أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناظم الزيرجاوي - تعارض الوجدان والغرائز














المزيد.....

تعارض الوجدان والغرائز


ناظم الزيرجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2789 - 2009 / 10 / 4 - 20:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن جميع الناس يملكون وجداناً فطرياً ، كلهم يعلمون أن الظلم قبيح ويدركون أن الخيانة سيئة ، الكل يرتاحون للصدق ،
ويميلون فطرياً إلى الأمانة والوفاء بالوعد ، كل الناس يستاءون من الخيانة والكذب وبصورة موجزة ،ان الناس جميعاً يدركون حسن وقبح أصول الفضائل والرذائل بوحي من فطرتهم . ولكنهم في مقام العمل قلما يلتفتون إلى نداء الفطرة ، ذلك أن الانسان حر في إطاعة أوامر الوجدان أو الخروج عليها فعندما لا يوجد تعارض أو تصادم بين الوجدان والميول النفسية فان الانقياد للوجدان أمر هين . ولكن عندما تستلزم إطاعة الوجدان الأخلاقي التخلي عن بعض الميول الغريزية فهناك تشتد العقدة ،وفي الغالب تنتصر الغريزة ويندحر الوجدان ، إلا إذا كان الوجدان مستنداً إلى الايمان وكان الاعتقاد الحقيقي بخالق الكون يدعم الصفات الانسانية.
لقد تعرض الصديق يوسف في ريعان شبابه وأحرج مراحل نضجه الجنسي ، إلى أخطر مشكلة منافية للعفة والشرف فقد وقعت امرأة متزوجة في غرامه ، وعرضت عليه التقرب منها.و كانا كلاهما بشرين ولكل منهما رصيد ضخم من الميول الجنسي ولكن قوة الغريزة غلبت على عفة المرأة وجعلتها تطاوع رجلاً غريباً في نفسها فاستسلمت إلى ميولها بينما نجد أن للقوة الايمانية والبرهان الالهي الأثر الفعال في الدفاع عن عفة يوسف وصد تيار الغريزة الجارف . وبذلك حفظ شرفه ، واحتفظ على نقاوة ذيله من دنس الانحراف ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه )

كان ( عبد الملك بن مروان ) يعيش حياة هادئة في شبابه ، وكان إنساناً رحيماً وشفوقاً ، يعطف على الناس ، ولا يحاول إيذاءهم ولا يتحدث عن أحد بشر ، كانت رغباته النفسية وميوله الغريزية مخفية ، وذلك لعدم وجود ميدان لظهورها ، ولم يكن يتصور أنه سيمسك بزمام الحكم في الدولة الاسلامية الواسعة ويتصرف في مقدرات ملايين الناس في يوم من الأيام.
ومرت الأيام بالتدريج ، حتى ظهرت الأوضاع والتحولات المفاجئة التي أدارت سير الزمن لصالحه . فقد تربع أبوه الذي كان والياً في يوم ما على المدينة ثم عزل من ولايته عليها على دست الخلافة ، على أثر التطورات السياسية المعروفة ، ونصب ( عبد الملك ) ذلك الشاب العطوف ولياً للعهد ،
ولم تمضِ أشهر قليلة حتى دس السم إلى مروان ومات فجلس عبد الملك على كرسي الخلافة بعده وهنا استيقظت ميوله وشهواته ووجدت لها مجالاً واسعا ً للمبارزة والكفاح .
لقد كان الوجدان يحكم إلى الأمس القريب في سلوك عبد الملك دون معارض أو معاند ، ولذلك كان يجتنب من الظلم والأفعال الانسانية أما اليوم فقد استيقظت غرائزه ، وتعالت ألسنة نيرانها ، حتى اضطر وجدانه إلى الانسحاب والاندحار أمام تلك الأوضاع ، وكأن لم يكن في باطن عبد الملك وارتكبوا الجرائم الفظيعة التي لا حد لها ولا حصر .
يذكر لنا المؤرخون أنه لما أرسل ( يزيد ) جيشاً إلى مكة لقتل ( عبدالله بن الزبير ) كان عبدالملك يقول العياذ بالله أفهل يجهز أحد جيشاً لمحاربة بيت الله الحرام أما عندما تولى الخلافة بنفسه فقد أرسل جيشاً أعظم بقيادة الحجاج بن يوسف ( المجرم المعروف ) إلى مكة ، وقتل في سبيل ذلك كثيراً من الناس في حرم الله ليقبض على عبدالله بن الزبير وأخيراً فقد حز رأسه وأرسله إلى عبدالملك في الشام وعلق جثته على عود المشنقة .
حينئذً يقول عبد الملك ، إني كنت أتمانع من قتل نملة ضعيفة أما الآن فعندما يخبرني الحجاج عن قتل الناس لا أجد أي قلق أو تأثر في نفسي ، لقد قال أحد العلماء واسمه ( الزهري ) يوماً لعبد الملك ، سمعت أنك تشرب الخمر فأجابه نعم والله ، أشرب الخمر ، وأشرب دماء الناس أيضاً .
ما أكثر الناس من أمثال عبدالملك على مر التاريخ ، وحتى في عصرنا الحاضر . أن الغالبية العظمى من الناس يتبعون ضمائرهم
في الحالات الاعتيادية ولكنهم عندما تثور غريزة من غرائزهم يسحقون الوجدان بأقدامهم ، ويطلقون العنان لميولهم النفسية ، إلا إذا استكانوا بالايمان وتسلحوا به ضد طغيان الغرائز ،
والعقل هو الآخر عامل مهم في التلطيف من حدة الغرائز ، وتعديل الميول النفسانية ، فعندما يكون طغيان الغرائز خفيفاً يستطيع العقل إلى حد ما من تخفيف حدتها . أما عندما يشتد هيجانها ، وتظهر الغرائز بصورة سيل عارم يقتلع كل ما يجد في طريقه فان سد العقل يتحطم وبذلك يفقد العقل الانساني قدرته على المقاومة ، وتندفع نيران الرغبات النفسية كمخزن مشتعل من البارود ، وحينذاك يكون زمام الأمور بيد الشهوة ، تسيطر على الانسان وتوجه كيف تشاء.
يتصور البعض ان ارتفاع المستوى الثقافي ، والتقدم في المدنية قادر على التخفيف من حدة الغرائز الثائرة ، والأخذ بيد الانسان إلى الفضيلة والكمال ... غافلين عن أن قوة التمدن المادية ( أي العلم الفاقد للايمان ) عاجزة عن الوقوف أمام تيار الغرائز ، شأنها في ذلك شأن العقل والوجدان ذلك أن الغرائز والشهوات من القوة في سلوك الانسان بحيث أنها عندما تثور ، ويشتد ضرامها وتندفع كسيل منحدر من قمة جبل ، تدع العقل والعلم والوجدان كقطع الخشب والأحجار التي تنقلع لأول صدمة ، ثم تتقلب وسط الأوحال إلى أعماق الوادي.





#ناظم_الزيرجاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصدر العلم والمعرفة
- الحرية الفطرية
- الفلسفة والمجتمع


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناظم الزيرجاوي - تعارض الوجدان والغرائز