أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نضال نعيسة - ليلة القبض على الثقافة العربية: وزراء ثقافة أم وزراء أوقاف؟















المزيد.....

ليلة القبض على الثقافة العربية: وزراء ثقافة أم وزراء أوقاف؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2781 - 2009 / 9 / 26 - 17:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لم ولن يكن سقوط فاروق حسني في ترشحه لمنصب الأمين العام لليونيسكو حدثاً عابراً وطارئاً، ورمزيته أكبر من جميع ارتداداته، بل ربما يرتقي لمرتبة الكارثة الثقافية والهزيمة الوطنية التي ألمت بثقافة وشعوب يمثلها السيد حسني، وهذا السقوط والهزيمة، يجب أن يكون باعثاً، وعبرة لكثيرين من العاملين في الحقل الثقافي العام والطامحين للانتقال إلى العالمية، في يوم ما. فكل ما قيل عن تبريرات سياسية كموقف إسرائيل منه، وتدخل وضغط أمريكي، وما شابه ذلك، ما هو إلا محاولة ساذجة ومفضوحة لذر الرماد في حقيقة تلوح بشكل أكبر من ثنايا الحدث، وتبرئة وتعويم ومجاملة فظة للرجل وثقافته وتخفيف عن آثار وقع الحدث. فثقافتكم أيها السادة لم ولن ترتق بعد للأفق العالمي والإنساني، وهي مخيفة ومرعبة للآخر. ومن تحولت ثقافة بلاده في ظل ريادته الثقافية إلى لا ثقافة ولا تثقيف بل تجهيل وتسذيج وانقلاب عقلي، فلا يعتقد بأن العالم بحاجة إلى تعميم هذه التجربة الفاشلة، وهو غير ملزم للأخذ بها. إن سقوط حسني هو سقوط لثقافة وهزيمة مدوية لها على المسرح الثقافي العالمي، قبل أي اعتبار آخر، وانكشاف لظهرها وحقيقتها، وتواضع دورها ووظائفها، وأدائها وانعدام أهميتها بين الناس.

وبداية هل يحق لنا أن نتساءل ما هي إنجازات الوزير حسني الثقافية جماعياً، ونحن نرى ذاك التحول البنيوي الهائل في التفكير والثقافة والسلوك، والانحسار غير المسبوق لتلك الومضات التنويرية المطلوبة وطغيان الخطاب الظلامي على ثقافة أمة بكاملها؟ وما هي طبيعة ومضامين الثقافة التي يمثلها السيد حسني، وهل هي مؤهلة للعالمية، إذا ما قورنت بغيرها، وإذا كانت كذلك فلماذا ظلت حبيسة ذاتها تتوجس من الآخر وترفضه ولم تستطع التقدم قيد أنملة على الصعيد العالمي؟ وهل خطابنا الثقافي العام يريح الآخر ويجعله يطمئن لثقافتنا أم يزيد في درجة تخوفه وتوجسه من البنية الثقافية العامة لهذه المجتمعات؟ ولماذا كل الكيانات السياسية التي دخلتها هذه الثقافة ظلت عاجزة عن التأقلم والتكيف والتزاوج مع الثقافات العالمية، لا بل تعاديها علنا وتدعو لمجاربتها؟ وهل هذه الثقافة متصالحة مع ذاتها قبل أن تتصالح مع الآخر، وتطمح لقيادته؟ وكم هي محصلة الأميين والجهلة، وكم هي معدلات الأمية الأدبية والسياسية في ظل هذه الثقافة؟ وكم هو عدد الكتب التي تم منعها، ورفضها في معارض اللون الواحد الذي كانت تقيمها وزارته، والتي تلتزم بتابوهات الجنس والسياسة والدين وتضع القيود أمام الإبداع وحرية التفكير؟ وكم هي عدد الكتب التي تنشر الجهل والخزعبلات والخرافات التي نشرت في عهده الميمون عن الحجامة والطب النبوي والتداوي ببول البعير وتفسير الأحلام وعذاب القبر والثعبان الأقرع والأجرب، وكلها رموز لانحطاط ثقافي وليست مؤشرات لأية نهضة أو انجازات ثقافية؟

