أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل الدلفي - حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية















المزيد.....


حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 19:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



سأتقدم بمداخلة ذهنية لا تعتد كثيرا بالمراجع أو مصادر البحث فلقد أرجأت تأثيرات تلك المراجع في إعداد دراسة عن المواطنة جانبا،واستسلمت إلى عالمي الباطني في عملية تداعي تشبه جلسات الطب النفسي ،فيما أنا أسجل معلوماتي التي تستند إلى التراكمات بعيدا عن أثر يذكر للايدولوجيا أو التاريخ أو اليوتوبيا .
مارست عمليا إفاقة مركزة للاوعي الشخصي من اجل تلمس جادة السبيل إلى إعلان بياني الأول ورفع رايتي الصغيرة على اعتباري مواطنا ليس إلا.
مقدمة حسية
الجميع يعرف لكن قليلا من يعترف بأننا مهزومون على صعيد الوجود الإنساني، ونتوارث مرارة تلك الهزيمة جيلا بعد آخر ونعاني قلقا وإرباكا في تطلعاتنا نحو تجسيد الأمنيات حتى الصغيرة أو الساذجة منها،لأننا مهددون على طول الخط بعواصف النسف! لماذا ؟ لأننا هكذا...... وهذا هو واقع الحال ببساطة القول.
مثال للقلق
إنني اعجز عن إدراك إن ميزانية العراق تربو على السبعين مليار دولارا وانأ عاجز عن امنح الحياة إلى مصباح المنزل مدة عشرة ساعات من ساعات اليوم.والقائمة تطول وهكذا لم نستطع أن نربح معركتنا الوجودية ذات وقت.
إن التوجه في الدراسة والبحث عن مفهوم المواطنة وإدارة الحوارات المعرفية عنها وفيها ينطوي على صعوبة وأهمية في وقت واحد،ففي مثل ظروف العراق وصل إدراك المفهوم إلى حافة الإشكالية المهددة للمصير المشترك، فأهمية دراسة المواطنة تكمن في حلحلة تهديدات الاستقرار والتعايش المشترك ،
أما الصعوبة فمردها إلى القطيعة البنيوية بين مؤسساتنا بكافة تشاكلاتها (سياسية، ثقافية، اجتماعية، تربوية، اقتصادية) مع الحداثة. علما إن المواطنة بشكلها الحديث هي جزء من منظومة الحداثة الإنسانية ومن حقول دلالتها شأن الديمقراطية والعلمانية والفيدرالية وحقوق الإنسان والمساواة وحرية الرأي والحقوق المدنية والانتخابات وحقوق المرأة وحقوق الأقليات، وان رصيد مؤسساتنا يكاد يخلو من بيانات وقناعات وثقافات تجاه ذلك كله،إن نقص المعطيات أنتج تشوهات وتصورات وإسقاطات انسحبت على إمكانية إدراك المفاهيم الحداثوية مما خلق وعيا مهزوزا قلقا ودونيا لمواطنة تلتبس عندها رؤية الحاضر بصورة الماضي ، بينما تحاصرها أنواع من مواطنات ناضجة وهي قاعدة حسيرة.
أنها الايدولوجيا التي أغلقت أبواب الحوار في مجال الحقوق الإنساني ورسمت آلية التابعية للدولة مما أصبح الحديث عن المواطنة يشكل تهديدا مباشرا لها لأنها تراه مفتاحا للحديث عن كل شيء، فبعد الحديث عن المواطنة يصبح الحديث عن كل شيء مباحا، وربما يصل إلى مناقشة خريطة كل شيء الذي يعني الرغبة في آليات جديدة في توزيع كل شيء من الدولة والعلم والعلم والتربية والثروة والجاه والحب والشعر ، ذلك هو المقتل الذي تخشاه الايدولوجيا وتقاتل بأسنانها لان لا يقع ذات ساعة.
