أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس ولد القابلة - المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالمنطقة















المزيد.....


المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالمنطقة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 08:39
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ظلت العلاقات الجزائرية المغربية على مستوى التسلح مطبوعة دائما بالتنافس. وأكد تقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن، أن ثمة تنافسا حادا وكبيرا بين الجارتين، المغرب والجزائر. حيث لم يقتصر الصراع على اقتناء السلاح، وإنما هم كذلك التنافس حول تأهيل العنصر البشري والتحديث التقني، وقد تناسلت عدة أسئلة من أبرزها: لماذا تتسلح بلادنا، هل ردا على الجزائر أم اسبانيا؟


وافق الكونغرس الأمريكي مؤخرا على طلب المغرب، الرامي إلى شراء طائرات مقاتلة كان قد تقدم به إلى وكالة التعاون والأمن الدفاعي الأمريكي في دجنبر 2007.

تبلغ قيمة هذه الصفقة 24 مليار درهم لشراء 24 مقاتلة من طراز "إف16" لتحديث الأسطول الجوي للقوات المسلحة، التي لا تتوفر إلا على سربين من مقاتلات "إف5" وسربين من طراز "ميراج إف1" وطائرات نفاثة من طراز "537". وقد عوضت هذه الصفقة، تلك التي كانت بلادنا ستعقدها مع فرنسا لاقتناء 18 مقاتلة من طراز "رافال" بما قيمته 26 مليار درهم، إلا أن هذه المفاوضات فشلت مع شركة "داسو". وحسب خبراء الشؤون العسكرية بالمنطقة، كانت طائرات "رافال"، ستمنح للأسطول الجوي المغربي تفوقا وأفضلية، على حساب الجزائر من حيث القدرة والكفاءة، لكن القائمين على الأمور فضلوا اللجوء إلى واشنطن، لأن التكلفة أقل (أكثر من الثلث) مادامت الأسلحة المقتناة من أمريكا ستساهم في تحقيق السياسة الأمنية الخارجية لواشنطن، من خلال تعزيز قدرات بلادنا المدعمة لجهود أمريكا في حربها على الإرهاب.
فهناك سباق مكشوف وسباق خفي على التسلح بين الجارين، ومن مؤشرات هذا التسلح الخفي قضية قرصنة باخرة روسية محملة بالصواريخ كانت متجهة إلى الجزائر.

ظلت الجزائر تسعى لتقوية سلاحها البحري، وقد أبرمت مؤخرا صفقة لاقتناء 100 طائرة مروحية (من نوع "أ109" و"آل إي واش" و"أي ديبليو 139") وست فرقاطات حربية بقيمة 4 ملايير أورو (ما يناهز 44 مليار درهم)، من إيطاليا. وذلك بعدما فشلت مفاوضات اقتناء نفس الفرقاطات من فرنسا، إذ قام قصر المرادية بتوقيفها (المفاوضات) حالما قررت باريس تزويد الرباط بنفس البوارج. ويذكر أن هذه البواخر الحربية من نوع "فرام" التي تعتبر من أحدث الفرقاطات والمجهزة بأنظمة صواريخ أمريكية الصنع مضادة للغواصات والسفن الحربية، وقد فاوضت حولها الجزائر مع مجموعة "فيكاتيري" العمومية.

وستضاف الطائرات الجديدة، التي اقتنتها الجزائر، إلى أسراب "إيكوراي" و"أوروكوبتر" المشترات من فرنسا حديثا.

وقد أظهر البنتاغون تحفظا على بيع الفرقاطات المجهزة بأنظمة الصواريخ الأمريكية للجزائر والتي تبلغ كلفتها 44 مليار درهم.

من جهة أخرى كشف التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي الصادر هذه السنة (2009)، أن الجزائر حصلت على طائرات تجسس أمريكية حديثة ومعدات الكترونية وأجهزة رؤية ليلية، وهي طائرات استطلاع دون طيار من الجيل الثاني مجهزة بصواريخ جو ـ أرض، إضافة إلى طائرات قتالية متعددة المهام، وقد تسلم قصر المرادية هذه الأسلحة في غضون السنة الجارية.
وقد أفاد مصدر جزائري، أن هذه الطائرات أقتنيت للتصدي لعناصر تنظيم القاعدة في الساحل وجنوب الصحراء، تنفيذا لاتفاق سابق بين الجزائر وواشنطن.

