أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البدري - اليونسكو حائط مبكي الوزير















المزيد.....

اليونسكو حائط مبكي الوزير


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 09:26
المحور: كتابات ساخرة
    


لا اعرف علي وجه الدقة لماذا ذهب فاروق حسني الي انتخابات التصفية في باريس لرئاسة اليونسكو. بل ولماذا تم ترشيحه. من المفترض انه خبير بالعقلية الغربية، لانها ليست وليده اللحظة فقد عاصرها السيد الوزير زمن اقامته في باريس وروما أيام الحرب الباردة وهي ذاتها التي تشكلت منذ عصر الثورة العلمية الثانية مع بدايات القرن الماضي وتاكدت واثريت في النصف الثاني من ذات القرن. اي اننا عاصرناها علي مدي قرن كامل وازدادوا تسعا من هذه الالفية. فاليونسكو مؤسسة عالمية وليس دكانا للبقالة يمكن ادارته بالاهواء وعلي طريقة صاحب المحل. اليونسكو مثل السيارة او الطائرة كل لها قوانينها الخاصة الحتمية مهما كانت مهارة السائقين.
فمنذ وقعة الابتزاز لحرق الكتب في مجلس الشعب تحددت نتيجة انتخابات اليونسكو. فكان الترشيح ثم التصميم علي الفوز يبدو غير منطقي في العقل الاوروبي والعالمي. ولو كان هناك احد في مؤسسات الحكومة المصرية ويملك حسا بما يجري عالميا وكيف تشكلت ذهنية الانسان في القرن العشرين لنصح الرجل بالانسحاب. لكني وعلي ما اعتقد بان الجميع تركها للمشيئة وقوانين الغيب حسب ما تري ثقافة الشارع المصري بثقافته الغيبية فربما تاتي الرياح بما تشتهي الترشيحات. فلا يعلم الغيب الا الله.
فالمؤسسة في العالم الحديث تدار بقوانينها الذاتية ولا ضروره لرئاستها الا بقدر وجود عقل متزن ناضج وغير ممروض عصبيا ونفسيا علي قمة ادارتها. لكن واقعة مجلس الشعب المصري اوضحت ان ذهنية فاروق حسني هي انفعالية لا تملك التوازن الكافي والسيطرة النفسية المطلوبة حتي ولو كان المثير الخارجي ممكنا إحتماله. فما بالنا والدين هو الضحية في اتهامات العضو الاخواني المتأسلم. فكما يختار الافراد للمهام الخطرة بناء علي مواصفات علم النفس والسلوكيات فان خيارات الوظائف الكبري تجري علي نفس المنوال.
ذهب حسني ومعه كثير من الابداعات والمبادرات (حسب قوله) ليجتاز الانتخابات، وهو أمر مطلوب و ضروري، مثلكا كان في جعبة المرشحين الآخرين لما هو اكثر، فما اكثر ابداعات اوروبا. وكان علي المرشح المصري ان يستعرض الحياه الشخصية والفردية والسلوكية لباقي المرشحين قبل ان يجازف بالاستمرار في المسابقة. فلن يعدم احد المبادرات ولن يتوقف العالم عن الابداعات لكن تبقي المواصفات الشخصية والذهنية والعقلية للمرشح فاصلا في الاختيار. خاصة وان السيد فاروق قادم من عالم العرب والاسلام الموضوع في قفص الاتهام عالميا.
قدم عضو الاخوان المسلمين في مجلس الشعب استجوابا للوزير بوجود كتب اسرائيلية في مكتبة الاسكندرية تسب الاسلام ودين الامة. وكان موقف الوزير معروفا للجميع فتطوع برد فعل عصابي وانفعالي بانه لو وجدت هذه الكتب لكان اول من يحرقها. مما استدعي الاعتذار فيما بعد الترشيح عما بدر منه كرد علي النائب الاسلامي. جاء الاعتذار بعد ان قدمته الحكومة المصرية مرشحا للمنصب. وكان الاعتذار بمثابة وضوء مما لحق به من نجاسة في عرف العالم وليس الاسلام الذي احتقن الوزير دفاعا عنه. فمدير اليونسكو الافتراضي والمرشح للمنصب رسب في امتحان القبول للترشيح فبل ان ترشحه الحكومة. فاصبح عضو جماعة الاخوان مندوب إسرائيل في إختبارات كشف الهيئة علي الوزير. فاليونسكو ليس في خدمة الاسلام او اليهودية انما هو خادم للتراث العالمي باجمعه دون تفرقة.