إن محاولة فهم المواطنة يتطلب تقصي سيرورتها والبحث في دلالاتها في محطات التاريخ، وبما أن أحدا لا ينكر إنها على طول الخط كانت تشير إلى علاقة الأفراد بالدولة ، فلابد أن زمنيتها وجدت قبل الإغريق والرومان على غير ما تعكسه الخطابات المركزية للعقل الأوربي لان هذا الأخير يمتاز بأنانية مفرطة تجاه الغير في تحديد كليات التاريخ .فان تأسيس بداية المواطنة عند روما وأثينا هي مقولة أوربية تفصح عن أنانية وتعامي مقصود حالها حال الديمقراطية التي عرفت وقتذاك ، إن هذا العصاب في تشكيل البداية المزعومة للتحضر العام للإنسانية هو نفسه الذي يدفعها في تبني مقولة نهاية التاريخ في النموذج الأوربي ( الإنسان الأخير) ،إن تقويس الإنسانية بفارقتي القوس الأوربيتين يدل على الاعتداد غير المتبصر في الذات.فان معطيات علماء الاثار والايكلوجيا اثبتت بما لايقبل الجدل عن تاسيس نموذج الدولة الاول في بلاد سومر على ارض العراق وبذلك تنسحب زمنية المواطنة إلى زمن اسحق من روما وأثينا وان شكلا أوليا للمواطنة بان خلال أعمال تلك الدول العديدة المتعاقبة في بلاد الرافدين ، يتضمن تشكيل مجلس للبرلمان متكون من مجلسين احدهما للشيوخ والآخر مجلس عمومي للنواب تم عقد جلسة لهذا البرلمان بمجلسيه (كل مجلس عقد جلسته على انفراد) في حدود3000ق.م ليقرر مصير البلاد في الحرب بحسب الطلب الذي تقدم به ملك (أرك) جلجامش ( السلطة التنفيذية) إلى ( السلطة التشريعية) المجلسين المذكورين بالتعاقب من اجل حل الخلاف مع دولة كيش وحاكمها (أجا) ، كان الطلب الذي تقدم به جلجامش من اجل توضيح الموقف بين الاستسلام لدولة كيش او محارتها فبينما صادق مجلس الأعيان أو الشيوخ على الاستسلام ، صادق قرينه ( مجلس العموم) على الحرب وبذلك أعلن جلجامش الحرب على كيش وانتصر عليها، ليس عبثا ان يقول صموئيل نوح كريمر إن التاريخ يبدأ بسومر ،إن اكتشاف السومريين يعني اكتشافنا لذواتنا والبحث عن مكنوناتنا الحضارية المختفية وراء حجب منيعة.
لكن ليس لنا أن ننكر بان مفهوم المواطنة بدلالته المعاصرة لايمكن ان يكون في هذا المستوى المتطور دون النهضة الفكرية الأوربية ودون مخاضات استقلال الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776م و المبادئ التي جاءت بها الثورة الفرنسية في عام 1789م .
نشوء الدولة أفضى إلى إنتاج شكل المواطنة، لابد إذن من الدخول إلى فهم الدولة ، على الرغم من إني لا اطمئن كثيرا إلى الدولة إلا إني أراها من خلال معطيات الأمر الواقع على انها الحتمية الصادقة الوحيدة فبالرغم من زمانيتها واستحالاتها المتنوعة الا انها امر واقع وحتمية ملموسة،وان الطريقة التي نؤسس بها علاقاتنا مع الدولة تشكل حيز الدلالة لما ندعوه بالمواطنة.
نستطيع ان نخرج بكمية حسابية لكمية الإحساس النابع من تلك العلاقة يضاهي عدد السكان ، وعلى أهمية هذه المركبات الحسية لا نستطيع ان نخرج منها بتعريف نهائي وخالص ونقي وغير مشوه للمواطنة، إن تكرار التعريفات وتزاحمها يشكل عناء فكريا وحاجزا صلدا أمام الفهم ، وان أي مضاف كمي في منظومة التعريف لا ينطوي على أهمية ما ،فالمواطنة أخذت تعريفا نهائيا أكيدا عبر واقعية التبادل بين نسقي التشكل، الدولة – الفرد.
