أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الفزاع - دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية















المزيد.....

دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية


علاء الفزاع

الحوار المتمدن-العدد: 847 - 2004 / 5 / 28 - 05:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا بد في البداية من التأكيد على أن المعطل الرئيس للديموقراطية في بلادنا هو الجهات الحكومية التي تضع كل العراقيل الممكنة في وجه أي تجمع شعبي قادر على أن يكون له رأي في مسيرة المجتمع. وهي لا يمكن أن تكون غير ذلك، بحكم أن حكومات العالم الثالث عموما تمثل تحالفات مجتمعية ليس من مصلحتها إقرار ديموقراطية حقيقية تتضمن تداول السلطة.
ومن المفترض أن الأحزاب –والمعارضة عموما-بالمقابل هي التي تسعى إلى تمثيل الغالبية الصامتة، وأن تحمل لواء الدفاع عن الديموقراطية. ولكنها الديموقراطية الغائبة. حاضرة في طروحات الحكومات المتعاقبة، بنفس القدر الذي تظهر فيه في طروحات وبرامج معظم الأحزاب. لكنها غائبة عن الممارسة الحقيقية. إن في معظم الأحزاب الأردنية ثباتا في الوجوه القيادية إلى درجة تجعل من شبه المؤكد ألا يختلف أداؤها –فيما لو استلمت السلطة يوما ما- عن أداء بعض الحكومات قاسية اليد.
ماذا يجري داخل حياتنا الحزبية الأردنية؟ وما هي الآليات التي تحكم العلاقات داخلها؟ من أوضح الإجابات على هذه الأسئلة أن روح العمل الجماعي أقل كثيرا مما هو مفترض كحد أدنى لمؤسسات ديموقراطية. العمل بمجمله يعتمد على مبادرات عدد من الحزبيين، يقل عددهم عادة إلى الحد الذي يجعل الأمر في النهاية عمل شبه فردي، غير مؤسسي. ويتعزز هذا النهج الفردي في ظل عدم وجود مؤسسية حقيقية داخل الأحزاب. معظم النشاطات تقوم على علاقات متفرقة بين أعضاء القيادات وبعض أفراد القواعد، دون وجود تسلسلات تنظيمية حقيقية، ودون وجود حدود واضحة لصلاحيات أعضاء القيادات. وفي مثل هذا المناخ تختفي أية إمكانية حقيقية للنقد الإيجابي البناء، ما دامت الخيوط كلها في يد القيادات. وكم من الطاقات أهدرت بسبب عدم قدرة أصحابها على إيجاد خطوط اتصال خلفية مع القيادة.
ولو دققنا لوجدنا أن الأنظمة واللوائح التي تحكم معظم الأحزاب العقائدية هي أنظمة مرتهنة لروح حقبة الأحكام العرفية وظروف العمل السري، قائمة على إعطاء صلاحيات واسعة للقيادات، وعلى أسلوب العلاقة الفردية، لتأمين المرونة وسرعة الحركة، وتلافي الاختراقات الأمنية. ولعل هذا كان مبررا في ظل ظروف العمل السري التي كانت تجعل من المستحيل توزيع الصلاحيات. ولكن العمل الجماهيري الديموقراطي يتطلب أكثر من ذلك بكثير. إن الأساس هو أن يشعر كل حزبي بأنه يشارك في صنع القرار مشاركة حقيقية، وهذا هو أول الطريق نحو تعميم الفكر المدني الديموقراطي في مجتمع عشائري حتى النخاع: عشائرية الدم، وعشائرية الفكر، وعشائرية المصلحة. وحتى يجري اختراق هذه التركيبة لا بد من ممارسة ديموقراطية حقيقية داخل الحزب، تنعكس على عقلية وتصرفات الحزبي، ليكون مقنعا لمجتمعه.
