أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من معها















المزيد.....

رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من معها


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 00:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اختارت فتاة مغربية مع مجموعة من أصدقائها الأكل جهارا نهارا في رمضان، ليس على سبيل العبث و الطيش، بل في خطوة محسوبة العواقب و النتائج، أمام الصحافة و الرأي العام الوطني و الدولي، مما يعني أن للفتاة رأي تريد التعبير عنه، أو رسالة تريد تمريرها للسلطة تحديدا قبل المجتمع، و هذه الرسالة تبلورت عن نقاش دام على الأنترنيت عدة أسابيع تناول خلالها قضايا العقيدة بين الفرد و المجتمع، و تمخض عنه عزم بعض الشباب على تخطي الخطوط الحمراء و خوض التجربة - المغامرة و تحمل تبعاتها بشجاعة.
و كالعادة في مثل هذه الوقائع التي تشبه رمي حصاة في بركة آسنة و منتنة، لم تُفهم رسالة الفتاة المعنية، و ضاعت معانيها وسط اللغط و ردود الأفعال المتشنجة التي أفرزت لنا جملة من التعابير و المواقف التي تستحق منا وقفة و لو على سبيل التندر و الدعابة.
صرح المحامي مصطفى الرميد ( من التيار الإسلامي) بأن ما قامت به الفتاة وجماعتها "استفزاز لمشاعر المؤمنين" الذين يصومون رمضان بالمغرب و الذين يبلغ تعدادهم99,99 في المائة ، و سرعان ما صار على "هدي" الرجل مجموعة من الصحفيين من حراس التقليد ودعاة التحريض في بعض المنابرالمحافظة، كرروا ذلك جميعا بقدر من الغباء مثير للشفقة، و لم ينتبه أحد منهم إلى أن النسبة المذكورة تحظى بسمعة سيئة في بلاد العربان و المسلمين، كما أنها نكتة تروى في الدول المتقدمة، حيث هي النسبة التي دأبت السلطات القمعية في الأنظمة العسكرية على إعلانها لعدد المصوتين في الإنتخابات لصالح الحاكم الفرد الأوحد و الأبدي، مما يعني أنها في الأصل رقم يعني في حسابات السلطة "أسكت و إلا ..."، كما يعني أيضا التحدث باسم الشعب رغم أنفه أو في غيابه.
و الحقيقة أننا أمام نفس الظاهرة، بنفس الروح و ذات الأهداف، و لكن في سياق مختلف.
و ما دام الأمر يتعلق بالأرقام و النسب المائوية، فإنه يمنحنا بعض الحرية في المناقشة و الحجاج أو على الأقل في طرح الأسئلة، و إن كان ذلك يزعج بعض مواطنينا من الذين ألفوا تكرار العبارات الصنمية الجاهزة منذ أزيد من خمسين سنة، بل إن بعضها يعود إلى أربعة عشر قرنا !
السؤال الأول هو التالي: من أين حصل أصحاب 99,99 عن هذا الرقم السحري ؟ هل قاموا باستطلاع للرأي في الشارع أم داخل البيوت أم في سرائر و بواطن الأفراد ؟ و إذا صحّ هذا الرقم فهل سألوا الصائمين إن كان "يستفزهم" أن يأكل غيرهم ؟ أليس هذا ضربا من التدليس و التضليل الغرض منه إسكات كل صوت مخالف بحجة أنه "أقلية من الشواذ" لا تذكر و لا يحق لها الوجود و التعبير عن الرأي ؟ إذا دخل الآكلون في حكم الأقلية ألا يعلم المتشدّدون بأن للأقلية حقوق متعارف عليها في العالم الديمقراطي ؟ و هل يتحمل حراس التقليد أن يروا أقلية ما موفورة الحقوق تتمتع بمجالات تعبيرها الخاص في المجتمع و التي لا يحق لأحد حرمانها منها مهما كانت الأعذار و الذرائع ؟