لا أريد أن أضيف تعريفا جديدا للمواطنة لان محاولة مثل ذلك تعد ضربا من الحماقة من ناحية ، ولا تخلو من تناص غير شريف من ناحية أخرى ،لكن التحليل والوصف قابلان جدا في مهمتنا، أرى ان المواطنة دلالة على بنية وليس دلالة على عنصر آحادي منفرد، المواطنة مركب علائقي، يوجد بدلالة غيره ، وان التعريف لايمنحه شرعية الوجود ، انما هو صياغة للاكتشاف،
وبما ان المواطنة دلالة على العلاقة بين مركبين، فان صفاتها تبدو خاضعة إلى محتوى والى صفات تلك العلاقة.ان المدينة ودولتها في بلاد الرافدين ومن ثم التصدير التلقائي للمفهوم إلى بقية الشرق والعالم ، بحيث أن خصائص الدولة السومرية لازالت تحافظ على خصائصها الأساسية في أية دولة معاصرة، لقد فرضتعلى مواطنيها الإتباع الجبري وقوة الشد إلى مركزيتها ، وبدا المواطن مثل جرم يدور في مدار الدولة،ان ذلك النموذج يبدو صارخا في سياقات الدولة العبودية، ذات الهيمنة الميثولوجية ( الايدولوجيا) في تطويع العبد برضاء تام لان يسير إلى حتفه ويدفن حيا في قبر سيده المتوفى.
إلا أن سيرورة العلاقة قد تأخذ أشكالا مختلفة حسب الأدوار الحضارية المختلفة ،وقد أنتجت الرأسمالية نوعا من التبادل ألعلائقي يسمح للفرد المهشم والمقصي على خط التاريخ لان يأخذ فرصة في استعادة الوعي أو الروح.
الوعي نحو المساواة في مساحات التمثيل الديمقراطي ، تلكم الوصفة المؤنسنة، التي تفيد الدولة ذاتها في إنتاج عوامل القوة والاستمرار والتأييد ، لقد وجد الإنسان نفسه في صحوة ممكنة نحو الحلول واستيقاظ انسنته الغائبة، الطريق إلى الحل الممكن وليس الوحيد والحتمي.
فالإنسان ابتدأ بالرأسمالية تاريخا مغايرا لتاريخه السابق ، اختصر معناه المتراكم جميعا في تاريخه الجديد، دون ان يمنح فيتو مطلقا ضد التأسيسات الأولية، بل ان بقاءها التصاعدي في كينونته يتشاكل عند أية أزمة في نمطيات صلدة حادة وثابتة، أعراق ، اثنيات، أديان، مذاهب، ووو . أن الرأسمالية عملت على قنونة محصلة هذه القوى في كينونة إنسانها ، لتخرج مفهوماتها الدلالية المعاصرة ، وذلك هو سر حداثتها، وقوة وجودها،اما سكان الشرق والذين نحن منهم فلم نجد الطريق الى صافي معادل القوى، ولذلك لم نتمكن من تأسيس حداثتنا، رغم المحاولات التي تبدأ ولا تستمر طويلا، واكتفينا باستيراد الحداثة التي لم تجد طريقها الى المعيشة بين ظهرانينا ، لانها محصورة في فضاء صراع واحتدام القوى التي تبحث عن نتيجة لازمتها، فالطريق الى الحداثة (والمواطنة مفردة منها ) لا يمكن ان يكون مصنعا خارج رقعة الصراع ، انه حاصل جمع النتائج وخلاصة للصراع.
اميركا امة ديمقراطية تتكلم اللغة الانجليزية في عمومها لكن لااحد يقول انها انجليزية بل أميركية وليس من مواطن ينظر الى بريطانيا على انها البلد الام ، لان بين البداية القلقة المتطلعة والنهاية المستقرة جرت الكثير من العمليات اللوجستية في سياق صناعة النموذج الأمريكي النهائي للمواطنة،في النهاية لم نجد اثر لتعدد الهويات فالذي جرى عمليا هو تذويب التعددية في نموذج واحد نهائي صالح للعمل، هو المواطن الأمريكي فقد جرت استخدامات فائقة ومتنوعة للقوة، فصناعة المواطنة عملية صعبة بالقياس ، وليست رغبوية حلمية انها فرض عين، تمارسه القوة الصاعدة .وليس اختيار طوعي ساذج ،إن للحداثة منطق نستطيع ان نتلمسه، من قوة انكار القوى الخصيمة له، وشدة مقاومتها ورفضها له.
