أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - سؤال الهوية فى امريكا















المزيد.....

سؤال الهوية فى امريكا


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سؤال الهوية بات من الاسئلة المطروحة فى امريكا بعد التغيرات الكبيرة التى اجتاحت الدولة الأمريكية فى العقود الأربعة الاخيرة، وخاصة فى العقدين الاخيرين.
أهم التغييرات التى اجتاحت أمريكا يمكن تلخيصها فى تراجع ثقافة وقيم الواثب (WASP) أى فى قيم " البيض الانجلو ساكسون البروتاستانت"، وقد طرح النقاش عالم السياسة الراحل صامويل هانتنجتون فى كتابه الذى صدر عام 2004 بعنوان " من نحن؟ التحديات بالنسبة لهوية أمريكا الوطنية" ، وكان يحذر من تزايد اعداد القادمين من أمريكا الجنوبية مع ثقافتهم المنعزلة على قيم وتجانس المجتمع الأمريكى ،وهناك عشرات الدراسات الأخرى التى بدأت تتناول موضوع الهوية الأمريكية بعضها من منطلق قلق على تغيرات سلبية اجتاحت أمريكا وبعضها يرى إنها تحولات إيجابية وتطورات نحو الافضل.
ويمكن تلخيص ملامح هذا التغيير باختصار فى عدد من السمات الرئيسية:
اولا: التحول من بوتقة الانصهار إلى التعدد الثقافى
كان الأباء المؤسسين للأمة الأمريكية يخططون ويعملون وفقا لمفهوم بوتقة الانصهار،أى استيعاب المهاجرين الجدد فى الثقافة الامريكية وأمركتهم على وجه السرعة، وكانوا يثقون فى إمكانية الثقافة الأمريكية على استيعابهم إن لم يكن فى الجيل الاول فالمؤكد سيكون فى الجيل الثانى أو الثالث، وكما يقول جيمس كورث من معهد أبحاث السياسة الخارجية " كانت الأمركة بالنسبة للمؤسسين وأجيال عديدة لاحقة،جزءا أساسيا وجوهريا من الدستور الواقعى للأمة الأمريكية وحضارتها ولمكانة أمريكا فى الحضارة الغربية الوسعة".
التطور الجديد فى الحالة الأمريكية هو التعدد والتنوع الثقافى الممتد والمتوارث عبر الاجيال، واصبحنا نرى القادمين من امريكا الجنوبية فى الجيلين الثانى والثالث لا يتحدثون الانجليزية وخلقوا مناطق شبه مغلقة عليهم لا يتحدثون فيها إلا الاسبانية، واصبحت اللغة الاسبانية لغة ثانية فى المجتمع الامريكى مع تزايد عدد الناطقين بها لما يقرب من الاربعين مليونا، حتى حدث العكس وهو أن ملايين الأمريكيين يدرسون الاسبانية من آجل التحدث والتفاعل مع هذه الكتلة البشرية الضخمة، وكذلك هناك الصينيون والروس والعرب، وبالاضافة إلى الجيتوهات اللغوية هناك أيضا الجيتوهات الدينية من الكاثوليك والمسلمين والهندوكيين... وبالتأكيد قد أثر ذلك بالسلب على تجانس أمريكا وعلى ثقافة الواثب وعلى القيم الاخلاقية للوثب، فمعظم السلبيات فى السلوك وفى الاخلاق الأمريكية قادمة مع المهاجرين المحملين بثقافة تتسامح مع الفساد والرشوة والكذب ونقص الأمانة . ورغم أن هناك من يثنى على هذه التعددية فأن البعض الآخر يراها خطرا على تجانس المجتمع وعلى تواصل البشر وعلى الانحيازات فى العمل وفى المؤسسات وفى احترام القانون.
ثانيا:تراجع تركيز التعليم على قيم الحضارة الغربية للتركيز على قيم التعددية
هناك من يرى أن هذه التعددية الثقافية قد اثرت بشكل سلبى جدا على العملية التعليمية، حيث بات التعليم مشغولا بالحديث وتدريس هذه التعددية الثقافية الهائلة، وفى المقابل تراجع الحديث عن قيم التقدم وعن قيم الحضارة الغربية وعلى الأسس الأخلاقية التى دشنتها هذه الحضارة العظيمة، بل أن الانشغال الكبير فى التركيز على قيم هذا التنوع الثقافى والعرقى والدينى جاء على حساب العلوم الطبيعية ذاتها وعلى حساب التقدم العلمى أيضا، ومن ثم تراجعت المدارس العامة، التى تدرس للتلاميذ فى المرحلة قبل الجامعية كثيرا من الناحية العلمية والتعليمية، وعلى الطلاب التخصص بشكل أكثر فى التعليم الجامعى وما بعد الجامعى من آجل التركيز على هذه القيم العلمية المتراجعة فى التعليم قبل الجامعى.
ثالثا: تراجعت الأمركة فى مواجهة العولمة
بالتأكيد فأن الأمركة قد اثرت بشكل كبير جدا فى العولمة حتى كادت العولمة تماثل الأمركة فى البدايات، ولكن مع تطور العولمة ودخول اطراف دولية عديدة كلاعبين فاعلين فيها مثل الصين والهند واليابان والبرازيل وكوريا الجنوبية، تراجعت الأمركة فى مواجهة هذه العولمة وتراجعت الحضارة الغربية فى مواجهة الحضارة العالمية الواسعة، ويسرى ذلك على الاقتصاد كما يسرى على السياسة كما يسرى على منظومة القيم الاجتماعية والأسرية.
رابعا: تراجع القيم المسيحية فى مواجهة قيم الحرية المفرطة
من المعروف أن أحد الروافد الرئيسية للحضارة الغربية هى قيم الديانة المسيحية، وقيم الديانة المسيحية لا تعنى حكم الدين ولا المرجعية الدينية، وقد بدأ تراجع القيم المسيحية فى الحضارة الغربية بعد إساءة استخدام الدين وتداخله فى السياسة إزاء حكم رجال الدين فى العصور المظلمة المسيحية، فجاء التنوير ليضئ الانوار بعد عصور الظلام المسيحى ولهذا سمى تنويرا، وقد جرف فى طريقه ركام هذه الدولة الدينية، وجاءت ثورة الحقوق والحريات والتى توجت بالعولمة لتضرب فى مقتل كثير من القيم المسيحية والاسرية التى تأسست عليها الولايات المتحدة الأمريكية، وبناء على ذلك تراجعت القيم الاسرية وزاد الطلاق ،وجاء زواج المثليين وحقوقهم الخاصة، وحقوق الاجهاض المفرط ليضرب كثير من هذه القيم فى مقتل، وحتى مفهوم الليبرالية تغير، فالليبرالية قديما كانت تركز على التخلص من مساؤى الديكتاتورية والحكم الدينى وكافة انواع الاستبداد، ولكن مفهوم الليبرالية حاليا فى امريكات بات مرتبطا بالدفاع عن حقوق المثليين وزواجهم وحقوق المرأة فى إجهاض نفسها فى أى وقت، ومناهضة العولمة وعدم الايمان بالدولة وبالفوضى فى بعض الاحيان. وطبعا هذا يختلف عن ما هو كائن فى الشرق الأوسط حيث مازالت الليبرالية تعنى مناهضة الحكم الدينى والاستبدادى والدفاع عن القيم الاساسية فى الحرية والمساواة والتى لم تنجز بعد فى هذا الشرق.
خامسا: تراجع حكم النخبة
جزء من التفكير المؤسسى فى امريكا هو أن النخبة هى الاصلح للحكم من العامة، فكان جيفرسون يعتبر أن الشعب يجب أن يحكم من قبل أرستقراطية طبيعية تعتبر هى الأفضل، أما هاميلتون فكان أكثر تطرفا ويرى أن الشعب يجب أن يحكم من قبل الغنى الكريم الأصيل، وكان هناك فكر يرى أن المساواة لا تعنى تساوى كل الناس وأنما الفرص المتساوية والمتكائفة للجميع ، وتبقى النخب متميزة وظاهرة لأنها تملك من الكفاءة أو الاصالة ما هو غير متوفر لغيرها.... ولكن حدث تراجع كبير فى هذا التفكير لصالح الاكثر قدرة على أقناع الجماهير بأنه الاكفأ للحكم ، ولهذا أيضا تراجعت قيود الترشيح داخل الاحزاب وتوج ذلك مؤخرا بفوز أوباما بالحكم فى لحظة تاريخية مفصلية فى التاريخ الأمريكى والعالمى.
سادسا: تراجع اعداد البيض
كل هذه العوامل بالطبع، بالإضافة إلى التدفق المستمر للهجرة لأمريكا قد أدت إلى تراجع نسبة البيض فى الخريطة السكانية الأمريكية ليصلوا إلى 72% من تعداد السكان فى الاحصاء القومى الاخير لعام 2000، ومن المتوقع تراجع النسبة فى احصاء 2010،فالعولمة سرعت الهجرة، وفتح أبواب الهجرة سرع من ظهور العولمة، وكلاهما أثر سلبيا فى نسبة البيض إلى مجمل السكان. كما أن تناقص أعداد البيض بدوره أثر فى القيم الأمريكية وفى قيم المسيحية البروتستانتية... ونظرا لأن تراجع البيض مستمر لاستمرار الهجرة وأيضا لأرتفاع معدل المواليد بين المهاجرين من امريكا الجنوبية وبين الاسيويين ومن الدول الإسلامية وباقى الدول عن معدل النمو فى مواليد البيض، فان المزايد من التراجع فى منظومة القيم الأمريكية والتى تأسست على أيدى الواثب فى طريقها للتراجع وربما للإختفاء.



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تبقى من 11 سبتمبر؟
- ماجد عطية: ستون عاما من العمل الصحفى الجاد
- أقباط أمريكا وزيارة الرئيس مبارك
- ليست معركة القمنى وحده
- اتهامات مختلقة وبلا دليل
- الفتور الغربى تجاه حركات الإسلام السياسى
- نظرية الورائية عند على سالم
- التحريض على قتل سيد القمنى
- الأقباط فى خطاب أوباما التاريخى بالقاهرة
- إيران :من تصدير الثورة إلى سقوط شرعيتها الداخلية
- فتنة الأمن تتحرك إلى عزبة جرجس بيه بالفشن
- القضيةالقبطية
- الفضائيات العربية والأزمة الإيرانية
- حقوق الإنسان :رؤية مسيحية(1) هل تريد أن تلطم السيد المسيح ثا ...
- يا أقباط مصر أحتجوا
- انتصار الديموقراطية على السلاح فى لبنان
- المعلم يعقوب: الاختلاف على قراءة التاريخ
- لا لتطبيق الشريعة الإسلامية على الأسرة القبطية
- محنة أسرة الرئيس
- مناضلات من آجل حرية العقيدة فى مصر(1)


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - سؤال الهوية فى امريكا