أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - إيران وإسرائيل وصالح المطلك ورفاقه و -مخطط حرق الأعشاش-















المزيد.....



إيران وإسرائيل وصالح المطلك ورفاقه و -مخطط حرق الأعشاش-


محمد ضياء عيسى العقابي

الحوار المتمدن-العدد: 2782 - 2009 / 9 / 27 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(تنويه 1:
ماهية الطغمويين والنظام الطغموي:
الطغمويون هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية والقومية والبعثية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارست النظم الطغموية الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مبرقعة، ومارسوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة.)
(تنويه 2:
موقفي من النظام الإيراني:
أنا من معارضي نظام ولاية الفقيه في إيران ومن معارضي إقحام الدين في السياسة ومن مؤيدي فصل الدين عن الدولة، ومع النظام الديمقراطي الحقيقي، ولست من مؤيدي ستراتيجية المواجهة النووية مع إسرائيل بل أقف إلى جانب سياسة السلطة الفلسطينية الرسمية بقيادة السيد محمود عباس، كما إنني من الحانقين على قيام إيران بدعم وتجهيز الطغمويين وغيرهم من الطائشين بوسائل الإرهاب في العراق الموجه ضد الشعب العراقي والشيعة والأكراد منه أساسا. وأخيرا فإني أدعم سياسة الحكومة العراقية بعدم إنضمام العراق إلى أي جهد لمعاداة إية دولة مجاورة ولا تتدخل في شئونها الداخلية إذا ما تعاملت تلك الدول مع العراق بالمثل، ولو أن هذه السياسة كلفت العراق إمتعاضا أمريكيا حسب تقديري. لذا فإن تحري السر الذي يقف وراء حملة السيد صالح المطلك ورفاقه ضد إيران هو أمر يفرضه واجب التنبّه إلى ما يحاك ضد الشعب العراقي ونظامه الديمقراطي الوليد من قبل البعض.)
القضية:
لا أريد أن أعقب على جميع ما طرحه الدكتور صالح المطلك في حواره، المعاد بثه بتأريخ 14/9/2009 و15/9/2009، مع الإعلامي السيد فلاح الذهبي في فضائية "الحرة" الذي واصل فيه ديدن الطغمويين في رفض الآخر ونزع المواطنة عنه ليخلو لهم الجو لحكم العراق على أساس أنهم، وحدهم، المؤهلون لحكمه وطنية وحرصا وخبرة. كما حمّل الدكتور صالح الشعب العراقي منيّة قبوله بحكام "غير وطنيين" جاءوا عن طريق إنتخابات "مزيفة" (وستبقى "مزيفة" إلى أن تحصل جبهته على الأغلبية)، حسب الفهم الذي تركه لدى سامعه. (ما أصدقه وما أكذب الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والجامعة العربية وأكثر من ربع مليون مراقب محلي وأجنبي للإنتخابات العراقية!!.)
بل أريد أن أبحث فقط قضية واحدة وبعض ما يدور حولها، وهي سر الإلحاح في هجوم الدكتور المطلك وبعض زملائه من الطغمويين المتواصل والمتصاعد على إيران. لقد تجاوزوا في هذا المضمار الصيغة التقليدية القديمة المألوفة في الهجوم الرامية إلى تبرير إقصاء الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي عن المشاركة في إدارة شئون بلادهم بل وقتلهم جماعيا وممارسة سياسة التطهير الطائفي والعرقي ضدهم، بدعوى كونهم عملاء لإيران (بسبب تماثل إنتمائهم المذهبي لا غير)، وبدعوى كون إيران عدوا تأريخيا لدودا للأمة العربية. لذا كان هناك نشرا صارخا للكراهية وزرعا مكثفا للأحقاد.
ولكن كل ذلك لم يرق إلى المستوى الذي بلغه الإلحاح هذه المرة.
لقد إتهم السيد صالح إيران، مثلا، بجميع ما حصل في العراق من إرهاب أخذ شكل قتول وتفجيرات ومفخخات منذ سقوط النظام البعثي الطغموي حتى يومنا هذا بضمنها تفجيرات الآربعاء الدامي في 19/8/2009 التي طعنت السيادة العراقية ليس عن غير قصد في تخطيط النظام السوري (وسأتناول ذلك في مقال منفصل). وقد رفض الأدلة التي قدمتها الحكومة العراقية من قرائن وتورط بعثيين عراقيين داخل العراق وفي سوريا، من منطلق أن "من شرب من ماء الفرات لا يمكن أن يقوم بقتل العراقيين" على حد قوله . وإذا كان هناك طرفا آخر متورطا في مثل هذه الجرائم فقد تكون الصومال وغيرها. هذا ماقاله الدكتور المطلك بعد توجيه السيد فلاح له سؤالا عما إذا كانت إيران هي الملامة الوحيدة في جميع هذه الأعمال الإجرامية. لقد طالب المطلك برفع شكوى على إيران قبل رفعها على سوريا بسبب الإرهاب والقتول وبسبب تدمير العراقيين نتيجة قطع ماء دجلة عنهم.
لماذا الهجوم الصاعق:
أعتقد أن وراء هذا الهجوم الصاعق سر لابد من تقصيه فهو هجوم غير إعتيادي يفوق مسألة توظيف الديماغوجية لأغراض التحشيد الداخلي لترويج مفاهيم الإقصاء والتجريح والتخوين واللعب على الوتر الطائفي بأمل الوصول إلى إستعادة السلطة.
