أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - قدري ربانا















المزيد.....

قدري ربانا


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2788 - 2009 / 10 / 3 - 02:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قام معلمنا هذا اليوم بمراجعة سريعة للدرس الفائت والذي كان حول القيمة الأخلاقية ومستوياتها الثلاثة ، المستوى الأول وهو مستوى المفكر والمصلح الذي يفكر بالقيمة لذاتها ، وما هي فائدتها كقيمة للمجتمع البشري ، والمستوى الثاني وهو مستوى عامة المثقفين والكتاب والذين يناقشون تطبيقات القيمة الأخلاقية بيوميات الحياة لدى المجتمع ، والمستوى الثالث الذي يمارسه عامة الناس بممارستهم للقيمة الأخلاقية دون وعي كامل لماهيتها الذاتية والمعنوية ، ودلالاتها المجتمعية ، وفائدتها ، أومدى الضرر الحاصل بالمجتمع عامة وبالفرد خاصة بالتطبيق السيئ للقيمة ، أو بالإنقاص التطبيقي لها .
وأسترسل بعدها ليكمل الدرس ، ولكن كان أن طلب أحد الطلاب مثال تطبيقي لقيمة معينة حتى لا يكون الكلام عام شمولي فقط ، مثال توضيحي يحاول ربط القيمة بالواقع المعاش ، كذا مع أمثلة من التأريخ إن أمكن ذلك .
فما كان من معلمنا إلا الاستجابة للطلب لموضوعيته ، وطلب منا أن نختار قيمة أخلاقية معينة لكي يحاول هو التعمق بمعناها على المستويات الثلاثة .
فطلب كل منا شيئا ، ولكن رسي القرار على قيمة الصدق ، فكان التالي من معلمنا ، حيث قال :
كما نعرف أن الصدق هي من قيم الخير ، وهنا كان سؤالنا التالي : فهل هناك قيم خير وقيم شر ؟ حيث ما دمنا ذكرنا الخير ، فبالضرورة يكون الضد يد موجودا ، وهو الشر .
فأجاب بنعم ، هذا التقسيم ينحى إليه بعض المفكرين وليس كلهم ، وكل الأديان تقريبا ، وخاصة الإلهية ، حيث يتم تقسيم القيم إلى قيم خيرة وقيم شريرة نسبة إلى ما تؤديه من فعل خير بتطبيقها أو فعل شر .
فكان أن أعترض أحدنا قائلا : ولم هناك بعض المفكرين الذين لا يتفقون على هذا التقسيم ؟
هنا جاء الرد بالشكل التالي ، حيث قال أن هؤلاء المفكرين لا يعتبرون أي قيمة هي شر بذاتها أو خير بذاتها ، فالقيمة الأخلاقية خاضعة للتطبيق ، ومفهومي الخير والشر خاضع لثقافة المجتمع بزمن معين ، فما كان خيرا قد يصبح شرا ، والعكس صحيح ، وكذا تقسيم الخير والشر هو قيمة أخلاقية بذاتها ، لذا لا يمكن أن نخضع قيمة أخلاقية لقيمة أخرى لدى هؤلاء المفكرين ، هذا رأيهم ، ولنعطي مثل نوضح مرادهم ، فالقتل بوقتنا الحالي يعتبر قيمة شر ولا خير فيه إلا إن كان قصاصا ، أي عقوبة على جريمة قتل مثلا ، ولكن بنفس الوقت نرى القتل قيمة خير عندما يمارس بالحروب ، لأنه يحقق نتائج للمجتمع الذي يقوم بالقتل ، فالذي يقتل فرد واحد يعتبر قاتل ، والذي يقتل الملايين يعتبر بطل وطني وقومي ، هنا نجد نفس قيمة القتل اختلفت بين معنيي الخير والشر وفقا للتطبيق ، ولنعطي مثال من التأريخ ، أكثرنا قرأ عن الأضاحي البشرية التي كانت تذبح على مذابح ومحارق المعابد توسلا وتعبدا وتقربا للآلهة ، بل أن كثير من المضحى بهم كانوا راضين بذلك ، بل ومقتنعين ، لأي سبب كان ، كأن يكون وعدا بالنعيم الآخر مثلا ، فهنا نجد قيمة القتل كانت قيمة خيرة لدى المجتمع ، بينما هي شريرة بنظرنا نحن الآن وفق قيمنا الحالية .
بينما وفق هؤلاء الفلاسفة فالقتل يبقى قتل ، ولا ينظر إليه كقيمة شريرة أو خيرة ، بل ونحتاج لدرس آخر حتى نرى ما هو الخير وما هو الشر بذاته .
