أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - المتاهة العراقية















المزيد.....

المتاهة العراقية


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 12:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يقترب العراق من محطة حاسمة في تاريخه السياسي تتمثل بالانتخابات التشريعية القادمة حيث من المتوقع أن تنفرز إثرها أغلبية برلمانية جديدة وستتمخض عن مفاجئات في التركيبة القيادية للبلد، والتي تتدعي كلها الحرص على الوحدة الوطنية والابتعاد عن المحاصصة ونبذ الطائفية والسعي لتنفيذ المصالحة الوطنية وتحقيق المشروع الوطني، بيد أنه لم يتجرأ أحد من هؤلاء القياديين والزعماء السياسيين على تعريفه وشرحه وتقديمه واضحاً للناخب العراقي.
لقد حدثت القطيعة وتشظى الإئتلاف الحاكم الذي كان متحداً شكلياً لكنه كان يعاني من صراعات داخلية حادة انعكست على عمله وأدائه الذي شابه القصور . وأخيراً قادت الخلافات والتنافسات القائمة إلى بروز عدة تحالفات وائتلافات ستخوض حرباً سياسية وانتخابية حامية قد تنقلب إلى مناوشات أو احتكاكات مسلحة لا سمح الله إذا ما تجاوز البعض الخطوط الحمراء المسموح بها في اللعبة السياسية المتبعة والمتفق عليها ضمنياً منذ سقوط نظام البعث المنهار وإعدام قائده المقبور. ضم الائتلاف الوطني العراقي الجديد مجموعة من الشخصيات والقوى السياسية لا يربط بينها سوى طموحها كلها لحكم العراق وتبوأ منصب رئاسة الحكومة حيث يتواجد جنباً إلى جنب عادل عبد المهدي وبيان جبر عن المجلس الأعلى، ويطمح كل منهما لقيادة الحكومة القادمة، إلى جانب أحمد الجلبي مهندس التغيير بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية والذي يحلم بحكم العراق مهما طال الزمن، كما يوجد رئيسان سابقان للوزارة هما أياد علاوي زعيم القائمة العراقية وإبراهيم الجعفري زعيم تيار الإصلاح المنشق عن حزب الدعوة لأسباب شخصية بسبب فقدانه لزعامة الحزب لصالح نوري المالكي، والإثنان يحلمان بالعودة لشغل كرسي رئاسة الحكومة القادمة. هذا وقد قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ألا ينضم للتحالف الوطني لأنه سيفقد الامتيازات التي حصل عليها والانجازات التي حققها والمكاسب التي تكرست إبان رئاسته للحكومة، مما شجعه أن يخوض بقائمة منفردة تحت إسم دولة القانون ، إنتخابات مجالس المحافظات والتي حقق فيها انتصارات ملموسة، لذلك آثر مواصلة مشروعه الانتخابي منفرداً، مهما كانت المخاطر المترتبة على ذلك بما فيها احتمال اغتياله، لاسمح الله أو سحب الثقة عن حكومته وإسقاطها قبل الانتخابات وهو أمر مستبعد لكنه ليس مستحيلاً.
وماذا عن الأمريكيين ومواقفهم إزاء ما يدور من مناورات ومواجهات بين القوى السياسية العراقية وأين دور الشعب العراقي من كل ذلك؟
الكل يعلم أن الانسحاب الأمريكي الشكلي من المدن العراقية بموجب الاتفاقية الأمنية، الصوفا ـ SOFA ـ الموقعة بين الجانبين العراقي والأمريكي، كان مجرد بوصلة اختبار لمعرفة ما سيترتب على الانسحاب الجزئي ، والكلي فيما بعد ، من الآن ولغاية نهاية عام 2011 من تبعات وتداعيات على الشارع العراقي. وكانت النتيجة مخيبة للآمال بعد تعرية الحقيقة المرة التي تتعلق بعدم جاهزية وكفاءة القوى الأمنية العراقية، من جيش وشرطة ومخابرات، بغية حفظ الأمن المدني ، ناهيك عن عدم قدرتها على حماية أمن البلاد وسيادتها واستقلالها. فالقادة الميدانيون في الجيش الأمريكي يعرفون ذلك ويراهنون عليه ومازالوا يحنون للعودة إلى مواقعهم وثكناتهم، واسترداد نفوذهم وامتيازاتهم وسلطاتهم وهم واثقون أن السلطات العراقية ستلجأ إليهم مرة أخرى وستستدعيهم لمواجهة تفاقم الوضع الأمني سيما بعد ازدياد حدته في الآونة الأخيرة مع تصاعد وتيرة العمليات الانتحارية والتفجيرات التي أودت بحياة عشرات الضحايا من المدنين الأبرياء. ومن المعروف أن قوات الأمن والشرطة والجيش في العراق كانت مخترقة من قبل العديد من الميليشيات وكتائب الموت والقوى الإرهابية المتنوعة المشارب والانتماءات ومن قبل أزلام النظام السابق والمتواطئين معهم، رغم محاولات التنقية والتطهير، مما يلقي ظلالاً من الشك حول الولاءات داخل تلك القوات، إلى جانب الفساد المستشري كالطاعون داخلها والذي بات معروفاً من قبل جميع القيادات السياسية في العراق. لقد فقد الشعب العراقي ثقته بوعود المحتل والقوى السياسية المتعاونة معه و المناوئة له. لقد دب اليأس في نفوس العراقيين وأصابتهم التطورات السياسية التي أعقبت سقوط النظام الصدامي بحالة من القنوط والخيبة من البديل. فلم يتحقق شيء للمواطن العراقي الحالم بالتغيير الجذري، لا على صعيد الخدمات ولا على صعيد الأمن. فالفقر والبطالة متفشيان وفقدان أو نقص الخدمات هو القاعدة، فلا كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا مياه تصريف صحي ولا مشاريع حقيقية ملموسة لإعادة البناء والتعمير ولا خدمات صحية تليق بالبشر، إلى جانب التردي المريع في المستوى التربوي والتعليمي والثقافي الذي أصاب العراقيين منذ عقود طويلة. فالأمريكيون يفضلون تشغيل المرتزقة الأجانب من اوغندة والهند وسريلانكا والفلبين، بدل العراقيين في معسكراتهم وثكناتهم على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي يحرم العراقيين من آلاف فرص العمل التي هم بأمس الحاجة إليها. لأن الأمريكيين لا يثقون بالعراقيين بل ويخشونهم ، وأن بلدهم ، أي أمريكا، قد أرهقت وتعبت من مغامرة العراق الفاشلة وقد تجسد ذلك في تصريح وتحذير نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إبان زياراته الخاطفة الأخيرة للعراق حين صرح :" لم تعد لدينا الرغبة ولا الشهية في إصلاح ما يتعذر إصلاحه " ويعني بذلك المصالحة الوطنية المتعثرة أو شبه المستحيلة. وكان الانسحاب الأمريكي الجزئي قد شحذ همم القوى السياسية العراقية المتنافسة لتطعن بعضها البعض وتعمل على إسقاط الخصم بأي وسيلة كانت وفق معادلة " الغاية تبرر الوسيلة". المجتمع الدولي يتفرج لامبالياً على محنة العراقيين ويسمح لدولة صغيرة لاوزن لها في المسرح الدولي كالكويت أن تقرر مصير العراق في أكبر محفلين دوليين هما مجلس الأمن والأمم المتحدة عندما أعلنت معارضتها إخراج العراق من البند السابع ولم تحرك الولايات المحتلة الأمريكية ساكناً ، وهي الدولة المحتلة لعراق، لكي تردع حكام الكويت عن تماديهم. ويقف المجتمع الدولي عاجزاً أمام تدخلات دول الجوار العراقي في الشأن العراقي الداخلي والمس بأمنه وسيادته دون رادع أو حسيب، والضحية هو الشعب العراقي وحده الذي يدفع الثمن، بينما يتسابق الجميع في قطف العقود والصفقات بمليارات الدولارات. كانت آخر المؤشرات على هذا السباق التجاري المحموم هو زيارة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون للعراق في أوائل تموز الماضي 2009 على رأس وفد مهم من رجال الأعمال والصناعيين الفرنسيين مما يشير إلى العودة القوية لفرنسا للسوق العراقية لاستعادة مصالحها حيث تم إبرام عدد من الاتفاقيات والصفقات التجارية والصناعية، المدنية والعسكرية، بين البلدين من بينها عقد بقيمة 50 إلى 60 مليون يورو لتزويد العراق بسفينتي مراقبة سواحل فرنسيتي الصنع، وتوقيع شركة مطارات فرنسية لعقد بناء مطار كربلاء المقدسة التي يؤمها ملايين الزوار كل عام، أغلبهم من الإيرانيين. وتطمح فرنسا بيع العراق طائرات النقل من طراز إيرباص المنافسة لطائرات البوينغ الأمريكية التي تمتلكها شركة الخطوط الجوية العراقية وهي قديمة ومستهلكة، إلى