التناغم مع الهم الإسرائيلي:
لاحظت أن تصاعد هجوم الدكتور المطلك ورفاقه على إيران يسير بالتوازي مع تصاعد النرفزة التي تعتري الغرب عموما والتي تعتري إسرائيل خصوصا يوما بعد يوم، خاصة في ظل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، نتيجة ما يلي:
أولا: ما تشيعه الولايات المتحدة وإسرائيل من تقدم إيران في موضوع تخصيب اليورانيوم الذي يفسرونه بأنه إقتراب من موعد إنتاج السلاح النووي الذي قد يحيّد السلاح النووي الإسرائيلي ،
ثانيا: إبتعاد إمكانية إسرائيل من توجيه ضربة جوية إستباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية لأسباب تقنية وسياسية. نقلت فضائية "الجزيرة" بتأريخ 20/9/2009 عن الرئيس الروسي ميدفيدف قوله " إن إسرائيل لا تخطط لضربة عسكرية ضد إيران" ، كما نقلت الجزيرة عنه وصفه لمثل هذا الهجوم بأنه "أسوأ شيء يمكن تصوره". وواصلت الجزيرة تقريرها بالقول "وفي مقابلة مع قناة سي إن إن التلفزيونية الأميركية أذيعت اليوم، أكد ميدفيديف أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز تعهد بذلك خلال اجتماع معه في أغسطس/آب الماضي؛ وقال إنه عندما زاره في سوتشي صرح بيريز "بشيء مهم بالنسبة لنا جميعا" وهو أن إسرائيل لا تعتزم توجيه أي ضربات لإيران، وقال (بيريز) "نحن بلد مسالم ولن نفعل ذلك"؛ وأضاف أنه من شأن مثل هذا الهجوم أن يؤدي إلى "كارثة إنسانية وعدد ضخم من اللاجئين ورغبة من إيران في الانتقام ليس فقط من إسرائيل كي أكون صريحا، ولكن من دول أخرى أيضا"؛ وتابع ميدفيديف حسب نسخة من المقابلة وزعها الكرملين "لكن زملائي في إسرائيل أخبروني أنهم لا يعتزمون التصرف بهذه الطريقة وأنا أثق بهم"". ونقلت فضائية "الحرة"
هذا ولا أعتقده ذا أهمية حقيقية تعقيب قائد الأركان الإسرائيلي في اليوم التالي (21/9/2009 ) على هذه التصريحات وتأكيده بأن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" وتصريحات المتحدث بإسم الخارجية الإسرائيلية بأن "تطمينات بيريز لميدفيدف ليست ضمانة ضد توجيه ضربة عسكرية" على حد ما نقله عن ميدفيدف قوله بأن روسيا سوف لا تقف مكتوفة الأيدي فيما لو تعرضت إيران لهجوم رغم عدم وجود معاهدة دفاع مشترك بين البلدين. تلفزيون ال بي بي سي العربي.
يضاف إلى ما تقدم، أن الإدارة الديمقراطية بقيادة الرئيس أوباما غير راغبة، بتقديري، في قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية جوية إلى إيران ؛ على الأقل خلال الفترة التي يمسك بها أوباما زمام الأمور في يده قبل بلوغ الحالة المحتملة بتمكن صقور حزبه والجمهوريين من تقييده وإفشال سياساته الليبرالية خاصة ما يتعلق بموضوع الرعاية الصحية للملايين المحرومة منها.
ثالثا: إقتراب إمكانية إنهاء حالة التفوق المطلق لسلاح الجو الإسرائيلي عبر إحتمال قرب إمتلاك إيران وسوريا وحزب ألله وربما حركة حماس صواريخ دقيقة وفعالة مضادة للجو. كل هذا قد يحرم إسرائيل من مفردات تفوقها العسكري الحالي على كافة الدول العربية مجتمعة.
هنا وجد الدكتور صالح ورفاقه من الطغمويين ضالتهم التي تداري خيبتهم في فشل الإرهاب لإستعادة النظام الطغموي وفشل جهودهم في تخريب النظام الديمقراطي العراقي من الداخل. تمثل ذلك بعرض البضاعة التي سبق وأن إشتراها رأس النظام الطغموي البعثي صدام من الأمريكيين فشن على إيران حربا مدمرة للطرفين ولا مبرر لها دامت ثماني سنوات؛ وبعد الضحك عليه بوعد فضفاض يقضي بضم الكويت إليه، وتدمير العراق بعد إحتلال الكويت وتحريره وفرض الحصار الجائر (على العراقيين وليس على النظام)، عاد النظام الطغموي ليعرض نفس البضاعة، أي محاربة إيران، على أمريكا وإسرائيل بعد أن تزايد نشاطها النووي، يوم إتبعت أمريكا سياسة "الإحتواء المزدوج" على العراق وإيران، مقابل فك الحصار عنه وتطبيع العلاقات معه، ولكنه فشل لأن بضاعته أصبحت بائرة وأصبح صاحبها كاردا محروقا فأرسل ونظامه إلى المزبلة.
نبذة تأريخية:
لم تكن هذه المحاولة الأولى، من قبل النظم الطغموية، لتقديم عرض بمضمون ما لأمريكا وإسرائيل، فقد سبقته عروض عديدة بدء من النظام الملكي السعيدي مرورا بالتآمر على ثورة 14 تموز الذي نجح في قيام النظام البعثي ـ القومي بعد إنقلاب 8 شباط /1963 الدموي بمساعدة وكالة الإستخبارات المركزية (سي آي أي) ؛ ومن ثم إقدام النظام البعثي الطغموي على إشعال الحرب العراقية ـ الإيرانية؛ وما تلا ذلك من عرض تقدم به رأس النظام صدام إهتمت به إسرائيل كثيرا وهو مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق مقابل تطبيع علاقات أمريكا معه؛ ولو إن ذلك المشروع لم يكن من أولويات الإهتمام الأمريكي في حينه (ولكنه سيصبح الآن في ظل الإدارة الديمقراطية في عداد الأولويات، كما أتوقع) لذا فلم يسعف النظام البعثي الطغموي من السقوط .
نعم عاد اليوم الدكتور صالح المطلك ورفاقه إلى تقديم عرض بذات البضاعة على أمريكا وإسرائيل، وهي في حالة هياج ملحوظ، أي زج الشعب العراقي في حرب مع إيران مقابل تسليمهم السلطة في العراق ثانية . إعتقد أن هذا هو السر الذي يكمن وراء هذا التصعيد الجنوني في حملتهم على إيران.
تذكير بالأمس القريب:
وللحقيقة فإن التهافت على تقديم عرض، لأمريكا وإسرائيل، لإقحام العراق في حرب مع إيران بالنيابة عنهما مقابل إعادة السلطة إليهم، كما فعلها زعيمهم من قبل دون جدوى، لم يكن وليد اليوم على لسان الدكتور صالح المطلك وحسب. بل تهافت جميع السياسيين الطغمويين تقريبا وفي كل تصريح يطلقونه دون كلل أو ملل منذ أن أثير موضوع التسلح النووي الإيراني. أدرج أدناه بعض حالات من هذا القبيل:
أولا: حسب بعض وكالات الأنباء، قدم الدكتور أيهم السامرائي، بمعية الدكتور عدنان الباجه جي والسيد سعد البزاز بمباركة هيئة علماء المسلمين والسيد محمد سعيد الصحاف، مشروعا إلى الأمريكيين والدول الغربية، نيابة عن حزب البعث المنحل، يتضمن تعهدا بتلبية جميع المطالب والمشاريع الأمريكية في العراق والمنطقة محذّرين من الحكم الجديد (المنتخب) في العراق لميله نحو إيران ( وهذا تنويه وتذكير بالخطر الإيراني على إسرائيل) مقابل إعادة السلطة إلى الطغمويين. كان ذلك على هامش، ومن خلف كواليس، مؤتمر بروكسل الذي دعت له المفوضية العليا للإتحاد الأوربي لدعم العملية السياسية في العراق أيام وزارة الدكتور إبراهيم الجعفري.
ثانيا: نقلت فضائية الحرة مشهدا حيا أظهر الدكتور أيهم السامرائي وهو يلقي خطابا في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن. لقد أعلم الدكتور السامرائي مستمعيه بأن "المقاومة" قد كلفته بإبلاغ الأمريكيين بأنها لا تضمر أي عداء لهم ولحكومتهم؛ إنما مشكلتها تنحصر في عداء الفرس جنوب العراق، وهي تريد مقاتلتهم هناك إذا إستعصى الأمر على الأمريكيين.
ثالثا: نشرت الصحيفة الإسبانية البيسو إستنادا إلى مصادرها في واشنطن تقريرا، وأعادت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية نشر التقرير بتأريخ 27/1/2007 بالصيغة التالية: "إن الرئيس الأمريكي جورج بوش قال للدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي خلال زيارته الاخيرة لواشنطن ان زمن الاستئثار بالسلطة من قبل أقلية عشائرية حاكمة قد ولى ولن يعود، وان على السنة ان ينسوا صدام ونظامه. جاء ذلك في رد على اقتراح الهاشمي بتسليم المواقع الحساسة في السلطة العراقية الحالية للسنة لمواجهة الخطر المشترك الذي يعتقده الهاشمي انه يواجه امريكا والسنة.
وقالت الصحيفة ان الهاشمي علل طلبه هذا بأنه يحقق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وعزز رأيه بأن جميع الانظمة السنية العربية في المنطقة راعية للمصالح الحيوية لاميركا في الخليج والشرق الاوسط، بينما تهدد ايران سلامة الملاحة في خليج هرمز، وتمارس دورا معاديا لامريكا في العراق، وتعرقل عملية السلام في الشرق الاوسط عن طريق دعمها لحماس وحزب الله، في الوقت الذي يلعب السنة دورا ايجابيا في تأمين تدفق النفط وحل النزاع العربي الاسرائيلي بالطرق السلمية.
لكن الرئيس الامريكي وحسب ما تذكره الصحيفة إعترض على هذا الراي وقال بأن مرحلة صدام انتهت ولا يمكن العودة اليها، وأن استراتيجية اميركا الجديدة في إبعاد شيعة العراق عن ايران هي في اعطاء الشيعة في الحكومة والبرلمان دورا مناسبا لحجمهم الحقيقي لكي يضمنوا حقوقهم في ظل المشاركة بالسلطة لا بالتحالف مع دولة أجنبية. وتضيف الصحيفة ان هذا اللقاء أشاع اليأس في اوساط سياسيي السنة الذين كانوا يؤملون ان تلتفت الولايات المتحدة الى الاخطار التي تهدد مصالحها."
لدي ملاحظات حول ما نقل عن السيد طارق الهاشمي أذكر أهمها:
1:- إني على ثقة بأن القارئ الكريم يدرك بأن تضمين إسم السنة العرب العراقيين في تقرير الصحيفة الإسبانية أعلاه التي نقلت الكلام عن مصدر أمريكي، هو إقحام قسري غير صحيح لأن المقصود الحقيقي هم الطغمويون الذين لا يمثلون السنة العرب ولا أية قومية أو دين أو طائفة بل هم لملوم من الجميع كما ذكرت في مقدمة هذا المقال.
2:- لا يخجل السيد طارق من الإشادة وإبداء الفخر حيال السجل غير المشرف للنظم العربية التي أضاعت فلسطين وساهمت في نكبة الشعب الفلسطيني. والأنكى من ذلك فإن السيد الهاشمي يعد الرئيس بوش بأنه سيسير على هدى تلك السياسات الخيانية فيما لو ساعدته أمريكا على إضطهاد الشعب العراقي وإلغاء ديمقراطيته وإستلاب السلطة منه قسرا وتسليمها للسيد طارق وصالح المطلك وباقي الطغمويين.
3:- أما يدرك السيد الهاشمي بأن تسليمه ورفاقه الطغمويين السلطة من قبل أمريكا لا يمر إلا عبر إنقلاب عسكري تذهب ضحيته أعداد غفيرة قد تتجاوز المليون من الأبرياء المعتزين بنظامهم الديمقراطي وقد إنطلقوا من قمقم العبودية والإبادة الطغموية ويرفضون العودة إليه؟. بكل تأكيد لا يتوقع السيد الهاشمي أن يأتيه الحكم عن طريق الإنتخابات مع دعم أمريكي؛ لأن هذا الطريق قد تمت تجربته لصالح السيد أياد علاوي الذي عين كرئيس للوزراء بل في الحقيقة كان قد توج كملك على العراق من قبل الأمريكيين والطغمويين والنظام العربي الرسمي ممثلا بالسيد الأخضر الإبراهيمي ومن قبل الأمم المتحدة التي كان بعض مسئوليها الهامين حتى ذلك الوقت مازالوا مغمورين بعطف النظام السابق وكوبونات نفط العراق المسروق التي وزعها يسرة ويمنة لضمان السكوت على جرائمه ضد الإنسانية. ومع ذلك لفضته الجماهير عندما أتيحت لها فرصة التعبير عن نفسها بحرية، وهو الحق الذي إنتزعه السيد علي السيستاني من الأمم المتحدة ممثلة بالسيد الأخضر الإبراهيمي عندما تم الإقرار بأن خير وسيلة للتعبير عن رغبة الشعب العراقي هي صناديق الإقتراع.
4:- كيف يدعي السيد الهاشمي بمعارضته للإحتلال وهو يريد أن يدخل في صفقة مع أمريكا تديم أمد الإحتلال في العراق، لأن تسليمه السلطة من قبل الأمريكيين وضد إرادة الأغلبية الساحقة من العراقيين بجميع أطيافهم سيلزم القوات الأمريكية على المرابطة في العراق لحماية النظام المعزول الذي سيقوم على الأساس الذي أراده السيد الهاشمي أي مثلما حصل للنظام الطغموي الملكي الذي فرضه وحماه البريطانيون بتواجدهم العسكري الذي أصبحت صيغته "المهذبة" بعد إستقلاال العراق الرسمي عام 1932 على هيئة قاعدتين عسكريتين في الحبانية والشعيبة اللتين أغلقتهما ثورة 14 تموز عام 1958 ؟
رابعا: في 5/9/2007 نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية نص برنامج "بانوراما" في فضائية "العربية" بتأريخ 3/9/2007 حول موضوع " ما هو هدف زيارة بوش وأركان إدارته إلى العراق؟"، قال النائب في مجلس النواب العراقي السيد علي الصقري وكان يتحدث من بيروت ، ما يلي: "....... أراد الرئيس بوش أن يرى حقيقة بنفسه أيضاً قبل اتخاذ القرار حول موضوع أو ما هو مصير العملية السياسية, أنا أعتقد أيضاً أن الأمور ما رح يكون تغيير في تقرير بتريوس في العملية السياسية بشكل كبير, ولكن أعتقد التغيير اللي ممكن أن نعول عليه قد يكون بعد أن تكون هناك مواجهة بإذن الله ما بين الطرفين ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية, هذا اللي نأمله حقيقة...... " (وضعت الخطوط التحتية للإبراز ـ م.ض.ع.ع.)
ما لم يقله بصريح العبارة السيد النائب الصقري هو ما يأمله حقيقة أي نزاعا مسلحا بين العراق وإيران خدمة ومقايضة مع الأمريكيين والإسرائيليين.
للعلم فإن إسم النائب السيد علي الصقري قد ورد في التقرير التالي الذي نشرته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية حول مرافقته للنائب القاتل محمد الدايني وهو في طريقه للهرب من العراق بعد صدور أمر قضائي بإلقاء القبض عليه:
" وأضاف راضي في اتصال هاتفي مع وكالة (اصوات العراق) أن “الدايني تم تأشير جوازه في المطار، غير ان طاقم الطائرة أبلغ بالعودة بعد نحو عشرين دقيقة من انطلاقها في طريقها الى عمان، ونحن جميعا الآن في مطار بغداد”.
وأوضح ان “من بين النواب النائبة ميسون الدملوجي عن القائمة العراقية وعلي الصجري مستقل واسعد العيساوي عن قائمة التوافق”.
وعلل سبب مرافقته هو والنواب الثلاثة الاخرين للدايني قائلا “علينا الوقوف مع زميلنا الدايني في محنته.""
خامسا: دعى السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني الرئيس الإيراني الأسبق السيد علي أكبر هاشمي رفسنجاني لزيارة العراق لطمأنته بعدم وجود نوايا عدوانية عراقية ضد إيران وآملا إقناع إيران بالتخلي عن موقفها السلبي حيال العراق، فما كان من نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي إلا أن إهتاجت عواطفه الجياشة شفقة بالشعب العراقي فقرر مقاطعة إستقبال رفسنجاني أو اللقاء به؛ علما أن السيد الهاشمي كان قد زار إيران عام 2005 وهو الذي صرح وأشاع بأن إيران أبلغته بعدم وجود أدلة على تورطها في الأعمال الإرهابية ضد العراق. أعتقد أن السبب الحقيقي لموقف السيد الهاشمي هو إرسال رسائل لبيان الإستعداد لتنفيذ ما تريده أمريكا وإسرائيل بشأن إيران.
ملاحظات قريبة من الموضوع:
أدناه بعض الملاحظات الجانبية حول أقوال الدكتور صالح المطلك:
أولا: بعد إدانة مطولة لقيام الحكومة العراقية بإقتحام "معسكر أشرف" الذي كان قاعدة عسكرية أكثر منه مخيما للاجئين الإيرانيين من جماعة "مجاهدين خلق"، أعلن السيد صالح أنه يحب إيران كما أنه يحب "مجاهدين خلق" لكونهم يحبون شعبهم ويعملون بجد كما قال ؛ أي إن هذا الحب جاء من منطلق "أحبك وأحب كلمن إيحبك". لكنني أقول إن الأمر ليس كذلك، فحب "مجاهدين خلق" جاء من باب حب السيد صالح للأمريكان الذين أبدوا بدورهم عطفا على المجاهدين بأمل الإستفادة منهم يوم الوغى مع إيران أو مع الشعب العراقي ، مثلما إستفاد صدام منهم لقمع إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية الشعبية العراقية. لذا فحب صالح لمجاهدين خلق في الحقيقة جاء من باب "أحبك على حبهم إلك، يا مجاهد ياغالي". فالقضية لا علاقة لها باللجوء والأخلاق وحقوق الإنسان والشهامة العربية والإسلامية وغيرها من "بلتيقات" السيد صالح المطلك.
ثانيا: قال الدكتور صالح إنه قد فصل من حزب البعث في سبعينيات القرن الماضي وقد أسف على ذلك لأنه ما كان يريد ترك الحزب. غير أن الدكتور المطلك لم يخبر مشاهديه فيما إذا إكتفى حزب البعث بفصله من عضويته فقط أم أنه قد فصل أيضا من جهاز المخابرات الذي كان يعمل فيه (حسب المعلومة التي كشفها السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "الخليج" الإماراتية بتأريخ 13/9/2007 إذ قال عن السيد المطلك " وهو كان يشتغل مع المخابرات العراقية في عهد صدام.") من جهة أخرى فإن الدكتور صالح المطلك المطرود من حزب البعث إفتراضا مازال يدافع عن الحزب بشراسة مما يثبت ما ذهبت إليه في كلامي عن الطغمويين أعلاه من أنهم، الطغمويين، يثرد أحدهم بدم الآخر ولكنهم موحدون في مواجهة الشعب والديمقراطية.
صالح المطلك ومخطط "حرق الأعشاش":
أرى أن جهود الدكتور صالح المطلك وغيره من الطغمويين في هذا الوقت بالذات أصبحت تندرج في إطار معين وهو مخطط "حرق الأعشاش" الذي تفيد بعض التقارير الإعلامية بأنه من نتاج بعض الدول الإقليمية المتضررة من الديمقراطية العراقية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، للقضاء على النظام الوليد المتجه نحو الديمقراطية ؛ وهذا المخطط موكل إلى جميع أعداء الديمقراطية العراقية داخل العراق وخارجه من حكومات ومنظمات وجماعات وإعلام وإعلاميين وأفراد لتنفيذه والضرب إعلاميا بجميع الإتجاهات وبكافة الوسائل وفي كل وقت وفي كل مكان دون أي إعتبار لأية قيمة مع التركيز على الإنتخابات البرلمانية العراقية القادمة، وذلك مثلما ضربوا ويضربون إرهابيا بلا ذرة من شعور بوطنية أو تأنيب ضمير أو إحساس إنساني، دع عنك الرحمة .
لاحظت أن محوري النشاط اللذين يسير وفقهما مخطط "حرق الأعشاش" هما كما يلي (وقد سار على هدى هذين المحورين الدكتور صالح ورفاقه، في المقابلة وفي مجمل نشاطه ونشاطهم):
- رفع وتيرة العداء لإيران وإتهامها بكل شي، وذلك لخدمة هدفين يرميان إلى إستعادة السلطة (وهما لا يمكن أن يصدرا عمن يدعي الوطنية الحقة، بل ينحدران إلى مستوى الخيانة من قبل فئة صغيرة ينبذها جميع مكونات الشعب العراقي.)، وهذان الهدفان هما:
الأول، كما أسلفنا إرسال إشارات وتقديم عرض للأمريكيين والإسرائيليين بإستعداد الطغمويين إشعال حرب مع إيران لصالح الأمن الإسرائيلي.
والثاني، لإدامة العزف الممل على وتر إتهام الشيعة بالعمالة لإيران.
- محاولة تبرئة التحالف الطغموي ـ التكفيري من أفعاله الإجرامية بحق الشعب العراقي التي إقشعرت لها الأبدان بهمجيتها، وقد شخّص العالم أجمع مرتكبيها دون عناء مع خطأ واحد مع الأسف وهو شمول السنة العرب العراقيين في هذا الأمر وهذا ناجم عن تعمد الطغمويين والأمريكيين في إقحام إسم السنة العرب (بدل الطغمويين والتكفيريين) لأغراض تكتيكية معروفة تخدم مصالح خاصة لكل من الطرفين الطغموي والأمريكي.
وأكثر من هذا يحاول الطغمويون أيضا تلبيس الشيعة والأكراد مسئولية تلك الأفعال الإجرامية. ولا أعتقد أن عاقلا أو شريفا سوف يقبل هذا الإدعاء السخيف. فإن أراد البعض برهانا على بداية الإرهاب فتلك هي رسالة أبي مصعب الزرقاوي الشهيرة الموجهة إلى أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، التي أوضح فيها ستراتيجية "المقاومة" في العراق القاضية بقتل الشيعة لدفعهم إلى قتل السنة الذين سيلجأون بدورهم ضطرارا إلى "المقاومة" لحمايتهم وهكذا يصبح بالإمكان إشعال حرب أهلية توقف عجلة بناء الدولة الديمقراطية؛ (ولخيبة الزرقاوي وتابعيه من التكفيريين والطغمويين فقد باءت خطته بالفشل الذريع لوعي الشعب العراقي وحرصه على وحدته وديمقراطيته الوليدة.)
وإن أراد ذلك البعض برهانا طازجا فها هو البرهان الذي قدمه الدكتور صالح المطلك نفسه وفي المقابلة ذاتها في فضائية "الحرة" التي نحن بصدد مناقشة بعض جوانبها. فقد قال الدكتور صالح بأنه إذا لن تتم "المصالحة" مع جميع البعثيين ممن لا يثبت القضاء عليهم جرما فإن العنف سيستمر ولا يتوقف.
أسأل الدكتور صالح: كيف يمكن التصالح مع عزت الدوري الذي وضع الشروط "المتواضعة" التالية قبل أسابيع قليلة من الآن ونشرتها فضائية "الجزيرة" في تقريرها التالي الذي أوردت فيه المطالب التالية المدرجة في بيان عزت الدوري (الذي أسمته الجزيرة بالأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي في العراق)؟:
" وأول هذه الثوابت أنه لا لقاء مع "العدو" للتفاوض إلا بعد الإعلان الرسمي عن انسحابه الكامل والفوري من أراضي العراق.
أما الشرط الثاني فهو اعتراف "العدو" بالمقاومة الموحدة باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي.
واشترط الدوري كذلك إطلاق سراح جميع الأسرى والمسجونين والموقوفين دون استثناء، إضافة إلى إعادة الجيش والقوات المسلحة إلى الخدمة "وفق الأنظمة والقوانين التي كانت عليها قبل الاحتلال"".
النفاق:
- أكاد أكون واثقا أن الدكتور صالح وباقي الطغمويين لهم نفس رأي عزت الدوري في قرارة أنفسهم، ولكنني أتحداه إن كانت له ولأصحابه الشجاعة والأمانة الكافيتين لإعلان آرائهم الصريحة. إنهم لا يجرؤون على ذلك لأنهم يدركون أن هذه الآراء مرفوضة تماما وهي أقرب إلى أحلام اليقظة، وأن السيد المطلك ورفاقه في مجلس الحوار الوطني وجبهة التوافق العراقية موكل إليهم الظهور بدور المؤمن بالعملية السياسية لتخريبها من الداخل.
ولكن يجب التعمق في هذا الموضوع فأقول: أكاد أن أكون واثقا أيضا أن الدكتور المطلك ومعظم أمثاله من الطغمويين كالسادة طارق الهاشمي وعدنان الدليمي وحارث الضاري وغيرهم يمقتون في قرارة أنفسهم أشد المقت حزب البعث وصدام ومعظم البعثيين، لأنهم طالما تلقوا منهم الإهانات واللكمات وتعرضوا لإبتزازه وتوريطاته حتى إذا كانوا إفتراضا أعضاء في حزب البعث. هذه جزء من أخلاقية البعث تحت صدام وأسلوبه في إدارة الأمور والحفاظ على الولاء والطاعة العمياء لزعيمهم وولديه. لقد بلغ الأمر أن كلف صدام جهازا خاصا في المخابرات العامة يدعى "الجهاز الفني" كان يتولى مهمة إستدراج وتوريط بنات وزوجات الشخصيات المهمة في الدولة كالمسئوليين الأمنيين والعسكريين وبعض الوزراء وبعض رؤساء العشائر، وذلك لإبتزازهن وتسجيل أفعال شائنة لهن. يقوم صدام نفسه بعدئذ بعرض الشريط المصور على رب العائلة لإبتزازه بحجة ستر شرفه وحماية سمعته مقابل ولائه الأعمى. كان في آرشيف ذلك الجهاز ما يقرب من (150) شريطا مسجلا. لقد أدلى بشرح وافر حول هذه المعلومة الرائد خالد ساجد عزيز الجنابي من راديو "العراق الحر" قبيل سنة 2000. لقد كان الرائد خالد يعمل في ذلك الجهاز الفني، وفي أحد الأيام أخذ معه بعض هذه الأفلام وأطلع أخاه الفريق كامل الجنابي عليها لتحذيره، بعد أن رفض الفريق تصديق الوصف الكلامي، فجن جنونه على تلك "المكافئة" التي قدمها صدام للعسكريين الذين خدموا الحزب والدولة ( كان الفريق كامل الجنابي على رأس القوات العراقية التي إحتلت الكويت؛ وقبل عام 2000 قتله قصي بدم بارد في نادي اليرموك الترفيهي دون سابق إنذار أو مسوّغ كما أفاد الرائد خالد. بتقديري أن صدام قتل جميع الضباط الذين شهدوا خيبته في مغامرة إحتلال الكويت ومنهم العميد بارق الشيخ حنطة والعميد فاتح الراوي وقد ذكرهم السيد سعد البزاز في كتابه "الجنرالات آخر من يعلم"). وبالمناسبة، فقد ذكر راديو "العراق الحر" قي وقت لاحق بأن العميد طاهر الحبوش، الذي كان يشغل منصبا أمنيا رفيعا، كان أحد ضحايا ذلك العمل الإبتزازي المشين.
ذكرت الأخبار بعد سقوط النظام البعثي الطغموي أن الهارب صدام حسين أرسل مواد تجميل نسائية (مكياج) إلى أحد رؤساء العشائر الذي كان مؤيدا للتغيير وإقامة نظام ديمقراطي. واضح أن صدام أراد إفهام ذلك الشيخ وأمثاله بأنهم ليسوا رجالا، أي أراد اللعب على وتر القيم العشائرية بشأن الرجولة والشجاعة والشهامة وغير ذلك. أعتقد أن هناك رسالة أخرى قد تكون أكثر أهمية من هذه وهي تذكير بعض الشيوخ الذين يعلمون أن لدى صدام شريطا خاصا بهم وبعوائلهم، بإستعداده لكشفها إذا توانوا في محاربة النظام الجديد.
ولكن كيف يستقيم المقت لحزب البعث مع الإستماتة في السعي لعودته الآن؟ الجواب بسيط. أولا:كما ذكرت سابقا، فإن الطغمويين يتقاتلون فيما بينهم ولكنهم متوحدون في مواجهة الشعب والمشروع الديمقراطي، وهذا صحيح أيضا بالنسبة لعلاقة الطغمويين بالتكفيريين وأتباع القاعدة. ثانيا: إن الطغمويين يتملقون للأمريكيين ويسيرون في ركابهم، وهذا التملق هو أحد المحاور في ستراتيجية إستعادة السلطة المفقودة. أدرك الطغمويون بعد سقوط نظامهم بقليل، أن الأمريكيين يريدون تمزيق وحدة الإئتلاف العراقي الموحد لأنه القوة الوحيدة القادرة على الوقوف بوجههم في تحد سلمي . ولهذا الهدف ولأهداف أخرى، طرح الأمريكيون بدعة "المصالحة". وجد الطغمويون في دعوة "المصالحة" فائدة كبيرة لهم تماثل بل وتتجاوز فائدة الأمريكيين. لهذا فهم يلحون على "المصالحة" في كل مناسبة وغير مناسبة. وراحوا يكذبون ويشوهون الحقائق لتبييض صفحة البعثيين ويطالبون بتعديل الدستور العراقي لحذف المادة الخاصة بحضر حزب البعث. فالدكتور المطلك تكلم عن ضرورة "المصالحة" بدعوى إنهاء حالة إقصاء الملايين من البعثيين . وهذا الإدعاء بالطبع غير صحيح بل هو تشويه للحقائق لأن قانون "إجتثاث البعث" حمى جميع البعثيين الذين هم دون مرتبة عضو فرقة فما فوق وهم الذين أكرهوا على التسجيل في حزب البعث للمحافظة على مصادر عيشهم. ولم يستثن منهم سوى من صدرت بحقهم أوامر فضائية بتهم القتل أو الأذى الذي يعاقب عليه القانون. كما عقد السيد المطلك مقارنة كاذبة بين البعثيين "المقصيين" والشيوعيين الطليقين وهم الذين "قتلوا وسحلوا" على حد قوله. وهذه تهم ملفقة بحق الشيوعيين لأننا شهدنا تلك الفترة التي يتحدث عنها السيد المطلك وكانت فترة شبيهة بالوقت الحالي من حيث إستنفار كافة القوى والأفراد المعادين للديمقراطية إضافة إلى الغرب وبالأخص شركات النفط وكلها إنبرت للتآمر على الثورة وتشويه سمعة القوى المناصرة للديمقراطية كحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم والزعيم نفسه والحزب الشيوعي العراقي وغيرهم.
- ما هذا الدفاع المستميت عن الحكومة السورية من جانب المطلك والطغمويين، حتى على حساب مصالح وأرواح عشرات الآلاف العراقيين؟ ألم تكن تلك الحكومة والنظام السوري برمته طائفيا، من وجهة نظرهم، حتى يوم 9/4/2003؟ ألم تكن، بعد ذلك التأريخ، ضمن الهلال الشيعي الذي يمتد من إيران مرورا بالعراق وسوريا وحزب الله ونبهوا إسرائيل إلى خطورته عليها ؟ يبدو إنها المصلحة والسلطة المفقودة ومغرياتها هي التي تجعل الطغموي يضرب ألف "دقلة ودقلة"!!!؛ أي إنه النفاق بعينه.
- تكلم الدكتور صالح عن "المشروع الوطني" وإدعى كونه شخصيا مناهضا للطائفية متهما غيره بها. بينما لا تشير أقواله في المقابلة مع فضائية "الحرة"، التي نحن بصددها، إلى صحة إدعاءاته. ومواقفه الحالية لا تختلف عن مواقفه السابقة يوم لم يكن متحفظا بكلامه تحت وطأة صعقة سقوط النظام الذي أقر الدكتور بتعلقه بالحزب الذي كان يقوده. أدرج فيما يلي موقفين سابقين للسيد صالح الذي حسب أن الناس قد نسوهما:
o في عام 2003 ذهب من بغداد (19) شخصا من صيادي الأسماك إلى مدينة حديثة بهدف الصيد وتوفير الرزق لعوائلهم؛ وإذا -بالطغمويين يقتلونهم جميعا على الهوية. ولما طلب محاورو السيد صالح في فضائية "الحرة" تفسير الحادث أجاب "إشوداهم إلى هناك، فأنا إبن المدينة لا أستطيع أن أدخلها؟". ومع هذا ودون أية إدانة للفعلة الشنعاء يتبجح السيد صالح بكونه صاحب مشروع وطني ويتهم غيره بالإرهاب والطائفية.
o نقلت فضائية "الحرة" عن الدكتور المطلك بعد ظهور نتائج إنتخابات شهر كانون الثاني من عام 2005 وفوز قائمة الإئتلاف العراقي الموحد، قوله بأننا "سوف لا نسمح للشيعة أن يهنئوا بحكمهم" وهو نفس القول الذي أطلقه السيد مشعان الجبوري في ذلك الوقت أيضا. فأين المواطنة في هذه العقلية؟
- كان السيد المطلك يدعي بأنه لا يريد التعامل مع أي شخص جاء مع "الإحتلال"، وذلك كما سمعته يتحدث ويناقش في فضائية "الحرة" وغيرها منذ دخوله العملية السياسية. أسأله الآن: ما معنى الحوار الذي يجريه "مجلس الحوار الوطني" بزعامته مع "القائمة العراقية" بزعامة الدكتور أياد علاوي وهو من القادمين مع الإحتلال؟ ونقلا عن أحد أصدقاء أبي حسون فالح الدراجي، فإن الدكتورين صالح المطلك وأياد علاوي قد حضرا سوية جلسة إستجواب في الكونغرس الأمريكي!! (نشر مقال السيد الدراجي في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 21/9/2009). ألم يجمعهما الموقف المشترك ضد الديمقراطية عبر الطلب من الأمريكيين لمزيد من الضغط بإتجاه "المصالحة" مع القياديين البعثيين الواقعين تحت طائلة قانون "هيئة إجتثاث البعث"، وهما على علم بأن الأمريكيين هم الذين إخترعوا بدعة "المصالحة" عسى أن تنفع في التعامل مع الشأن الإيراني وفي شأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق نزولا عند رغبة إسرائيل ؟ أليس كل هذا نفاقا صارخا؟ لسوء حظ الدكتورين أياد علاوي وصالح المطلك وباقي الطغمويين فإن أمريكا تريد كما أرادت من قبل إستبدال الحكومة بحكومة ضعيفة ولكن عن طريق صناديق الإقتراع وهذا يشكل كابوسا مرعبا للدكتورين وأصحابهم.
مثال صارخ للتشويه:
إتهم الدكتور صالح المطلك الإيرانيين بكونهم وراء إغتيال الطيارين والعلماء العراقيين بدافع الإنتقام. لا أرى أن هذا المبرر يحمل وزنا ذا شأن إذا ما قورن بالدوافع التي قد تكون لدى أطراف أخرى. فمن المرجح أن تكون دوافع الطغمويين وحلفائهم التكفيريين لتنفيذ عمليات الإغتيال هذه الأقرب للواقع. فهم قد بذلوا جهودا كبيرة للحيلولة دون إعادة بناء الدولة العراقية على أسس جديدة ديمقراطية التوجه. لقد كان هذا الخيار أحد المحاور الرئيسية في "نضالهم" ضد الديمقراطية إلى جانب، وبالتوازي مع، محور الإرهاب والقتل الجماعي والتخريب. لذا فقد أرادوا إجهاض أية محاولة لبناء قوة جوية جديدة كانت ستصبح وبالا عليهم وعلى تحركاتهم عبر الحدود. وهذا يفسر إغتيال الطيارين. كما أرادوا إفراغ البلد من كفاءاته العلمية والفنية والأدبية لذا شنوا حملة قتل وتهجير لهذه الكفاءات من جهة أخرى؛ إضافة إلى إغتيال شخصيات منتمية إليهم ولكنها تتسم ببعض الإعتدال كالدكتور عصام الراوي عضو هيئة علماء المسلمين والأستاذ الجامعي الدكتور النقاش والسيد مجبل الشيخ عيسى الزميل المقرب للدكتور صالح المطلك نفسه.
من جهة أخرى، فلم يخف الأمريكيون نواياهم حيال أحد أهدافهم في حرب تحرير الكويت. لقد صرح ضابط امريكي كبير في أعقاب تلك الحرب (نقلته مجلة التايم أو النيوزويك أو كليهما في حينه – والعتب على الذاكرة) إذ أبدى أسفه بأنهم لم يستطيعوا إكمال المهمة على الوجه الأكمل وهي مهمة القضاء على العقول العلمية العراقية المفكرة. لذا فليس مستبعدا أن يكونوا هم وراء إغتيال العلماء والطيارين بعد إحتلال العراق، وبألأخص بعد أن خيبت الإنتخابات البرلمانية العراقية آمالهم في تنصيب حكومة هزيلة مضطرة للإتكاء عليهم كحكومة يرأسها الدكتور أياد علاوي، بل جاءت بحكومة تتمتع بشعبية حقيقية قادرة على الوقوف بوجههم سلميا عبر آلية العصيان المدني الذي يستطيع حتى هذه اللحظة السيد علي السيستاني الدعوة إليه إذا ما تعرض العراق وديمقراطيته إلى خطر التخريب أو التشويه؛ وكانت هذه القوة هي التي فرضت إتفاقية الصداقة الستراتيجية مع الولايات المتحدة التي لم تحصل فيها إلا على 5% مما طرحته على الجانب العراقي حسبما أعلنه في فضاية "الحرة" السيد حسين الشامي المستشار قي مكتب رئيس الوزراء. (ملاحظة: نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في حينه أول مسودة للإتفاقية التي تقدم بها الأمريكيون.)
أقول، بناء على نتائج الإنتخابات الأولى التي لم ترق للأمريكيين تعمدوا في شل حركة إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة الإنتاجية والخدمية وبالأخص الكهرباء والقوات المسلحة والقوات الأمنية بالسرعة والكفاءة والتسليح والنظافة اللازمة. فإمتزج هذا النهج مع الهدف المذكور أعلاه في حرب الكويت ونتجت عن ذلك ضرورة عرقلة البناء وكان إغتيال الطيارين والعلماء وتهجيرهم أحد عناصر تلك العرقلة.
وليس مستبعدا أن توافق الهدفان الطغموي والأمريكي لتنفيذ العملية خاصة وأن الطغمويين كانوا اليد الطولى المنفذة لكل ما أراده الأمريكيون من دفع موضوعي الطائفية والعنصرية من المغطى إلى العلن ليكونا مبررا شكليا للإرهاب.
خاتمة:
إذا كان نداء مؤتمر القمة العربي المنعقد في منتصف ثمانينات القرن الماضي في العاصمة الأردنية (الذي قاطعته كل من الجزائر وليبيا وسوريا واليمن الديمقراطية وكانت مصر خارج الجامعة العربية) الذي قال فيه الملوك والرؤساء بأن إسرائيل ما عادت العدو التقليدي للأمة العربية بل أصبحت إيران الفارسية هي ذلك العدو، جاء لدعم حرب قائمة (بين العراق وإيران)، فإن ما يراد الآن من الحملة الإعلامية التي يشنها الطغمويون العراقيون وموجهوهم عبر الحدود ترمي إلى محاولة تأجيج حرب جديدة مقابل العودة لكرسي الحكم. وهذا هو الإجرام بعينه بحق العراق وشعبه.



#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإستعداد لمرحلة ما بعد العفو والمصالحة1-2 و 2-2
- لماذا رضخت أمريكا للخطة الأمنية الجديدة
- -العراق ... من أين وإلى أين؟- / الإحتلال وحل الجيش العراقي


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - إيران وإسرائيل وصالح المطلك ورفاقه و -مخطط حرق الأعشاش-