أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!















المزيد.....

نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2784 - 2009 / 9 / 29 - 16:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حولت الدوائر الحكومية، أو المحسوبة عليها، معركة انتخاب مدير عام منظمة اليونسكو إلى "ميلودراما"، أشبه بالمسلسلات الرمضانية، التى تنتقل من الفرح الشديد إلى الحزن الأسود الكئيب المصحوب بالمراثى والبكائيات ولطم الخدود وشق الجيوب.. دون مبرر منطقى فى الحالتين.
فقد كانت الحكومة المصرية هى أول من رفع سقف التوقعات فيما يتعلق بفرص المرشح المصرى، وزير الثقافة المخضرم فاروق حسنى، فى الفوز بمنصب مدير عام اليونسكو.
وعندما جاءت نتيجة الانتخابات لهذا المنصب الدولى على عكس ما نتمنى، وخلافاً لسير الأمور فى الجولات الأربع الأولى التى حافظ فيها فاروق حسنى على مركز الصدارة – حتى لم يعد يفصله عن الفوز سوى صوت واحد – لم تجد المراجع الحكومية تفسيراً لهذا التحول "الميلودرامى" سوى كلمتين هما "المؤامرة" و"الخيانة".
بل إن المرشح المصرى، الوزير فاروق حسنى، قد تبنى هو نفسه منهج التفسير التآمرى لموقعة اليونسكو، فقال فى حديث أدلى به لصحيفة "الأخبار" بعد انتهاء المعركة "حزنى ليس شخصياً بقدر ما هو تعبير عن حلم تمنيت تحقيقه لبلدى. ولكنهم سرقوا منى هذا الحلم الذى هو فى الحقيقة حق أصيل للعرب ولمصر على وجه التحديد".
وعندما حاول الزميل علاء عبدالهادى التأكد من أن كلمة "سرقونا" هى الكلمة الصحيحة التى سمعها رد عليه الوزير قائلاً بحسم : "نعم لقد تكالبت علينا قوى الشر للقضاء على فرصتى فى اعتلاء منصب مدير عام اليونسكو. ولتحقيق ذلك سرقوا منى صوتين فى الجولة الأخيرة بعد أن وجدوا أنى خصم عنيد وليس من السهل القضاء عليه. فعلوا كل شئ .. وفى النهاية فوجئوا بأنى تعادلت مع بوكوفا ولم يكن هناك حل سوى الخيانة.. فقد تعرضت للطعن فى الظهر من بعض الدول الأوروبية التى وعدت مصر بأنها سوف تصوت لصالحى، ثم خانت".
وليست هذه الدول الأوربية – التى لم يحددها بالاسم – هى وحدها التى خانته وإنما كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى "رأس الحربة فى محاربته علنا" على حد قوله، بينما كانت المنظمات الصهيونية واللوبى اليهودى هى التى تشعل النار فى الخفاء.
واستنتج فاروق حسنى من ذلك أن المعركة لم تكن معركة انتخابية نزيهة وشريفة. وأن الهدف الرئيسى للألاعيب التى تم تدبيرها ضده كان الحيلولة دون وصول مرشح "عربى مسلم" لمنصب مدير عام اليونسكو .. "وتحديدا فاروق حسنى بسبب مواقفى المعروفة والمعلنة التى أزعجتهم".
***
وكان من الطبيعى أن يصاحب هذا التفسير التآمرى حالة من الغضب العارم التى اجتاحت الدوائر الثقافية المصرية، ولكنه غضب مبطن بقدر كبير من التشاؤم والاحباط لأن المحصلة الأساسية لكل ما حدث تبعا لذلك هى تأكيد عنصرية الغرب الذى لم يدخر وسيلة لـ "الحيلولة دون وصول مرشح عربى مسلم لمنصب مدير عام اليونسكو".
***
ورغم الحزن القومى العام لخسارة هذا المنصب الدولى الذى بدا وأنه فى متناول اليد، فإن هذا التفسير الشائع ليس فوق مستوى الجدال كما أن النتيجة التى يؤدى إليها فيها نظر هى الأخرى.