ثم في المقابل هل صحيح أن الذين يأكلون في رمضان و لا يغيرون شيئا من عاداتهم خلال هذا الشهر هم 0,01 ؟ ، هل يعتقد أعداء الحريات أننا نائمون على آذاننا ؟ إن مشكلة الرميد و من معه هي أنهم يقومون بعملية تعميم حالتهم على المجتمع كله، فالسلفي الذي يعيش أجواء الذكر و الصلاة و ينغمس في طقوس الصيام يعتقد بأن الناس كلهم على شاكلته، و لا يرى العالم إلا بلون إيديولوجياه و عقيدته.
إذا لم يكن صحيحا أن عدد الصائمين هو هذا الرقم المثير للسخرية، فما هو الهدف من إعلانه و إشهاره من طرف الذين تزعجهم مظاهر الإختلاف في الحياة العامة ؟ إن الهدف هو الحفاظ على ما هو موجود و تكريس واقع الحال كما لو أنه قدر علوي محسوم، واقع غير متسامح يخفي الكثير من التناقضات و المظاهر اللاإنسانية للسلوك و التفكير دون أن يسمح لأحد بالتفكير فيها أو الدعوة إلى تغييرها، لأنها في مصلحة لوبيات التقليد التي تعتبر هذا الواقع عنصر قوة للسلطة في حراسة المجتمع و ترويضه و الحفاظ عليه في وضعية الولاء، كما أنها في مصلحة القوى السلفية في المجتمع، تلك التي ما زالت ـ رغم هزائمها الإنتخابية ـ تتطلع إلى الحكم باسم الدين و فرض نمطها للتدين على الجميع عبر وسائل الدولة و آلياتها، بينما تشير الوقائع الدّالة إلى أنّ ثمة أجيال جديدة تتطلع إلى هذا التغيير و تحلم به، فمثلما ينخرط الشباب في الحركات الدينية، ينخرطون أيضا في مختلف الحركات العلمانية الأخرى، و إذا لم تسعفهم ظروف مجتمعهم المتخلف بأن يقولوا بصوت عال ما يفكرون فيه كما يفعل أتباع الإسلام السياسي، فإن ذلك لا يعني أنهم غير موجودين، و إنما يعني أن المجتمع الذي أريد له من طرف ساسته أن يظل في وضعية عدم النضج، لم يبلغ بعد مستوى أن يسمح للأصوات المحاصرة بأن تعبر عن نفسها بدون خوف من عقاب أو توجس من انتقام . و لم تكن زينب إلا لسان حال هؤلاء و ما أكثرهم، و إذا كانت قلة الذوق و ضعف الحس الديمقراطي قد حذيا بالبعض إلى مطالبة الفتاة المغربية بمغادرة البلاد إلى "أرض الله الواسعة" باعتبارها فرنسية الجنسية، فإن "المخزن" أرحم من هؤلاء لأنه يعتبر الجنسية المغربية لا تسقط عن حاملها، و لأنه لا ينزع من أحد من المغاربة حق الإنتماء إلى الأرض المغربية.
و بما أنّ زينب ليست لاجئة عند أحد من هؤلاء، الذين لم ينتبهوا إلى أن ما قامت به الآنسة المتمردة يدخل في باب الإرتباط بالأرض و بالوطن، فقد كانت لها الشجاعة في أن تقول ما معناه : " من حقي أن أعيش في وطني كما أريد، خارج القطيع، و بدون ولاء لمعبد أو كاهن". إذ لو كان هدفها السياحة في الأرض لكانت غادرت منذ زمان بلدا لا تشارك " 99,99 في المائة" من سكانه ثقافتهم ( و العهدة على الرميد و من معه).