ذلك الحديث يفتح لنا الطريق الى المواطنة ليس سهلا بالمرة من الوصول الى صيغة نهائية لتعريف المواطنة العراقية وفق ادوار الاستحالة التي يمر فبها الفرد في علاقته مع الدولة، من ناحية، ومن شكل العلاقة التي أقامتها الدولة مع المجاميع البشرية التي يحتمي الفرد وراءها من جهة ثانية.لان العراقي كائن منصهر في هوية جمعية على طول خط الهجرة التاريخي الى العراق كبلاد للخصب ، ان دجلة والفرات وما بينهما وما حولهما من الخصب كان دافع الهجرة الاثنية من الجهات الأربع، والحقيقة ان أثنيتين هما من تسيد مساحة النزول الى مسار النهرين في العراق وهما سكان الجبال أي الأكراد من جهة الشمال والشرق والقبائل العمورية والعربية فيما بعد من جهة الجنوب والغرب ،لينتجا هوية عراقية هي هوية الطين او صناعة الطمي.....
شكل محتمل للمواطنة الديمقراطية
ان عراق مابعد2003 شهد صراعا دمويا مؤسفا تضافرت عوامل مختلفة في تأجيجه وإشعال ناره لتأكل الأخضر واليابس وتهدد بإضرام حرب أهلية لتأتي على ما تبقى منه،ذلك هو نزاع الهويات الفرعية الذي اشتد في ظل غياب دور الدولة العراقية و تم تغذيته إقليميا وعالميا ، إلا أن الدولة الجديدة ورغم حداثة عهدها وصغر حجم قوتها أمام التحديات نجحت في طرح مشروعها التوازني ( المصالحة الوطنية) الذي كتب على يديه النجاح في إطفاء حدة النزاع وتخفيفه كثيرا، ليحل سلام الطوائف، رغم ما يصاحبه من قلق وعدم استقرار يلوحان بالعودة إلى نقطة البدء، ان المصالحة الوطنية كمشروع نجح في استنفاذ مهامه من بسط سيطرة الدولة على عموم البلاد و حصر السلاح بيدها في الأعم الأغلب وأخيرا طمأنة الطوائف في انسيابية حقوقها في العراق على قدم المساواة فالعراق ليس لأحد دون آخر،ذلك مشهد المصالحة الذي أرى ضرورة مغادرته ، فقد أدى مهمته، وان الحكمة تقتضي أن تغلق ملفاته لبداية برنامج أكثر اتساعا وجذرية هو مشروع المواطنة العراقية.
ضرورة إيراد بعض التعاريف القياسية للمواطنة لاستكمال بقية الحديث:
فالمواطنة في دائرة المعارف البريطانية ( علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة، وان المواطنة تدل ضمنا على مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات) .وتسير كافة التعريفات في مراجع العلوم السياسية والاجتماعية على ذلك النمط من التقارب الدلالي، وبذلك نستنبط بان المواطنة رابطة مستقلة كامل الاستقلال عن الروابط الأخرى التي تربط الفرد سواء مكنها العرقية أو الاثنية أو الطائفية او الدينية ، وان أي من هذه الروابط لا تستطيع ان تحل محل المواطنة وان حدث ذلك تحت مؤثرات ظروف شاذة او خاصة فان ذلك يؤدي إلى تعطيل مفهوم المواطنة.