ويضيف التقرير أن الجزائر، حصلت كذلك على طائرات ودبابات وصواريخ وأنظمة دفاع جوية روسية متطورة، كما أبرمت الجزائر صفقة بقيمة 70 مليار درهم مع روسيا لتطوير سلاحها البحري، بمساعدة كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا. كما أكد أن الجزائر تحصل على معونة عسكرية أمريكية تقدر بـ 700 ألف دولار سنويا، والغريب أن التقرير الإسرائيلي لم يتطرق للتسلح بالمغرب ودول المنطقة، علما أنه اعتمد على تقارير الكونغرس الأمريكي في هذا المجال.
ويرى جملة من الخبراء العسكريين أن الصراع الفرنسي الأمريكي ساهم بشكل كبير في احتداد سباق التسلح بين المغرب والجزائر، سيما وأنه ترجم على أرض الواقع بنوع من التنافس حول تزويد المنطقة بأسلحة عبر صفقات ضخمة أسالت لعاب القائمين على الصناعات العسكرية، وزاد من حدة هذا التنافس اختلاط الحسابات الأمنية والسياسية والاستراتيجية والاقتصادية، وبذلك تم تحويل أموال ضخمة إلى الغرب عوض تخصيصها لتنمية البلدين.

منذ أكثر من سبع سنوات ومنطقة المغرب العربي تعيش سباقا نحو التسلح، إذ ظل كل من المغرب والجزائر يعملان على تجديد ترسانتهما العسكرية وتخصيص ميزانيات ضخمة للدفاع. وقد وجدت بلادنا نفسها مضطرة لتخصيص ميزانية إضافية لضمان درجة مقبولة من التوازن مع الجارة الجزائر الغنية بالنفط والغاز.

إن عين المغرب على الجزائر وعين هذه الأخيرة على المغرب بخصوص ما يرتبط بالقوات المسلحة والسلاح والعتاد، ومجهودات التمكن من التكنولوجيات الحربية الجديدة، فالجزائر تعلم بدقائق الأمور المرتبطة بأسلحة المغرب وجنوده، وكذلك الأمر بالنسبة للمغرب بخصوص الجيش الجزائري.

إلا أن موضوع اقتناء الأسلحة مازال يلفه الغموض، اعتبارا للسرية المضروبة عليه من طرف البلدين معا.


ميزانيات الدفاع

أخذت ميزانية الدفاع برسم سنة 2009 بعين الاعتبار الارتفاعات المقترحة من طرف الجنرالات، إذ تم تعديلها من 26.8 إلى 34.70 مليار درهم.

ومقارنة مع ميزانية سنة 2008، لم تعرف ميزانية سنة 2009 سوى ارتفاعا طفيفا لم تتجاوز نسبته 0.27 بالمائة، علما أن ميزانية سنة 2009 أولت اهتماما خاصا لتطوير وحدات القوات الجوية (اقتناء طائرات ومعدات ورادارات أرضية وجوية).

وحسب مصدر، لم يرغب في الكشف عن هويته، خطط المغرب لبرنامج تسلحه سعيا لتحقيق نوع من توازن القوى في المنطقة، خصوصا وأن الجزائر أولت أهمية خاصة للتسلح خلال السنوات الأخيرة.
بينما كشف تقرير الكونغرس الأمريكي النقاب عن إحدى الاتفاقيات العسكرية بين الرباط وواشنطن، والمتعلقة باقتناء 21 طائرة مقاتلة قيمتها مليار درهم، إذ تعتبر بلادنا أكبر مُقْتَنٍ للسلاح الأمريكي في العالم النامي خلال السنة الماضية (2008)، بعد الإمارات العربية المتحدة والسعودية. في حين أكد تقرير البنك الدولي أن بلادنا هي ثالث أكبر قوة عسكرية في القارة الإفريقية بعد مصر والجزائر. واحتل المغرب الرتبة 20 على الصعيد العالمي بخصوص اقتناء الأسلحة حسب عبد الرحمان مكاوي، خبير الشؤون العسكرية، الذي أكد كذلك أن الجزائر اقتنت ما قيمته 75 مليار من الأسلحة مصدرها روسيا، علما أنها تقتني بعض الأسلحة أيضا من البرازيل وبعض الدول الأوروبية.

