أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - أقوى من الفولاذ وأرق من النسيم














المزيد.....

أقوى من الفولاذ وأرق من النسيم


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2779 - 2009 / 9 / 24 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


لم يكتب نيكوس كزانتراكيس روايته الشهيرة"زوربا" من وحي الخيال، حتى وان كانت المخيلة قد غطت مساحة واسعة فيها. فالرواية لم تكتب إلا على خلفية لقاء الكاتب مع زوربا الحقيقي على السواحل الجنوبية لليونان، حيث كان هذا الأخير يعمل في قطع الأخشاب. عن هذا اللقاء قال الكاتب الشهير الذي ذاع صيته في بلده اليونان وفي العالم: "لقد تعلمت من زوربا حب الحياة". ويعرف الذين قرأوا الرواية أو شاهدوا الفيلم المأخوذ عنها أنها كانت نشيداً مفعماً بحب الحياة، بالمغامرة، وبالرغبة في الاكتشاف وعدم الاستكانة للأمر الواقع. ومنذ سنوات قليلة صدرت ترجمة عربية لكتاب" تصوف" للكاتب نفسه، والكتاب الذي لا يقع في صفحات كثيرة ينتسب إلى المرحلة التي كان فيها الكاتب لما يزل شاباً. يفرق النقاد والباحثون في سير وأعمال الكتاب والفلاسفة والمفكرين عادة بين مرحلتين على الأقل في حياة هؤلاء، مرحلة الشباب ومرحلة النضج، وهو تفريق ليس تعسفياً، فالكاتب والمفكر هو نتاج سيرورة فكرية وإنسانية متصلة يخضع فيها لتغييرات وتعديلات في رؤاه ومفاهيمه، وإذا كان الباحثون يتوخون التركيز على الأعمال الأخيرة لأي كاتب بصفتها كتابات ناضجة، فلأنهم يرون في كتابات الشباب بذرة أفكار هذا الكاتب، والمكونات الأولى لرؤيته للحياة، وللعملية الفكرية الإبداعية ذاتها. "تصوف" نيكوس كزانتراكيس ينتسب، إذاً، إلى المرحلة الأولى من حياته ككاتب، لذا نجد فيها كل روح التمرد والإقبال على الحياة التي طبعت أعماله اللاحقة، وما كان له أن يتعلم حب الحياة من قاطع الأخشاب على السواحل الجنوبية في اليونان، ويكتب عنه تلك الرواية العذبة لو أن الكاتب نفسه لم يكن مهيئاً لان يلتهم تفاصيل هذه الحياة ويتشربها قطرة قطرة، عبر ما يدعوه بالممارسة، التي هي هنا قرين التجريب والاستكشاف والتعلم. الممارسة، بكلماته، هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع الإجابة على أسئلة القلب، وهي أسئلة نابعة من تحديد اللامحدود، بأن نملأ دورة حياتنا برغبات ومخاوف ومناشط، وأن نتوسع حتى نبلغ الحدود، وألا تعود هذه الحدود تسعنا، وأن نتشقق ونتحطم، وهكذا نفعل فعلنا فنزيد الجوهر ونوسعه. والكاتب الذي يختار لكتابه هذا العنوان، لا يفعل ذلك عبثاً لأنه قادر على تحويل الملموس إلى مجرد، إلى مقولة فلسفية، ويرى الحياة كما هي من لحم ودم في هذا المجرد:" النجمة تموت لكن الضوء لا يموت"، لذا فانه يحثنا على النضال من خلال اللقاء المؤقت للقوى المتناقضة الذي يشكل وجودنا، لكي نبدع أقصى ما يستطيع الفاني في هذا العالم: أن نبدع صيحة. وهو هنا، كما في كل مواضع الكتاب، لا يترك الأمر غامضاً، فهو يُشخص تلك الصيحة بوصفها عُشقاً جارفاً يعبر الكون. انه كالأثير أقوى من الفولاذ وأرق من النسيم، انه عشق يقتحم ويعبر كل شيء يذهب وينعتق، لا يخلد للراحة على المواقع الدافئة، ويقتحم الروح ويُظهر رغبته في التوحد معها،" فلا نوجد أنا وأنت، لأن العشق يدفع البشر بقوة، في اللحظات الحاسمة، ليلتحم بعضهم بالبعض الآخر". "تصوف" نيكوس كزانتزاكيس يحمل بذرة تمرد هذا الكاتب وسر عذوبته. انه تأملات فلسفية في الحياة والحب والنفس البشرية مكتوبة بلغة مخاتلةٍ تستدرجنا نحو أسرها الساحر بكل سلاسة .



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «لوبي تجاري» بذراع سياسي
- حركات عابرة للحدود
- عن الثقافة الديمقراطية
- لماذا سكتنا كل هذه السنوات؟
- تيارنا الديمقراطي: هموم ومهام – 4
- تيارنا الديمقراطي: هموم ومهام - 3
- تيارنا الديمقراطي: هموم ومهام – 2
- تيارنا الديمقراطي: هموم ومهام-1
- من تحت المجهر: الفرد أم الدولة؟
- ضحية العنصرية لا شهيدة الحجاب
- «الديمقراطيون» العرب والاختبار الإيراني
- «الديمقراطيون» العرب والاختبار الإيراني
- أمن الخليج: حديث متجدد
- الانشقاق أو الا ندماج
- حكاية من هونج كونج
- تاريخنا لم يبدأ في التسعينات
- خطورة أن يكون التصدي للتجنيس طائفيا!
- أبواب التغيير في إيران وقد فتحت
- أوباما في خطاب ثقافي
- تسريحات بنك الخليج الدولي


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - أقوى من الفولاذ وأرق من النسيم