و الذي زاد من ضعف موقف حراس التقليد في هذه الواقعة، لجوءهم بدون خجل إلى آلية الترهيب و التهديد بانتقام العوام، تماما كما حدث في قضية القصر الكبير، فحسب منطق بعضهم، المجتمع المغربي عبارة عن مجموعة مغلقة من الناس المهيّجين و المهتاجين المصابين بسُعار ديني، و المستعدين للإنقضاض على كل من ظهر منه خلاف ما هم فيه من طقوس و عادات، و الحقيقة أن قائلي ذلك هم الخدام الأوفياء للسلطة القمعية، لأن ذلك هو منطقها منذ عملت جاهدة على إعادة الشعب المغربي إلى وضعية جماعة حنابلة صحراء نجد ، بعد أن أشاعت عن عمد طاعون الوهابية السلفية على مدى 25 سنة، و هي تعتقد بذلك أنها تواجه اليسار الماركسي و الإشتراكي، و إذا كان من المغاربة اليوم من هو مستعد للفتك بغيره بسبب اختلافه عنه، فإن ذلك ليس إلا ثمرة خبيثة لتلك النبتة الغريبة عن التربة المغربية، و التي زرعتها السلطة منذ نهاية السبعينيات، لتعود اليوم و تقول للناس : "الشعب المغربي هكذا و لا ينبغي استفزاز مشاعره الدينية أو المسّ بثوابته". و لست أدري ما هي هذه الثوابت التي تجعل الإنسان عدوا للإنسان.
و الحقيقة أن الشعب المغربي يتجسد في ما قاله لي أحد حراس السيارات عندما اطّلع على ما قامت به حركة "مالي" حيث عقب قائلا : "شغلهم هاداك، و حسابهم عند الله !" . هذا هو الإسلام كما وجدناه عند آبائنا و أجدادنا، إسلام العبادات الشخصي المتسامح و الخالي من المشاعر العدوانية و كراهية الآخر.
ثمة ثلاث قضايا ينبغي تعميق النقاش فيها على هامش ما جرى و هي موضوع مقالاتنا القادمة :
1) قضية الإنسجام العقائدي القسري الذي تفرضه السلطة على المجتمع، و التي تجعلنا نتساءل هل الشعائر الدينية عقائد للمؤمنين بها أم قرارت للدولة تلزم جميع أعضاء المجتمع ؟
2) قضية أسس الدولة المغربية و الروابط الحقيقة التي تربط بين المغاربة، و التي تجعلنا نتساءل : هل حقا أن الدين هو الذي يربط اليوم و في السياق الحالي بين المغاربة ؟
3) قضية تعارض بعض القوانين المغربية مع نص الدستور و كذا مع العهود و الإتفاقيات الدولية التي وقع و صادق عليها المغرب دون أن يلتزم بها. و هو ما يجعلنا نتساءل: لماذا يوقع المغرب على اتفاقيات و عهود إذا كان يعتبر الشعب المغربي ذا مرجعية أخرى نقيضة ؟





#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أخلاق- رمضان
- العنصرية بين العرب و إسرائيل
- أزمة الثقة في المؤسسات
- مهازل الخلط بين العلم و الدين
- حول ما سمّي -الظهير البربري- في الكتاب المدرسي، على هامش الح ...
- ملاحظات حول الكتاب الأخير لمرشد جماعة العدل و الإحسان
- عودة إلى موضوع التنصير و الأسلمة
- الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكا ...
- التبشير المسيحي و التبشير الإسلامي
- ملاحظات حول مفهوم -الأمن الروحي للمغاربة-
- عنصرية إسرائيل بين عصا البشير و عمامة نجاد
- مظاهر الميز ضد الأمازيغ و السود و اليهود بالمغرب إلى الوزير ...
- نداء من أجل الحرية
- أبعاد التواطؤ بين الإسلاميين و السلطة
- لماذا يعيش المغرب حالة بارانويا دينية ؟
- التضامن الإنساني و التضامن العرقي
- حين يباع الوطن و يهان المواطن
- 33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين
- المفهوم اللاديمقراطي للديمقراطية
- الوطنية المغربية و الطابو التاريخي


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من معها