|
الحزب الشيوعي العراقي .. سياسة التروي وسط صراع صاخب
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18 - 00:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تترقب جماهير الحزب الشيوعي العراقي ظهور الصيغة الاخيرة التي سيدخل الحزب فيها الانتخابات البرلمانية القادمة ، وفي الوقت ذاته يدور جدل داخلي وفق قواعد ديمقراطية واستزاج اراء اوسع عدد من الكادر الحزبي ، بغية وضع اللمسات المناسبة النهائية على تحديد شكل المشاركة في العملية الانتخابية ، التي ستجرى في منتصف شهر كانون ثاني 2010 ، لقد درج الحزب الشيوعي على الابتعاد عن النزق السياسي والتحلي بطبع التروي في اعقد المنعطفات السياسية واحلك الظروف التي واجهته ، ذلك ما عزز رسوخه ونهوضه بشموخ بعد اقسى الضربات وحملات الابادة التي وجهتها له الانظمة الرجعية والدكتاتورية ، حيث ولت وظل الحزب اكثر منعة وقوة ، رغم ان بقايا من تلك الانظمة وايتامها لم ينفكوا عن محاولاتهم البائسة للنيل منه . وقبل ان يفوتنا ذكره ، ان ما نكتبه هو وجهة نظر شخصية ليس الا ، عسانا ان نتمكن من المساهمة في التأشير على حقائق الامور ، التي عادة ما تطمس معالمها في خضم لجة الحراك السياسي المحتدم ، او احياناً بصورة مقصودة ، لاشك ان لها خلفية واهداف غير نزيهة ، ومن رؤيتنا لسياسة الحزب الشيوعي ودوره في هذا الحراك السياسي وتجاذباته الساخنة ، نؤشر على مبادرة الحزب السبّاقة ومنذ بداية التغيير في الوضع العراقي ، اذ طرح مشروعه الوطني الديمقراطي ، داعياً الى تشكيل جبهة وطنية واسعة من كافة القوى المؤمنة بالعملية السياسية والحياة الديمقراطية الجديدة ، وقد ترجمها الى الواقع العملي حيث إئتلف مع قوى ديمقراطية ( القائمة العراقية ) كانت تعارض المحاصصات الطائفية والعرقية وبتوجه وطني سليم ، ومع ان هذه التجربة لم تصمد امام سلوكيات بعض اطرافها النازعة الى الاستفراد بالقرار مما اضطر الحزب الشيوعي للانسحاب منها ، الا انه عاود مبادراً ايضاً الى الدخول بإئتلافات مع قوى التيار الديمقراطي لخوض الانتخابات المحلية الاخيرة . ونشير على سبيل تذكير من يتجاهل هذه الحقائق لكي يبرر طعنه للحزب بدوافعه المعلومة طبعاً ، ولامجال لذكرها هنا ، نشير الى انضمام الحزب الشيوعي الى التحالف الكردستاني ، ومن نافلة القول انه كان يقبل بالقليل الذي لا يتناسب مع وزنه ورصيده النضالي وتضحياته ومواقفه الوطنية ، هادفاً تحقق المزيد من المكاسب لابناء الشعب العراقي والمزيد من الاستقرار والتقدم واستعادة السيادة للعراق والتخلص من مخلفات الدكتاتورية وما ترتب من مآسي وتداعيات الاحتلال ، كل ذلك كانت ذات الاوساط المسعورة على الحزب في هذه الايام توصفها بانها التسرع غير المتأن وتحالفات عجلى لا افق رحب لها الى اخر قائمة النعوت ، التي كانت الغاية من سوقها التقليل من قدرة الشيوعيين ومعرفتهم بطبيعة تحالفاتهم ، واليوم تنبري ذات الجهات ايضاً لتوصف تأني الحزب وترقبه لما يجري بحكمة وعدم الانسياق مع سباقات تشكيل الإئتلافات غير المتبلور تماماً ، بانها تخلف عن السياقات الخطيرة في الوضع السياسي في البلد وانها حيرة تلف سياسة الحزب ، وعدم الاكتراث في ما يعتمل داخل المشهد السياسي العراقي . والحقيقة لا بد ان تقال ، ان حمى التهيؤ للانتخابات والصراع من اجل تكوين اكبر الكتل وبالتالي عزل الاحزاب التي لا تنجر خلف هذه او تلك من التشكيلات المتخومة بارث المرحلة الماضية ، يدعو الى التحرك وحشد اكبر قدر من الامكانيات الكفيلة بالبقاء في العملية السياسية ومواجهة نزعات العزل والاقصاء واحتكار الحكم ، وهذا تحديداً ما نقرأه فيما يقوم به الحزب الشيوعي على اكثر من خيار واعادة هندسة تحالفاته بما يتلائم مع اخر المستجدات السياسية ، والاستعداد لتوفير الآليات المطلوبة ليبقى الحزب وكافة القوى الديمقراطية في مقدمة عملية بناء الدولة الديمقراطية العراقية . وقد اثبتت تجربة الحركة السياسية في العراق ان النزق السياسي نتيجته الانزلاق في الهاوية ، واذا ما عايانّا الكوارث السياسية التي مر بها العراق شعباً ووطناً نجدها بالمطلق حاصل سياسات متهورة رعناء ، تركت العراق في نهاية المطاف تحت رحمة الاحتلال والاختراقات الاقليمية الغادرة ، وكان الحزب على الدوام محترساً ومعارضاً لها ، وشاهدنا الاكثر قرباً هو معارضته للاحتلال ، وعلى ذات المنهج الوطني ما زال الحزب يعمل حتى على صعيد التحالفات لتكريس الجهد الوطني عموماً لتخليص البلد من اثار السياسات المغامرة ، وهذا ما يؤشر بوضوح على ان سياسة التروي وسط الصراع السياسي المحتدم ، تعبر عن ثقة بالنفس والاستفادة من تجارب واخطاء الماضي وبخاصة على صعيد التحالفات .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبقة الحاكمة العراقية .. علاقات بينية تمشي بلا قدم
-
الإئتلاف الوطي المنشود في رسم طاولة التفاوض
-
التيار الديمقراطي العراقي.. لاعب ام متفرج .. ؟
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ إئتلافات تالفة
-
تجاذبات عاصفة لانقاذ ائتلافات تالفة
-
اصلاح الامور من خلال اصلاح الدستور
-
الامريكان والبعثيون .. مقاربات تمليها مصالح
-
خلافات الساسة تضع العراق على سكة الضياع
-
وساطة بايدن بضاعة بائرة
-
قانون انتخابات جديد ام محاولة لاعادة انتشار الكتل الكبيرة ..
...
-
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حساب
-
النفط دماء الوطن فلا ترخصه جولة التراخيص
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية الفقيه
-
دموع المرشد غسلت عنوان دكتاتورية ولاية الفقيه
-
دخان ابيض فوق المنطقة الخضراء
-
الانتخابات الرئاسية الايرانية بين زيف وحيف
-
الانتخابات العراقية القادمة واسر هيمنة الطبقة الحاكمة
-
كل السبل وارد استخدامها لاسقاط حكومة المالكي .. ولكن
-
الدستور العراقي قاسم مشترك اعظم لايقبل التحجيم
-
تصريحات كنباح كلب اطرش
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|