أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الطيب آيت حمودة - وجوه متعددة ... بغاية واحدة















المزيد.....

وجوه متعددة ... بغاية واحدة


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 21:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يلعب التمركز حول الذات على مستوى الفرد والجماعة دورا بارزا في تحديد ملامح الهوية ، والتنافس بالغ الذروة في حب الوصول اٍلى المركز لتحويل الأطراف الأخرى اٍلى الظل أو الهامش ، وصراع الإثنيات واللغات والثقافات سبيل لخلق تمركز لها . لتجعل من نفسها نقطة مركز تحوم حولها باقي العناصر، تماما كما تدور الأجرام حول الشمس . والصراع القائم حاليا ودائما هو من يشغل المركز ويجعل الباقي ثانويين بالنسبة له ، أو أن يصبح مثل ملكة النحل في تبوء مكانها في الخلية .
تعدد الهوية وتعاقبها .
كانت الهوية العربية قبل الاٍسلام مركزة حول العرق والنسل ، وكان التفاخر والتذامم قائما بين قبائل العرب ، وجاء الاٍسلام ليقلب الوضع الهوياتي من التغني بالأصل و النسل وعصبية القبيلة اٍلى هوية وعنصرية جديدة ممثلة في الاٍسلام والاٍيمان ، وحارب الٍاسلام التعالي العرقي ، والتفاضل الجنسي ، فأصبح الجميع سواسية كاسنان المشط ، ولا فرق بين عربي وأعجمي اٍلا بالتقوى ، وأكرمكم عند الله أتقاكم ...
غير أن شمو لية الاٍسلام واتساع أفقه ، لم يفسح المجال لكسب مغانم هوياتية ، أو تحقيق مطامح سياسية ينشدها ذوي الحا جة من المغامرين وشذاذ الآفاق ، وهو ما فتح المجال لظهور التعدد الفكري ، ونشوء المذهبيات والفرق ، وحتى تعدد الخلافة سعيا لا ستقطاب المريدين والمؤيدين . فكانت خلافة العباسيين في بغداد قطبا ، معاصرا بقطبين مماثلين هما الخلافة الفاطمية في مصر ، والخلافة الأموية في الأندلس. وذلك هو السمة الأبرز في تحقيق مغانم الزعامة والسيادة والاٍستئثار على حساب ديننا الحنيف ، الذي اتخذ كمطية لتحقيق منافع شخصية ، وقبلية ، وعرقية ، على حساب تعاليم الرحمن ، التي ديس عليها بشعارات سياسية زائفة ،وافتاءات كاذبة ، أوبانتماءات لآل البيت بأرومة مفتعلة ، الغرض منها اعتلاء العروش وملأ البطون . وسيادة للدنيا على الدين .
قطب الرحى .
المتتبع لحياة الأمم والمجتماعات ، يلحظ أن الفطناء من أبنائها يسعون اٍلى استغلال الفرص المتاحة لتحقيق سطوتهم وسطوة ذويهم وعصبيتهم ، فعلى مستوى الجماعة يبحث المتميز على استقطاب افراد الجماعة التي ينتمي اٍليها باسم الدهاء أو التفوق العلمي ، أو النباهة الفكرية لتحقيق مكانة مركزيه في مجتمعه تجعله هو المرجع والمستند ، والباقي هم تبع وأتباع ، وقد يتحول ذلك اٍلى تشيع وأساس في بناء دولة تقوم على فكر متميز وممركز ، وهو ما تم فعلا في تاريخنا الاٍسلامي مغربا ومشرقا .
فالأمويون بنوا دولتهم على استقطاب سلالي جعل منهم الصفوة والقطبية التي تدور حولها الرحى ، فالعرب هم مركز الهوية ، والقرب والبعد عن المركز يتحدد بالأصول لا بالأفعال ، فالمسلمون الذين ليسوا من أرومة عربية ( الأعاجم) ليس لهم اٍلا قبول الهوامش والأطراف ، أو المراكز الثانوية ، لذا كانت وجهتهم غالبا الاٍستئثار بالعلوم الدينية والوضعية ، بعدما حرموا من تقلد مناصب السيادة والريادة والحظوة ، وبذلك اتفق المؤرخون على أن عصرهم كان عصر الحكم العربي الخالص دون منازع .
أما في العهد العباسي فقد كان الاٍستقطاب على أساس التشيع لآل البيت ، واٍلى قبيلة بني هاشم و العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكان الاستقطاب ثنائي ألأبعاد ، بُعد القرابة ، وبُعد المشاركة ، وهو ماولد دولة اٍسلامية أكثر انفتاحا من سابقتها ، تداول الأعاجم على اٍدارتها في ظل وجود سلطة عربية صورية في مجمل مراحلها وعهودها .
استغل الفاطميون في شمال افريقيا ثم مصر النسب الشريف ، و فكرة الشيعة الاٍسماعلية العبيدية على يد أبو عبد الله الشيعي على شاكلة ابو مسلم الخرساني تجاه بني العباس ، فلعب النسب الشريف اٍلى فاطمة الزهراء مبلغة في اٍقامة الدولة على حساب الخوارج الاٍباضية والسنة المالكية ، والشيعة العباسية ، دورا بارزا في تأسيس الدولة وغلبتها .
وبالرغم من الهالة التي أحاطها بها الفقهاء منصب الخلافة ، باٍقصارها في قريش اٍلا أن العثمانيين استأثروا بها في عهد سليم الأول ، الذي مسح الفتوى وألغى العمل بها ، وجعل الخلافة متداولة في أجناس غير عربية لأول مرة في التاريخ الاٍسلامي ، والتي استمرت اٍلى غاية نهايتها بعد الحرب الكونية الأولى عام 1924 باٍعلان الجمهورية التركية بزعامة كما أتا تورك .