وإذا كانت قيمة مشتريات المغرب للأسلحة الأمريكية تفوق 54 مليار درهم، فإن المساعدات المباشرة الأمريكية لبلادنا تبلغ بالكاد 100 مليون درهم ولا يستفيد من التدريبات بالديار الأمريكية سوى 70 ضابطا. حسب ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية في إحدى مقالاتها الأخيرة. وكانت بلادنا قد خصصت 34 مليار درهم برسم سنة 2009، للإنفاق العسكري، في حين ضاعفت الجزائر ميزانيتها العسكرية أكثر من 10 مرات لتبلغ حاليا 55 مليار درهم.

أما ميزانية الدفاع الجزائرية برسم سنة 2009، فقد فاقت 55 مليار درهم بعد أن كانت سنة 2008 لا تتجاوز 23 مليار درهم لتصل إلى 65 مليار درهم سنة 2009 و 2.5 مليار دولار (25 مليار درهم) سنة2008.

إن ميزانيتي الجيش والأمن الجزائريين تمثلان معا 15 بالمائة من الميزانية العامة للدولة، المقدرة سنة 2009 بـ 80 مليار دولار (800 مليار درهم).

وحسب المحللين الجزائريين، فهذه هي المرة الأول التي تفوق ميزانية الدفاع ميزانيات قطاعات استراتيجية كالتعليم، وذلك لتحديث السلاح والتجهيزات العسكرية وتحويل الجيش الجزائري إلى جيش احترافي استعدادا لمرحلة ما بعد الإرهاب. ويعزو الخبراء تصاعد ميزانية الدفاع الجزائرية إلى خلق وحدات جديدة للصناعات الحربية لتلبية حاجيات الجيش الجزائري اعتمادا على الذات، سيما بالنسبة للعتاد والأسلحة والذخيرة ونقل التكنولوجيا الحربية، وكذلك لدعم وحدة خاصة لصناعة الأسلحة الخفيفة الكائنة بمدينة "باتنة"، ومصنع لإنتاج ذخائر الرشاشات والقذائف الحربية.

لقد استفادت الجزائر من تنامي مداخيلها النفطية والغازية التي جاوزت 100 مليار دولار (أكثر من 750 مليار درهم) لمضاعفة ميزانية دفاعها، سعيا وراء تطوير كفاءات جيشها والفوز بأكبر صفقات التسلح في منطقة المغرب العربي، ولو عبر اللجوء إلى السوق السوداء.

وفي هذا الصدد قال أحد المتتبعين الجزائريين : "عندما تصاب الجزائر بالتخمة من عائدات النفط والغاز، فأول شيء تفكر به هو التسلح، وهذا ما يساهم في انتفاخ أرصدة حكامها وجنرالاتها عوض التفكير في تحسين ظروف عيش الشعب الجزائري الذي مازال يعاني من الفقر والأمية".
ولا يكاد يخرج التبرير الرسمي المغربي عن الفكرة القائلة بأن بلادنا مجبرة على التسلح باستمرار، ليبقى جيشها على أهبة الاستعداد للقيام بمهامه، وليكون بمقدروه مواجهة الأخطار القائمة والمحتلة.

هذا علاوة على أن المغرب مضطر للحفاظ على درجة معينة من التوازن العسكري اتجاه الجزائر والذي بدأ يعرف تحولات جوهرية منذ خمس سنوات على الأقل. ومهما يكن من أمر، فإن الموقف الرسمي، يقر بأن اقتناء الأسلحة ليس الهدف منه الاستخدام ضد الغير وإنما من أجل الردع وتمكين الجيوش من مسايرة ركب التطورات في المجال العسكري.
إن جميع الدول، مهما كانت وضعيتها الاقتصادية والمالية، مجبرة على مسايرة تحديث جيوشها، على الأقل بدعوى تقوية القدرات وصقل الخبرات وتحسين الجاهزية، وإلا لا داعي للاحتفاظ بالجيش.