فهذه انتخابات .. وكأى انتخابات لابد أن يكون هناك رابحون وخاسرون.. وفى كل انتخابات لا يكون الفوز من نصيب الكفاءة فقط وإنما يرجع فى أحيان كثيرة إلى "التربيطات" والتكتيكات الانتخابية التى تحاول توسيع معسكر الأصدقاء والحلفاء وتضييق معسكر الخصوم وتحييد من لا يمكن كسبهم ولا تنبغى عداواتهم.
وهذا ما حدث بالضبط فى انتخابات اليونسكو التى أبلى فيها المرشح المصرى فاروق حسنى بلاء حسنا وحصل على نصف الأصوات ناقص صوت واحد فقط.
وهذا فى حد ذاته إنجاز مهم فى كل الأحوال، وتقدم كبير إذا قارناه خصوصا بصفر المونديال الشهير.
لكن المرشح المصرى لم يكن يلعب وحده فى الميدان، بل كان له منافسون هؤلاء المنافسين ليس مطلوباً منهم أن يصوتوا لصالح خصمهم المصرى أو يحثوا الناخبين الأخرين على الاقتراع لصالحه حتى لا نغضب منهم. بل الطبيعى أن يسعوا إلى اختراق جبهته واستمالة أصوات من داخل معسكره. وهو ما حدث فعلاً وما نجحوا فيه بينما لم ننجح نحن فى اختراق جبهتهم لاقتناص الصوت المرجح.
فهل هذا الذى حدث يمثل "مؤامرة" و"خيانة" و"سرقة"!!
بالقطع .. لا.
وبالعكس فإن التمسك بنظرية المؤامرة يمكن أن يؤدى إلى اتهام مضاد للذين يتبنونه بـ "السذاجة" والغفلة، لأنهم ببساطة صدقوا وعودا معسولة من البعض، رغم أن هذه الوعود بلا أساس.
وهذا يؤدى إلى اتهام آخر لهم بانهم يمارسون الحب من طرف واحد مع حكومات وإدارات دول بعينها، وبالتحديد مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية مثل فرنسا والتى قالت جريدة "لوموند" أنها صوتت ضد فاروق حسنى وعملت ضده فى الجولة الأخيرة.
وهذا معناه أن هناك خطأ فى الحسابات والتقديرات والتحالفات
فالحكومة المصرية هى التى لا تكف عن ترديد الشعارات القائلة بان العلاقات المصرية الأمريكية "علاقات استراتيجية".
والحكومة المصرية هى التى قامت بتسويق صورة الرئيس الفرنسى ساركوزى وتصويره كحليف مهم لمصر من خلال "الاتحاد من أجل المتوسط" وغيره من الصياغات الجوفاء.
والحكومة المصرية هى التى وضعت مركز الثقل الأساسى للدبلوماسية المصرية فى "الشمال"، وتعاملت مع دول "الجنوب" معاملة هامشية، دون اكتراث ودون جدية، وكان من الطبيعى أن نحصد نتيجة هذا الاهمال التاريخى لحلفائنا الحقيقيين فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فى مثل هذه المناسبات المفصلية. فماذا قدمنا لهم حتى ننتظر منهم تأييدا لنا ووقوفا إلى جانب مرشحنا فى انتخابات اليونسكو؟!
أما حكاية اللوبى الصهيونى والشكوى منه، فهى حكاية أخرى غريبة، لأن الحكومة المصرية تحافظ على السلام – حتى ولو كان سلاماً بارداً – مع إسرائيل، وتستقبل المسئولين فيها، بمن فى ذلك أكثرهم تطرفا وغطرسة وعنصرية مثل بنيامين نتينياهو، وتحث كل الأطراف الفلسطينية والعربية على انتهاج سياسة الصلح مع الدولة اليهودية.
وكل هذه الدوائر التى يتهمها المرشح المصرى، وكثير من الدوائر الحكومية المصرية، بالعنصرية ومحاولة قطع الطريق أمام تولى عربى مسلم منصب مدير عام اليونسكو، هى ذاتها التى تربطها بالحكومة المصرية تحالفات راسخة، وتضعها على رأس معسكر ما يسمى بـ "الاعتدال". والحكومة المصرية بدورها لا تنفى ذلك بل تفاخر بانها "إمام المعتدلين" فى مواجهة فسطاط "الممانعة والممانعين".
فإذا كان الأمر كذلك.. لماذا إذن ينقلب حلفاء الحكومة المصرية الاستراتيجيين على أعقابهم بين عشية وضحاها ويعاملوا المرشح المصرى الفنان فاروق حسنى كما لو كان أسامة بن لادن العربى المسلم الأصولى المتطرف الإرهابى.. رغم أن الرجل لم يتأخر أثناء حملته الانتخابية الطويلة عن تقديم هدايا ثمينة لاسترضاء إسرائيل.. واللوبى الصهيونى. ولم يتأخر عن إظهار ولعه بالفرانكفونية حتى أنه فضل أن يتحدث باللغة الفرنسية أثناء تقديم نفسه فى السباق الانتخابى، مما حدا بمفكر فرنسى كبير – مثل اريك رولو – إلى استهجان عزوف المرشح المصرى عن الحديث بلغته الوطنية واصفا ذلك بأنه "عار"!
***
طبعاً .. فاروق حسنى لم يتحول إلى أسامة بن لادن أو أيمن ظواهرى جديد، والتحالفات السياسية بين الحكومة المصرية وواشنطن والعواصم الأوروبية – بما فيها باريس – لم تتغير، وعلى الأرجح أنها لن تتغير فى المستقبل القريب على الأقل، سواء بسبب انتخابات اليونسكو أو غيرها، وهذه البكائيات الانفعالية التى نسمعها بكثافة هذه الأيام، بما فيها من تلويح باتخاذ مواقف حاسمة ضد عنصرية الغرب، ستتلاشى بعد فترة تطول أو تقصر، لتعود ريما إلى عادتها القديمة.
وعندما ينقشع غبار موقعة اليونسكو ستنكشف حقائق كثيرة، وربما تظهر إجابات عن أسئلة حائرة، ومنها على سبيل المثال ما مدى صحة ما تردد عن أن الجانب الأمريكى أبلغ مصر تصريحاً او تلميحاً بانه يفضل أن يكون لمصر مرشح آخر غير فاروق حسنى، وأن الإدارة الأمريكية ليست ضد مرشح مصر بالمطلق ولكنها تعترض فقط على شخص فاروق حسنى لقائمة طويلة من الأسباب التى تضمنتها العديد من التحليلات والتقارير الاخبارية.
***
باختصار .. نريد أن نستخلص الدروس المستفادة من موقعة اليونسكو، وبداية الطريق نحو ذلك هى أن ننبذ نظرية "المؤامرة" و"الخيانة" و"الطعن فى الظهر"، وربما يكون أهم هذه الدروس قاطبة هى ضرورة إعادة هندسة الدبلوماسية المصرية بحيث ينتقل مركز ثقلها من الشمال إلى الجنوب، حيث يوجد حلفاؤنا الحقيقيين الذين يحتاجون إلينا ولا يمكن أن نستغنى عنهم فى السراء والضراء.. فقد احتجناهم أمس من أجل اليونسكو ونحتاجهم اليوم من أجل مياه النيل وسنحتاجهم غدا من أجل ضرورات البقاء فى ظل تغيرات مناخية وجيواستراتيجية وكونية غير مسبوقة.
وإذا كان هذا هو الدرس الرئيسى الذى استفدنا به من موقعة اليونسكو.. فإنه كاف جدا لأن نشكر الفنان فاروق حسنى.. ونشد على يده.. ونطالبه بأن يكبح جماح غضبه فهى – طلعت أو نزلت – مجرد انتخابات.





#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟̷ ...
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
- يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
- عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
- الحياة.. بدون محمود عوض!
- الفتنة الصحفية.. الكبري!
- حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
- مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!
- في عام 2002 دق »تقرير التنمية الإنسانية العربية« نواقيس الخط ...
- أسماء .. الفلسطينية!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية
- قراءة سريعة في تقرير مهم (3 3)
- وهم حوار الحضارات
- سيد القمني.. وجائزته الملغومة
- قراءة سريعة في تقرير مهم (2):
- وصمة عار وشعاع أمل:لبنى .. السودانية
- قراءة سريعة في تقرير محترم (1)التقرير السنوي السادس للتنافسي ...
- ما رأى بشير عقيل؟!حسنة وأنا سيدك!
- مروه.... -النوبية-


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!