أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - قراءة في الجينوم والجينات والشيخوخة















المزيد.....


قراءة في الجينوم والجينات والشيخوخة


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 19:44
المحور: الطب , والعلوم
    


الجينوم والجينات في سطور
يتكوّن الجسم من 100 ألف تريليون خلية .
1. تتكوّن الخلية من غشاء خارجي يحفظ محتوياتها الداخلية ويكون بتماسّ مع السائل خارج الخلية ، ومن سايتوبلازم يحتوي على جزيئات كبيرة وصغيرة حيث تقع نواة الخلية في وسطه تقريباً.
2. تحتوي نواة الخلية الجسمية على جينومين كاملين (الجينوم هو مجموعة المواد الجينية في الخلية بضمنها الجينات) ، واحد من الأب والآخر من الأم . بينما الخلية الجنسية (الحيمن في الذكر والبويضة في الأنثى) فتحتوي على جينوم واحد فقط .
3. الجينوم وثيقة جبارة كتبت نفسها مضيفة باستمرار وماحية ومعدّلة كتابتها لبلايين السِّنين . تُخفي الطبيعة سرّاً في الجينوم . فكل جين هو ليس بهذه البساطة ، إذ يتكون من مناطق فعالة تسمّى إكسونات Exons تتخللها مناطق غير فعالة تسمّى إنترونات Introns تعيد ذاتها وتطول بطرق غريبة تؤثر على قطع الجين الفعالة . كل جينوم بشري يحتوي على 3.3 بليون قاعدة نتروجينية (نيوكليوتايد). أما جينوم الفأر فيحتوي على 3 بلايين قاعدة (10% أقل من الإنسان) وجينوم الأميبا (أميبا دوبيا Amoeba dubia ) يحتوي على 670 بليون قاعدة ! لا أحد يدري كيف ولماذا ؟
4. كل نسخة من الجينوم تحتوي على 25 ألف جين تقريباً. ثمة فوارق بسيطة بين جينات الأم والأب فيما يتعلق بلون العين ، البشرة ، الشعر ، الطول وغير ذلك . و لكنّ 97% من الجينوم لا يتكوّن من أيّ جين ، بل يتألف من جينات كاذبة ، ستالايت ، صغيرة وكبيرة ، وقطع جينية قافزة Transposones وغيرها . تسمّى هذه المواد الجينية بالخردة Junk DNA ، ويطلق عليها أيضاً بالدنا الأنانية (لا تدوِّن البروتين) . هذه الدنا التافهة موجودة في كل كروموسوم ، وهي الدنا التي تُعطي (البصمة) في التحليلات الطبية.
5. في التناسل يعطي الأب نسخة واحدة من الجينوم وكذلك الأم ، ولكنَّ قِطَعاً متماثلة من الكروموسومات الأبوية والأنثوية تتبادل فيما بينها قبل أن تصبح كروموسومات جديدة (متحدة) ، أي أنّ بعض الجينات الأبوية مثلاً الموجودة في كروموسوم أبوي معيّن يذهب إلى مماثله في الأم والقطعة المتماثلة في كروموسوم الأم تذهب إلى كروموسوم الأب .
6. كل كروموسوم يحتوي على جزيئة واحدة طويلة من الدنا DNA .
7. تحتوي الدنا على التعليمات اللازمة لصنع الإنسان . هذه التعليمات موجودة في تعاقبها أو تسلسلها الذي يتكون من أربعة حروف متكررة بلايين المرات . هذه الحروف هي ATGC ، وهي في الحقيقة قواعد نتروجينية وترمز بالحروف وأسماؤها Adenine و Thymine و Guanine و Cytosine على التوالي. هذه التعاقبات تجعل الشخص (فريداً) لا يشبه الآخر تماماً . ولكن التغيّرات التي تطرأ على الدنا أثناء نموّ الفرد لا دخل لها بهذه التعاقبات.
