أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - داود تلحمي - بعد خمسين عاماً من الانتصار التاريخي في - ديان بيان فو















المزيد.....

بعد خمسين عاماً من الانتصار التاريخي في - ديان بيان فو


داود تلحمي

الحوار المتمدن-العدد: 844 - 2004 / 5 / 25 - 04:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

اسم الجنرال جياب انتشر في أصقاع العالم في أواسط الخمسينات الماضية، تحديداً بعد انتصار قوات حركة التحرر الفييتنامية (المعروفة، آنذاك، باسم فييت مينه)، بقيادته، في معركة ديان بيان فو، واستسلام قوات الاستعمار الفرنسي للقوات االثورية الفييتنامية، وذلك يوم 7 أيار/مايو 1954، أي قبل خمسين عاماً، بعد حصار امتد ستة وخمسين يوماً لهذا الموقع الفرنسي العسكري الحصين.
وهكذا انتهت الحرب التحررية الفييتنامية الكبرى الأولى... التي كانت قد بدأت بقوة وعنف منذ أواخر العام 1946 بين المستعمرين الفرنسيين وقوات الثورة الفييتنامية، بقيادة مؤسس هذه الحركة ومؤسس الحزب الشيوعي الفييتنامي، هو شي مينه.
واستسلم الفرنسيون، بعد هذه الحرب الدموية التي أشعلوها ودامت أكثر من سبع سنوات، وبعد استعمار دام زهاء السبعين عاماً... استسلموا للواقع الآسيوي الجديد، واقع الاستقلالات والتخلص من الاستعمار القديم ومن النظم الهشة التابعة التي أقامها، وهو الواقع الذي تكرّس منذ أواخر الأربعينات السابقة باستقلال الهند (وباكستان، التي كانت جزء من الهند)، ثم انتصار قوى اليسار في الصين بقيادة ماوتسي تونغ والحزب الشيوعي، واستقلال اندونيسيا، وغيرها من بلدان آسيا الشرقية، التي كانت قبل ذلك مستعمرة ومنتهكة سيادتها، كما خضعت لاحتلالات يابانية منذ الثلاثينات وأبان الحرب العالمية الثانية حتى هزيمة اليابان في صيف العام 1945.
الشرارة الفييتنامية تلهب العالم المستعبَد... وتلهم ثوار الجزائر
وبانتصار الثوار الفييتناميين على دولة استعمارية، رئيسية في ذلك الحين، أخذت لهب حركات التحرر تنتشر في أنحاء العالم الثالث، الذي كان ما زال في معظمه يخضع للاستعمار المباشر. وليس صدفة أن ثورة الجزائر انطلقت (في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 1954) بعد ستة أشهر تقريباً من الإنتصار الفييتنامي، حيث إن العديد من القادة اللاحقين لحرب التحرر الوطنية في الجزائر كانوا مجندين (عنوة) في الجيش الفرنسي باعتبار الجزائر كانت ملحقة بفرنسا، مما أتاح لهم التواصل المباشر مع الشعوب المكافحة لحريتها ضد الاستعمار الفرنسي، وخاصة شعب فييتنام. ( في السنوات الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة، أي في أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن العشرين، حمل العديد من الفدائيين الفلسطينيين في صفوف المقاومة اسم "جياب" كإسم حركي، الى جانب أسماء أخرى من وحي حركات التحرر والحركات الثورية العالمية الأخرى، مثل غيفارا وكاسترو وماو وغيرهما ...).
وكان انتصار ديان بيان فو في ربيع العام 1954 قد قاد الى التعجيل في إنجاز المفاوضات الدولية حول فييتنام، بحيث جرى التوصل الى اتفاقية جنيف في شهر تموز/يوليو من العام ذاته، وهي الاتفاقية التي تقر باستقلال الجزء الشمالي من فييتنام، وتدعو لانتخابات عامة في غضون عامين لتقرير مصير البلد برمته، وخصوصاً الجنوب، الذي بقي عملياً تحت وصاية غربية (أميركية) وحكم تابع.
وبقية الرواية التاريخية معروفة. حيث عطّلت الولايات المتحدة الأميركية انتخابات العام 1956 (وكانت قد رفضت التوقيع على اتفاقية جنيف، بالرغم من مشاركتها في المؤتمر الدولي الخاص بمصير فييتنام). فاضطر الفييتناميون الى العودة الى السلاح بعد سنوات قليلة من انتصارهم التاريخي في ديان بيان فو، حيث تشكلت الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فييتنام في العام 1960، وخاضت، مع جيش وقوات جمهورية فييتنام الديمقراطية (الشمال)، حرباً أشد عنفاً وأكثر كلفة بشرية ومادية في مواجهة القوة الأولى في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، الولايات المتحدة الأميركية. وكان حجم القوات الأميركية المقاتلة في جنوب فييتنام، بالاضافة الى الأساطيل والقوات الجوية التي شاركت في الحرب، على الجنوب والشمال على حد سواء، قد وصل الى زهاء نصف المليون عسكري أميركي في أواخر ستينات القرن العشرين... يضاف اليهم مئات الآلاف من المجندين من جنوب فييتنام في إطار جيش النظام التابع هناك.
لكن صلابة المقاومة الفييتنامية وتلاحم الشعب بقيادة هيئاته المتحدة وزعيمه التاريخي، هو شي مينه، كسرا حدة الهجوم الأميركي الشرس، الذي انكفأ منذ العام 1968، مقِرّاً بمبدأ التفاوض مع الفييتناميين وقواهم التمثيلية الحقة. لينتهي الأمر باتفاق العام 1973 في باريس الذي قضى بانسحاب القوات الأميركية، ومن ثمّ بالهزيمة المدوية للاحتلال الأميركي مع دخول القوات الفييتنامية الى عاصمة الجنوب (سايغون، آنذاك، ولاحقاً وحالياً "مدينة هو شي مينه") يوم 30 نيسان/ابريل 1975، اليوم الوطني الفييتنامي الذي تكرست فيه وحدة الشعب والأرض، وقامت بعده "جمهورية فييتنام الاشتراكية" على كل الأرض الفييتنامية المحررة.
قيادة تاريخية أنجبت العديد من القادة الكفؤين
ورغم أن هذه الانتصارات العسكرية رُبطت كلها في أذهان الكثيرين في العالم باسم الجنرال جياب، الذي بات يُعتبر أحد أبرز الاستراتيجيين العسكريين في القرن العشرين، إلا إن واقع الحال أن القادة العسكريين الذين انجزوا مهمة التحرير في السبعينات الماضية كانوا من جيل جديد من الضباط.
فقد استطاع جياب ورفاقه في القيادة الفييتنامية، وفي المقدمة القائد الاستثنائي هو شي مينه، أن يُوجدوا إطارات كفاح وقيادة أنجبت القائد تلو القائد والعسكري الفذ تلو الآخر. وعندما رحل "العم" هو شي مينه، كما كان يلقّب تحبباً، في العام 1969، في أوج المعارك مع الأميركيين (وقد ظنّوا لوهلة أن رحيله سيؤثر على معنويات الفييتناميين)، استمر الكفاح الفييتنامي ضد الاحتلال الأميركي بنفس درجة الكفاءة والفعالية... كما استمرت المفاوضات في الوقت ذاته في العاصمة الفرنسية باريس بين الطرفين المتواجهين، وبنفس الكفاءة والصلابة اللتين طبعتا المفاوضات التي سبقت.
وعندما دخلت قوات التحرر الفييتنامية عاصمة الجنوب في أواخر نيسان/أبريل عام 1975، واضطر السفير الأميركي وطاقمه الى الهرب من سطح سفارته بالطائرات الطوافة (الهيليكوبتر)، خرجت مجلة "تايم" الأميركية الأسبوعية بغلاف يظهر خارطة فييتنام الموحدة وفوقها رسم كبير للزعيم الفييتنامي الراحل هو شي مينه، وكلمة كبيرة تحت الرسم: "ذي فيكتور"... "المنتصر".
أي إن استراتيجية التحرير الفييتنامية، التي وضعها هو شي مينه ورفاقه منذ ثلاثينات القرن العشرين، قادت الى تحقيق الأهداف المرجوة... في السبعينات، وحتى بعد رحيل القائد، الذي ملّك شعبه ورفاقه في القيادة كل الكفاءات الضرورية لمواصلة المعركة وتحقيق الانتصار، بالرغم من فداحة الثمن، خاصة على الصعيد البشري (ثلاثة الى أربعة ملايين من الضحايا في الحربين وما بينهما).
وأبان زيارة قمنا بها لفييتنام في العام 1979، سألنا بالطبع عن الجنرال جياب، لكونه الشخصية الفييتنامية الأشهر عالمياً بعد هو شي مينه. فكان يقال لنا بأن هناك العديد من الجنرالات والقادة العسكريين الكفؤين في جيش فييتنام، وبعضهم قاد المعركة الحاسمة في الجنوب في العام 1975. وقد التقينا بالفعل بعدد من هؤلاء، كما التقينا برئيس جبهة تحرير جنوب فييتنام، نغوين هوو طو، الذي كان قد أصبح نائباً لرئيس جمهورية فييتنام الاشتراكية. وقد لفت الانتباه في كل زياراتنا للمدن وللمواقع في الشمال والجنوب أن القيادات التي عاصرت هو شي مينه تكاد تتسم كلها أو معظمها بسلوكيات شخصية متشابهة، وخاصة على صعيد التواضع والابتعاد عن التعجرف والتعالي والإدّعاء، وتعتمد أسلوباً إنسانياً ودوداً وبسيطاً في التعامل مع الناس عموماً، وهي صفات يبدو أنها كانت مستقاة من شخصية هو شي مينه نفسه، كما ورد عنه في الكتابات الكثيرة وفي روايات من قابلوه من الكتّاب والصحافيين ورجال السياسة من أنحاء العالم.
جياب عن وضع العراق: الذين يريدون فرض إرادتهم على الشعوب سيهزمون حتماً!
ولم يكن غريباً أن يجيب الجنرال جياب، معلم التاريخ السابق الذي تحوّل الى قائد عسكري، والذي يبلغ الآن من العمر 92 عاماً، في المؤتمر الصحافي الذي انعقد بحضوره بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للانتصار على الاحتلال الأميركي وتوحيد فييتنام في أواخر نيسان/أبريل الماضي، أن يجيب على سؤال لأحد الصحافيين حول المقاومة الجارية الآن في العراق، لنفس القوات الأميركية، قائلاً إنه ليس ملمّاً بالوضع الداخلي العراقي وخصوصياته ولم يسبق له أن زار البلد. ولكنه أضاف: "كل القوى التي تريد أن تفرض إرادتها على شعوب أخرى ستواجه الهزيمة حتماً"... وكذلك "كل الشعوب التي تكافح من أجل حقوقها المشروعة وسيادتها ستنتصر حتماً"... وكذلك "على القوى الكبرى في عالمنها المعاصر ألا تستهين بتطلع البلدان الأضعف الى الاستقلال"... وكذلك "تجربة فييتنام أكدت أن شعباً مصمماً على الوقوف في وجه الغزو هو شعب قوي جداً".
كلمات بسيطة من رجل تسعيني غاية في البساطة والتواضع، ولكنه يحمل في جسمه النحيل الهش كل أمجاد الشعوب التي كافحت وانتصرت على القوى العاتية في العقود الماضية... وهي أولاً أمجاد شعب بأكمله، كافح بلا هوادة من أجل حريته واستقلاله وسيادته على أرضه، وأنجب في مسيرته التحررية الطويلة أبناء وقادة أفذاذاً، مثل هو شي مينه وفو نغوين جياب وفام فان دونغ وغيرهم، وغيرهم.
ولا شك أن شعوب العالم المقهور والمنتهكة كرامته وحقوقه، مثل شعوب منطقتنا العربية اليوم، وخاصة شعبي فلسطين والعراق، وشعوب مناطق أخرى من العالم الثالث، يمكن أن تستفيد كثيراً من تجربة ساطعة كهذه طبعت كل القرن العشرين وعالمنا المعاصر، وأثّرت على مصير العالم كله.
وإذا كانت هناك تغيّرات كبيرة في العالم قد حصلت منذ الانتصار الفييتنامي في العام 1975، وبعضها لم يكن في صالح غالبية شعوب الأرض، وإذا كانت الولايات المتحدة تستأثر اليوم بالقوة والنفوذ على مستوى العالم كله، فإن نزوع الشعوب الى الحرية والاستقلال، والى رفض المذلة وانتهاك الكرامة والحقوق ما زال وسيبقى نزوعاً قوياً وحاسماً.
وهذا ما أكّدته، بعد فييتنام والبلدان الأقريقية المستعمرة سابقاً من قبل البرتغال، تجارب ناميبيا وجنوب أفريقيا وتيمور الشرقية وبلدان أميركا اللاتينية اليوم. كما يؤكده صمود ومقاومة شعب فلسطين وشعب العراق واصرارهما على انتزاع "الحرية والاستقلال"، اللذين اعتبر القائد الفييتنامي الفذ هو شي مينه أن "لا شيء أغلى منهما". وقد استذكر الجنرال جياب في مؤتمره الصحافي الذي أشرنا اليه كيف أن الزعيم الفييتنامي "العم هو" عانقه بعد هذا الانتصار المدوي في ديان بيان فو، ثم قال له: هذه ليست إلا البداية. وقد أثبت التاريخ في العقدين اللاحقين بُعد رؤية "العم هو" ونفاذ بصيرته، كما أثبت أهمية التمتع بطول النفس، وأهمية الاعتماد على الشعب وقدراته الهائلة على الصمود والدفاع عن أرضه ومصيره ومستقبله، على أرضية الثقة الصلبة بين الشعب وقيادته.



#داود_تلحمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والإنتخابات الأميركية: -إزاحة- اليمين المتطرف... وبلورة ...
- بعد صدور القرار 1515 لمجلس الأمن حول -خارطة الطريق
- في ذكرى ثورة (7 نوفمبر) الاشتراكية، وفي ظل تنامي قوة المارد ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - داود تلحمي - بعد خمسين عاماً من الانتصار التاريخي في - ديان بيان فو