أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بودهان - عندما تُوظّف فلسطين لاستكمال تعريب المغاربة















المزيد.....

عندما تُوظّف فلسطين لاستكمال تعريب المغاربة


محمد بودهان

الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 09:39
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


كم كان الأستاذ ميمون أمسبريذ مصيبا وعبقريا في تحليله عندما أدرج قضية فلسطين ضمن وسائل التعريب الهوياتي للمغرب حيث كتب يقول: "أما أقوى التيمات ـ السجلات البلاغية التي ينشط من خلالها الخطاب العروبي في المغرب فهو ولا شك القضية الفلسطينية" (انظر مقاله "عن الجالية الأمازيغية في المغرب" بالعدد 143 من "تاويزا" لشهر مارس 2009). وأنا أتأمل هذه الفكرة الثاقبة، إذ بنشرة الأخبار المتلفزة تعلن أن المغرب قرر تخصيص مبلغ 15 مليون دولار كمساهمة منه لإعادة إعمار غزة الفلسطينية بعد الدمار الشامل الذي تعرضت له جراء العدوان الإسرائيلي، لتتأكد بذلك صحة ما جاء في تحليل الأستاذ أمسبريذ.
ليس موضوع هذا المقال هو مناقشة مبدأ التضامن مع فلسطين وتقديم الدعم المالي لها، ولا الأسئلة المباشرة التي يطرحها هذا الدعم من قبيل: لماذا لم يخصص هذا المبلغ لإعمار ما دمرته الفيضانات الأخيرة بالمغرب أولا؟ لماذا لم يرصد لفك العزلة على منطقة أيت عبدي التي لا تزال تحاصرها الثلوج؟ أو لمحاربة الفقر والهشاشة؟... إلخ. كما أن الموضوع ليس مناقشة الأهداف الصريحة والمباشرة لهذا الدعم، بل الكشف عن الأهداف البعيدة الضمنية والخفية للتضامن مع فلسطين وتقديم الدعم المستمر لها من طرف المغرب، هذه الأهداف التي لها علاقة بما سماه الأستاذ أمسبريذ "التيمات ـ السجلات البلاغية التي ينشط من خلالها الخطاب العروبي في المغرب".
إذا سألت المغاربة عن موقفهم من الدعم المالي الذي يقدمه المغرب من خزينة الدولة للفلسطينيين، فسيكون جواب غالبيتهم أنهم يرحبون بهذه المبادرة ويحيونها ويساندونها. وإذا سألتهم لماذا يساندون هذه المبادرة ويرحبون بها؟ فسيجيبون في أغلبيتهم: لأن الفلسطينيين عرب مثلنا نشترك معهم في الانتماء إلى نفس الهوية العربية، وهو ما يفرض علينا مساندتهم ودعمهم والتضامن معهم لأنهم أشقاؤنا وإخوان لنا. والمشكل ليس فقط أن هذا التضامن يقوم على دوافع عرقية (الاشتراك في الانتماء إلى نفس العرق الذي هو العروبة)، بل لأنه يخلق وينمّي ويكرّس الوعي الزائف والكاذب لدى المغاربة بأنهم عرب. وهكذا يؤدي التوظيف القومي العروبي للقضية الفلسطينية بالمغرب إلى مزيد من تعريب المغاربة، تعريب أكثر عمقا وفعالية، لأنه لا يستهدف اللسان والهوية فحسب، مثل التعريب المدرسي، وإنما ينفذ إلى المشاعر والوجدان والانفعالات، أي عمق الإنسان ولبّه. فهذا التضامن مع فلسطين، ولأنه يقوم على أساس عرقي قومي، يستدخله المغاربة كدليل بديهي ساطع على "عروبتهم" المزعومة، خصوصا أن الإعلام الرسمي والحزبي (وهل هناك فرق بينهما؟) لا يكفّ عن ترديد عبارة "فلسطين الشقيقة" و"أشقاؤنا