فمن يتطلع إلى منصب أممي مرموق كهذا عليه أن يكون صاحب إنجازات ثقافية نوعية وثورات فكرية توعوية وصحوية أحدثت انقلابات في البنية الثقافية لمجتمع أو مجموعات بشرية ما، لا مجرد وصي على ثقافة بائدة وأفكار جامدة يعمل على رعايتها والحفاظ عليها وترسيخها في مجتمعات لم تعد صالحة لا ثقافياً، ولا سياسياً، ولا اقتصادياً، ولم تصح بعد من سكرتها، أو غفوتها التاريخية المديدة. هل ظاهرة زغلول النجار هي ظاهرة طبيعية؟ تلك الظاهرة التي نمت وترعرت وازدهرت، كلياً، في ظل القيادة التاريخية لفاروق حسني للثقافة المصرية، ولماذا لم يحارب تلك الظاهرة، وهوالمؤتمن على الثقافة بنفس القدر الذي حورب فيه الفكر العلماني والليبرالي ورموزه التنويرية؟ وهل يمكن الركون، أبداً، أو الاطمئنان لمجتمع تزدهر فيه مثل هذه الثقافة؟ هل مجتمع يحتج ويقوم بمظاهرات هيستيرية ضد رواية لم يقرأها في عمره، وهي وليمة لأعشاب البحر، للكاتب السوري حيدر حيدر، هو مجتمع معافى ثقافياً، وصحي وطبيعي ثقافياً وفكرياً، ويتقدم لريادة رمزية للثقافة العالمية؟ وهل القائمون، والأوصياء على ثقافته، بدورهم، هم صحيون، ومعافون، أو في أفضل الأحوال، هم في وضع يؤهلهم الائتمان على ثقافات الآخرين؟

قد يصلح الوزير حسني كما زملاؤه وزراء الثقافة العربية الرسمية، التي هي بالمجمل ومن الباب للمحراب ترويج لمحض ثقافة وفكر ديني أحادي اللون والهوى ولا تعددي الطبع، لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أو لإدارة الشؤون الدينية وتنظيم مناسك العمرة والحج وإنتاج الثقافة الظلامية وإدارة شؤون الجماعات الدينية التي ازدهرت في عهودهم الميمونة، أو أن يكون رئيساً لاتحاد علماء المسلمين مناصفة مع زميله القومي العتيد المفتون بسلاطين الاستبداد العثماني، أما أن يكون على رأس منظمة أممية ثقافية وإنسانية المضامين فلا أعتقد أن ذلك ينسجم مع أبسط معايير المنطق. وها هي ثقافتهم تسقط بمهانة وذل، ويندحرون من هذا المحفل الدولي الإنساني، كما حصل سابقاً مع زميله السعودي غازي القصيبي.

لاشك بأنه كان للقائمين على الترشيح كل تلك المعطيات، والمعلومات والإنجازات "العظيمة"، للوزير حسني، وزملائه وزراء نشر ثقافة الطالبان وتفاهات العصور، ونفاياته الفكرية، ومن الصعب أن يخدع أولئك القائمين، أو تنطلي عليهم أية ألعاب أو ينحوا نحو أية مجاملات في عملية الاختيار، ومن حقهم التوجس من مرشح لم يضف لثقافة بلده أي شيء، أو يغير فيها، قبل أن يستطيع أن يضيف أو يطور في الثقافة العالمية، ومن هنا كان قرارهم الصائب في منع حسني من الوصول إلى هذا المنصب الثقافي الأممي، ولا أعتقد أن ثمة أبعاد سياسية كبيرة وراء القضية.

نحن نعلم أن منصب اليونيسكو هو ترقية، ومكافأة لأصحاب الإنجازات والسمعة الثقافية الطيبة، ويمنح بناء على تاريخ وسمعة ثقافية باهرة وإنجازات عامة لهذا المثقف أو ذاك، أما بالنسبة لإنجازات الوزير حسني، (والأمر ذاته ينسحب على زملائه الأشاوس من حراس ووزراء ثقافة الطلقاء والطالبان)، فيجب أن يعاقب، بشأنها، وتنزل بحقه أشد العقوبات المعنوية والمسلكية والإدارية والوظيفية، على ما أتت به يداه من خطايا وآثام بحق ثقافة بلد كان يعتبر في يوم من الأيام مركز التنوير والإلهام، وإذ به يتحول، في عهده الثقافي، الميمون إلى بؤرة ووكر للتخلف والجهل والتزمت والتعصب والانحطاط الثقافي والفكري العام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزراء ثقافة الطلقاء 2
- وزراء ثقافة الطلقاء
- حمار عربي أصيل!!!
- لماذا لا يستشهدون؟
- اسم على غير مسمى
- لماذا يُفرض الحجاب في الدول الدينية؟
- البكيني مقابل الحجاب والأكفان السوداء
- وإذا أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
- الحكام أم المحكومون العرب؟
- باب الحارة: الإسلام هو الحل
- ما هي معايير الوطنية؟
- العَربُ وتهديد القيَمِ والحَضارةِ الغربية
- عبد الباسط المقراحي طليقاً
- لماذا العتب على جنبلاط؟
- هل السعودية بحاجة لمهرجان ثقافي؟
- زوال الدولة الوطنية العربية
- المملكة السعودية: اعتقالات بالآلاف من دون محاكمة
- أبناء حكام العرب: شيء يرفع الرأس!!!
- غزة-ستان: بين حصار وحجاب
- خرافة البحبوحات النفطية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نضال نعيسة - ليلة القبض على الثقافة العربية: وزراء ثقافة أم وزراء أوقاف؟