أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لطيف شاكر - فجر الضمير والحضارة















المزيد.....

فجر الضمير والحضارة


لطيف شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 2785 - 2009 / 9 / 30 - 01:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية, حيث أبدع الإنسان المصري وقدم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم.. حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها ، حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها ، فهي حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصري وتركت في عقله ووجدانه بصمتها ، لقد كانت مصــر أول دولة في العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية ، وكان المصريون القدماء حريصين على تدوين وتسجيل تاريخهم والأحداث التي صنعوها وعاشوها ، وبهذه الخطوة الحضارية العظيمـة انتقلت مصـر من عصور ما قبل التاريخ وأصبحت أول دولة في العالم لها تاريخ مكتوب ، ولها نظم ثابتة ولذلك اعتبرت بكافة المعايير أماً للحضارات الإنسانية.
وقد واجه الباحثيين في علم الحضارات وتاريخها ان الحضارة الفرعونية اختلفت عن جميع حضارات البشرية في انها لم تخضع لسنة النشوء والارتقاء بل ظهرت متكاملة ومتطورة في جميع عناصر مقوماتها وكلما تغلغل الباحثون في الاعماق السحيقة للوصول الي جذور المعرفة تكشف لهم مفاجأة بدايتها من القمة وتوازن جميع عناصر مقومات تكوينها من علوم الفلك والطب والكيمياء والهندسة والزراعة والفنون والآداب ..... وفي مقدمتها العقيدةالتي شملت أسرار الوجود والايمان باالاله الخالق ووضعت تشاريع حياة المجتمع فمهدت طريق الحضارة المتعددة الابعاد وحددت معالمه ..ذلك الطريق الذي سارت فيه مقتفية آثار أقدام مصر شعوب آخري وشعوب الشرق القديم ثم اليونان مقتفية أثر المصري وجميع تلك الحضارات رأت النور بعد أن رفعت مصر شعلة الحضارة بألاف السنين . ومن اليونان أخذت أوربا الكثير من معالم الحضارة التي يعيشها العالم الان.
يقول عالم المصريات الشهيرجيمس بريستد : يدلنا التاريخ المصري القديم علي نشوء المبادئ الخلقية وظهور عنصر الاخلاق ويستطرد قائلا انه من الخير ان نعيد الاشادة بتلك القيم القديمة التي اصبحت في زوايا الاهمال لاستخفافنا بها.
ويقول حينما نلقي بنظرنا الي الوراء في بداية وجود بني البشر ينكشف لنا في الحال ان الانسان قد بدأ حياته متوحشا مجردا من الاخلاق ثم يسأل لماذا لايكون من واجب شباب اليوم رجالا ونساء ان ينبذوا المبادئ الاخلاقية الموروثة عن الماضي باعتبارها مبادئ لانعرف اي شئ عن أصلها ..؟ .
ويوضح في كتابه فجر الضمير: لقد حفظت في طفولتي مثل اخواني من الصبية الوصايا العشرة وعلمت ان احترمها لانه أكد لي اانها نزلت من السموات علي موسي النبي وان إتباعها كان من اجل ذلك لزاما علي, واني اذكر انني كلما كذبت كنت أجد انفسي سلوة في انه لاتوجد وصية تقول يجب عليك ان الاتكذب وإن الوصايا العشرة خلت من وصية عدم الكذب واكتفت بعدم الشهادة الزور. ولما اشتد ساعدي بدأت أشعر في نفسي بشئ من القلق وأخذت أحس بأن قانون الاخلاق الذي لايحرم الكذب هو قانون ناقص ( جاء السيد المسيح ليكمل النقص في الناموس القديم وحرم الكذب تماما "ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا ومازاد علي ذلك فهو من الشرير (مت 37:5) وجميع الكذبة فنصيبهم في
البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني ( رؤيا يوحنا 21 : 8 ) ويقول بولس الرسول ناهيا عن الكذب باتا فقال : لا تكذبوا بعضكم على بعض كولوسى( 3 : 9 ) كما قال : اطرحوا عنكم الكذب افسس( 4 : 25) ويقول يشوع الكذب عارٌ قبيحٌ في الإنسان، وهو لا يزال في أفواه فاقدي الادب" (سفر يشوع بن سيراخ 20: 26) . في حين نجد في الاسلام يصرح النبي: الكذب في ثلاث ( فى مسند احمد كتاب من مسند القبائل باب من حديث اسماء ابنه يزيد
حدثنا عبد الرزاق اخبرنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن اسماء ابنه يزيد عن النبى قال : لا يصلح الكذب الا فى ثلاث كذب الرجل مع امراتة لترضى عنه او الكذب فى الحرب فان الحرب خدعة او الكذب فى اصلاح بين الناس).
