر ولايحتمل انقسامات اخري لان البلد علي صفيح ساخن وفي حالة غليان الا اذا كان هذا هدفا تتبناه لترضي آخرين علي ان يسمح لك ببعض الكلمات التي ترضي عواطفنا وتهدأ من انفعالاتنا ازاء مايحدث علي الساحة الان .يقول يعقوب نخلة روفيلة بشأن الانقسامات التي حدثت بمجمع خلقيدونية كأنه يتكلم الان: تأصلت الكراهية بينهم بعد أن عاشوا معا زمانا طويلا علي أحسن حال قبل وجود هذه الانشقاقات والانقسامات المذهبية والاختلافات الدينية مع ان الفرق واه جدا لايوجب كل هذه المصائب والرزايا ( التي جلبها علينا الاساقفة ) التي حلت بالبلاد وأهلها وتسبب عنها الدمار المفجع.
اننا ندعو الكنائس الخلقيدونية وغير الخلقيدونية الي نبذ هذه الخلافات الناتجة عن النعرات العنصرية ويؤكد لو درسنا اسباب الخلافات سوف نكتشف ان التعاليم التي نتفق عليها جميعنا هي اكثر بكثير جدا من التعاليم التي نختلف حولها . وحتي هذه التعاليم التي لانتفق عليها والتي يدور حولها الخلاف والجدل يمكن التغلب عليها اذا قبلنا حوارا مسكونيا هدفه مجد الرب وحده وليس مجد الكنيسة او الذات
.يقول د.حنا الخضري : ان الوحدة الحقيقية لاتعني زوال الكنائس الحالية وتكوين كنيسة واحدة كاثوليكية او ارثوذكسية او بروتستانتينية . بل إن الوحدة الحقيقية هي ان هذه الكنائس المختلفة المتعددة , والتي تسيطر عليها وفيها تيارات عقائدية وفكرية كثيرة ومتنوعة , تعمل معا علي انتشار ملكوت الله وسيادة الرب يسوع المسيح علي عالم مضطرب قلق , وعلي تنفيذ مقاصد الله الصالحة لسعادة الانسان هنا علي الارض أولا وقيادته للحصول علي الحياة الابدية أخيرا , لان سيدنا قد جاء لكي تكون لنا حياة وتكون لنا أفضل .
لقد اهتموا بالناحية العقائدية دون الناحية الكرازية . اهتموا بذاتهم وعنصريتهم ونسوا تقديم يسوع المسيج المخلص. لقد صبوا بعضهم همه في المحافظة علي سلامة التعليم والافتخار بصحة المذهب وأهملوا النواحي الروحية والتدقيق في الحياة العملية والسلوك اونشر بشارة الخلاص .
يدعونا رب الكنيسة وراعيها العظيم الذي هو الرأس الحقيقي أن نحقق كلنا علي اختلاف طوائفنا رغبة قلبه التي أعلنها في صلاته الكهنوتية الوداعية عندما قال " ليكون الجميع واحدا كما انك أنت أيها الآب فيٌ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني "يو 21:17.

#لطيف_شاكر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات