أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - إنْثيال مع الشاعر العالمي الكبير بابلو نيرودا ...















المزيد.....

إنْثيال مع الشاعر العالمي الكبير بابلو نيرودا ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


صديقي الباهر : قلائد ورد وباقات قمر لذكراك وانت تودع العالم في 23 ايلول من عام 1973 كيف استهل حنيني اليك ؟ والى اضاءآتك اللغوية وتشكيلاتك الشاهقة احرفا وكلمات هي معمار جمالي طافح البهاء ... استهل اسمك بذكرياتي التي تتصل بك ضمنا ً ، بالديباجة الاولى للأناقة وأعني الديوان الأول الذي ربيت على عبق اريجه ألا وهو ديوان تؤأمك بدر شاكر السياب حيث ازهار وأساطير و" عيناك غابتا نخيل " ، " وعينان زرقاوان ينعس فيهما لون الغدير " ، اعنيك انت في ديوانه واعنيه فيك اذ ان اللغة مصعد من مصاعد ذائقة الأدب الرفيع . ويومها وانا ابن العشرين من العمر ـ لو تسمح لي بالاستدراج ـ كنت تعرفت على شاعر عراقي كبير لايزال يعيش في العراق الآ وهو محمد على الخفاجي الذي بهرت بديوانه مهرا لعينيها ومستهل قصيدة بهذا الاسم " بزرقة عينيها اغوص وابحرُ ... واطوي شراعي في مداها وانشرُ. واغرق مجدافي وادفع قاربي ... الى مرفأ ينأى ويمتد معبر ُ " الخ . في ذلك الديوان رأيت تلاوين مما قرأته لك بالأمس ياسيدي بابلو الكبير اذ وجدت التراكيب الشجية لنسيج ٍ انفعالي وتصعيد بإتيان المعاني البعيدة والشاعرية يذكرني بمقولة لصلاح عبد الصبور التي يفيدنا فيها بأن الشاعر في بداياته يترك المعاني تأتي اليه وفي مرحلة متقدمه يسافر هو الى المعاني ... ومثلما التقاك ساعي البريد ، تذكرت اللقاء بمحمد علي الخفاجي وهو في تلك الأيام الشابة مليك الشعر في كلية التربية ببغداد عام 1965 ـ 1966 وبلفيف من شعراء الكلية .. كان قد تألق هو وسواه بنجومية قاعة ساطع الحصري في الوزيرية . وفي يوم عائد انا فيه من كربلاء الى مدينتي بغداد ارسل بيدي الصديق محمد علي الخفاجي قصيدة يطلب فيها من الشاعر كامل خميس او الاستاذ عبد الوهاب الامين ان ينشرها له في الملحق الادبي ، والتي علق في ذاكرتي منها بيت للشعر هو :
غدا سِفـْرُ الزمان يُشيد نصبي
وانتِ على حجارتِهِ كُتِبْت ِ
وكان شديد الاعجاب بأدونيس وفتوحاته اللغوية وهو ماينفك يتذكر كيف يصوغ الشعراء الآخرون الذهب الابريز وينضّدون عقود اللآليء ... قال لي على سبيل المثال انظر كيف يصور مظفر النواب طول الشـَعر وحسنه :
" نسّلْ ذهَبْ يامشط يلخلقك اشطوله ! " .
سيدي بابلو ... نحن كساعي البريد العاشق الذي كان يحوم حولك ، نحوم حول اناقة هندسية في الحلم والشعر وبناطحة للسلام ، وبكلام غير مكرور ولا زمن مستعاد نعمل من اجل اسلوبية جديدة ... مرة في الدرفنيتسا بصوفيا ، قال لي صديقي احد اعمدة المسرح العراقي والعربي جواد الاسدي وهو شاعر جميل : انظر هذه تركيبة من كلمتين حلوة محفزة على تفجير الطاقات اللغوية " هلاهل من فضة " كم نستطيع يابابلو ان ننير مصابيح ملونة لكي تزدهي الدنيا لافقط بالأبيض والاسود والبنى الجامدة من قبيل : يممت وجهي شطر كذا ، وعلم في رأسه نار ُ ولا يشق له غبار ، ويشار له بالبنان ، وليس بالامكان افضل مما كان . وقفا نبك . وتعابير جاهزة كأنها طابوقات نعيد استعمالها الى مالانهاية ! .
قال لي مرة شاعر مهم هو الدكتور حميد الخاقاني ونحن نلتقي صدفة بالباص نحو اتحاد الادباء كلمتين جميلتين : " اصداف الحلم " كان يطري اغفاءة الكلمتين الرومانسيتين عند احد الشعراء ... وكان حميد الخاقاني من شعراء كلية التربية والحاصلين على الجائزة الاولى في مهرجان الربيع فيها .. كل هؤلاء الاكابر من الفنانين والشعراء يطرون التناول الجديد لفتون الجملة وساحريتها وشاعريتها ويذكرونني بالشاعر الجريء الزهاوي :
