أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - استراتيجية أوباما والإرث الثقيل















المزيد.....

استراتيجية أوباما والإرث الثقيل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 19:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبح الرئيس الأميركي باراك أوباما سيداً على البيت الأبيض بعد فوزه الساحق على منافسه الجمهوري جون ماكين، ولعله وهو الرئيس رقم 44 سيكون أول رئيس أسود يحكم الولايات المتحدة، حيث ظلّ العالم كلّه يتطلع إلى سياسة جديدة للحزب الديمقراطي، بعد دورتين متتاليتين (ثماني سنوات) حكم خلالهما الرئيس جورج دبليو بوش من الحزب الجمهوري.
وقد شهدت الولايات المتحدة أطول وأقسى حملة انتخابات في تاريخها، انتصر فيها أوباما ذو الأصول الإفريقية المتواضعة على ماكين ابن قائد الأسطول البحري الأميركي في المحيط الهادي.
إن صورة الولايات المتحدة قبل بداية حكم الرئيس بوش كانت تمثّل لوناًً قاتماً بالنسبة لكثير من الشعوب والبلدان، لكنها أصبحت بعد ثماني سنوات أكثر قتامة، لا سيما مشاهد الرعب التي اختفت وراءها، من أحداث 11 سبتمبر الإرهابية العام 2001 وردود أفعالها بإعلان «الحرب على الإرهاب» إلى غزو أفغانستان العام 2002، إلى الحرب على العراق واحتلاله، العام 2003، ثم الحرب الإسرائيلية المفتوحة على لبنان العام 2006 وبعدها الحرب على غزة نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009 بعد حصارها الذي زاد عن سنتين، يضاف إلى ذلك أوضاع سجناء أبوغريب وغوانتنامو والسجون السرية الطائرة والعائمة، وقبل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي انفجرت عشية توّلي أوباما الرئاسة وتحوّلها إلى أزمة مالية شاملة انعكست على العالم كلّه، كانت هناك أعاصير وكوارث طبيعية مثل إعصار كاترينا وغيرها، ولعل هذه تركة ثقيلة انتقلت إلى أوباما، على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي.
قبل مجيء الرئيس بوش إلى الحكم، كان العالم في حالة شبه سلام واستقرار نسبياً، وأسعار النفط لم ترتفع عن 32 دولاراً، والجيش الأميركي لم تكن لديه مهمات خارج بلاده، باستثناء القواعد العسكرية المعروفة، لا سيما بعد حرب الخليج الثانية العام 1991، والاقتصاد الأميركي في حالة نمو زاد عن %3، وسعر الدولار كان «معقولاً» وديون واشنطن أقل من 6 تريليونات دولار رغم العجز المستمر. وبعد أن ترك بوش البيت الأبيض، تحوّلت كل هذه التركة الثقيلة، وهذا الحمل القاسي إلى ظهر أوباما، الأمر الذي قد لا يكون بمقدوره تحمله ومواجهة التحديات بحكمة وبُعد نظر.
لقد ورث أوباما، حربين مفتوحتين في أفغانستان والعراق، وقوات مسلحة منهكة ومبعثرة على أكثر من جبهة، وحروباً على الإرهاب بدأت بعد أحداث 11 سبتمبر، لكنها لم تنتهِ ويبدو أنها ستستمر حسب تقديرات واشنطن الأولية إلى أكثر من 10 سنوات، وقد تطال بلداناً أخرى حتى وإن اختلفت اللهجة والتسمية، وإن خفّت حدة النبرة أو حتى خفتت! وهذه المشكلات المتعاظمة أوقعت المواطن الأميركي في ورطة كبيرة لدرجة مؤرقة، خصوصاً وهو ما زال يتساءل كيف سيتم وضع حد لهاتين الحربين؟ وهل سينفذ أوباما وعوده بشأن الانسحاب من العراق في أقرب وقت ممكن؟ وعلى الأقل تخفيف مشاعر السخط والعدائية إزاء الولايات المتحدة؟ وما السبيل لإيجاد حلول ناجعة وسريعة للأزمة الاقتصادية؟
كما ورث أوباما صعوداً في أسعار النفط وصلت إلى نحو 150 دولاراً، رغم عودتها إلى الانخفاض إلى أقل من النصف قليلاً، وعجزاً بلغ أكثر من تريليون دولار ودَيناً زاد عن 10 تريليون دولار، ناهيكم عن تدنٍ في النمو الاقتصادي، وأخيراً انفجار الأزمة المالية والاقتصادية، التي أدت إلى انهيارات كبرى لشركات التأمين العملاقة مثل شركة ليمان براذرز وبنوك عالمية كبرى، لا سيما بعد أزمة الرهن العقاري وانخفاض سعر الدولار وارتفاع أسعار النفط.
وورث أوباما ملفاً ساخناً جديداً، وهو العلاقة المتوترة مع روسيا، فبعد انتهاء الحرب الباردة وتقلّص النفوذ الروسي، وانحلال المنظومة السوفييتية، عادت روسيا بقوة إلى منطقة القوقاز والبلقان وأوروبا الشرقية، لا سيما بسبب سياسة واشنطن الاستفزازية، الأمر الذي دفعها إلى معارضتها الشديدة، خصوصاً بعد نصْبِ واشنطن دروعاً صاروخية مضادة للصواريخ، وتوسيع دائرة حلف الناتو في دول الجوار الروسي، وبخاصة في جمهوريتي بولونيا والتشيك.
وإذا كان أوباما يتولى رئاسة الولايات المتحدة بعد مضي أكثر من عقدين على انتهاء الحرب الباردة وتحوّل الصراع الأيديولوجي من شكل إلى شكل آخر، لا سيما بعد انهيار الشيوعية الدولية، وصعود الإسلام السياسي كعدو شرس ضد واشنطن وسياساتها، فكيف ستتعامل واشنطن مع هذا الملف الساخن، وقد شاع خلال الحملة الإعلامية والأيديولوجية في حينها أن «التهديد» إن لم يكن موجوداً، فلا بد من «تلفيقه»، بالتنظير لصدام الحضارات، ولإبقاء الاحتراس الدائم والتسلح المستمر والصراع المتواصل على المستوى العالمي، حتى وإن اتخذ صفة صراع الثقافات، بعد ذبول صراع الأيديولوجيات الذي طبع القرن الـ 20 كله، وصراع القوميات الذي طبع القرن الـ 19 حسب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
وقد حاولت واشنطن تطبيق ذلك على الملف التسليحي وهذا له علاقة بالمسألة الإيرانية بالدرجة الأساسية، خصوصاً البرنامج النووي الذي يعتبر أحد مجالات الاحتكاك الأميركية-الإيرانية، إضافة إلى نفوذ طهران في المنطقة باعتبارها رأس حربة ضد السياسة الأميركية (العراق ولبنان وفلسطين)، رغم أن أوباما أبدى استعداده لسلوك سبيل مفاوضات أطلق عليها «حازمة»، وهو أمر لا بد من أخذه بنظر الاعتبار بعد ما حصل من تجاذبات في الانتخابات الإيرانية الأخيرة.
وإذا كانت الحروب تُصنع في العقول، فإن السلام هو الآخر يصنع في العقول أيضاً، حسبما جاء في دستور اليونسكو، ومثل هذا الأمر سيواجه الرئيس أوباما على نحو راهن، لا سيما في الشرق الأوسط، وهو أمر سيكون أحد المجسات الأساسية لسياسته الاستراتيجية إزاء المنطقة.
إن الرئيس أوباما واجه تركة الرئيس بوش وإشكالياته جميعها، وعليه الخوض في المشكلات العويصة الخاصة، لا سيما بشأن مشكلة الشرق الأوسط، التي شكلت نقطة تجاذب شديدة منذ عهد الرئيس جيمي كارتر واتفاقيات كامب ديفيد والصلح المنفرد. وإذا كانت واشنطن تسعى إلى دور نشيط في الشرق الأوسط وتحريك خارطة الطريق الفلسطينية-الإسرائيلية، خصوصاً تجاوز الصعوبات التي جابهت العديد من الرؤساء الأميركيين قبله، فإن الأمر يحتاج إلى تأكيد إقامة دولة فلسطينية، تلك الأطروحة التي اعتمدت منذ عهد الرئيس بيل كلينتون، لكنها ظلّت باردة وباهتة، خصوصاً في ظل التصعيد العدواني الإسرائيلي ضد الشعب العربي الفلسطيني منذ العام 2000، لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية السلمية التي اندلعت بعد أن وصلت اتفاقات أوسلو إلى طريق مسدود.
وزاد الأمر تعقيداً حصار غزة، وبعدها الحرب المفتوحة عليها والتي دامت 22 يوماً، وقبلها حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومن ثم بناء جدار الفصل العنصري الذي قالت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً في عدم شرعيته، الأمر الذي اقتضى إزالته وتعويض السكان المدنيين المتضررين، وهو ما كان ينبغي على واشنطن أن تضغط على حليفتها إسرائيل للعدول عنه والعودة إلى خيار المفاوضات ضمن خارطة الطريق المقترحة، رغم عدم تلبية هذه الأخيرة للحد الأدنى من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، لا سيما حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وإذا تردد الرئيس أوباما في تعيين السيناتور الجمهوري تشاك هيغل وزيراً للخارجية وهو شخصية متوازنة نسبياً واختار هيلاري كلينتون بدلاً عنه، فإن واحداً من الأسباب تعود إلى مواقف إسرائيل ورؤيتها إزاء الحل، وكان هيغل قد زار الأرض المحتلة مع أوباما والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يضاف إلى ذلك تعيين عدد من المستشارين، معظمهم من اليهود، وبعضهم من العناصر المعروفة بموالاتها لإسرائيل، بمن فيهم أمين عام البيت الأبيض رام بنيامين مانوئيل الذي سبق له أن أدى الخدمة العسكرية في جيش الدفاع الإسرائيلي عام 1997 كما تطوّع في الحرب على العراق 1991 في مكتب التجنيد التابع لإسرائيل، إضافة إلى كبير المخططين الاستراتيجيين لحملته الانتخابية وهو ديفيد أكسل رود، الأمر الذي قد لا يساعد في حلحلة الأمور باتجاه إيجاد حل ولو بمعيار الحد الأدنى، ولعل الاستثناء في هذا الشأن هو تعيين مستشار لأوباما للشؤون الخارجية وهو دنيس روس منسق عمليات السلام في الشرق الأوسط.
حقاً إنها تركة ثقيلة وسيتوقف حملها بجدارة على ما سينتهجه أوباما من سياسة ومراجعة وإعادة نظر بأخطاء وخطايا السياسات السابقة خلال الثماني سنوات الماضية وما قبلها!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - استراتيجية أوباما والإرث الثقيل