أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في ذكرى رحيله نواف عبد حسن كاتب الوعي الكنعاني والفلسطيني















المزيد.....

في ذكرى رحيله نواف عبد حسن كاتب الوعي الكنعاني والفلسطيني


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 00:01
المحور: الادب والفن
    


مرت 6 أعوام منذ أن هزم الموت نواف عبد حسن ، الشخصية الثقافية والفكرية والوطنية متعددة الجوانب والاتجاهات ، التي كان لها اليد الطولى في أعلاء راية الفكر القومي التحرري والكنعاني ـ الفلسطيني والثقافة الانسانية الحقيقية وترسيخ الوعي الثوري المقاوم والملتزم والكلمة النظيفة الشريفة . ورغم هذا الغياب الا أننا أهله وأحباءه ، لم نستوعب حتى الان أن نواف قد رحل الى الأبد ولن يعود.
لقد مات نواف ، مات من كان لاصدقائه ومجايليه من الكتاب والمثقفين والمتأدبين السند واللواء الذي يرفعونه والدليل الأدبي الذي يهتدون به ويلتفون حوله.
كان نواف انسانا خلوقاً ، جسوراً ، نبيلاً ، طاهراً ، متواضعاً في طعامه وشرابه وزيه، معتمداً على نفسه ويكسب الخبز من عرق جبينه . وتكمن عظمته في طيبته وانسانيته الصادقة المجبولة في دمه وفكره ، وفي اتساع ثقافته وتنوع قراءاته ومداركه الأدبية والفكرية والفلسفية والتاريخية والسياسية والاجتماعية. وكان بحساسيته المفرطة ووعيه الثقافي المركب ومعرفته العميقة بما يجري حوله من متغيرات وتحولات مؤرخاً وكاتباً للوعي الكنعاني والفلسطيني ، وكانت الكتابة الأبداعية والنقدية الحقيقية الصادقة سلاحه البتار في حياته ، التي أتسمت بالفقر والقهر والمعاناة ، رغم بعده عن ألأضواء .

نواف عبد حسن الرمز الثقافي والقارئ الذواق النهم والمثقف الأصيل والعميق والمبدع ، حمل هموماً كثيرة وعرف بمواكبته ومتابعته لحركة النشر وللثقافة العربية ، وبحثه الدائم والمستمر عن الدوريات الأدبية والفكرية والثقافية المضيئة والجادة، ونتيجة لوعيه وثقافته الواسعة والمامه بالتراث العربي والانساني العالمي وقف طوال حياته ضد الأدب المزيف الضحل والثقافة المدجنة.

عاش نواف الحالات الفلسطينية بمدها وجزرها ، وأرغمته حالة الجزر الفلسطينية على مجابهة التأملات والتساؤلات بشأن المفاهيم الأساسية التي تسم الخطاب السياسي الفلسطيني، وفي أحيان كثيرة كان ينخرط في حالة مبررة من السوداوية والقنوط .

لم يكن نواف أديباً فحسب ، بل كان كاتباً ومنظراً سياسياً يكتب السياسة بلغة الأدب ، وكان صاحب مواقف سياسية ورؤى مستقبلية واضحة . عبّر عن مواقفه وطروحاته السياسية وأفكاره التقدمية والقومية التحررية الجلية من خلال مجلة" كنعان" الصادرة عن مركز التراث العربي ، التي أشرف على تحريرها، حيث كان يكتب افتتاحيتها التي كانت تتناول أحداث الساعة وتطورات الأحداث وافرازاتها 0 ومن خلال هذه الكتابات يتضح أن طيب الذكر نواف كان رافضاً للحلول التصفوية المتساوقة مع المشاريع الأمبريالية ، التي تستهدف تصفية وتبديد حقوق الشعب الفلسطيني . ويتجلى هذا الموقف في حديثه عن الجريمة الحقيقية ، وهي محادثات الجولة السادسة في واشنطن بين الوفدين الأسرائيلي والفلسطيني ، اذ كتب يقول : " لا نريد ان نناقش وعاظ " الظروف الموضوعية" الذين يتساءلون عن البديل بعدما أكدوا مراراً تبني القيادة الفلسطينية لطروحاتهم التي تفيد ملاحقة " العيار " لباب الدار من منطلق التكتيك السياسي. صحيح أن الأنتفاضة وحدها لا تسترجع الوطن لكنها الخطوة الأولى في استعادة الأرادة وتأكيد الذات وهي الصوت الذي يعلن حضور الشعب الفلسطيني عند كل منعطف يمس وجوده ومصيره وأكبر دليل على أهمية الأنتفاضة النضالية هو حجم المؤامرة لطعنها بسكين التفاوض وبمشاركة فلسطينيين وفروا الغطاء لسوريا والاردن ولبنان في تجاوز الموقف المبدئي من القضية الفلسطينية". اما البديل الذي طرحه الراحل نواف في مواجهة تحديات المرحلة فهو " رفض الأستسلام ومقاطعة المفاوضات والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية بشأن الحقوق الفلسطينية وطرحها مجدداً على طاولة الأمم المتحدة" .

كتب نواف الشعر وله مجموعة من القصائد نشرها في صحف ومجلات الداخل الفلسطيني ، وأهم ميزة لشعره العاكس لوجعه وألمه ومعاناته الوجودية ، كأنسان مستلب ، تلك الصور الموحية الخارجة عن المألوف ، ونجده في هذه الأشعار يبحث عن الأمل والخلاص والتغيير في عالم مليء بالخوف والقلق والضياع والارهاب الفكري والتكفير .

اقتحم نواف ايضاً بوابة النقد الأدبي بثقة ، وكان في نقده حاداً ولاذعاً ، لا يحابي ولا ينافق أو يجامل ، ويقول ما يحس به تجاه العمل المنقود . وفي كتاباته النقدية أفاد من النظريات النقدية المعاصرة ، ولعل من جميل ما كتبه في النقد مقدمة الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين ، فكتب قائلا: " لقد كان راشد حسين يتمتع ببصيرة بلغت من الوضوح حد النبوءة ، وحضوراً يرافق الزمان مع مهب الثورات من أجل خلاص الأنسان والأرض من قوى الشر والظلام التي نشرت أشرعتها لحجب أهداف الفجر الطالع . هذا الفجر الذي كان هاجسه ، مع أول لحظاته الشعرية حتى اخرها فكلماته تحية فلسطينية نقلت مشاعرنا وتنقلها اليوم ايضاً، وذلك لأن راشد شاعر ثوري وملتزم وأصيل ، فحيثما تقرأه تجده معاصراً ومشعاً ، يضيء مسيرة الأجيال الصاعدة في صنع المستقبل الأجمل، ولهذا فحين يسود الظلام وتنتشر سيول الأباطيل تبقى لامعة عيون الأطفال وكلمات الشعراء ، وراشد من الشعراء الذين عانق بريق كلماتهم بريق عيون الأطفال بصورة مدهشة وبارعة بحيث لم تستطع الة الجريمة العصرية التي يحشدها الطغاة من أجل اطفاء اللهب العاصف لمهمة حملها أطفال القدس ، وقد ضبطوا خطواتهم على أيقاعهم الشخصي الى أن صار:
للأشجار
والأحجار
والأنهار
والماء أظافر.

وعن لغة الحياة والكتابة عند خليل السكاكيني كتب نواف : "لقد كان خليل السكاكيني يتمتع بجذوة من الأحساس الصادق الخلاق ، بالاضافة الى ثقافته المتنوعة والعميقة أهلته لاحتلال موقعه الريادي في دفع عملية التجديد والتنوير لكل فاعلية انسانية وعلى رأسها المسألة الثقافية ، بحيث يمكن احتسابها المنبع الاول لكل اجتهاد لاحق. ويضيف قائلاً:" ثمة حقيقة، هي أن الرجل كان يتحرق شوقاً الى قول الشعر الموزون المقفى وقد نظم الكثير منه ، الا أنه كان يفاجأ ان قوالب وتراكيب شاعره " المتنبي" كانت تتسلل مع الدفقة العاطفية وتحجب الرؤية الخاصة وأغلب الظن ان وطأة الشاعر العظيم على شعره كانت السبب وراء اقلاع السكاكيني عن فكرة قول الشعر موزونا، وهي التي كانت وراء اعادته النظر في أساليب الكتابة وتجديد اللغة وخاصة بعدما أوغلت الذات المبدعة عنده في نظرية تربوية قائمة على التخلص من طريقة التلقين الشائعة، ثم الاستقصاء المتواصل في ردم الهوة بين لغة الكتابة ولغة الحياة ، وهي الأزدواجية التي وقفت عائقاً أمام المواهب العديدة من التعبير عن تجاربها الحياتية المعاشة" .

انني بعد مرور 6 أعوام على الرحيل كم أحس بالفجيعة والخسارة الفادحة لفقدان نواف ، أنيس الليالي وراوي الحكايات والقصص، وسلوى القلب الذي كان ينسيني الهموم والعذابات والأحزان بنكاته الشعبية وطرائفه وملحه الجميلة . وكم أشتاق اليه حين تسألني طفلتي الحبيبة " ألاء" عن " عمو نواف" الذي كان يداعبها ويمازحها ، فلا أجد سوى الدموع تترقرق في ماقي وتذرفها عيناي.

وفي الختام أقول أن نواف عبد حسن فقيد الثقافة العربية ، هو واحد من الجيل الفلسطيني الذي حمل راية الفكر الكنعاني والقومي العربي. وفي ذكرى رحيله نجدد العهد بأن نصون الأمانة والرسالة التي حمّلنا اياها، وسيظل طيفاً حقيقياً للون العباءة الفلسطينية وقمراً لا يغيب ، ونبراساً وهاجاً ينير دروبنا المظلمة بالكلمة المضيئة والمشرقة.





#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المشهد السياسي العربي
- وقفة تأملية في الواقع العربي الراهن وحركة التحرر الوطني العر ...
- مشاريع النهضة والعقلنة والتحديث ومعوقاتها
- الجانب الاجتماعي في أدب المرأة العربية
- حركة التنوير العربية بين الواقع والحلم
- لاجل عقلنة وعلمنة التراث
- في اغتراب وانكفاءالمرأة العربية
- صادق جلال العظم .. اشراقة للعقل النقدي والفكر العربي
- مع وجدانيات الشاعرة امال عواد رضوان
- في المشروع الثقافي الفلسطيني
- أزمة الحركة الماركسية العربية والمستقبل
- الفكر العربي المعاصر ومشروع حضاري نهضوي وتنموي حداثي عربي
- لماذا يغتالون طه حسين بعد موته؟!
- الثورة الجزائرية في القصيدة الفلسطينية
- في ذهنية التكفير والتحريم واغتيال العقل..!!
- في ثقافة العقل العربي
- الاسلام والديمقراطية
- نحو تأصيل العقلانية والتنوير في الخطاب العربي المعاصر
- أزمة الخطاب العلماني العربي
- نظرة في الواقع العربي الراهن


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في ذكرى رحيله نواف عبد حسن كاتب الوعي الكنعاني والفلسطيني