8. البروتين هو الجزيئة الأهم في الخلية ، والخمائر هي بروتينات . يتم تضاعف الدنا واستنساخها بواسطة الخمائر. فعالية الخلية / الجسم تعتمد على البروتين وليس الجين .
9. عندما تتضاعف الدنا تقع أخطاء مصاحبة ؛ مثلاً تمّحي (قاعدة) ، أو تضاف أخرى زائدة ، أو تدخل قاعدة خطأً إلى الجين ، أو قطعة من الجين قد تتضاعف أو تمّحي أو تدخل بطريقة معاكسة أولها في آخرها وأخرها في أولها . هذه الأخطاء تسمّى بـالتغيّرات أو التشوهات Mutations .
10. كثير من التشوّهات ليست ضارّة ولا نافعة ؛ فمثلاً إنَّ عدة كودونات (الكودون هو ثلاث قواعد "نيوكليوتايدات" يختص بجلب حامض أميني خاص به وحده عند صنع البروتين.) مختلفة تدوّن حامضاً أمينياً واحداً . فإذا تغيرت قاعدة منه ودوّن هذا الكودون الجديد الحامض الأميني ذاته، فلا يكون ثمّة تغير في البروتين.
11. يتعرض الإنسان إلى ما لا يقلّ عن 100 تشوّه في حامضه النووي في حياته ، وهذا ليس بكثير إذا ما عرفنا أنّ عدد القواعد النتروجينية هي 3 بلايين قاعدة زوجية أو بليون كودون في الجينوم البشري.
12. ليست كل الجينات موجودة في النواة ، فالميتاكوندريا تحتوي على 37 جيناً .
13. ليست كل البروتينات يصنعها جين واحد ، إذ يحدث أن تشترك عدة جينات لصنع بروتين واحد.
14. الجينات هي وصفات بروتين . لكنْ ليست كلُّ البروتينات مرغوباً فيها . فمثلاً يوجد جين منتشر بنسخ كثيرة في كل الكروموسومات يُنتِج بروتيناً يُدعى ريفيرس ترانسكريبتيس Reverse transcriptase ، وهو إنزايم ، لا يفيد هذا الجين الجسم قطّ ، بل على العكس يضرّه ! فلو نزعنا هذا الجين من الكروموسوم لعاش الفرد عمراً أطول وأجمل وبصحة جيدة . هذا الجين ببروتينه (الإنزايم) الذي يولّده يساعد بعض الطفيليات ، كفيروس الإيدز مثلاً ، الذي إن دخل الجسم يُصبح خطراً على حياة الإنسان ، لأنَّ هذه الإنزايم تلتصق به فتحوله من حالته رنا RNA إلى دنا DNA وتلصقه مرة ثانية بجينوم خلية الإنسان/الحيوان ، وبمعنى آخر ، إنَّ هذا الفيروس يجعل نسخة من جينومه (جزءَ) متكاملاً من جينوم الإنسان مستنسخاً ذاته ملايين المرات . وهكذا تفعل كل الفيروسات التي يكون جينومها (رنا) . وعادة تكون هذه الجينومات (رنا) خاملة أو يُعوزها جين مفقود . ولكن الفضل يعود إلى هذه الخميرة التي تحولها إلى جينوم (دنا) فتلتصق بجينوم الخلية البشرية لتصبح جزءً منه ، حيث تؤلِّف 1.3% من الجينوم البشري .
15. هناك أيضاً ما يُسمّى بـ ريتروترانسبوزون Retrotransposons ، وهي قِطَع جينية تقفز من مكان إلى آخر على جينات الكروموسوم ، وأخطر ما فيها قطعة تتكوّن من 1000 إلى 6000 قاعدة نيوكليوتيد تُدعى بـ Line – 1 ، وهي وصفة كاملة لخميرة ريفيرس ترانسكريبتيس . هذه القطعة تكون بنسخ تصل إلى مائة ألف نسخة موجودة في كل نسخة من جينوم الإنسان . أما الخميرة التي تُنـتَج من هذه القطعة فتُستعمَل ، كما مر ذكره، لإنتاج الدنا التي تغرز نسخة منها في أيِّ مكان على الجينات .
16. تشكّل الدنا التافهة خطراً على الجينات الفعّالة فلها عادة القفز بين الجينات من مكان لآخر ، أو تُرسِل نُسَخاً منها إلى المواقع الجديدة أو تهبط وسط الجينات العاملة فتخرّب (تخربط) أعمالها . وهذا هو أساس اكتشاف الترانسبوزونات بواسطة بربارا ماكلينتوك في الأربعينات من القرن الماضي (حصلت على جائزة نوبل متأخرة عام 1983 لأنها جوبهت بعدم تصديق اكتشافها في حينه.) حيث كان عملها مُنصبّـاً على حبوب الذرة فلاحظت تغييرات في اللون نتيجة التشوهات التي سببتها الترانسبوزونات .
أما في الإنسان فقد سبّبت هذه الترانسبوزونات مرض النزيف (الهيموفيليا) لهبوطها على الجينات التي تدوِّن (تكوّن) عامل التخثر .

استعمال الخلية للجينات

تضع الخلية (علامات) على الجينات لتستعمل الجينات التي تحتاجها – ليست علامات حقيقية كالتي نستعملها ولكنها تميّـز جيناتها . فلو تصورنا الدنا كتاباً لتعليم الطبخ ، فيه وصفات كثيرة ، فالذي يختار وصفة "صيغة" طعام ، يفتح تلك الصفحة من بين مئات الصفحات ويسير على ضوئها لإعداد الطعام ، لأنه يحتاج إلى ذلك النوع من الطعام فقط . أو إذا تصورناها خريطة طرق بآلاف الاتجاهات مثل GPS ونريد أن نسلك طريقاً معيناً ، نعيّن الجهة المطلوبة ونبدأ السير باتجاهها . وكذلك تكون الخلية في الجسم حاوية كلَّ الجينات ، فكلّ نسخة من أيّ جين موجودة فيها. فالجينات هي (وصفات) بروتين مختلفة ، كل جين يختلف عن الآخر من ناحية الطول والحجم وترتيب/تسلسل القواعد النتروجينية (نيوكليوتايد) فيه . فبعض الجينات يتكون من خمسة آلاف قاعدة وأكبرها من ربع مليون قاعدة . وكذلك خلايا الجسم تختلف عن بعضها البعض ، إذ يوجد ما يقارب 220 نوعاً من الخلايا ، بعضها يستعمل جينات لا يستعملها البعض الآخر . فالجينات المستعملة تكون (مفتوحة) ، جاهزة للعمل ، والأخرى (مغلقة) أو مُطفأة / نائمة / عاطلة . فمثلاً خلايا العضلة تحتاج إلى جينات (تولّد) البروتين الذي يؤدّي إلى الحركة ، بينما خلايا الدماغ ليست بحاجة إلى مثل هذا البروتين لأنها لا تتحرك . وكذلك خلايا القلب والكلية والرئة لا تحتاج إلى جينات تصنع الإنسولين الذي تصنعه خلايا معينة في غدة البنكرياس . لذا تكون (العلامات) أو (الإشارات) في الخلية ضرورة لمعرفة الجينات التي تحتاجها تلك الخلية ، فتجعلها تعمل . لذا تكون هناك علامات على جينات لا تحتاجها الخلية وعلامات على جينات تستعملها الخلية دوماً . هذه العلامات / الإشارات لا تغيّر عمل الدنا ، ولكنها تتغيّر حسب احتياج الخلية أو تبعاً للظروف . الفرق بين دنا الجنين ودنا الشخص المتكامل ، أن الأولى (الجنينيّة) ليس فيها إشارات أو علامات ، فهي غير متخصصة عندما يبدأ الجنين بالنمو ، فكل جيناتها (مفتوحة) ، ولكنها بمرور الزمن تبرز فيها الإشارات التي تنفذ احتياجاتها .

التغيّرات فوق الجينيّـة Epigenetics
هي تغيّرات في مظهر الشخص Phenotype أو في إفصاح الجين ، يعني في إنتاجه البروتين ، نتيجة تأثيرات لا علاقة لها بتعاقب / تسلسل قواعد الدنا ، تحدث بإضافة جزيئة إلى الجين مثل مجموعة المثيل CH3 إلى الدنا فيتغير إنتاج الجين من البروتين . هذه العوامل غير الجينية تجعل الجينات (تتصرّف) بصورة مختلفة عن الأصل . فالقاعدة الأساس هي أنَّ تعاقب الدنا في الجين تستنسخ رنا RNA وهذه تترجم (تعيّن) تعاقب سلسلة البروتين . وكل خلية في الجسم ، مهما كان نوعها ، تحمل هذه المعلومات ذاتها ، ولكن الذي يجعل الاختلاف بين الخلايا أو الأنسجة أو الأعضاء الأخرى هو أن مجموعة الجينات في خلايا نسيج معيّن تكون (مفتوحة) فتنتج البروتينات بينما تكون (مغلقة) في نسيج آخر فلا يتم إنتاج تلك البروتينات. أما التغيّرات أو (العلامات) فوق الجينية فتلعب دوراً في (فتح) الجين أو (غلقه) وبمعنى آخر (تسمح) أو (تمنع) الجين من إنتاج البروتين . قد تبقى هذه التغيّرات طوال انقسام الخلايا أو حتّى في النسل . إنَّ إفصاح أحد الأليلين (الجينين) وليس كليْهما ، سواءٌ أكان هذا الأليل آتياً من الأب أم الأم يؤدّي إلى البصمة الجينيّة Genetic imprinting وقد يكون نتيجة وراثة نسختين من جينات الأب أو الأم بدلاً من نسخة واحدة من كليْهما . إن إضافة مجموعة المثيل إلى دنا الجين يُستعمَـل لتمييز نسخة الجين الموروثة من الأب عن نسخة الجين الموروثة من الأم. هذه العلامات تُخبر الخلية أيَّ نسخة تستعمل لتنتج البروتين . هذه البصمة الجينية لا تتبع قانون مندل للوراثة الذي يقرّر أن كلا نسختْي الجين (من الأب والأم) تستخدم في إنتاج البروتين . فالبصمة الجينية تعتمد على واحد من الأبوين أعطى نسخة جين لإنتاج هذا البروتين . فبعض حالات البصمة الجينية يستعمل بعض الخلايا من نسخة الأم ، والبعض الآخر يستعمل نسخة الأب . هذه البصمة الجينية مهمة جداً في دراسة الأمراض ، فقد يرث الطفل مرضاً كالسرطان مثلاً من أمه أو أبيه . وأغلب الأحيان يورث هذا المرض عن الأم وذلك حسب فرضية (معركة الجنسين) بين الأب والأم مستندة على تجارب أجريت على الحيوانات ، فحسب هذه الفرضيّة إن بصمة الجينات الذكرية تحبِّذ تحفيز النمو لتضمن بقاء جينات الأب في النسل ، ولكنّ جينات الأم (تحارب) جينات الأب لتحدّد حجم الجنين اهتماماً بصحتها (الأم) . وهنا في حالة السرطان ثمة جينات كابحة للسرطان فتقوم جينات الأم بـ(إغلاقها) عن طريق الخطأ لتقلل إنتاجها من البروتين فتتحول هذه الجينات إلى جينات سرطانية Oncogenes . فإذا فقدت نسخة الجين السّرطاني (العلاماتِ الجينية) للسيطرة ، و(فُـتِحتْ) ، سيكون انقسام الخلايا من دون سيطرة وطبعاً سيكون السّرطان . وهناك بعض الدلائل في الفئران أن بعض البصمات الجينية يلعب دوراً في تصرف / سلوك الفئران من حيث علاقاتها مع الفئران الأخرى وقد ويكون في الإنسان أيضاً .
الشيخوخة والجينات
لا يعرف العلماء لماذا يشيخ الإنسان أو الحيوان ، ولكن الفرق بين الشاب والشيخ من الناحية البيولوجية هو الخلايا من حيث عددها وفعاليتها . فتضاؤل عدد الخلايا في الرجل المسنّ يجعل الجسم ضعيفاً ، وتغيّر محتوياتها ، وخصوصاً تشؤّه الدنا فيها نتيجة المؤَثِّرات الخارجية والداخلية (أثناء انقسامها) يجعل إنتاج البروتين (خمائر أو هورمونات) أقلّ أو أكثر من الحال الطبيعية . فأخذ العلماء والباحثون يولون مسألة الشيخوخة اهتماماً كبيراً . فقد لاحظ بعض الباحثين في جامعة كونكتيكوت الأميركية في نهاية القرن الماضي جيناً مُتغيِّراً في الذبابة جعلها تعيش 110 أيّام (ثلاثة أضعاف عمرها) والأنثى منها كانت نشيطة طيلة حياتها من ناحية الإنتاج وعند دراستهم لهذا الجين وجدوه يمنع الذبابة من الأكل المتواصل ، أو بمعنى آخر يمنعها من أخذ سعرات حرارية كثيرة . والتجارب التي أجرِيَتْ على الفئران والقردة بإعطائهم طعاماً يقل 30% سعرة حرارية عن الطعام الاعتيادي ، أظهرتْ أن أعمارهم طالتْ . فاستنتجوا أنَّ الطعام واطئ السعرات الحرارية يطيل العمر ويبطئ الشيخوخة . ولكن الدكتور ليونهارد هاي فليك في أوائل الستينات من القرن الماضي اكتشف أنَّ في كلِّ خلية ساعة بيولوجية مبنيّة فيها تحدّد عدد انقسام الخلية ، أيْ أنَّ لكلِّ خلية أجلاً محتوماً متى ما وصلتْ إلى النقطة الأخيرة من الانقسام . أطلق على هذه الظاهرة اسم الشيخوخة الخلوية Cellular senescence . فَـحسْبَ هذه النظرية أنَّ كلَّ ما يُبطئ الانقسام أو يوقفه بعض الوقت يطيل الحياة وبصحة أحسن . وعلى هذا الأساس يمكن أن نتساءل فيما إذا كان ممكناً (تصميم) عقار يُبطئ الانقسام ؟ ليس الأمر سهلاً ولهذا حديث آخر . أما الخلية السرطانية ، فيظهر أنَّها اكتشفت طريقاً لاستمرار انقسامها بخَلقها خميرة (انزايم) التلوميريس التي تصنع التلوميرات (مواد جينية ضرورية لاستمرار انقسام الكروموسوم) ، وبهذا تجاهلت أو لم تُعـِرْ أهمية للساعة البيولوجية فيها . ولكنّ بعض العلماء في جامعة ستانفورد برهنوا على أنَّ (برمجة) للموت توجد في جينات بعض الحيوانات ، وأنّها تموت في أجل معيّن . فقد درسوا الدودة سي أليكَانس elegans C. ، التي يبلغ طولها مليمتر واحد فقط . هذه الدودة التي شُفِّـر جينومها كاملاً عام 1998 ، ضمن مشروع برنامج الجينوم البشري ، فَـوُجـِدَ أنَّه يحتوي على 20.100 جين (في الإنسان 25.000 جين) وعلى 98 مليون قاعدة نتروجينية زوجية (نيوكليوتايد) . وجدوا أنّ (برمجة) للموت موجودة في دنا DNA هذه الدودة بأنها تعيش أسبوعين فقط ! ووجدوا أيضاً أن هناك جينات تتغيّر فيها كلما تقدّمت الدودة في العمر ويبلغ عدد هذه الجينات المتغيّرة 1254 جين تسيطر عليها ثلاثة جينات فقط لا تتأثر أو تتغيّـر بتقدم العمر أو الزمن . مُنِحَتْ جائزة نوبل ثلاث مرات لعلماء اشتغلوا على هذه الدودة ، مرة عام 2002 ، ومرة أخرى 2006عام وثالثة عام 2008 على مواضيع معينة ومختلفة فيها . تلعب الجينات في الإنسان دوراً هاماً في الشيخوخة ، فهناك بعض الجينات ذات عمر طويل تساعد حاملها العيش مدة أطول . كما إنَّ تلف الجينات يقصِّر من عمر الإنسان ، وكذلك التلوميرات ، وهي مواد جينية موجودة في نهايتيْ الكروموسوم ، وتحافظ على الكروموسوم من التصاقه بالكروموسومات الأخرى ، فإنْ كان قليلاً عددها نتيجة امِّحائها ، يقصر عمر الكروموسوم فيكون انقسام الخلايا أقـلَّ ، مما يجعل الجسم ضعيفاً ذا فعالية ضئيلة لفقدانه خلايا وخصوصاً خلايا المناعة T cells فيكون عرضة للأمراض أكثر من الشخص العادي . على أنَّ هناك نظريّتين للشيخوخة بصورة عامة ؛ أولاهما تلف الجينات بمرور الوقت ، عامل الزمن ، مما يجعل الخلية تعمل بنشاط أقلَّ عاماً بعد عام وهذا ما يسبّب ضعف الجسم ومن ثمّ الشيخوخة . وثانيهما النظرية القائلة بأنَّ في الحيوان أو الإنسان (برمجة) الشيخوخة في جيناته ، وهنا تلعب البيئة دورها الكبير . فإذا كان سبب الشيخوخة تلف الجينات ، فيحتاج الإنسان أن يقلّل من هذا التلف أو يُصلحه إذا عرف كيف وهذا يحتاج إلى العلاج الجيني الذي لم ينجح إلا ضمن حدود . أمّا إذا كان الإنسان (مُبَرمَجاً) أنْ يشيخ ، يمكن للعلماء أنْ يتلاعبوا بجينات البشر ، بالدنا أو بالعقاقير . وهذا في الوقت الحاضر أمـر ليس يَسيراً. فإذا كان لا بدّ من الشيخوخة علينا أنْ نتخذ إجراءات تقلّل من خطرها أو تُبطـئـها . وهما شيئان ؛ الغذاء الصّحيح والرياضة كل يوم . أما الغم والهم والعذاب النفسيّ لأيّ سبب فهي ثالثة الأثافي والدواهي التي لا يمكن تفاديها إلا بالاسترخاء واتخاذ كل أمر بصدر رحيب وفكر لا يبالي . ربما يكون هذا القول في بعض الأحوال ، إنْ لم يكنْ في أغلبها ، عند كلِّ من لديه إحساس رهيف ، ضرباً من الخيال !
الأعـراض التي تصحب الشيخوخة
القلب – تـثخـن / تتصلب عضلات القلب نتيجة تصلّب الشرايين ، فيكون ضخ الدم بطيئاً وصعباً . الطعام الخالي أو القليل من المواد الدهنية واللحوم الحمر ، والإكثار من تناول الخضروات مثل البروكولي والقرنابيط واللهانة والبصل والجزر وغيرها وكذلك الفواكه ، وخصوصاً ذات الألوان الغامقة مثل العنب والرمان والعنبة Blueberry والتفاح وغيرها من التي تعطي مواد مضادة الأكسدة تنفع كثيراً في هذه الحال.
الرئة – يتقلّص حجمـها بمقدار 40% عند عمر السبعين أو أقلّ تبعاً لظروف الفرد وأسلوب عيشته . الرياضة في الهواء الطّلق والتنفس العميق والصّراخ أو الصّياح يساعد في توسيع حجمها .
المناعـة – يقل عد الخلايا T التي تحمي الجسم من الجراثيم والمواد الغريبة ويقل نشاطها أو قوتها . بعض الأغذية المذكورة أعلاه والرياضة تساعد على تقويتها .
