أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - من أجل ثقافة بديلة














المزيد.....

من أجل ثقافة بديلة


رشيد برقان

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


تكتسي الثقافة دورا رياديا في لحظات التحول المجتمعي، أو لحظات تأسيس رؤية جديدة للمجتمع، وتنتصب شامخة في لحظات التشرذم و الحيرة؛ لأنها البوصلة الحقيقية للشعب بكل تعددا ته و تنوعاته. كما أنها القاعدة الأساسية للاحتكام في مخاض الفرز. وتبدو ضرورتها لمحو الاصطفافات السياسية، وتفادي النزعات الزعامية. فأمام ما يحبل به المشهد السياسي الحزبي المغربي، خصوصا امتدادات الحركة الوطنية من تشرذم.
وأمام توضح أن السياسة، باعتبارها فن الممكن، كانت دائما زئبقية تتقلب وتتحول بفعل الظروف المحيطة و التكتيكات المتصدية لهذه الظروف، مما يجعل الأغلبية لا تتق بالسياسة وممارسيها؛ لأنها لا تفهمها في لحظتها، أوقد تختلف مع ممارسيها بشكل من الأشكال في لحظة معينة .
وأمام موجة الإفساد الممنهجة التي اعتمدها المخزن، و التي وصل من خلالها إلى جعل الشأن العام مجالا موبوءا، ومجالا للانتهازية و النهب و التسلق على حساب المطامح البسيطة للجماهير العريضة.
قلت أمام كل هذه المعضلات تبرز الثقافة باعتبارها القادر على إعادة بناء ما تم الإجهاز عليه، و الدفاع على القيم السامية التي ما فتئت الشعوب و المجتمعات تتطلع نحوها.
و إذا نحن نظرنا إلى منظومة القيم و المثل و المعتقدات السائدة في المغرب نجد أنها تنهل في جوانب كثيرة منها من مصدرين أساسين:
أولهما: يتجلى في نمط الأفكار التقليدية القديمة التي تدفع نحو الإيمان بالواقع وكأنه قدر لا يكمن تغييره، قد يمكن البكاء عليه، أو حتى شتمه إلصاق كل الأوصاف به، ولكن في الأخير يجب تقبله على مضض. وهنا نجد مجموعة من الأفكار الصوفية التي ترتكز على أسس دينية و تقوم على تحليل سطحي للواقع لا يتجاوز الحلال و الحرام. و بهذا يكون الحل هو أن يلتزم كل واحد الحلال و يبتعد عن الحرام في نوع من الطوباوية الأخلاقية التي تخلق علاجا نفسيا يساعد على الابتعاد عن الواقع بدل مواجهته. وبهذا تترك المشكلة جانبا، ولا نرى جانب ضغط الواقع و إشكالاته.
من جهة أخرى نجد مجموعة من الأفكار الحداثية التي تبشر بالعولمة و تقدمها كقدر لا يمكن الإفلات منه، ولا يمكن إلا الانخراط فيه بدون شرط أو قيد. مما يخلق لدى الناس عقدة الإحساس بالتخلف، وعدم القدرة على الفعل. فلا يكون أمامهم إلا الاقتناع بالعولمة ككل، و إرجاع العيب للذات، أو رفض العولمة ككل، و الاعتصام بأفكار متطرفة بعيدة عن أي تحليل عقلاني رزين.
و إذا كان الواقع المادي المعيش لا يؤثر مباشرة في حياة الناس، و لكنه يتوسل متغيرات وسيطة من شأنها أن لا تجعل الناس يروا الواقع كما هو، و لكن يرونه مغلفا بأسترة من الرضى و الطمأنينة حينا، أو أقنعة من القدرة السالبة للفعل حينا آخر. و قد تكون هناك حجب من النفعية الفردية التي تدفع الجماعات إلى البحث عن حلول فردية حتى و لو كانت انتحارية، و تقع الإحالة هنا على الهجرة السرية بوصفها حلا سحريا للهروب من الواقع و تفادي الصدام معه.
أن الحاجة، و الحالة هذه، تدفع إلى ضرورة ثقافة بديلة تتمرس وسط الجماهير، و تضطلع بمهمة المنظار الشفاف الذي يهتك كل الأسترة و الحجب لكي ترى الجماهير واقعها كما تريده هي، لا كما تريده الطبقات المستغِلة ( بكسر الغين).
إن ما تحتاجه الجماهير الشعبية ليس أشخاصا، و لكن فكرة واقعية ملموسة و سعي واضح و حثيث نحو تحقيقها. و هذا لن يكون إلا من خلال أرضية ثقافية صلبة قادرة على إقناع الجماهير بفعاليتها و قدرتها على الخروج بهم من المأزق المحيط بهم. ومن خلال حشد كل الإمكانيات ( فضلا عن البحث عن إمكانيات جديدة ) لأجل ترويجها.
إننا نعيش وسط عواصف العولمة و الموجات الزائفة لفلسفة الحوار، و الاستراتيجيات الممنهجة للإجهاز على عناصر الهوية الوطنية و الكفاحية للطبقات الشعبية. لهذا يجب على القوى الفاعلة و المتنورة في المجتمع، و الساعية إلى التحرر من الاستغلال إيجاد ثقافة مضادة لكل أشكال المسخ و التدجين التي تمارس على أفراد شعبنا تحت يافطة الشفافية و الحوار أو العولمة إلى غير ذلك من الشعارات البراقة التي تفقد بريقها أمام الواقع.
و ذلك لن يتأتى إلا بخوض صراع من أجل إقرار ثقافة: شعبية تستمد جذورها من العناصر المؤلفة للهوية المغربية في جميع جوانبها، و تنهل كذلك من هموم الجماهير و مشاكلها الفعلية برؤية تفاؤلية تتيح للفكر الاشتغال و إبداع الحلول بدل النزعة التشاؤمية البكائية التي تشكل بطريقة غير مباشرة، قدرا يصعب على الإنسان الإفلات من براثنه.
كما يجب أن تكون هذه الثقافة مناهضة للعولمة باعتبار هذه الأخيرة تهدف محو الآثار المتبقية لهوية الشعوب.
وتستمد جذورها من البعد التحرري للحركة الوطنية، و من المدى التقدمي للإرث الماركسي الذي سعى نحو تحقيق مقولة تغيير العالم بدل الاكتفاء بفهمه.
و إذا كنا نهدف إلى ثقافة من هذا النوع ( شعبيةـ تحررية ـ تقدمية ). فإن هذا يتطلب:
-1- بلورة تصور واضح و ملموس لعلاقة الثقافة بالواقع. عبر سرد مسار تطور هذه العلاقة في التنظيرات الماركسية خصوصا، و انتقاد الأفهام الخاطئة و المتجاوزة بغية ضمان قدر كاف من المصداقية و القوة، وكذلك العمق في الرؤية.
-2- إعادة قراءة التجارب الثقافية التي عرفها المغرب الحديث خصوصا المنبثقة من رحم الحركة الوطنية و اليسار الجذري. و هذه القراءة يجب أن تكون مزدوجة: تعمل من جهة على استثمار الجوانب المضيئة، ووضع اليد على الجروح و الأعطاب القديمة التي حالت دون فعالية المجال الثقافي بالشكل المطلوب.
-3- صياغة استراتيجية للفعل الثقافي داخل المجتمع خصوصا فضاءات المجتمع المدني، وبهذا الصدد ينبغي التفكير في دائرتين محوريتين:
الأولى: وهي دائرة الإبداع و الفعل الثقافي. وهذه إحدى مهام الجمعيات الثقافية أو الفعاليات الثقافية الفردية.
الثانية: ويتعلق الأمر بدائرة الإشعاع: و يجب في هذا الصدد التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني حتى ولو لم تكن ثقافية. وذلك في أفق ضرب معضلة النخبوية التي تعاني منها العمل الثقافي و جعله يحتك بقواعد شعبية عريضة.



#رشيد_برقان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد برقان - من أجل ثقافة بديلة