إن القوة الديالكتيكية قادرة على إنتاج أطروحة بديلة لكافة اطاريح النزاع القائمة في العراق،وتلك الأطروحة الجديدة هي المواطنة العراقية، وبتفصيل أدق تتم إذابة الهويات الفرعية وصهرها في أنموذج المواطنة ، ليصح بأيدينا دليل إلى تشخيص ماهية المواطن العراقي بأنه الفرد العراقي الذي يرتبط قانونيا بالدولة العراقية ضمن ميزان الحقوق التي تقرها قوانين الدولة وعليه مسؤولية تنفيذ الواجبات التي تقرها هذه القوانين.

العلاقة واضحة بين الفرد والدولة بتلقائية ومباشرة دون المرور بمتاريسه القديمة، ان العلاقة لاتمر عبر مرشح الطائفة او العرق او المذهب او الدين او الجنس ، بل علاقة نقية صافية دون شائبة تفترض مساواة مطلقة بين جميع الافراد.
ان العربي في العراق ( السني ، او الشيعي) لا يمتلك مشروعا قوميا وإنما يمتلك مشروعا طائفيا فقد اختزل المشروع القومي عند كليهما ليكون مشروعا طائفيا، وفي المواطنة الجديدة يجب انتفاء هذا الانتماء وإزاحته إلى مصاف العنديات الثقافية لاغير، وليس من جدوى في بقاءه مركبا مزاحما لهوية المواطنة الجديدة، فلقد سعى مشروع الوحدة العربية الكبرى طائرا وماشيا وزاحفا دون ان يحقق من حلمه بوصة من مساحة الأرض، فمن الخطل ديمومة العرب العراقيين الاتكاء على ذلك الحلم المزيف ، ان بناء دولتهم الجديدة هي سر قوتهم وتحقيق إنسانيتهم، لابد من ازالة التنظير القومي العتيق ضد مشروع الدولة الوطنية التي وصفها في أدبياته بالدولة القطرية الخائنة،ان أي مشروع دولتي مزاحم لمشروع الدولة الوطنية هو مشروع تضليل وتعمية عن جادة الطريق، لابد من التنبيه إلى مخاطره،مثل الدولة العربية الكبرى او الدولة الإسلامية الواحدة او دولة الهلال الشيعي او ماشابه ، وذلك يسري بنفس الدرجة على باقي العراقيين من تزكمان وكلدو آشوريين وايزيديين او صابئة او شبك او بهائيين او أرمن ،أما المواطن العراقي الكردي فان الأمر لا يختلف معه طبعا،وعليه مغادرة المحطة القومية إلى محطة المواطنة ،والتخلي بشكل واضح وصريح عن أحلام ماوراء العراق في بناء كردستان الكبرى وغيرها من مشاريع ثقافة القرن العشرين التي تتكئ على مباديء حق الشعوب في تقرير المصير، التي واجهها القرن الواحد والعشرون بحلول الديمقراطية في تقرير المصير.
مخاطرمحتملة ضد مشروع الدولة الوطنية
1- الدستور العراقي: ان تناقضات الدستور العراقي تشكل واجهة الاجهاض الاولى لمشروع الدولة الوطنية وبناء المواطنة ، نحن نعلم ان الدستور جاء توافقيا ارضاءيا في ظل احتدام ازمة الصراع الاقوامي والفئوي وتحت مظلة مشروع المحاصصة الطائفية سيء الصيت، فان اعادة النظر بمواده بما يتوافق مع مشروع بناء المواطنة الديمقراطية الحرة امر ينطوي على اهمية قصوى تتطلب قوة مبدئية ،فالمادة الاولى تحما شقين لاسبيل الى توافقهما،ولا تتيح انسيابية المساواة بين المواطنين فالشق الثاني الذي يلزم بعدم التعارض مع الديمقراطية ، جاء مقيدا ومرهةنا بسابقه ان علماء الديمقراطية، يشيرون الى تعطيل مفهوم المواطنة لوجرى