فما زالت إشكالية التسلح ببلادنا حبيسة دائرة ضيقة جدا، لا تتعدى القائد الأعلى للقوات المسلحة (الملك محمد السادس)، وثلة من كبار الجنرالات، حراس أسرار الصفقات والخطط العسكرية.
وتأمل فرنسا وإسبانيا في أن تجعلا من المنطقة المغاربية وجهة مهمة لمنتجاتهما الحربية، في مناخ إقليمي يميزه تقارب الجزائر مع حلف شمال الأطلسي وتحسن علاقات ليبيا بالاتحاد الأوروبي. وقد نجحت فرنسا نسبياً في توسيع دائرة الدول المغاربية المستوردة لمنتجاتها الحربية. فزيارة العقيد القذافي إلى باريس في بداية هذه السنة، أسفرت عن افتتاح مفاوضات لبيع طائرات مقاتلة فرنسية لليبيا، آنذاك كانت المحادثات جارية لتجهيز البحرية الجزائرية بفرقاطات فرنسية متطورة. أما إسبانيا، وهي الوافد الجديد على نادي دول أوروبا المصدرة للسلاح، فقد حققت هي الأخرى مكاسب مهمة في مجال «اختراق السوق المغاربية» للأسلحة، إذ باعت، خلال السنوات الأخيرة، تجهيزات بقيمة 200 مليون دولار إلى المغرب وبقيمة 110 مليون دولار إلى الجزائر. كما سعت إلى بيع تجهيزات حربية لليبيا فاقت قيمتها 700 مليون دولار.

وما يثير السخرية أن الاتحاد الأوروبي لا يفوّت فرصة إلا ويذكّر القادة المغاربيين بواجب السعي إلى إنشاء «سوق مغاربية مشتركة»، تكون مقدمة لاتفاقيات شراكة أوروبية مع «مغرب عربي موحد». إنه تناقض بين هذه الدعوة، وسعي دول كفرنسا وإسبانيا إلى هدم أسس الوحدة المغاربية الهشة بتسليح دول المغرب العربي بعضها ضد بعض. سؤال يلخص عجز الاتحاد الأوروبي عن توحيد سياسته في المنطقة، بل توجيه هذه السياسة من طرف قطاع اقتصادي هامشي هو قطاع الصناعات الحربية، لا تهمه مصالح أوروبا البعيدة المدى، بقدر ما يهمه إضعاف منافسيه الروس والأميركيين في سوق السلاح المغاربية.

أما التونسيون فيُنفقون على التسلح أقل مما يُنفق جيرانهم لسببين رئيسيين، أولهما أن البلد ليس غنيا بالموارد الطبيعية مثل جارتيه ليبيا والجزائر، وثانيهما أنه اختار منذ الاستقلال حصر القوات المسلحة في دور دفاعي بحت، مع الاعتماد على تحالفات مع القوى الغربية الكبرى لدرء أي خطر قد يأتي من الجيران. مع ذلك طورت تونس تعاونها العسكري مع إيطاليا، إحدى مُزوديها الرئيسيين بالسلاح، كما تُزود كل من فرنسا والولايات المتحدة تونس بأسلحة دفاعية.
وفي موريتانيا ما زالت المؤسسة العسكرية تلعب دورا مركزيا في حياة البلاد، مستأثرة بالإنفاق على السلاح والعتاد . وقد تجدد الاهتمام بالإنفاق العسكري مع توسع ما يُعرف بـ"الحرب الدولية على الإرهاب"، إذ باتت قواتها تشارك في مناورات عسكرية دورية مع بلدان الجوار وقوات أمريكية، كانت آخرها تلك التي استمرت شهرا بإشراف الولايات المتحدة، في منطقة قريبة من العاصمة المالية باماكو، بمشاركة قوات من 13 بلدا أفريقيا.


تحذير العم السام

لقد شهدت منطقة المغرب العربي سباق تسلح اشتد في الفترة الأخيرة، خصوصا بين المغرب والجزائر بسبب خلافهما حول الصحراء، وقد أثار هذا السباق تخوفا، في منطقة المغرب العربي، من نشوب توتر العلاقات بين دول المنطقة، مما جعل الأمم المتحدة ترسل تحذيرا للبلدان المغاربية من اشتداد سباق التسلح بينها.

ما كانت الأمم المتحدة لتُوجه ذلك التحذير لولا أن البلدان المغاربية باتت تحتل المرتبة العشرين بين الدول الأكثر تسليحا في العالم. وطبقا للتقرير السنوي لـ"معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" استأثرت أربعة بلدان مغاربية (ليبيا، الجزائر، المغرب وتونس) بثلث تجارة السلاح في القارة الإفريقية في السنة الماضية، ما شكل علامة قوية على شدة السباق نحو التسلح في المنطقة.
ورغم انتهاء الحرب الباردة على الصعيد الدولي، ما زالت أجواء مشحونة تسيطر على المغرب العربي الذي تعيش بلدانه حالة مُزمنة من القطيعة والصراع، لا تتجسد في المناورات السياسية بين أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وحسب، وإنما تلقي أيضا بظلال كثيفة على علاقاتها مع كبار تجار الأسلحة في العالم. ويمكن القول بأن التحالفات القديمة الموروثة من الحرب الباردة، مازالت تقود سباق التسلح لدى بلدان المنطقة، فالجيش الجزائري الذي تعودت قياداته وكوادره على الأسلحة الروسية، جدد العهد مع الحليف السابق وأبرم صفقات ضخمة ومتنوعة مع موسكو، فيما اشترى المغرب طائرات متطورة من طراز أف 16 من الولايات المتحدة الأمريكية.


جذور سباق التسلح

وتؤكد دراسة لـ "وركاست انترنشيونال"، وهي منظمة مختصة في مسائل الدفاع، أن الجزائر هي إحدى الدول الإفريقية التي تصرف أموالاً طائلة في مجال التسلح. ففي 2008، خصصت موازنتها العامة 295 مليار دينار (4،4 مليار دولار) لوزارة الدفاع، كما أنها صرفت، منذ أواخر التسعينيات، ما معدله 2،3 مليار دولار سنوياً لشراء تجهيزات ومعدات حربية.

ولا يتردد المغرب، حين تعوزه الموارد المحلية، في طلب دعم الدول الخليجية لتمويل بعض نفقاته العسكرية. ففي 2005 أهدته الإمارات العربية المتحدة 40 دبابة كانت قد اشترتها من سويسرا، وفي 2007 أبدت المملكة العربية السعودية استعدادها لدفع فاتورة طائرات فرنسية أراد الجيش المغربي شراءها، رداً على شراء الجزائر لعشرات الطائرات الحربية الروسية الصنع.
لا شكّ أن سباق التسلح في المنطقة المغاربية جزء من مدّ عالمي يفسره تعقد الخريطة الاستراتيجية الدولية منذ 2001، إلا أن له أسبابه الإقليمية الخاصة: الفوز بموقع الريادة المغاربية، خصوصاً وأن قوة "الردع العسكري"، في "إطار النظام الدولي الجديد"، أصبحت شيئاً مطلوباً في سوق التحالفات الجيوستراتيجية.

صحيح إذاً أن دافع الجزائر الرئيسي لتحديث قواته المسلحة، كان هو تدارك تأخر حقيقي في المجال العسكري، تسبب فيه حظر دولي غير معلن على وارداتها الحربية "لمنعها من استعمالها في الداخل"، أي توجيهه ضد التنظيمات الإسلامية المسلحة). إلا أن الدافع الآخر كان هو تحقيق "توازن عسكري" نسبي مع جارها المغربي، خصوصاً أن حلفاء المغرب (أمريكا وفرنسا وإسبانيا) لم يترددوا في تسليحه طوال التسعينيات.

وتعود جذور التنافس من أجل الريادة المغاربية إلى بداية الستينيات، عندما تبين طموح الجزائر المستقلة في التحول إلى "قوة تقدمية إقليمية" تساند حركات التحرر وتربط مصيرها بمصير الأنظمة المناهضة للإمبريالية.

وخلاصة القول فإن سباق التسلح شكل مدخلا رئيسيا للعبة النفوذ التي تمارسها القوى الكبرى الثلاث في المنطقة (الولايات المتحدة، روسيا وفرنسا)، وهي تستثمر الصراع المغربي – الجزائري على الصحراء إلى أبعد الحدود، وكذلك تطلعات القذافي إلى لعب دور إقليمي في القارة الإفريقية، لجعل المنطقة أحد الأسواق الرئيسية لأسلحتها. وعلى رغم النجاح الذي حققه الأمريكيون في كسب صداقة بلدان كانت في المعسكر المنافس أيام الحرب الباردة مثل ليبيا والجزائر، وقطف صفقات نفطية وتجارية هامة فيهما، فإن الروس كانوا أكثر حذاقة منهم في ترويج سلاحهم.

محمد الغماري خبير الشؤون العسكرية
التسلح غير مرتبط بالعلاقات بين البلدين

يرى محمد الغماري، الخبير في الشؤون العسكرية، أنه منذ سنة أو سنتين احتد التنافس من جديد، بين الجارتين؛ فالمغرب يسعى إلى تجديد بعض الأنواع من الأسلحة، وعلى نفس درب التسلح سارت الجزائر كذلك، وكان معروفا أن الأول يقتني ترسانته المسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية والثاني من روسيا.

ويقر محمد الغماري، أن تسلح الجارين غير مرتبط بالعلاقة بين البلدين، وإنما ارتبط بجملة من التطورات على صعيد رقعة جغرافية أوسع من المغرب العربي، إذ بدأ التسلح على صعيد دول أوروبية مقربة منا، كإيطاليا وإسبانيا، علما أن هذه الأخيرة أخذت منذ سنوات تتسلح بكثرة و قوة. مما جعل المنافسة بين المغرب والجزائر أوسع من إشكالية السباق نحو التسلح. ويضيف الغماري.. في السنوات الأخيرة أضحت الجزائر تتسلح بقوة، بل إنها حاولت إنشاء صناعة عسكرية منذ 10 سنوات وبالضبط منذ سنة 1988، وقد اقتنت ثلاثة صواريخ مهمة من ألمانيا، موجهة صوب المغرب الذي تواجهه كذلك صواريخ إسبانيا، انطلاقا من الجزيرة الخضراء ومناطق أخرى قريبة من التراب الوطني. و التسلح الاسباني هو اختيار استراتيجي وليس آني، لأن إسبانيا لن تسمح بأن تكون في جنوبها قوة أكبر من قوتها، وبالتالي فإنها ستسعى لتكون قوتها قادرة على احتواء القوات المغاربية وليس قوة المغرب فقط.

وبخصوص الصفقات، يرى محمد الغماري، أن أغلب صفقات اقتناء الأسلحة أبرمت بين الدول، خلافا لما كان عليه الوضع من قبل، إذ قبل 1988 كانت تبرم صفقات مع جهات خاصة (السوق السوداء)، بخصوص نفس الأسلحة، لكن بثمن أقل إذا ما أبرمت الصفقة بين الدول. ومنذ 1988 بدأت أمريكا تخضع بيع السلاح للمراقبة لتأكيد تبعية الدول إليها، علما أن المغرب والجزائر هما حاليا البلدان اللذان يتوفران على سلاح متطور نسبيا على الصعيد المغاربي، أكثر من تونس، ليبيا وموريتانيا..

فالأسلحة تتقادم وتصبح الدولة مضطرة إلى التسلح من جديد لمسايرة العصر، أي للإنفاق أكثر في مجال لا يخدم التنمية، باعتبار أن الاستثمار في السلاح لم يكن يوما منتجا بالنسبة للبلدان التي تقتنيه، مما يتسبب في إهدار أموال طائلة كان من الأجدى توظفيها في خدمة التنمية.