وهم لا يعتبرون الصدق بذاته بقيمة خير أو شر ، ولكن ما يؤدي إليه قد يكون خيرا أو قد لا يكون . فمثلا هناك ما يسمى بالكذب الأبيض لدى العامة الآن ، علما أنه لا يوجد لون للكذب ، فلن نجد كذب أبيض ، أو أسود ، أو أحمر ، ولكن استخدام المصطلح له دلالاته التطبيقية ، فيقصد بالكذب الأبيض أنه يسمح بالكذب ما دام ينقذ الكاذب من موقف صعب ، أو أنه لا يؤدي إلى نتائج سيئة عليه أو على من يهمه أمره ، أو أنه يحقق مصلحة لمن يحب ، ولكن ما زال أسمه كذب ، ولن يتحول إلى صدق بأي شكل كان .
ومن هنا يمكن طرح سؤال مهم ، ألا وهو لماذا نمارس القيمة الأخلاقية ، الصدق مثلا ، وهذا بالضبط ما ناقشه المفكرون والفلاسفة ، حيث جلهم أعتبر أن القيمة الأخلاقية يمارسها المجتمع ليس لذاتها ، بل لما ترده على المجتمع من خير ، بل أن بعضهم قال أن ممارس القيمة الأخلاقية ينظر إلى مصلحته الذاتية أولا قبل المجتمع ، فالصادق يكون صادقا حتى يكسب رضا الناس عنه ، أو حتى يشار له بالبنان مثلا ، ولكن نجد كذلك أن الكثيرين يمارسون الصدق حتى وإن كانت نتائجه وخيمة عليهم لأنهم يؤمنون بضرورة ممارسة القيمة الأخلاقية لذاتها ، فتجد الصادق يبقى صادقا حتى كأنه سيرديه صدقه الموت ، بل وترى ربما البعض ينعته بالغباء لعدم صيانته لذاته .
وطلب بعدها معلمنا عدم التوسع الفلسفي بالموضوع والبقاء داخل مثلنا ، وهنا قال أن الرسول كان يعرف بالصادق الأمين قبل بعثته لصدقه وأمانته ، وهذه الصفة ، يقصد صفة الصدق كانت اللبنة الأولى التي على أساسها تم إيمان المجموعة الأولى ، من خديجة وعلي وأبو بكر ، بل أن صفة صدقه جعلت كفار قريش بحيرة من أمرهم ، فلا يقدرون على تكذيبه لأنهم ما عرفوا عنه كذبا يوما ، كذا لا يمكنهم تصديقه بدعواه للإيمان باله واحد لأنه ينسف من الأساس ما عاشوا وتربوا عليه .
إذن نجد أن الدين استخدم القيمة الأخلاقية وهنا الصدق والأمانة لتعزيز الإيمان لدى الناس ولإضافة مصداقية على الرسالة التي يحملها الرسول ، فالدين الإسلامي بدأ بالأخلاق ، وبني عليها ، وبمرور الدروس من معلمنا سنجد أن الإسلام عزز قيم ، بل وأوجد قيم أخلاقية جديدة لم تكن معروفة لدى سكان جزيرة العرب خاصة والعالم عامة ، كذا فإن الدين الإسلامي لم يقم بنسف كل قيم ذلك العصر بلحظة واحدة ، بل أخذت بالتدريج .
ثم بدراسة التأريخ الجاهلي نجد قيم أخلاقية لم تكن معيبة أو شريرة ، فمثلا وأد البنات كان عادة ممارسة ولم تكن معيبة لدى الكثيرين ، بل ما كان معيبا عندهم هو بقاء البنات أحياء ، ولكننا نعتبرها قيمة شريرة حاليا وفق قيمنا الإسلامية ، أو قيم الحداثة .
كذا نجد عملية الاستبضاع ، وهي إعارة الزوجة لرجل آخر حتى تحمل منه ، كأن يكون هذا الرجل ذو مكانة اجتماعية أو مالية عالية ، فترغب الأسرة بإنجاب طفل منه ، فقد مورست هذه القيمة الأخلاقية قبل الإسلام ، ولم تكن ممارسة معيبة ، ولكننا نجد أنفسنا نشمئز الآن من مجرد سماعها .
من كل هذا نجد التالي ، أن القيمة الأخلاقية متغيرة وليست ثابتة ، وهي تتغير مع تغير حاجات المجتمع ، تغيير معتقده أو ديانته ، وتغيير الزمن ، فما كان ممارسا داخل الدين نفسه بوقت ما ، توقف بعد زمن ، وما لم يكن يمارس داخل نفس الدين في الماضي ، أصبح يمارس بيومنا الحاضر . انتهى درس اليوم ، هكذا قال معلمنا .

محمد الحداد
02 . 10 . 2009







#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نار نور
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - قدري ربانا