" كل شيء الى التجدد ماض ٍ
فلماذا يـُقر هذا القديم ُ "
سيدي بابلو : علمت وتعلمت من النزوع الحداثوي لدى اصدقائي ومن الكتابات التي تكوّن الشاعر كما عملت انت على تكوينة ساعي البريد ، بأن اللغة كائن ولود وان امكانية التزاوج الغرائبي بين المفردات يخلق خواتم شذرية واساور ذهبية واقراط ماس ولؤلؤ وياقوت ... انها اللغة بهجة الزمان لو تتجدد .. انه فن القول وليس القول من دون فن . الصورة والخيال وصدق لحظة الابداع كلها فيك يا ايها المبدع الشاهق ... مرة قرأت مقولة اظنها لسومرت موم : " لا تقل لطفلتك كم انت جميلة .. قل لها كم تشبهين اوزة فضية في بركة زرقاء " مثل هذه التعابير قرأتها عند مبدعين بالعشرات وفي شعرك الخالد فعلى سبيل المثال كانت الرواية الجميلة لأنطونيو سكارميتا " ساعي بريد نيرودا " قد تشظى الشعر بمجازات واستعارات على لسان ساعي البريد لنادلة المقهى الشابة وهي من قبيل : ان ابتسامتك تمتد مثل فراشة على وجهك. وحقا لم ينتبه احدنا الى ان الابتسامة امتداد لجناحي فراشة . ـ وماذا قال لك ايضا ً ؟ ظلت الام تستنطق بنتها النادلة . قالت البنت في ص 51 من الرواية : قال ان ضحكتي وردة ، حربة تتشظى ، ماء يتفجر . قال لي ايضا " يلزمني وقت طويل لأتغزل بشعرك ، يجب ان اعده واتغزل به شعرة شعرة " وهنا " نهضت الام واقفة ، وقاطعت راحتي يديها امام صدرها بوضع افقي مثل شفرتي مقصلة :
ـ لاتخبريني بالمزيد يابنيتي . اننا امام حالة خطيرة جدا . كل الرجال الذين يلمسون بالكلمة اولا ، يصلون فيما بعد الى اللمس بعيدا بأيديهم . فقالت بياتريث وهي تحضن الوسادة :
ـ وماذا في الكلمات من سوء ؟
ـ ليس هناك مخدرا اسوأ من الكلام . انه يجعل نادلة حانة ريفية تشعر وكأنها اميرة فينيسية . وبعد ذلك ، حين تأتي ساعة الحقيقة ، لحظة العودة الى الواقع ، تكشفين ان الكلمات لم تكن الاّ شيكا دون رصيد . انني افضل الف مرة ان يلمس سكير مؤخرتك في البار ، على ان يقال لك ان ابتسامتك تطير عاليا مثل فراشة !
فقفزت بياتريث :
ـ تمتد مثل فراشة !
ـ تطير او تمتد هو الشيء نفسه ! اتعرفين السبب ؟ لأنه لايوجد وراء الكلمات اي شيء . انها مجرد ألعاب نارية تتلاشى في الهواء .
ـ الكلمات التي قالها لي ماريو لم تتلاشَ في الهواء . انني احفظها عن ظهر قلب واحب ان افكر بها وأنا اعمل .
ـ لقد لاحظت ذلك . غدا ستعدين حقيبتك وتذهبين بضعة ايام الى بيت خالتك في سانتياغو .
ـ لا اريد .
ـ لا يهمني وضعك ، لقد اصبح الوضع خطيرا .
ـ وما الخطورة في ان يتحدث الي ّ شاب ! هذا يحدث مع كل الفتيات !
عقدت الاُم اطراف شالها .
ـ اولا يبدو واضحا عن بعد فرسخ ان الأشياء التي يقولها لك قد نقلها بالكامل عن نيرودا .
ـ أمالت بياتريث عنقها ونظرت الى الجدار وكأنها تنظر الى الافق .
ـ لا يااماه ! انه ينظر في وجهي فتخرج الكلمات من فمه وكأنها العصافير .
ـ " تخرج من فمه مثل العصافير " . هذه الليلة بالذات ستعدين حقيبتك وتسافرين الى سانتياغو ! ....
ـ انتهى الاقتباس من الرواية ـ .
اعود اليك ياسيدي بابلو نيرودا يا اعظم شعراء العالم شهرة ً ونبلا وابداعا ، اعود لأقول ان المستهجن في اهم الظواهر الاجتماعية هو ليس فقط الرأسمال في تخليده لمبدأ الربح الدائم والمستمر والصاعد انما ايضا حب تخليد العادات والطرائق القديمة واللغة ويقينا ان الفرح باللغة يأتي من اجتراح الغريب والجديد والأنيق فشتان بين لغة الحيزبون ولغتنا اليوم ، وعلى سبيل المثال نورد ماقاله صفي الدين الحلي في مقارعته عشاق الكلام المكرور والقديم بل الرث العتيق :