وإذا دققنا جيدا في النظم الأساسية لمعظم الأحزاب العقائدية (ما دمنا لا نعول على الأحزاب البرامجية كأداة للتغيير الديموقراطي) لوجدنا أن هناك هيئة قيادية عليا يتم انتخابها من قبل مؤتمر يفترض أنه هو السلطة العليا للحزب. ويأتي معظم أعضاء المؤتمرات من الهيئة القيادية الحالية، ومن الهيئات القيادية التي تليها مباشرة في السلم التنظيمي، حيث أن القيادات في هذه الأحزاب تأتي بتراتب على درجات من القيادة إلى القاعدة. ويضاف إلى هؤلاء الأعضاء أعضاء متممين منتخبين من القواعد إلى المؤتمر، ولكن نسبهم تقررها عادة الهيئة القيادية العليا وفق ما تراه مناسبا. ونستطيع أن نفهم الصورة جيدا إذا عرفنا سعة الصلاحيات التي في يد القيادة، وبالتالي فإن أعضاء القيادات المتوسطة في حاجتها دائما. وما دامت القيادة ستقرر نسبة الأعضاء المتممين المنتخبين فإنها تستطيع تقليلها إلى الحد الذي يسمح لها بتقرير النتيجة المسبقة لأي مؤتمر. أي أنه من شبه المستحيل تغيير الخارطة في أي مؤتمر، ما دامت القيادات العليا والمتوسطة هي حكما غالبية المؤتمر، إذ كيف نتصور أن تغير القيادة نفسها؟ وهكذا تبرز مفارقة غريبة: يتغير رؤساء الوزارة في الأردن مرة كل سنتين تقريبا، فيما تستمر قيادات الأحزاب نفسها تقريبا لفترات قد تزيد على 10 سنوات أحيانا. وعليه فإن الاختناقات في القواعد تبقى تتفاقم إلى أن تصل إلى مرحلة الانقسام والانشقاق، حيث أن الطرق المؤسسية لا تسمح لها بالتعبير عن نفسها.
وقد جاءت أحداث حزب البعث العربي التقدمي الأخيرة لتكون مثالا نموذجيا على هذه الحالة. إذ تناقلت الصحف اخبار استقالة ما يقرب من 80 عضوا من ذلك الحزب على إثر المؤتمر الأخير الذي عقده الحزب. النظام الأساسي لحزب البعث العربي التقدمي ينص على أن المؤتمر هو أعلى سلطة في الحزب. ولكن كيفية تشكيل ذلك المؤتمر هي لب المشكلة. أعضاء المؤتمر-كما هو مذكور في النظام لأساسي وكما هو مطبق فعلا- يتكونون من أعضاء القيادة المركزية وأعضاء قيادات المناطق المرتبطين مباشرة تنظيميا مع القيادة المركزية، إضافة إلى أعضاء متممين من القواعد من أنحاء الأردن المتباعدة، وفق نسب تقررها القيادة حسب النظام الأساسي. وحسب النظام الأساسي كذلك فإن القيادة المركزية هي التي تعين أعضاء المناطق، وبعضهم تم تعيينه من قبل القيادة منذ سنوات، وبالتالي لا يمكن تصور أن يختلف مع القيادة. وفي مؤتمر الحزب الأخير كان عدد أعضاء المؤتمر يزيد على 90 عضوا، كان من بينهم ما يقرب من 40 عضوا من القيادة المركزية، أو عينتهم القيادة المركزية. وعليه من السهل أن نتصور النتيجة المسبقة لأي مؤتمر.
إن استقالة هذا العدد الكبير من أعضاء حزب واحد-وربما يتلوهم آخرون- يدل على أن هناك غيابا للديموقراطية، يشكو منه غالبية أعضاء الحزب، إلى حد أن عبر عنه بعضهم بالاستقالة. وهذا هو واقع الحال في معظم الأحزاب.
كلنا نشكو من العقلية العرفية التي مارسها الحرس القديم، ويمارسها الحرس الجديد علينا، هذا من ناحية الحكومة. ولكن لا بد لنا كذلك أن نضع أيدينا على خلل من ناحية أخرى يتسبب في سيل من الفرص الضائعة. الأحزاب هي الجهة التي يجب أن نتوجه إليها بالنقد والتحليل، حتى تتجاوز واقعها الحالي، وتصبح قادرة فعلا على حمل عبء مهمة قيادتنا إلى الأفضل، ما دمنا لا ننتظر أن نصحو ذات يوم فنجد أن الحكومة قد أصبحت ديموقراطية.



#علاء_الفزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الفزاع - دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية