أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - انتصار عبد المنعم - سأحدثكم عن ندا














المزيد.....

سأحدثكم عن ندا


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 2781 - 2009 / 9 / 26 - 20:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سأحدثكم عن نــدا!
مثل قطرات الندى صباح يوم صاف؛ هذه هي ندا. في العشرينيات من عمرها ، شقراء، رشيقة وتكتب القصة والخاطرة والشعر. لو توقفت عند هذه النقطة فلا جديد ، فهناك الكثيرات ممن يشاركنها نفس الصفات ولذلك لابد لي أن أكمل مستدركة ولكنها تمتاز عن باقي الشقراوات بميزة تخصها وحدها . فكل البشرعلى نفس الهيئة من أطراف وأعضاء ، أما ندا فقد خصها الله بساقين وذراعين مثل أجنحة عصفور قصيرة ، وأصابع صغيرة مثل براعم الزهور قبل تفتحها . جاءت ندا مميزة في وسط اجتماعي رغم ثرائه المادي إلا إنه لا يتحدث لغة الزهور ولا ينصت إلى تغريد الطيور . ولذلك عانت كل توابع اختلافها . عاشت ندا الحياة تفلح حينا وتخفق أحيانا كثيرة في تحمل قسوة النظرات ، وصعوبة التنقل من مكان لآخر وهي ترى النظرات تتابعها . وتسمع مصمصة الشفاة ، وتعليقات الناظرين المتابعين لكل حركة منها وهي تدبر أمرها دون معونة من أحد . وتمر السنوات ، وفي كل يوم يختصر الجميع وجود ندا في أطرافها المختلفة فقط . لم يفكر أحدهم يوما أن هناك عقل ومواهب وملكات تميز هذا العصفور الوحيد . حتى عندما ظهرت ندا ضيفة في أحد البرامج الشهيرة ، أعطاها مقدم البرنامج اللامع هديته الذهبية وهو يظن أنها تتوق إليها ، لا يعلم أن المال لم يكن يوما مشكلة لها ولا لأسرتها ، لا يعلم أن ندا تستمتع بشراء الهدايا لمن حولها وتمنح كل شئ عن طيب خاطر . اعتقد مقدم البرنامج أن مهمته انتهت فقد جعلها مادة ناجحه لبرنامجه ، وانتهى الأمر لتعود ندا إلى حياتها السابقة بأتراحها ، ولكنها الآن أصبحت أتراحا مغلفة بطبقة كلسية من خيبة الأمل في أن تحصل على اسلوب تعايش طبيعي مع من حولها الذين لا يستطيعون تجاوز نقطة اختلافها التي تجعلهم لا يرون فيها غير أطرافها الأجنحة .
تحاول ندا انهاء حياتها ثلاث مرات ، ولكنها في كل مرة تفاجأ بأن الحياة تتمسك بها . قضت عامين في دراستها الجامعية ، ثم توقفت فلم تعد تتحمل عذابات التنقل مشيعة بالتعليقات السخيفة . سجنت نفسها بين جدران منزلها . وتمر أربع سنوات عجاف على انقطاعها عن الدراسة . وفي يوم تلجأ إليها واحدة من قريباتها لتساعد ابنتها طالبة المرحلة الإعدادية التي لا تعرف القراءة والكتابة . فتبدأ معها ندا بإسلوب تعليمي فرضته عليها ظروفها المعيقة التي لا تمكنها من الكتابة على سبورة عادية مرتفعة . لم تدرك ندا وقتها أن الإسلوب التلقائي الذي اتبعته في تدريسها يعتبر من أحدث الاتجاهات التعليمية القائمة على ما يُـسمى بالتعلم النشط الذي يكون محوره الطالب الذي يقوم بنفسه باستخراج المعلومة وتحليلها واستخدامها وتدويرها في سياقات مختلفة . وهكذا نجحت ندا مع أول طالبة لتكرر التجربة وترى نجاحها يتكرر. ولكن الأمر ليس فيلما عربيا لينتهي عند هذا الحد بابتسامة يضعها المخرج على وجه الجميع . فندا تتعرض للإستغلال مثل غيرها ممن لهم ظروف مشابهة . فعندما تقرر الاهتمام بالجانب الأدبي لموهبتها وتذهب لصحيفة ما تُفاجأ بأن الصحفي يعرض عليها عمل تحقيق مصور عنها وعن حياتها اليومية وتنقلاتها متجاهلا أنها جاءت تتحدث بعقلها عما يدور داخله ، في حين أنه لا يرى فيها غير جسد مختلف يصلح ليكون مادة تحقيق ملئ بصور ندا عارضا إياها للفرجة في صحيفته ليحصل على موضوع يتيه به على زملائه . ويتكرر العرض عليها عندما تتواصل مع بعض البرامج الحوارية فيكون اللقاء المصورهو العرض المشترك والمتفق عليه بين الجميع ،فالجميع يريدون صورا للعرض.
المشكلة ليست مشكلة خاصة و الموضوع ليس موضوع ندا وحدها ، المشكلة تتعلق بكيفية التعاطي مع انسان له ظروف معيقة لم يكن له دخل فيها ولا مجال أمامه لتغيير قدره هذا. وفي نفس الوقت له مشاعر وأحاسيس تتعرض للخدش في كل لحظة ليقع تحت عبء اختلافه وعبء نظرات الإستهجان المصوبة عليه في كل لحظة. بعد لقائي بندا أدركت أن المشكلة تكمن في ثقافتنا الضحلة والمخزية في التعامل مع الآخر المختلف عنا في أي شئ سواء في الدين أو اللون أو الشكل الخارجي ، هو إرث ثقافة رجل الغاب الذي إن رأى عصفورا زاهي الألوان فلابد من وضعه في قفص للفرجة ؛ هذا إن لم يقتله . فعلى الرغم من المستوى الثقافي والمعرفي لأغلب من تحدثت معهم ندا إلا أنهم وللأسف لم يتجاوزا في تفكيرهم نقطة التعامل مع المظهر الخارجي لها . بل لو نظرنا نظرة سريعة إلى البرامج التليفزيونية ، سنجد أنها الآن تتبع اسلوب الإثارة والفرقعة في التعامل مع المشاهير.، أما فيما يتعلق بالبسطاء ، فهي تتبع إسلوب الابتزاز العاطفي للجمهور والتشهير بالضيف الذي يظهر وكأنه طفل الغاب ماوكلي العائد من الأدغال وهو تحت الأضواء التي يصر المخرج على تسليطها عليه وقت دخوله ومصافحته لمقدم البرنامج ، تغلبه مشاعر الدونيه والخوف ، ثم يسلطها عليه مرة أخرى أو بالأحرى يسلطها على عينيه التي يكتم فيهما دموع "الفضح" أمام خلق الله في حين أنهم يحسبونها دموع "الفرح "بهدية البرنامج الذي عرضه للفرجة على الناس في قفص ملون له صوت وأزرار وريموت .
أليس من حق ندا وغيرها ممن لهم مواهب وملكات في شتى المجالات أن نتجاوزنقطة اختلافهم المتعلقة بالجسد لنتعامل معهم بما يليق بجوانب تميزهم؟ أم سنظل ننظر إلى بقعة واحدة سوداء متجاهلين باقي لوحة أبدعها مبدع له في خلقه شئون؟
تُرى ماذا كان وضع هيلين كيلر لو نظر لها مجتمعها على أنها الصماء البكماء العمياء فقط؟؟ من المؤكد أنها لو كانت لدينا في مجتمعاتنا العربية لكان مصيرها عتبة مسجد تتسول عليها !!







#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء الأسواني ودوق داركور!!
- -الصرخة-مابين كرم النجار وأم الرجال!!
- مشايخ الإنترنت!!!
- التسكع الرقمي
- قلب الكاوبوي لا يتسع لأسودين!!
- قاسم أمين ... ديور وشانيل !!
- مأزق أحمر!!!!
- سبعون جلدة وعشرون يوما حبس لمن يطالب بحقه
- وثائق
- سوزان تميم وهشام طلعت مصطفى .. قراءة مغايرة
- كوليرا تغريدة البجعة!!!
- قل لي : أوحشتِني !
- نصف جنيه وقطعة حشيش
- انتحار
- أبحث عن ذئب *ق ق ج
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(2)
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(1)
- ممكن تسمعني بقلبك!!!
- نوافذ الأمل والألم
- هل تذكرون سرحان بشارة سرحان؟؟


المزيد.....




- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - انتصار عبد المنعم - سأحدثكم عن ندا