انما الحيزبون والدردبيسُ
والطخا والنقاخ والعلطبيس ُ
لغة تنفر المسامع منها
حين تروى وتشمئز النفوس ُ *

أما لغتنا اليوم فوفق قوانين الصراع بين القديم والجديد فهي تنحو باتجاه التزاوج في لفظ انيق وتأثيث داخلي للكلمات وخلق تراكيب وتزاوج تقني جذاب انها مرة اخرى من قبيل " عيناك غابتا نخيل " " نسّل ذهب يا مشط يلخلقك اشطوله " " هلاهل من فضة " " اصداف الحلم " " كم تشبهين اوزة فضية في بركة زرقاء " " ابتسامتك تمتد مثل فراشة " " الكلمات تخرج من فمه مثل عصافير " . لقد وددت يا شاعري الكبير ان اضع باقة ورد على ثراك في يوم 23 / 9 ... وان ارفع الى عشاق نيرودا ومحبي طرائق كتابته المتجددة خطاب المحبة هذا .
***************************
كتبت وارسلت في 18/9/2009 على امل ان تنشر في الصحافة في ذكرى وفاة بابلو 23/9/1973.

• ـ إنما الحيزبون والدر دبيسُ

والطخا والنقاخُ والعطلبيسُ

والسبنتى والحقصُ والهيقُ

والهجرسُ والطرقسانُ والعسطوسُ

والغطاريسُ والشقَْطْحَبُ والصقـ بُ

والحربصيصُ والعيظموسُ

والحراجيجُ والعفنقسُ والعفلقُ

والطرفاسانُ والعسطوسُ

لغة تنفر المسامع منها

حين تروى وتشمئز النفوس

وقبيح أن يسلك النافرُ الوح

شيُ منها ويُتركُ المأنوسُ

إن خير الألفاظ ما طرب السامعُ

منه وطاب فيه الجليس .

• للشاعر صفي الدين الحلي .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفضت ُ يدي ...
- رسالة من اجمل نساء العالم ...
- مرحى عمامة ُ صاحبي بيضاء ُ ...
- محاولة اخرى على سرقة قصيدة لي ...
- اعطوا السيطرات للشيوعيين انهم صمام امان العراق
- ترنيمة في اربعينية سهام علوان ...
- صغيران !!!!!!
- عيد القُبَل في 9 ايلول سبتمبر ...
- هم يلجئون وللبلاد يُسَفّرون ...
- - الدرب الى سنجار طويل -
- - وداعا ً ما أردتُ لك َ الوداعا -
- قصيدة الديك الرومي ...
- قم ياعراق الغد البسّام يُنتظَرُ ...
- مصرف مسروق ووطن محروق ...
- الحاكمون تزاعقوا...
- قصيدة القَسَم الوزاري !!! ...
- - ياقوم لاتتكلموا - ...
- هيا بنا نسكر في العشّار ...
- أخافُ عليك َ من الإغتيالْ ...
- شعب العراق يُبادُ ياأوغاد ُ


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - إنْثيال مع الشاعر العالمي الكبير بابلو نيرودا ...