البحث عن سبل الاٍستئثار بالسلطة :
البحث عن أساليب جديدة للوصول اٍلى الحكم والاٍستئثار بالسلطة هي السمة الأبرز في تاريخ الحركات المرافقة للتاريخ الاٍسلامي بالمغرب ، المهم هو البحث عن نغمات جديدة تمكن الطامحين ، فمنهم من حلم باٍعادة اٍحياء الدولة المنهارة ( عبد الرحمن الداخل في الأندلس ) ، ومنهم من أعتد بانتسابه الشريف ( اٍدريس الأكبر ) في المغرب الأقصى ، ومنهم من راهن على وتر الشورى في السياسة والحكم ( عبد الرحمن بن رستم ) الذي حقق حلم الخوارج في تأسيس دولة على أساس خارجي ، ومنهم من كان يدا قوية لضرب المناوئين للدولة العباسية ( الأغالبة ) ، ومنهم من ركز على اٍحياء الدين الصحيح بعد ميوعة الدول السابقة وضعفها ، ( الدولة المرابطية والدولة الموحدية ).
فعاشت بلاد المغرب الاٍسلامي طيلة القرنين التاسع والعشر الهجري ، تجربة التنوع والتعدد المذهبي من شيعة علوية اٍلى شيعة فاطمية ، اٍلى خارجية اٍباضية وصفرية ونكارة ، وكانت مرتعا لصدامات دومية قاتلة بين العبيديين والسنة المالكية ومع غيرهما من المذاهب .
كانت بلاد المغرب صورة باهتة للتطورات السياسية التي وقعت في المشرق ، وكانت أرض بوار صالحة لغرس بذور الفكر المذهبي المشرقي للسذاجة التي أبداها الأمازيغ في التعامل مع قيم الشرق التي اندمج فيها الدين بالسياسة والعرق ، وقدم المغاربة العون المادي والبشري في نشأة هذه الدول على حساب اٍنيتهم ، وكانوا صورة طبق الأصل لما هو في المشرق . غير أن الدول الناشئة بعد تمكنها من نفسها سارعت اٍلى استبعاد الأمازيغ عن مراكز الريادة والحظوة ، وهو ما فعله إدريس الثاني باستقدام اكثر من 500 فارس عربي ركز بهم دولته ، وفعله المعز الفاطمي بنقل العاصمة الفاطمية اٍلى مصر القاهرة ، وتنكر الرستميين لدواعي مختلفة لمبدا التداول والشورى في الحكم في حصر الإ مامة في ابناء عبد الرحمن بن رستم .
تعدد النغمات ... والهدف واحد :
تعددت صفات الدعوة في تأسيس الدول الاٍسلامية مغربا ومشرقا ، ولو داخل اٍطار ما يعرف بالخلافة الاٍسلامية ، فاٍذا تعذر تحقيق الحلم والمبتغى في ظل مظلة الإسلام ، فان الدعاة يبتدعون مذاهب دينية جديدة ، و عندما يتعذر الموقف يلتجؤون اٍلى تفكيك وتقسيم المذ هب الواحد الى مذاهب أجزاء مثلما حدث للشيعة الإمامية التي انقسمت على نفسها ٍالى موسوية واٍسماعلية ورافضة ، وزيدية ... ونفس الشيء وقع للخوارج الذين بحثوا عن التمركز والقطبية في ظل ابتداع مذهبية أجزاء كالصفرية والأزارقة ولإباضية ثم أخيرا النكارة ، ومن عجائب الأمور أن الشعوب المغاربية سهلة الاٍنقياد نحو الفكر الجديد اٍما ترغيبا أو ترهيبا ، وهو ما جعل المنطقة مؤهلة ومرشحة لمزيد من التجارب الهوايتية المناهضة للخلافة الاٍسلامية في بغداد .
خاتمة /
اٍن تعدد الفعل الاٍستقلالي المبني على الزعامة الدينية سمة بارزة لحركة التغيير التي شهدها المسلمون مرة باسم ضرورة تعدد الخلافة ، وأخرى باسم الفكر المهدوي ، وثالثا باسم اٍحياء الدين ، ورابعا باسم الأصول ، وخامسا باسم ٍاحياء الماضي المجيد ، فالوسائل متعددة والغاية واحدة هي الوصول اٍلى السلطة والإستئثار بها ، ولو على حساب التعدي على روح الاٍسلام ومبادئه في الحكم .
وحان الوقت لكشف المستور من خفايا الحكام ، وبدعهم التي أضرت بالبلاد والعباد من أجل تغيير طغم حاكمة ، بأخرى أشد وطأ وظلما في حق رعاياها من المسلمين ، وغدا التعنيف المذهبي وصراعه الظاهر يخفي تقية بُعدها البحث عن مركزية الموقع للاٍستئثار السلطوي و التسلطي لا أكثر ولا اقل . ورغم تنوع السبل بين الماضي والحاضر فاٍن المطلب والمبتغى واحد . وما أشبه اليوم بالأمس .






#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة المظلوم على الظالم .
- هل الصحابة معصومون من الزلل؟
- لبنى والبنطال
- الاباضيون في الجزائر.. أمازيغ أقحاح يا سادة!
- الحضارة ...عربية ؟ أم اٍسلامية ؟
- المسلم / بين نشيد شالكة ، ودموع السبايا .
- هوية الاٍنسان أم هوية اللسان ؟ (3)
- هوية الجزائر/ لغة أم لغات ..؟( ج3)
- هويةالجزائر/ انتماءات وليس انتماء.
- لماذا يكره بعض العرب ابن خلدون .؟
- التاريخ بعيون أمازيغية .
- الوجه المظلم في تاريخ بني أمية .
- قراءة لفعاليات المؤتمر العربي الأول(1913)


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الطيب آيت حمودة - وجوه متعددة ... بغاية واحدة