الدماغ – تقل الاتصالات بين الخلايا الدماغية لسبب غير مفهوم مما يؤثّـر على فعالية الدماغ . القراءة وحل الألغاز والتمارين الحسابية تُبطئ تلف الاتصالات .
الكلية – تفقد الكليتان نيفرونات (أجهزة التصفية) مما يجعلها أقل فعالية في تنظيف الدم من الفضلات . تجنب المواد المهيِّجة كالتوابل أو التقليل منها وكذلك تقليل البروتينات والإكثار من بعض الخضروات وشرب الماء يساعد على ترميم ما يتلف أو الاحتفاظ بالسالم منها مدة أطول .
المثانـة – يصغر حجمـها ويتلف بعض أنسجتها ، وهذا يؤدي إلى سلس البول . تجنب التوابل والمخللات .
العضلات – شدة العضل تضعف حواليْ 22% في السبعين من العمـر ولكن التمارين الرياضية تقوّيها.
العظام – تبدأ تفـقد كثافتها في سنّ الخامسة والثلاثين ، ولكنّ المشيَ ورفع الثقال يُبطئ فقدانها الكثافة.
البصر – يبدأ الضعف في الأربعين عاماً . تجنب القراءة الطويلة المتواصلة أو الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفزيون مدة طويلة .
السّمع – يضعف التقاط الترددات العالية . ليس له سوى تجنّب الضجيج والراحة النفسية من علاج .
الشحوم – تزداد في منتصف العمـر وتترسب عميقاً في الجسم في الشيخوخة . تجنّب تناولها !






#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اهبطي ، أيتها الشمس الجميلة - فريدريش هولدرلين (1770 – 1843)
- مُنتَصَفُ العمر - للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين (1770-184 ...
- ثلاث سونيتات إلى أورفيوس – راينر ماريا ريلكه
- سونيته إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
- حدث في بغداد ...حدث في لندن
- نظرة في جينوم السَّرطان
- النّاسك - للشاعر الألماني يوزيف فون آيْشِنْدُورْف (1788-1857 ...
- عندما كنتُ صبيّاً - للشاعر الألماني هولدرلين
- هل يجب أن يعود الصّباح دوماً ؟ للشاعر الألماني نوفاليس
- نظرة إلى الوراء - كْلِيمَنس فون بْرَنْتانو (1778 - 1842)
- هل للعنف جين ؟
- تقسيم الأرض - للشاعر الألماني فريدريش شيلر (1759 - 1805)
- رحلة حياة - للشاعر الألماني هاينريش هاينه (1797-1856)
- المرثية الثانية - راينر ماريا ريلكه (1875-1926)
- في نزهة - للشاعر الألماني إدوارد موريكه - ترجمة بهجت عباس
- في الغربة - هاينريش هاينه
- هل الليلة كالبارحة أم السّماء كالحة! تجربتي مع الجامعة المست ...
- كيف تفسِّر الجامعة المستنصرية الوثائق والنصوص؟
- أربعة أيام في بغداد
- خميرة تُديم السرطان ولكنّها قد تطيل العمر


المزيد.....




- مرض الصرع.. أسباب التعرض للنوبات وطرق إدارتها
- أهمية فحوصات الأسنان المنتظمة فى اكتشاف المشاكل مبكرًا
- ارتفاع ضغط الدم..ما أسبابه وأعراضه وكيفية علاجه؟
- محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بسماح دخول المساعدات الغذائ ...
- نصائح لتعزيز إنتاج هرمون السعادة السيروتونين بطرق طبيعية
- -بلومبيرغ-: مصر تخطط لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لتجنب الن ...
- السباق على المعادن المهمة يغذي نزاع الهيمنة على أعماق البحار ...
- حافظ على عينيك من العمى بهذه الأطعمة
- موسكو: اتفاق منع استخدام تكنولوجيا المعلومات لأغراض إجرامية ...
- دراستان: النوم الجيد والكافي قد يكون مفتاح الشباب الدائم


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - قراءة في الجينوم والجينات والشيخوخة