جانب بيع فرنسا 24 طائرة من طراز EC - 635 للعراق، بالإضافة لصفقات أبرمت مع شركة سويز Suez لتنقية مياه الشرب ، ومع شركة فيوليا Veolia لمعالجة مياه الصرف الصحي في العاصمة العراقية، بقيمة مليار دولار، وتعتزم جمعية رجال الأعمال الفرنسية Medef إرسال وفد كبير يمثلها إلى بغداد في نهاية هذا العام. وهذه خطوات إيجابية نرجو أن تعطي ثمارها في القريب العاجل، بالرغم من تعثر الأوضاع الأمنية وصعوبة التنقل داخل العاصمة والمدن الأخرى ، وغياب التشريعات القانونية الملائمة لتشجيع الاستثمار الأجنبي في العراق في مشاريع مثمرة مفيدة للمجتمع العراقي. ولكن كل ذلك يجري بعيداً عن رأي المواطن العراقي واحتياجاته الحقيقية وبغرق في دوامة الفساد والرشاوي واستغلال النفوذ والعمولات الضخمة التي تدخل جيوب المسئولين العراقيين قبل وبعد استجواب ومحاكمة وزير التجارة العراقي فلاح السوداني ، في حين يوجد وزراء أسوء منه بكثير ينبغي استجوابهم ومحاسبتهم على تقصيرهم وفساد وزاراتهم وتقديمهم للعدالة . بطبيعة الحال كل وزير أو مسؤول يمتلك التبريرات والأعذار والذرائع التي تبرر له تقصيره أو عجزه عن مكافحة الإرهاب في وزارته. أخيراً كنت قد سألت أبو إسراء المالكي أثناء لقائي به في باريس في جناحه الخاص في الفندق وبحضور الصديق والزميل ياسين مجيد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، وقلت له: لماذا لم تنجح حكومة المالكي لحد الآن في إنهاء أزمة الكهرباء وتحسين قطاع الخدمات فكان جوابه مثيراً للحيرة والألم بعد أن طلب مني عدم نشره على لسانه ويتلخص بجملة مختصرة وهي: أن أي حل نوعي وجذري يقدمه يحتاج إلى تمويل، وإلى قانون صادر عن مجلس النواب، وإلى موافقة وتأييد الشركاء السياسيين ، وهذا ما يفتقده بالضبط لأنهم لا يريدون له أن يحقق أي تقدم أو نجاح في أي مضمار يمكن أن يخدم المواطن العراقي، بذريعة أن من شأن ذلك أن يزيد من شعبية المالكي ويضمن له بالتالي أصوات انتخابية لصالحه على حساب القوى السياسية المنافسة له التي تتحكم بتوجهات وسياسات وبرامج مجلس النواب. وقد ذكر لي تفاصيل مذهلة عن بعض المشاريع التي كان يمكن أن تنقذ المواطن العراقي من محنته في مجال الزراعة ومياه الشرب والصحة ، وبالأخص الحلول التي أعدها لمشكلة الكهرباء العويصة لكنه جوبه بمحاربة عدد من القوى السياسية المتنفذة التي عرقلت حل أزمة الكهرباء وحجبت التمويل اللازم لذلك. فعلى الناخب العراقي أن يعي أين تكمن مصلحته وعليه أن يختار من يعمل لصالحه ويطرح بالفعل المشروع الوطني المستند لمبدأ الموطنة والمساواة في الحقوق والواجبات وضد المحاصصة والاستقطاب الطائفي.





#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات العلم الحديث في القرن الواحد والعشرين وما بعده
- إيران على مفترق طرق
- العراق: هل حان وقت الاختيارات الصحيحة
- شهود اللحظات الأولى للوجود
- الفيزياء الكمية والفيزياء الكونية وحكايات الأجداد
- حقيقة الكون بين الوهم والواقع
- ولادة المجهول في الكون والخافي أعظم
- هل سيعثر العلماء يوماً ما على المادة المضادة في الكون؟
- عناق المجرات
- متى نتحرر من لغة الشعارات في العراق؟
- العراق والتحديات العاجلة
- هل العراق على شفير الهاوية أم العافية؟
- الكون بين الخرافة العلمية والخرافة الدينية
- الفقاعة الكونية أو على أعتاب الميتافيزيقيا
- الكون المأهول والأكوان المجهولة
- رحلة الرهانات الصعبة للمالكي
- قصة الوجود الافتراضية كما يرويها العلم
- لعبة القط والفأر بين إيران والغرب
- سياسة الخطوات المدروسة في العراق
- سر السماء ولغز البداية سيناريوهات جديدة عن أصل الكون


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جواد بشارة - المتاهة العراقية