أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - السجون السرية وجدار الصمت














المزيد.....

السجون السرية وجدار الصمت


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 19:24
المحور: حقوق الانسان
    


حتى الآن لم يصدر أي تعليق من مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أو من وزارة خارجيتها أو وزارة داخليتها، بخصوص المعلومات التي تسربت عن وجود سجون سرية في مدينة فرانكفورت. والتزمت الصمت أيضاً دائرة المخابرات الاتحادية الألمانية “BND”.

كانت صحيفة “نيويورك تايمز” الواسعة الانتشار قد نشرت تقريراً مفصلاً يوم 13 أغسطس/آب ،2009 يُفصح عن دور مريب لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية “CIA” في إنشاء وإدارة عدد من السجون السرية، منها 4 في مدينة فرانكفورت الألمانية، وأن 3 من هذه السجون تُدار من قبل مكتب فرعي تابع لل “CIA” في فرانكفورت منذ العام 2003.

وقد أسهمت أحداث 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية في تدهور حال الحريات المدنية وحقوق الإنسان في العالم أجمع، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا، لاسيما التضييق على الأجانب وبخاصة من أصول عربية أو من أتباع الديانة الإسلامية، واستخدام إجراءات وإصدار قوانين قيل إنها “احترازية” أو “تحوّطية”، لكنها شكلت انتقاصاً من الحقوق والحريات، بل انتهاكاً سافراً لها.

ليس من المبالغة القول، إن الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، جعلت العالم يعيش حالة طوارئ وأنظمة “عرفية” على المستوى الدولي، وفي ظل قوانين استثنائية، تتعارض في الكثير من الأحيان مع قواعد القانون الدولي ومع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي التي صدرت عقب 11 سبتمبر/أيلول ،2001 لاسيما القرار 1368 الصادر في 12 سبتمبر والقرار 1373 الصادر في 28 سبتمبر ،2001 والقرار 1390 الصادر في 16 يناير/كانون الثاني ،2002 والتي تتناقض في الكثير من بنودها مع قواعد القانون الدولي، خصوصاً عندما أعطت الترخيص بشن ما يُسمى الحرب الاستباقية أو الحرب الوقائية لمواجهة الإرهاب فيما إذا كان هناك خطر وشيك الوقوع ومحتمل.

ولعل هذه التخريجات ليست سوى مفاهيم لا يجمعها جامع مع التطور الدولي المعاصر، بل تنتمي إلى القانون الدولي التقليدي الذي مضى عهده، والذي كان يعطي “الحق في الحرب” و”الفتح”، متى شاءت مصلحة الدولة القومية ومآربها السياسية والاقتصادية، في حين حرّم القانون الدولي المعاصر الحرب، لاسيما العدوانية واللجوء إلى القوة أو التهديد بها للحصول على مكاسب سياسية أو عسكرية، وحددها على نحو ضيق بالتحرر الوطني والدفاع عن النفس.

ورغم الصورة الضبابية عن السجون السرية ونفي أجهزة مخابرات الدول الكبرى وجودها، الاّ أن الرئيس السابق للولايات المتحدة جورج دبليو بوش، كان قد اعترف بها في سبتمبر/أيلول العام ،2006 كونها سجوناً تستخدم لإيواء المشتبه فيهم كإرهابيين، واستعمال أساليب خاصة معهم لانتزاع اعترافاتهم والحصول على معلومات عن التجمعات الإرهابية. وكان بوش قد برر ذلك بأنهم “قتلة محترفون” وأن سجنهم في مواقع سرية أمر ضروري لإخضاع المشتبه فيهم إلى “طرق فعّالة وضرورية وصعبة للاستجواب”.

والسؤال الآن لماذا تبني الولايات المتحدة سجوناً خارجها؟ والجواب يتعلق بالقوانين الأمريكية والدولية التي لا تسمح بوجود مثل هذه السجون، ناهيكم عن استخدام الأساليب الغليظة التي تستخدم فيها. أما فكرة بناء هذه السجون غير الشرعية، فتعود إلى إحدى الشركات العالمية التي تدعى “المواقع السوداء” Black sites، وهي التي تعاونت مع ال “CIA” لإنشاء هذه السجون ونقل المشتبه فيهم إليها من الإرهابيين الخطرين، كما جرى تبرير ذلك.

وإضافة إلى السجون الأربعة في فرانكفورت التي تعتبر مركزاً مهماً، فهناك سجن في بوخارست (رومانيا)، وآخر في مدينة كيكوتي البولونية، وثالث في ليتوانيا، ولكن لا يوجد تأكيد أو اعتراف من أي من حكومات هذه البلدان، بما فيها ألمانيا بوجود هذه السجون السرية.

وكان مدير المكتب الفرعي لل “CIA” في فرانكفورت كايل دي فوغو قد صرّح لصحيفة “نيويورك تايمز”: من الحساسية جداً أن يتم التعامل مع هذه الأمور من داخل مقر ال “CIA”، لأن الإدارة الأمريكية تدرك مخالفة ذلك للقوانين الأمريكية والقانون الدولي الإنساني، والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ولذلك سعت الولايات المتحدة إلى إخفاء هذه السجون وإقامتها خارج حدودها، وفي مناطق معزولة، وتم تصميمها بحيث تمنع الإصابات الخطرة أثناء الاستجواب، وكسيت الأرض بمادة مضادة للانزلاق، وكذلك الجدران غلّفت بطبقة من الخشب (المعاكس) لتخفيف آثار الاصطدامات بها.

التقرير الذي نشرته ال”نيويورك تايمز” (13 أغسطس/آب 2009) جرت تلميحات إليه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني العام 2005 في صحيفة ال”واشنطن بوست”، عندما كشفت عن وجود سجون غير شرعية تديرها ال”CIA” وأنها مارست أعمالاً غير قانونية في اختطاف من أسمتهم “إرهابيين” أو مشتبهاً فيهم استناداً إلى تقارير بعض منظمات حقوق الإنسان. وكان أمين عام الاتحاد الأوروبي قد فتح تحقيقاً أولياً بمساعدة المدعي العام السابق ديك مارتي رئيس لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، حيث جاء تقريره بخصوص تلك السجون التي تتمتع بسرية كاملة “عدم إمكانية إثبات وجود تلك السجون بشكل حاسم” إلاّ أنه قدّم دليلاً مهماً وهو استخدام بعض الوسائل غير المشروعة في أجهزة الأمن، لكن تقريره الثاني كشف فيه عن تعاون بعض الأجهزة الأوروبية السرية مع ال “CIA”، لكن الحكومات الأوروبية التزمت الصمت أيضاً.



وبالعودة إلى تقرير ال”نيويورك تايمز”، فإن على منظمات حقوق الإنسان والمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن يطالب السلطات الأمريكية والأوروبية، بفتح تحقيق بخصوص السجون السرية، إضافة إلى السجون الطائرة والعائمة التي سبق لنا أن تحدثنا عنها والتي تدل على تواطؤ أكثر القوى صخباً وضجيجاً عن حقوق الإنسان، على قضية حقوق الإنسان. وتلك إحدى المفارقات الصارخة في المشهد الدولي.




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - السجون السرية وجدار الصمت