ويرى محمد الغماري، أنه مادام نزاع الصحراء لم يجد حلا نهائيا، فإن المغرب والجزائر سيظلان في وضعية تنافس وحشية الواحد ضد الآخر. وحسب الأرقام المتوفرة يقول الغماري، بدأ المغرب ينفق أكثر من الجزائر، سيما وأنه اقتنى طائرات وبواخر حربية، لكن منذ سنة 2008 أبرمت الجزائر اتفاقيات لاقتناء صواريخ ودبابات عصرية من روسيا، كما اتجهت إلى ألمانيا لاقتناء أسلحة أخرى، سيما بعد أن اشترى المغرب طائرات وفرقاطات من الولايات المتحدة وفرنسا.
تقلصت دوائر السوق السوداء، التي كانت بالأمس القريب توفر أسلحة بأثمنة أقل وبدون شروط سياسية، من قبيل مطالبة أمريكا لبلادنا بإقامة قواعد جديدة على التراب المغربي أو استعمال القواعد المغربية عند الحاجة. إن الصفقة بين الدول في مجال الأسلحة تجعل الدول المقتنية تضيع الأموال وتخضع لشروط كثيرا ما تحرجها مع شعوبها، لذلك كانت الجزائر تفضل اقتناء أسلحتها من السوق السوداء كلما تيسر لها ذلك، خصوصا وأن أغلب الصفقات الآن تبرم بين دولة وأخرى، هذا في وقت قلت فيه الصفقات بالسوق السوداء بخصوص الأسلحة الثقيلة والمتطورة ، ما عدا بالنسبة للأسلحة الخفيفة التي مازالت تعرف رواجا مهما في السوق السوداء، وهي تباع للدول وللمنظمات، وجهات غير حكومية في جملة من البلدان أحيانا.

ويضيف محمد الغماري، أن صفقة الأسلحة تتم كأي صفقة أخرى، معاينة ومساومة، إلا أن إبرامها يكون خاضعا للمراقبة السياسية، لأن للسلاح جانبا تجاريا كجميع البضائع، لكنه يتطلب نوعا خاصا من الاحتياط السياسي، لأن الدولة "البائعة"، إذا رأت أن نظام الدولة المقتنية يسعى لعدائها، فلن يسمح لهذا البلد باقتناء السلاح. علما أن سوق الأسلحة تعتمد على وسائط سماسرة ولوبيات، وهناك شخصيات موثوقة تقوم بهذا الدور عبر العالم، غالبا ما تكون لها علاقة وثيقة بالدولة البائعة، حيث يجنون من ورائها أموالا طائلة، علما أن هذه التدخلات تتطلب وقتا ومساومات وعلاقات، والوسيط يجني من البائع والمشتري معا. ولذلك فإن أول ما يقوم به البلد الراغب في اقتناء الأسلحة، هو البحث عن وسيط، لكن هناك حالات تعرض فيها الأسلحة على الدولة دون أن تسعى إلى ذلك، وهناك دول هي التي تختار بعض الوسطاء ليقترحوا على بلدان العالم بعض الأسلحة.

أما بخصوص الأثمان والأسعار، يضيف محمد الغماري، فإن الصفقات التي تبرم مع الشركات هي أقل تكلفة وقيمة من الصفقات المباشرة بين دولة وأخرى.





#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ميشيل- الحريزي لغز اغتيال رفيق المهدي بنبركة
- هل هناك فعلا ما يدعو إلى القلق؟
- -المحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه-
- كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على ال ...
- هل ينجح المغرب في امتحان إصلاح القضاء الذي يرسب فيه دائما؟
- حرية العقيدة و التخبط المفاهيمي : في الحاجة إلى العلمانية
- عشر سنوات من -العهد الجديد-: الحصيلة و الآفاق
- لازلنا في مرحلة محاربة الأمية العتيقة
- عندما أصبحوا يصعدون إلى المنبر، أصبحت الدروس خاوية على عروشه ...
- خبايا، طرائف وكواليس الدروس الحسنية في عهد الحسن الثاني
- دعم ليبيا ل -لبوليساريو- دون التفريط في العلاقات مع المغرب
- حوار مع علي سالم ولد التامك/ فاعل حقوقي صحراوي
- اقترح عليه الرئيس بومدين رئاسة -الجمهورية الصحراوية- فغادر ا ...
- المغرب في الإعلام الخارجي
- نمو اقتصاد الدول المغاربية لن يتجاوز 4 بالمائة في 2010
- قضاؤنا نقطة سوداء و فشل الحكومة -مستدام-
- لغة سنوات الرصاص
- صيف -الفياسكو-
- من يمثل 15 مليون مغربي؟
- الفقيد عبد الفتاح الفاكهاني لازلت حيا، رغم رحيلك عنا


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس ولد القابلة - المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالمنطقة