أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - غازي الجبوري - رغيف خبز لاتقطع وكل حتى تشبع















المزيد.....

رغيف خبز لاتقطع وكل حتى تشبع


غازي الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 15:33
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


قبل أيام قرأت مقالا للدكتور علي إبراهيم خليل/عميد كلية الصيدلة في جامعة تكريت حول الرصانة العلمية والترصين العلمي فذكرني بحكاية قديمة كانت تحكيها لنا جداتنا وأمهاتنا في صغرنا قبل الاستغناء عنها بعد ظهور التلفزيونات في بلادنا والانشغال عنها بمشاهدة أفلام الكارتون ... تتحدث الحكاية عن مالك ارض متعسف يشترط على المزارعين الذين يعملون لديه شروطا تعجيزية تضطرهم على قبولها الحاجة فيقبلون بالعمل الواحد بعد الآخر ثم يتركونه.

وكانت الشروط تقضي بأن الذي يغضب (يزعل) من الطرفين يقوم الآخر بسلخ من جلده مايكفي لصنع (حزام وحذاء) فيوافق المزارع لاعتقاده أن الأمر متعلق بالعمل فحسب وانه سيبذل جهده لإرضاء المالك وعندما يبدأ بالعمل يبعث مالك الأرض مع ابنته وجبة غداء تضم رغيفا من الخبز وبصلة كبيرة تسمى (رأس بصل) وكيس من جلد الأغنام يعد لحفظ ونقل ماء الشرب مملوء بالماء يسمى (جود) ويوصيها بان تبلغه أن لايقطع رغيف الخبز ولا يكسر رأس البصل ولا يفتح الجود ويأكل ويشرب حتى يشبع وعندما يعود من العمل جائعا ويشكو لصاحب العمل حاله من الجوع والعطش فيبادره بالسؤال قائلا : له هل أنت زعلان؟ (أي غاضب) فيتذكر المزارع الاتفاق فينفي غضبه على مضض خوفا من السلخ ولكنه سرعان مايفصح عنه بشكل صارخ في اليوم الثاني أو الثالث ويعلن غضبه فيسلخ صاحب الأرض جلده طبقا للاتفاق ويترك العمل ليأتي غيره... واستمر الحال هكذا إلى أن شاع خبره في البلاد .

فسمع احد الأذكياء بذلك وقال انأ سأنتقم لكم منه وأخلصكم من شره فجاء إلى صاحب الأرض وعرض عليه الشروط فوافق ولما ذهب إلى العمل في أول يوم جاءته ابنة صاحب الأرض بالطعام والماء وبلغته بتوصية والدها فقال لها أمر والدك على الرأس والعين فقام فقطع رغيف الخبز وكسر رأس البصل واكلهما وفتح جود الماء وشرب مافيه وقام إلى ابنة المالك فاعتدى عليها وعادت إلى والدها تندب حضها فجاءه صاحب الأرض في اشد حالات الغضب ، والشرر يتطاير من عيونه حاملا سلاحه ليقتله وعندما وصل سال المزارع غاضبا مافعلت يامجرم؟ فرد عليه بهدوء قائلا هل أنت زعلان؟ فقال له كل الزعل وساقتلك اليوم فقال له هل نسيت الاتفاق الذي بيننا ؟ فتذكر المالك الاتفاق وانهار لما سيلحق به من سلخ بعد كل ماحصل له ولابنته فرضخ للمزارع الذي قام بسلخ جلده وخلص الناس من شره .

تذكرت تلك الحكاية التي تشبه فيها الشروط التعجيزية التي كان يفرضها ذلك المالك ماتطلبه اليوم وزارات التربية والتعليم وأعضاء الهيئات التربوية والتعليمية في المدارس والمعاهد والكليات في العراق من الطلبة من تحقيق النجاح الباهر بدون غش أو مساعدة أو رشوة أو مساومات وكأنهم لم يكونوا طلابا يوما ما ولا يعرفون ظروف الحرب والحصار والعنف التي يعيشها العراق منذ عام 1980 والى يومنا هذا والتي أدت إلى انهيار البنى التحتية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والخدمية والصحية والتعليمية والأمنية والأخلاقية انهيارا تاما وخلفت ملايين الضحايا بين قتيل ومعوق ومشرد ويتيم مما خلق أجيالا تعاني أمراضا عضوية ونفسية خطيرة اضمحلت بسببها "مساحات الذاكرة والذكاء" لديها مع تزايد مستمر لعدد وحجم المواد الدراسية المقررة وصعوبة الأسئلة وتشدد المصححين وتباين طرق التدريس والتصحيح وتمييز المصححين على أسس طائفية ومناطقية ناهيك عن وجود العينات السيئة التي تطرق لها كاتب المقال ممن هم في الجوهر عقارب وثعابين وذئاب بهيئة أساتذة ومعلمين ومدرسين يساومون الطلبة على النجاح مقابل رشاوى كما أشار المقال أو إقامة علاقات مع الطالبات كما يشاع بين الطلبة!!!!!!! ...ونأتي اليوم لنحقق الرصانة العلمية والترصين العلمي في ظل هذه الظروف وعلى حساب الطالب المسكين دون أن نقدم له أدنى حد من مستلزمات النجاح فما بالك بالرصانة العلمية تحقيق الرصانة والترصين .

أن حال الطالب العراقي اليوم هو أشبه بعجلة حمل زنة طن واحد فقط ونقوم بتحميلها ب (10) أطنان ولذلك فإننا عندما نريد تحقيق الرصانة المنشودة علينا أن نوفر كافة المستلزمات اللوجستية (إدارية وتعليمية وفنية وتربوية وعلمية ومنهجية وتقييمية) وبعد ذلك نتحدث عن إمكانية البدء بالعمل على تحقيق الرصانة العلمية.

فبرغم أن الكاتب قد وضع إصبعه على جرح العملية التعليمية والتربوية واشر الأخطاء والسلبيات والإشكاليات الخطيرة والمهمة إلا انه افترض أن كل الظروف مناسبة للطلبة فلم يتساءل عن سبب تغيب الطلبة وعن سبب لجوئهم إلى الغش لأنه لايعلم كم يدفع ولي أمره من نفقات عليه كاجور نقل ومصرف يومي وقرطاسيه وأجور محاضرين في المدارس سيما إذا كان عدة طلبة في الأسرة الواحدة في ظل البطالة الكبيرة وقلة الرواتب وانقطاع الكهرباء المستمر فضلا على الدروس الخصوصية لمن يريد أن ينجح أو يحصل على معدل عالي يدخله الكلية التي يحلم بها هو وذويه بسبب ضعف المدرسين وضخامة المواد الدراسية .

لقد أورد الكاتب مقترحات عدة جيدة وايجابية لكنها لايمكن تحقيق أي منها قبل تأهيل البنية التحتية للبلاد ومن ضمنها وبالتوازي معها البنية التحتية التربوية والتعليمية وعند ذاك سوف تختفي معظم السلبيات التي أشار إليها تلقائيا . كما يجب أن نهتم بالأمور التالية :
1- تخفيض حجم المناهج الدراسية بما لايقل عن النصف
2- إلغاء الامتحان بالدروس الثانوية التثقيفية واعتماد عدد المحاضرات التي يحضرها الطالب إلى العدد الكلي درجته في تلك المادة
3- جعل الامتحانات وزارية في جميع المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة والإعدادية والمعاهد والجامعات
4- توضع الأسئلة الوزارية وتصحح الأجوبة من قبل لجان تشكلها مديريات التربية والمعاهد والجامعات في المحافظات
5- يكون التقديم إلى المعاهد والجامعات من خلال قناتين إما مباشرة إلى المعاهد والجامعات في المحافظات ليكون القبول في تلك المحافظة حصريا أو إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مركزيا ويكون القبول في هذه الحالة حسب الضوابط مع إيقاف العمل بالنقل والاستضافة إلا للإناث اللواتي يتزوجن في محافظات أخرى أو تنتقل عوائلهن إلى محافظات أخرى وبناء على طلبهن
6- يكافئ المعلمون والمدرسون الذين يحققون نسب نجاح عالية بمكافئات نقدية ومعنوية وترقيات كبيرة تتناسب مع تلك النسب لما يزيد عن 75% والاكتفاء بمكافئات معنوية لمن يحقق نسب نجاح بين 50%- 75% ومعاقبة من يحقق نسب اقل من 50% بعقوبات نقدية ومعنوية وتخفيض الترقية بما يتناسب أيضا مع نسب النجاح المدنية
7- تعديل الرواتب والمخصصات للمعلمين والمدرسين وأساتذة المعاهد والجامعات بحيث تكون رواتب ومخصصات اختصاصات العلوم التطبيقية واللغات العربية والأجنبية ضعفي العلوم الإنسانية لتشجيع الطلبة للتخصص بها ولانهم يبذلون جهود مضنية في التدريس ولحاجة البلد لتلك الاختصاصات من اجل نهضته
8- إضافة مخصصات حسب عدد المحاضرات التي يلقيها المحاضر في الشهر على أن تكون مخصصات محاضرة العلوم التطبيقية واللغات العربية والأجنبية ضعفي محاضرات العلوم الإنسانية لنفس الأسباب الواردة في (7) أعلاه
9- فتح مديريات عامة للتعليم العالي والبحث العلمي تعنى بشئون المعاهد والجامعات أسوة بالمديريات العامة للتربية في المحافظات
10- وضع خطط تربط بين حاجة البلاد وسوق العمل إلى الاختصاصات المختلفة لتحديد نوع وعدد الكليات المفتوحة في القطر والمحافظات ويشمل ذلك الدراسات العليا ومساواة الإناث بالذكور والى بالتعاون مع وزارة التخطيط
11- تقسيم المواد الدراسية للسنة الدراسية الواحدة إلى جزأين خلال السنة الدراسية يتم إجراء امتحانين شهريين من (25) لكل امتحان شهري وامتحان نهاية الجزء الأول بكل المنهج المقرر (نهاية النصف الأول للسنة الدراسية) من (50) درجة خلال النصف الأول من السنة الدراسية أما بقية المواد فتكون في النصف الثاني من السنة الدراسية حيث يتم إجراء الامتحانات بنفس طريقة النصف الأول من السنة الدراسية للتخفيف عن كاهل الطلبة على أن يكون الامتحان وزاري بمواد النصف الثاني من السنة الدراسية فقط من (50) درجة
12- إجراء امتحانات دور ثاني للدروس التي يرسب فيها الطالب من النصف الأول مع امتحانات مواد الجزء الثاني ودور ثالث مع امتحانات الدور الثاني لمواد الجزء الثاني من السنة ودور ثالث للمواد التي يرسب فيها الطالب من مواد النصف الثاني من السنة الدراسية
13- استمرار العمل بنظام العبور باستمرار حتى بعدما تتحسن ظروف البلاد والبنى التحتية للتربية والتعليم





#غازي_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع حياة أطفال العراق
- من المسئول عن استمرار العنف في العراق حقا ؟
- كيف نحبب التصويت الى نفوس الناخبين؟
- مظلومية أهالي محافظة صلاح الدين إلى متى؟
- هل اختلاف التنظيمات السياسية ظاهرة صحية؟
- ماهي افضل ضوابط للتعيين في الدوائر الحكومية؟
- السنة الدراسية انتهت ولم يبت بطلب نقل طالبة جامعية عراقية
- من سرق ماطوري؟
- هل ما يقدمه المفكرون والكتاب والأدباء يناسب الظروف العربية؟
- إلى نقابة الصحفيين العراقيين: إلى الماء يسعى من يغص بلقمة!
- لمن يجب أن يتبع الإعلام الحكومي؟
- المصالحة مع البعثيين لماذا؟
- أهم السلبيات التي رافقت انتخابات مجالس المحافظات وطرق معالجت ...
- هل اذهب للتصويت أم لا ولماذ؟
- ماهو دور الإعلام في الانتخابات؟
- لكي لاتقتل طموحات المرأة العراقية في ظل الديمقراطية
- ماهي قصة المادة ( 50 ) من قانون انتخابات مجالس المحافظات في ...
- قضية كركوك بين العاطفة والموضوعية
- طرق الكشف عن الديمقراطية في بلد من البلدان
- هل يمكن إيجاد حلول وسط للانتخابات والاستفتاء في كركوك؟


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - غازي الجبوري - رغيف خبز لاتقطع وكل حتى تشبع