تعطيل او خرق في حقوق فرد واحد ، فكيف والعراق بلد متعدد الاديان، ان الحيز الاكبر في تأثير هذه المادة يتجاوز الاختلاف الديني ليؤثر في مساحة اشمل هي مساحة الجنس الاخر(المرأة) ان احكام الشريعة الاسلامية تختلف تماما عن القانون المدني في مسألة حقوق المرأة ، وبذلك لانستطيع ان نضمن مواطنة سليمة لاكثر من نصف المجتمع ، ناهيك عن تمترس العرف وراء الدين في هذه المسألة تحديدا. ان العرف الذكوري بدهاءه المكتسب طيلة خمسة الاف عاما قادر على جعل المراة خالية الوفاظ من حقوقها المدنية ، ويستطيع ان يحيدها في ان تكون قوة معادلة للرجل ومساوية له،ولو اخذنا عبرة من التاريخ فساضرب مثلين حيين من ذاكرتنا التاريخية عن امراتين رائدين هما فاطمة الزهراء(ع) والسيدة عائشة (رض) ان موت فاطمة المبكر ماهو الا جزء من مؤامرة ذكورية احيكت ضدها لابعاد النساء عن أي دور في الدولة الجديدة ، سيما ان فاطمة هي بنت مؤسسة النبوة ،ولا زلت اعتقد ان الحياة لو امتدت بهذه السيدة الجليلة لكان وضع المسلمين والمراة تحديدا في شكل مغاير تماما،اما السيدة عائشة فهي زوجة النبي (ص) وصارت بعد وفاته مركزا حيويا مهما تم اصطيادها في شبكة الاحتيال الذكوري لتكون جزء من المؤامرة ضد الخلافة،وجزء من الصراع على السلطة، وبنهاية الامر تم تحجيمها عن دورها الانساني الحقيقي وعزلها بالتمام مما افقد النساء رمزا ثانيا من قيادتهن ....انا لا اقول ان الديمقراطيين اقل شرا وخطرا على النساء ، فلو ناخذ مسألة واحدة يتبجحون بها على انهم اوصلوا المراة لان تكون قاضيا في المحاكم الشرعية،ونسوا انها اصبحت قاضيا مسخا حين يحكم على ابناء نوعه من النساء باحكام الذكور، وفعلت ذلك مفوضية الانتخابات مع الناشطة النسوية زكية خليفة في الانتخابات العامة الماضية اذ لم يحسبوا لها من باقي الاصوات رغم حاجتها الى 18 صوتا فقط بينما منحوا ذلك الى رجال كانت تنقصهم خمسة الاف صوتا.
كذلك فان المادة(41) من الدستورتعمل على تأبيد التنوع والاختلاف في المجتمع العراقي وتحول دون بناء علاقة مباشرة بين الدولة والافراد.
اما المادة (140) من الدستور فهي مادة تختزن في جعبتها بارودا كافيا لاجهاض مشروع بناء الدولة الوطنية لانطوائها جملة من العمليات الاساسية كالتطبع والاحصاء والاستفتاء وهذه العوامل تتركز حول تجذر عرقي مكشوف لاعلان موقف مدينة كركوك عرقيا، وهذا يناقض مفاهيم المواطنة الديمقراطية ويؤسس الى مجالات صلبة منافية ، فاذا ايقنا بانا جميعا عراقيين فلماذا يتم اعلان كركوك عرقيا؟ انها ميتافيزيقيا الامة ولاهوتيتها.
الفدرالية:
إن التباس مفهوم الفيدرالية بين قيمته الحداثية الحية وبين تأطيره عراقيا في توزيع جغرافي طائفي – عرقي يحول دون تحقق المواطنة العراقية ، فقد طرحت الفيدرالية في الازمة السياسية العراقية على انها خطا مقدسا ، اوحكما اكتسب الدرجة القطعية والنهائية.فاي فرصة لمناقشته تعني الاخذ من جرف الحقوق القومية ، وذلك بحد ذاته خروجا على التقاليد الديمقراطية ومجافاة لها.
