أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم الحلفي - مظاهرة أربعاء الرماد وتوزيع العطايا!














المزيد.....

مظاهرة أربعاء الرماد وتوزيع العطايا!


جاسم الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 2772 - 2009 / 9 / 17 - 13:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سرني دعوة منظمات المجتمع المدني للتظاهر، كل أربعاء، في منطقة معينة من بغداد، وبفعالية متميزة، لا يتكرر فيها المكان، كما أنها لا تكرر نوع النشاط، بل تواظب على تأكيد هدفها الرئيسي والمباشر المتمثل باستنكار التفجيرات التي نفذها الإرهابيون، وتوجه من خلال ذلك رسالة واضحة ومحددة وبسيطة ومترابطة تتلخص في الشعار العتيد: (لا للإرهاب ... نعم للحياة). ويبدو ان هذه المنظمات وضعت أهدفا أخرى، وان بدت ثانوية لكنها تنسجم مع الهدف الرئيسي، ولا تشتت الانتباه عن الرسالة، بل تضيف إليها مضامين عميقة. فتنمية حق الإنسان في الحياة والعيش الكريم، تبدأ بترسيخ الوعي برفض الجرائم وإدانة منفذيها، وفضح كل من يعمل على استثمارها للصراع على النفوذ والجاه والسلطة. كما ان هدف مشاركة المواطن في الشأن العام وتشجيعه كي يقول كلمته بما يجري، وتدريبه على أساليب متنوعة وجذابة للتعبير، هو هدف مهم أيضا، فضلا عن التضامن مع ذوي الضحايا، والمطالبة بإنصافهم وتقديم كل العون والدعم لهم.

وجدتُ الدعوة مغرية، لذا وصلتُ الى موعد الفعالية قبل بدأ التجمع، خاصة وإنها تنطلق من ساحة الشهيد عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد العزيزة على قلبي، حيث عملت هناك، أيام صباي، شغيلا لسنوات. وبطبيعة الحال لا يمكن للفعالية ان تعرّف بنفسها منذ لحظاتها الأولى، ولكون المنطقة شعبية ومكتظة بالباعة المتجولين، والشغيلة من أبناء المناطق الفقيرة في بغداد، لذا فمن المتوقع حدوث مفارقة ما:

سألني احدهم وهو فتى: ( عمو، شراح يوزعون ؟). لم استغرب من هكذا سؤال، حتى وان جاء عند تمثال من لم يحض بقبر في العراق الذي عشقه، هذا الزعيم الذي نزف دما في هذه الساحة!. لم يكن السؤال غريبا ،اذ رحلت الدكتاتورية والحروب، لكن آثارهما ستبقى الى أمد غير قصير. انها لم تكتف بتمزيق نسيج المجتمع، بل انها أثرت سليا على قيمه، بهذا الشكل او ذاك .

لم استغرب سؤال الفتى، وفي نفس الوقت لم استغرب من جوابه عندما قال: (شأسوي باقي)، ردا على سؤالي عن أهمية الموقف في البقاء معنا؟ هذا النمط من الأسئلة والأجوبة، التي كما يبدو انها سوف لن تفارق وضعنا الحالي سريعا، لذا رجوت الفتى ان يبقى لبضع دقائق كي يرى ماذا سيوزعون. وما ان أنهيت كلامي حتى بدأت إحدى الناشطات تهتف برسالتها: ( لا للإرهاب... نعم للحياة)، فقلت للفتى: خذ ما تشاء من هذا الذي يوزعونه فرد عليّ: ( حجي! )، عندها قلت له: ( مو بس حجي)، كنت اعني انه الفعل. وفي اللحظة ذاتها وزعوا علينا صفارات، عندها رد الفتى باستهزاء: ( شنو صفارات!). قلت له: الم اقل لك ( مو بس حجي).
غادرتنا الدكتاتورية .. لكن متى تغادرنا النفعية والأنانية والفساد وشراء الذمم وبيع الضمير. بالأمس سمعت ان احد الأحزاب بدأ بتوزيع المبردات، وليس شيئا آخر، عمولة مسبقة لشراء الأصوات!.
بعد ان أطلقنا، معا، صفارات الإنذار، انطلقت المظاهرة من شارع الرشيد صوب ساحة الفردوس عبر شارع الكفاح مرورا بالصدرية. وسار الفتى معنا، الفضول وحده دفعة ليرى نهاية هذا الصفير. فلا أظن ان أجوبتي هي التي أثرت فيه، وربما سار معنا طمعا بجمع الصفارات!. دوت حناجرنا هتافا ضد الوضع المزري لمحلة الصدرية، التي ظلت محرومة من الخدمات، ولم يفكر احد بتعويض ضحاياها، حالها حال مثيلاتها من مدن العراق!.

ما ان خفت نبرة الهتاف حتى فوجئت بالفتى يصيح متأثرا، بصوت اقرب للبكاء أدهش الجميع: (شغل ماكو، ماي ماكو، كهرباء ماكو، نظافة ماكو.... شنو اكو: اعرف شنو اكو يا حكومة، اكو تفجيرات ، اكو فساد، اكو شعب ساكت عليكم).

اقتربت منه بعد انتهاء هتافاته ورددت ما قاله سابقا: ( عمو: شراح يوزعون)، ضحك الفتى وقال : (عمو... انتم تريدون الحياة، ليش اكو احسن منها!)






#جاسم_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجل الناخبين: أخطاء تتكرر
- خدمات ام سيارات الدفع الرباعي؟
- إختراقات أمنية... وقلق مشروع
- دمنا ليس ماء!
- الواقع الكردستاني وتحديات التغيير
- انتهاكات محدودة لن تؤثر على نتائج الانتخابات!
- ثغرات في سجل الناخبين.. مرة أخرى!
- انتخابات برلمان كوردستان: هل هناك جديد؟
- على الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم واجب صناعة الحلول
- مستلزمات الانتخابات النزيهة ممكنة
- هل يشكل مشروع دستور اقليم كوردستان نقطة خلاف؟
- إيران : اصلاحيون و متشددون و هناك اتجاه ثالث
- قانون الأحزاب وضمان الخيارات الديمقراطية
- رن ... رن... خارج منطقة التغطية!
- الدور الرقابي للبرلمان ومدى ابتعاده عن الصفقات السياسية
- تحديات تشريعية إمام الكتل السياسية
- المؤسسة العسكرية وبناء الدولة المدنية
- على لسان الصادق المهدي
- انتخابات كوردستان: أية منافسة ستشهد؟
- غياب الكبار عن حملة تعليم الكبار


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جاسم الحلفي - مظاهرة أربعاء الرماد وتوزيع العطايا!