رسب الوزيرالفنان والمبدع في كشف الهيئة في مجلس الشعب المصري، لانه كان مهموما بصورته امام رجل الشارع وامام الجماعة المحظورة كمعارضة مفتعلة (virtual opposition)، رغم ان من مواصفات المبدع الا تكون عينه علي المتلقي او المشاهد او القارئ أو المستمع، فالمبدع لا علاقة له بشباك التذاكر او بعدد زبائن الدكان ومدي توفر السلع التموينية. الابداع يقع في منطقة بعيده عن حسابات المكسب والخسارة، فحسني فنان، حسب إدعائه، ويعرف تماما هذه الامور. فهل وجوده في حكومة المليارديرات والطائرات الخاصة وتجارة السيراميك قذفته بعيدا عن الفن والثقافة، فكان الانفلات والبعد عن رد فعل عقلي رصين ورزين متوازن وقوي هو من المواصفات التي لا ترتضيها الاختيارات الدولية للمناصب العالمية؟
فما ان اتهمه الاخوانجي حتي انتفض المستوزر (مصدر ميمي لوزير) بالتطهر والاغتسال من تلك التهمة باستخدام النار رغم ان الوضوء اسلاميا بالماء. لم يتمالك الوزيرالمحتقن اسلاميا نفسه ولم يسعفه قول القرآن "هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فالمكتبة مفتوحة للجميع. ولم تسعفه قدراته الادارية (كمدير مستقبلي لليونسكو) قولا بانه سيعود للمسؤول عن المكتبة وهو موظف، وكان مرشحا، تحت إمرة للوزير للسؤال بحثا عن مدي صحة المعلومات. لم يرد الوزير بما هو اكثر تعقلا بالقول انه لو هناك كتب اسرائيلية فهذه ليست سبه ولا تهمة حتي ولو كان بها نقدا للاسلام، فالاسلام ايضا ينقد باقي الاديان ولن يرحمنا احد لو بقينا علي هذا الحال. مثل هذا الرد كان قمينا بوقف الانحرافات الفكرية والثقافية في عقل رجل الشارع والتي تغاضت عنها الثقافة المصرية الحالية بوزارتها، فجعلت الشارع المصري يخطو نحو النموذج الطالباني ولو علي مهل. لم يختلف الوزير كثيرا عن رجل الشارع ذو الثقافة المتواضعة أو صاحب دكان البقالة بمواد تموينية اساسية، فذهب الي حالة هياج ديني له اسبابه في اداء الوزارة، التي تخلت عن حاضر الثقافة في مصر وعن مستقبلها أيضا في عالم العولمة والانفتاح.
لكن ما يثبت الطرح السابق هو رد الفعل الانفعالي العصابي الزائد عن الحد فى التعامل مع نتائج الانتخابات بعد العودة. كان من المفترض لمن فشل في الانتخاب الا يقوم بمهاجمة لجنة الامتحان مثلما يحدث عند ضبط طالب ببرشامة. آثر السيد الوزير هذا السلوك وهو الدليل علي التفسير السابق. كان من المفترض ان يدرك الرجل ان الرسوب له اسبابه بدون اللجوء الي نظرية المؤامرة. لكن نظرية المؤامرة العربية من السهولة والبساطة والسطحية وتجد لها رصيدا ضخما في الذهنية الانفعالية والعاطفية الشرقية وهو ما اعتمدت عليه السياسة المصرية لاثبات صدق توجهاتها علي مدي نصف قرن وازادادوا تسعا ايضا. أما معالجة الأمور بالعقل والمنطق وحدهما فلم يرتق اليه احد في حكومتنا ولو كان فنانا.
كان ولابد من اللجوء إلى العقل قبل وبعد الترشيح وقبل وبعد الانتخاب. فالعقل يجبرنا بان ندرك مدي خطورة منصب مدير عام اليونسكو، وغيره من المناصب الدولية، فهي تخضع برمتها لقانون التقدم الحضاري، بما فيها من كل اساليب الصراع والابداع. فبعضها مكتوب ومتفق عليه وبعضها شفاهي مضمر في الاعراف والسلوكيات بين الامم . فإذا كانت عملية الانتخاب هي تسوية للصراع باقل قدر من العنف مثله مثل العملية الديموقراطية في ادارة سياسة كل مجتمع، فإن العقل والمنطق وليس الانفعل او العاطفة هي اول ما يتقدم من اسلحة في الحلبة. أما نكون صرعي نفسيين او مصابين بحالة من الهوس والصرع الديني في تعاملنا مع بعضنا في الداخل قبل وبعد الترشيح وقبل وبعد الانتخاب فلا معني لاي وجود لنا علي الساحة الدولية اللهم الا إذا كانت هذه رسالة باننا في حاجة الي علاج وليس لقيادة طائرة او حتي بسكليت بثلاث عجلات.
يندرج السلوك الانفعالي العصابي ضمن امراض علم النفس. فالتصرفات المتضاربة والمتعاكسة فيما بين المواقف ذات الصفة الواحده من اهم مظاهر ذلك العقل. وهي ليست جريمة بالمعني القانوني انما حالة ذهنية مرضية تحتاج الي صبر ورفق. فاصحاب هذه الحالات لا يدركون معني التعامل مع واقع منضبط بقوانين لا تقبل الخطا لكنه يخطئ بالضرورة لان ما بداخله من هواجس واوهام ورغبات مكبوتة لا تعرف كيفية التعامل بعقل سوي مع هذا الواقع. من شاهد فيلم 451 فهرنهايت لادرك مدي الحالة المرضية لمؤسسة مدنية كاملة اسمها هيئة المطافئ العامة في تلك البلده. أصبحت وظيفتها اشعال الحرائق وخاصة في الكتب وليس اطفاء الحرائق ولو كانت في الممتلكات العامة والخاصة. أما الوزير الفنان فصرح بانه سيحرق الكتب ولم يحرق شيئا، فأدان نفسه وسلم نفسه دون فعل يؤاخذ عليه. لكن من ذا الذي يثق في اصحاب الحلات الانفعالية؟ فمثقفي مصر العقلاء معرضون للمطاردة ويدفعون ظلما اثمانا باهظة لانهم ارتكبوا ابداعا. لكن الوزير حمل نفسه وزرا بنية الفعل وليس الفعل. فالمشايخ والمعارضة الاخوانية تلوح بحرق الكتب، لانهم مشايخ. فهم معذورون. لكن أن يرقص الوزير علي توعداتهم فتلك ثالثة الاثافي. وفي رحاب اليونسكو ارتكب وزرا آخر بغير قصد ايضا فقد اعلن انه تنويريا عندما دافع عن كل الكتابات التي أعتبرتها مؤسسة 451 فهرنهايت المصرية بكل امراضها مستحقة للحرق بينما هو وزير ثقافة ليس بيده حتي من جردل ماء لاطفاء اي حريق!!!!!!. صحيح انه دافع عن ابداعات الكتاب والمفكرين المصريين لكن هؤلاء الكتاب مطاردون من نفس المعارضة المفتعلة الـ (virtual opposition)، بل ويدفعون من جيوبهم ثمن برائتهم مثلما هو الحال مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وحلمي سالم. هو لم يساهم في إطفاء حرائق الشارع المصري الحقيقية داخل عقل المواطن بتثقيفه، بقدر ما ذهب للدفاع عنها امام اليونسكو ومعه تهمة حرق كتب غير موجوده.
يقول فرويد ان الواقع، عند اصحاب الهذيان العصابي، مقلوب راسا علي عقب فيتم التعامل معه علي هذا الاساس, واقعا مفتعلا (virtual reality) بفضل ثقافتنا التي لم يغيرها الفنان. هكذا ترك المرشح الشارع المصري بدون ثقافة وذهب يدافع عما ادانه جمهوره ومعه تهمه الشروع في اشعال حريق فيها. لم يكن الوزير الفنان والحكومة السنية الا ضحايا واقع مقلوب إفتعلوه حفاظا علي اخلاق ليست من معايير هيئة اليونسكو ومعارضة مفتعلة تكره الوزبر والابداع والفن والثقافة. فما هو تعريف الجنون اللهم الا إذا كانت العوالم في نظرنا نحن العالم الثالث كلها مقلوبة بما فيها اجراءات ومواصفات خيارات اليونسكو التي ليست مفتعلة. كانت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في فيلم 451 فهرنهايت متهمة فعلا وقولا، نظريا وممارسة لانها تعرف ماذا تريد، حرق الكتب. لكن حسني ذهب ومعه سجل حافل بالنوايا الغير حسنة مع غياب ذهني لاكثر من عشرون عاما عن حال جمهور عريض في حاجة ملحة الي ثقافة جيده، لم توفرها له وزارته، فلم يلقي كتابه بيمينه في يوم الحساب .




#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن زيدان ومفهوم الجزية
- زمن الاغبياء الجدد
- أخطارنا كامنة في عقيدتنا
- المعرفة والجمال
- أسلمة اوروبا
- تحالف السلطة والدين
- إلاسلام الصهيوني
- الضباع الجائعة
- ساركوزي فقيها حداثيا
- التطبيع سياسة وليس مهنة
- اوباما الذي انسانا نكستنا
- مشكلة الاسلام
- الرده وجاهلية العرب
- إلغاء معاهدة السلام
- عالم من المشاكل
- تعدد الزوجات هو عدوان علي الله
- الكذب بين التوقيف والاصطلاح
- غزة .. وأسئلة حائرة
- تاريخنا الحديث وبؤس حاضرنا
- الحذاء .. الانتصار الاخير لبوش


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البدري - اليونسكو حائط مبكي الوزير