ويستكمل بريستد كلامه عن الكذب قائلا بل قد ظهرت أمامي تجارب أشد إقلاقا لنفسي وذلك عندما كشفت وانا مستشرق أن المصريين كان لهم مقياس خلقي اسمي بكثير من الوصايا العشرة التي لم تحرم الكذب صراحة وان هذا المقياس ظهر قبل ان تكتب تلك الوصايا بقرون عديدة .
والاله ماعت الباعث للصدق والحق والعدل كان له شأنا عظيما في مملكة مصر بل كان للمصري ان يعترف امام الالهة بعد موته ضمن مايسرده من اعترافات انه لم يكذب حتي يكون له النصيب الصالح في الآخرة.
والكذب هو آفة من آفات الخطية التي إلتصقت بالجنس البشري بعد سقوط آدم وحواء في جنة عدن والبعض يحاولون تصنيف الكذب إلى نوعين كذب أبيض يحللونه لأنفسهم لأن له حسب قولهم هدف وغاية جيدة وكذب أسود وهو مُدان لأنه حسب قولهم يؤذي ويُضر وليس له هدف وغاية جيدة تبرره. ونريد أن نؤكد منذ البداية أن الكذب هو خطية ولا يوجد خطية بيضاء وخطية سوداء. وذلك لأن كلمة الرب منذ البدء أدانت كل ما هو كذب بكل اشكاله كما يقول الرب في سفر اللاويين بكل وضوح وبدون أي تصنيف أبيض واسود
كما ان الكذب يحمل في طياته ايضاً الغدر بالشخص المكذوب عليه وهنا يتكلم الرب بصيغة الأمر بدون أن يترك لنا مجالاً لكي نفكر أو أن نفهم فيقول ولا تكذبوا ولا تغدروا احدكم بصاحبه لاويين (19:11).
ويكتب امري المؤرخ والعالم"إن عظمة مصر تتجلي في تاريخ حضارتها ومدنيتها واخلاقها التي استمرت خمسة الاف سنة عاشتها أمة عظيمة موحدة ثابتة منظمة كانت دائما تخطو الارتقاء والتقدم".
والديانة المصرية القديمة _ رغم وثنيتها وعدم خلوها من الأساطير – إلا انها آمنت بالخلود والقيامة من الأموات,فحرصت علي مبادئ الاخلاق وعدم التفوه بالكذب كما اشتركت مع الأساطير بضرورة الثواب والعقاب . وأعتقدت أن البشر يحوون قبسا إلهيا , ويمكنهم أن يصبحوا آلهة حال مماتهم
ورغم تعدد الالهه , لم يتصفوا بالتعصب العقائدي , بل كان هناك التسامح الديني بين المصريين ورغم انهم آمنوا بان الالهة تساعد فرعون في حربه, الا ان هذه الحروب لم تكن ابدا تبشيرية بالهتهم, بل كان التسامح وحرية الدين سمة وعلامة لهم في كل البلاد التي احتلوها او للاجانب الذين استوطنوا بمصر .
وكل الوثائق البردية تكشف لنا فجر الضمير ونشوء اقدم السلوك ومانتج عن ذلك من ظهور عصر الاخلاق واهدت للعالم لاول مرة في التاريخ حضارة مبنية علي التوحيد والضمير والاخلاق .
ولكن ماعسانا الان إلا ان نقول بحسرة :اين مصر الخالدة وماذا فعلنا بها وماذا قدمنا لها ولابنائها ؟؟هل مازالوا علي العهد باقين يرفعون شعار الحق والعدل والصدق هل مازال في ضميرهم الاله ماعت ام كفروا به لانه كافر يستحق القتل بأثر رجعي , هل ساروا علي نفس درب اجدادنا الذين لم يتصفوا بالتعصب العقائدي اما نحن نعيشه لشوشتنا من خلال التيار الوهابي القادم لنا من بلاد البدو والصحراء , و نبشر به بل ونصدره ايضا للعالم كله , هل يوجد عدل ماعت في القضاء الظالم المرتشي الذي ابطل القانون في احيان كثيرة ليحكم بشريعة كارهه للاخر وتعمل علي قتله بظلم وبدون عدل أو رحمة , وهل يوجد روح ماعت في امن الدولة الذي يقف بالمرصاد وتوحش ضد الشعب معتبرا ان الكل خرج عن القانون الغائب ولا يستحق الا الجلد والعذاب .
وفي ظل مانعيشه خلال هذه الايام في مصر الوهابية نيقن تماما باننا تقدمنا بسرعة للخلف الي ماوراء التاريخ الذي عاد مرة ثانية بقوة وكما قال العالم بريستد : ان الانسان قد بدأ حياته متوحشا مجردا من الاخلاق .
ان مصرنا الحبيبة الآن لاتعرف الحق او العدل او الصدق .. وخلي منها وانتفي تماما الضمير والاخلاق في ظل التدين الحالي وعلماء الدين .. بعد ان كانت يوما ما بمقتضي الديانة الوثنية الكافرة ومفكريها الفراعنة .. مهد الحضارات ومهبط الاديان والعقائد ومصدرالعلم كما يذكر د. سيد كريم في كتابه لغز الحضارة المصرية _ وعمار يامصر. وللموضوع بقية



#لطيف_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيدان واسرار الخلاف في معني الجزية والذمة (2)
- يوسف زيدان واسرار الخلاف في الجزية والذمة
- النيروز عيد لكل المصريين
- الجنرال يعقوب المفتري عليه (5)
- الجنرال يعقوب المفتري عليه 4/5
- الجنرال يعقوب المفتري عليه3/5
- الجنرال يعقوب المفترى عليه وطني غيور ... أم خائن لوطنه 2/5
- الجنرال يعقوب المفتري عليه
- الاقباط في ظل مناخ الوطن للجميع


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لطيف شاكر - فجر الضمير والحضارة