الفلسطينيون" كلما تعلق الأمر بالتضامن معهم. بل إن هذا الإعلام ينتدب مراسلين له في أقصى المدن الفلسطينية التي تفصلنا عنها أكثر من ستة آلاف كيلومتر ولا ينتدب مثل هؤلاء المراسلين في أقاليم مغربية قريبة كالحسيمة وأزيلال وإملشيل وأيت عبدي. مما يعني أن فلسطين هي أكثر مغربية من هذه الأقاليم المغربية. هكذا تساهم القضية الفلسطينية، كما توظف بالمغرب قوميا إعلاميا، في خلق وعي زائف ومستلب لا يرى الوطنية إلا في الارتباط بالعروبة، خارج الوطن، والتضامن مع القضايا العربية. وهذه حالة شاذة ومرضية تعتبر في الأحوال العادية والسوية خيانة وعمالة ضد الوطن.
وهذا ما نرفضه ونعارضه كأمازيغيين: نرفض التضامن مع فلسطين بصفتنا "عربا" تفرض علينا هويتنا "العربية" التضامن مع "أشقائنا" العرب. لكن نقبل التضامن مع فلسطين والقضايا العربية الأخرى، كأمازيغيين مسلمين ندافع عن فلسطين وندعمها لدوافع إنسانية وإسلامية وليس لدواعٍ عرقية وقومية كما تفعل الأحزاب والحكومة والحركات الإسلامية بالمغرب. فالتضامن مع فلسطين على أساس عرقي قومي، فضلا على أنه أداة إضافية أخرى فعالة لتعريب وعي المغاربة بعد تعريب انتمائهم ولسانهم، فهو سلوك جاهلي حاربه الإسلام ونهى عنه، ويتنافى مع قيم الحداثة والإنسانية.
القضية الفلسطينية، كما هي موظّفة بالمغرب، لا تختلف في وظيفتها عن الاستعمال السياسي التعريبي للغة العربية التي لا تستعمل كلغة بل كوسيلة لتغيير الهوية الأمازيغية للمغاربة إلى هوية عربية. وهذا ما يرفضه الأمازيغيون الذين لا يرفضون العربية كلغة لكن يرفضون استعمالها لتعريب هويتهم. ونفس الشيء بالنسبة للقضية الفلسطينية: فالأمازيغيون لا يرفضون التضامن مع الفلسطينيين ودعمهم ماليا والدفاع عن قضيتهم كقضية إنسانية عادلة، لكنهم يرفضون التضامن مع الفلسطينيين والدفاع عن قضيتهم كما لو كانوا "عربا" تجمعهم قرابة عرقية وقومية بالفلسطينيين تبرر دعمهم والتضامن معهم كما توحي بذلك مواقف الحكومة وأحزابها العروبية. فالذي يرفضه الأمازيغيون ليس التضامن مع القضية الفلسطينية في حد ذاته ولكن توظيفه هذه القضية لتعريب وعيهم ووجدانهم. فالقضية الفلسطينية لا تعنينا كقضية عرق عربي، ولكن تعنينا كقضية عدالة وإنسانية وشرعية. لهذا نعارض أن ندفع خمسة عشر مليون دولار من جيوبنا لاستكمال تعريبنا، ولكن نقبل أن نتبرع بهذا المبلغ وبأكثر منه شريطة أن نفعل ذلك كأمازيغيين وكدولة أمازيغية تتضامن مع قضية عادلة ومشروعة. ففي هذه الحالة التي ندفع فيها هذا المبلغ لدوافع وحدة القرابة العربية العرقية المزعومة، ماذا سيسجل التاريخ؟ سيسجل أن المغرب كدولة عربية منح لفلسطين العربية 15 مليون دولار تعبيرا منه عن تضامنه العربي مع فلسطين العربية. وهذا ما نرفضه كأمازيغيين لأنه تزوير للحقيقة وإسهام آثم في تعريب الأمازيغيين الذين لا يرفضون بالمقابل التضامن مع الفلسطينيين لكن كأمازيغيين ـ كما سبقت الإشارة ـ يسجل عنهم التاريخ أن الشعب الأمازيغي بالمغرب دعم الشعب الفلسطيني ب15 مليونا لدواعٍ إنسانية وإسلامية وحتى سياسية، لكن ليس لدوافع عرقية وقبلية كالتي تروّج لها الحكومة وأحزابها العروبية. ولنأخذ العبرة من تركيا العظيمة: فما فعله رئيس الحكومة التركية السيد الطيب إردوكان لصالح فلسطين لم يفعله أي ملك أو رئيس عربي. لقد انتفض ضد الرئيس الإسرائيلي في مؤتمر دولي، واتهمه بارتكاب مجزرة ضد الأبرياء في غزة ثم غادر قاعة الاجتماع احتجاجا على قتل الجيش الإسرائيلي للأطفال في غزة، وهو ما لم يفعله أي مسؤول عربي من الذين حضروا نفس المؤتمر، والذين واصلوا الجلوس بجانب رئيس إسرائيل بعد مغادرة السيد إردوكان. فماذا سيكتب عنه التاريخ؟ سيكتب أنه تضامن مع فلسطين ودافع عنها، ولكن كتركي معتز بانتمائه التركي، وليس كعربي حركته النعرة القبلية العربية لمناصرة فلسطين العربية. هكذا نريد أن يكون تعامل الدولة المغربية مع القضية الفلسطينية كقضية يدعمها ويدافع عنها المغاربة كأمازيغيين فخورين بانتمائهم الأمازيغي، مثل رئيس الحكومة التركية الطيب إردوكان، تحرّكهم الغيرة الإسلامية ومبادئ الحق والعدالة، وليس كعرب تحركّهم الدوافع الإثنية ذات الأصول الجاهلية.
إن إقامة المغرب لعلاقات سوية، خالية من أي استلاب أو تبعية، مع القضايا العربية بصفة عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة، يشترط استعادة المغرب لهويته الأمازيغية كاملة، أي كهوية للدولة وللسلطة الحاكمة. آنذاك سيكون التضامن مع القضايا العربية العادلة ينطلق من دواعٍ إنسانية وإسلامية وسياسية لا توجهه ولا تؤثر عليه بواعث عرقية وقومية لأن المغرب سيكون دولة أمازيغية ثوابتها الجديدة هي الأمازيغية والإسلام وليس العروبة والإسلام كما نسمع يوميا وبشكل مكرور ومملول.







#محمد_بودهان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة السياسية -للظهير البربري- وأسباب التخلف السياسي والا ...
- ترسيم اللغة الأمازيغية أم ترسيم الدولة الأمازيغية؟
- الحاجة الى العلمانية لحماية الاسلام


المزيد.....




- رسالة لإسرائيل بأن الرد يمكن ألا يكون عسكريا.. عقوبات أمريكي ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: أمريكا وبريطانيا ...
- لبنان: جريمة قتل الصراف محمد سرور.. وزير الداخلية يشير إلى و ...
- صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام ...
- - استهدفنا 98 سفينة منذ نوفمبر-.. الحوثيون يدعون أوروبا لسحب ...
- نيبينزيا: روسيا ستعود لطرح فرض عقوبات ضد إسرائيل لعدم التزام ...
- انهيارات وأضرار بالمنازل.. زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالي تركيا ( ...
- الجزائر تتصدى.. فيتو واشنطن ضد فلسطين وتحدي إسرائيل لإيران
- وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل أبناء وأحفاد إسماعيل هنية أثر عل ...
- الرئيس الكيني يعقد اجتماعا طارئا إثر تحطم مروحية على متنها و ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بودهان - عندما تُوظّف فلسطين لاستكمال تعريب المغاربة