قوة المشاريع القديمة
ان القوى التقليدية قد اكلت مخزون الامة من الحداثة وفتحت الطريق امام تصلباتها الفكرية لمواجهة مشروع الدولة الوطنية المعاصر في العراق،فتيارات الوعي الرئيسية في العراق(الاسلامية- القومية – الماركسية)انتجت نموذجا يواكب سيرورتها الفكرية، ومن المؤسف ان اغلبية الهرم العراقي الجديد ينتمي الى نفس هذه القوى، الي لم تبد قناعتها من مفهوم المواطنة الا بما يواكب جذورها المعرفية.واستطاعت هذه القوى ان تلعب دورا بارزا في تفتيت وتضييق وتشويه مفهوم المواطنة الديمقراطي ، عبر مراحل تاريخها واستحكامها بالمقدرات اثناء فترات حكمها المختلفة.انها تعاني ازمة بنيوية في التساوق مع متغيرات العصراو عصر التحول نحو الديمقراطية، فان تصلبها الايديولوجي( يمنع تحولها من الثورة والعنف والراديكالية الى ثقافة النهضة والتنوير) ، مما اعجزها عن اصلاح بناها السياسية وإحالتها إلى بنى توليتارية استبدادية قوضت البنى الاجتماعية والنسيج الوطني ووصلت اخرا الى انهيار الدولة.


الليبرالية الجديدة
ان مشروع الولايات المتحدة الامريكية المبتنى على العولمة الراسمالية هو مشروع الليبرالية الجديدة في العالم،يهدف هذا المشروع الى تفكيك لمواطنة، بعد تغييب دور الدولة الوطنية من خلال تضعيف دورها في الاداء الخدمي،وتشتيت دائرة الانتماء الى هويات فرعية مختلفة،كتجمعات صلبة في اطار الدولة الوطنية ، والتحول التام الى اقتصاد السوق وفتح دائرة الاستثمار غير المراقب في البلد .
اسباب مختلفة
هناك جملة عوامل متداخلة التأثير تعمل كمعرقلات في طريق بناء الدولة الوطنية وتخلق ريبا واسعا في ظنون المواطنين مما يضعف منظومة الولاء الوطني ويربك تلك العلاقة المميزة بين الفرد والدولة منها: الفقر والتخلف وانعدام الخدمات وسوء التعليم ، والفساد الإداري وعشوائية التخطيط ، وتفاقم الوضع الامني وبقاء تركة الميليشيا ،ولامبالاة الدولة تجاه قضايا المواطنين الاساسية ، وعدم انطلاق مشاريع تنموية جادة، والهجرة الحادة من البلد وفي داخله.
نأمل ان نكون قد ساهمنا في جزء متواضع من التعريف في مفهوم يعد حجر الارتكاز في إرساء منظومة الحل للقضية العراقية التي استنفذت الطاقات البشرية والمادية والزمن ووفقنا في التقرب من اهميته كقيمة ضرورية للتحول و بناء المدنية والحضارة في العراق.



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماهير اليسار في العراق بين استبداد الماضي وتعسف الحاضر
- لائحة الارهاب العراقية- وسائل تعرية الملثمين
- ديخوخرافيا
- المعجزة و مقامُ النوّرِ
- الثديال- قصة قصيرة
- عدم إرتقاء العقل العراقي الى التمثل الابستمولوجي لصناعة الحا ...
- اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال ...
- اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال ...
- التاريخ لايجلس القرفصاء..إختصارات موجعة في الذكرى السادسة لإ ...
- المتاهة المهذبة في الدوران حول النص المشرعن للسلطة الغائبة ( ...
- أوباما والحلم الامريكي المفقودهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
- قتلتنا الردة ،دلالات في سوء القصد
- الهجنة المدينية في مثقف اليوم، السائد منه انموذجا!
- تمائم الكاهن الاخير.....(2) قصص قصيرة جدا
- تمائم الكاهن الاخير.....(1) قصص قصيرة جدا
- حيادية عالية &الخصاء المؤبد
- المفكر والناشط العراقي في حقوق الانسان الدكتور تيسير عبد الج ...
- احلام في زقاق منسي
- صناعة الاختلاف في غياب المنهج
- فاضل المياحي.... تأسيسات متأنية في الاغنية السياسية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل الدلفي - حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية