أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3















المزيد.....

مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 22:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا ثبت لنا وجود الله سبحانه وتعالى، يأتي السؤال: هل هناك بالضرورة شيء اسمه دين؟ أي هل أنزل الله فعلا وحيا من السماء، وكلف أفرادا من نوع الإنسان لتبليغ هذا الوحي وهذه الرسالة إلى بقية الناس، فجعل ذلك ملزما لهم اعتقادا وسلوكا؟ بتعبير آخر، إذا ثبتت لدينا حقيقتان؛ حقيقة التوحيد، وحقيقة المعاد، فهل تثبت النبوة، كلازم لهما أو لإحداهما، فتكون واجبة عقلية كوجوبهما، أم تبقى ممكنا من ممكنات ىالعقل، وخاضعة لاختبار صدق التحقق؟ هذا ما يجب دراسته دراسة فلسفية محضة، فالفلسفة ميدانها الحقيقي، وليس ميدانها العلوم الدينية، ولا العلوم الطبيعية. نعم يمكن ضم علم التاريخ كميدان ثان ومعضد للفلسفة، سواء تعضيدا في الإثبات، أو تعضيدا في النفي، أو قد ينتهي البحث الفلسفي إلى تساوي إمكان التحقق وعدمه، فيستعين بالبحث التاريخي للحكم بالإثبات أو النفي.

الحقائق العقلية المستقلة قبل التثبت من النبوات والأديان:
قبل هذا نرجع إلى بقية ما افترضنا فيه أنه مما يمكن، أو يجب أن يتعقله العقل مستقلا، وهو: كمال الله، عدل الله، وحكمته، ولطفه، الحياة ما بعد الحياة، الجزاء ثوابا أو عقابا في تلك الحياة.



كمال الخالق:

من خلال التأمل في نظام الكون وسعته وعظمته وجماله وإتقانه وجميع كمالاته، نجدنا مضطرين إلى الإذعان لوجوب اتصاف خالق هذه الكمالات بهذه السعة، وبهذا الإتقان، وهذا الجمال، أن يكون أكمل من كل الكمالات، أي متصفا بالكمال المطلق. وهذا الاستنتاج متأت من حقيقة أن الكمالات في عالم الإنسان خصوصا، بل وفي عموم عالم أو عوالم الإمكان متفاوتة، وبالتالي نسبية، ففوق كل كمال ما هو أكمل منه فيما هو كامل فيه، ولذا فإن المفيض على الوجودات الكاملة كمالا نسبيا ومتفاوتا ومتصاعدا، لا بد أن يكون الأكمل منها جميعا في العظمة، والقوة، والقدرة، والإرادة، والعقل، والعلم، والحكمة، والعدل، والرحمة، والخالقية، والإبداع، والجمال، والاستقلال، وغيرها. وعندما يكون الأكمل منها جميعا، لا بد أن يكون الأكمل من كل ما هو موجود، وكل ما وُجـِد، وكل ما سيوجَد، أو يكون ممكن الوجود، حتى على نحو الافتراض، أي بقطع النظر عن التحقق الفعلي أو عدم التحقق. وهذا لا يكون، إلا إذا كان هذا الخالق الكامل كاملا كمالا مطلقا، ولا يكون للنسبية محل ولا معنى عنده، وهكذا هو الأمر لأي حد من الحدود. هذا إضافة إلى أن الكمال المطلق من لوازم واجب الوجود، الذي بدونه ما كان ليكون ثمة وجود، لاستحالة تسلسل العلل تراجعيا إلى ما نهاية، أو الأصح إلى ما لا بداية. ومن لوازم الكمال المطلق العدل غير المحدود، والحكمة غير المحدودة، والقدرة غير المحدودة، والعلم غير المحدود، والإرادة غير المحدودة، والحرية غير المحدودة.



عدل الخالق:

العدل أمر لازم للكمال، فلا يمكن أن نقر بكمال الخالق، وننفي عنه العدل، أو الحكمة، لأن نفيهما، أو نفي أحدهما، أو جعلهما نسبيين، غير مطلقين، وبالتالي ناقصين، يتنافى مع ضرورة كماله الواجبة عقلا. واستحالة الكمال النسبي على واجب الوجود، لأن الكمال النسبي يعني بالضرورة اشتماله على نسبة من النقص، والنقص محال على واجب الوجود، لأن افتراض هذا النقص النسبي، يعني أحد الاحتمالات الآتية: إما إنه لا يدرك هذا النقص، وهذا يعني نسبية علمه، وبالتالي جهله بنسبة ما، والجهل محال عليه. وإما إنه يدرك ذلك، وغير قادر على سد نقصه، وهذا يعني نسبية قدرته، وبالتالي عجزه بنسبة ما، والعجز محال عليه. وإما إنه يدرك ذلك، وقادر عليه، إلا أنه لا يسد هذا النقص، لا لشيء، إلا هكذا، لأنه لا يريد، وهذا يعني نسبية حكمته، وبالتالي عبثيته بنسبة ما، والعبثية محالة عليه. إذن كل من ذلك محال على واجب الوجود، الذي لا بد له أن يكون كاملا كمالا مطلقا، ومتنزها عن أي نقص.



الحياة الأخرى:

وقد أوجزنا بهذا العنوان كلا من وجود حياة بعد هذه الحياة، ووجود الجزاء فيها ثوابا وعقابا لكل من يستحق، ومن أي منها، بالقدر الذي يستحق. وتجنبنا قاصدين مصطلح «المعاد»، أو «البعث»، أو «القيامة»، لأن «الحياة الأخرى» أكثر حيادية، بقطع النظر عما إذا كانت بصورة إعادة الحياة، أو بعثها من جديد، أو بصورة التحول في لحظة الموت الجسدي من صورة للحياة إلى صورة وطبيعة أخرى للحياة. فواضح أن الحياة ما بعد هذه الحياة أمر لازم للعدل، فمن غيرها يكون خلق هذه الحياة، التي تسميها الأديان بالحياة الدنيا أو بعالـَم الشهادة أو عالـَم المحسوسات، منافيا للعدل ومنافيا للحكمة، فيكون ظلما أو عبثا أو كليهما، وفاعل الظلم ظالم بالضرورة، أي فاقد لكمال العدل، وفاعل الفعل العبثي عابث بالضرورة، أي فاقد لكمال الحكمة.

العنوان الصالح لمسؤولية الإنسان
إذن عندما يعلم الإنسان - حتى مع افتراض عدم بلوغه شيء من وحي السماء، على فرض وجود ثمة وحي من السماء - بأن هناك ربا خالقا مُبدئا مُعيدا عادلا مجازيا مثيبا معاقبا، فلا بد له من أن يختار لنفسه ما يقره عقله وضميره، وما فيه نجاته في الحياة الثانية المرتقبة، وأن يكون العمل الصالح أي السلوك الإنساني هو الخط الذي يتخذه مسارا لحياته، ولنستعر هنا النص القرآني الذي يُعبِّر عن هذا المعنى بعبارة: «من آمن بالله واليوم الآخر وعمل عملا صالحا، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون». إذن هذه العناصر الثلاثة، التي يمثل الأولان منهما عنصر الإيمان، والثالث عنصر العمل أي:

1. الإيمان بالله.

2. الإيمان باليوم الآخر، أو لنقل بالحياة الأخرى.

3. العمل الصالح (الاستقامة على خط الإنسانية).

هي التي تعبر عن علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بإنسانيته، المتمثلة به هو، وببقية أفراد جنسه الشركاء له في عمارة الأرض. ولكن المصطلح المحايد دينيا، والملتزم فقط بلوازم العقل لما بعد هذه الحياة، كما ذكر آنفا، هو الحياة الأخرى، أو الحياة ما بعد هذه الحياة، وليس بالضرورة (المعاد) كمصطلح خاص بالإسلام، والذي يعني البعث روحا وجسدا، والذي هو من الممكنات العقلية، كصيغة من الصيغ الممكنة للحياة ما بعد هذه الحياة. ثم هذان الإيمانان هما من ضرورات العقل الفلسفي، ولو بعد إمعان النظر وإعمال العقل، والعمل المترتب عليهما من ضرورات العقل الأخلاقي، وكل ذلك لا يحتاج بالضرورة إلى تبليغ من رسول مرسل، بل قد يكفي ما سمي بالرسول الباطني، ألا هو عقل وضمير الإنسان، أي كل من ملكتي التمييز بين الصواب والخطأ، والتمييز بين الخير والشر. ولكن يبقى العنصر الثالث أي العمل الصالح أي الإنساني القائم على أساس العدل الذي لا يتحقق إلا بشرط الحد الأدنى، وهو معاملة كل للآخر بمثل ما يحب أن يُعامَل به. لأن عدم إدراك النظرية الحق يمكن أن يكون لقصور في الذهن أو لغفلة، والقاصر والغافل لا يحاسبان بمعايير العدل على قصورهما وغفلتهما، طالما كانت القضية تدور مدار النظرية، إنما الذي يحاسب هو المقصر في حقوق الآخرين.



الله بين حقيقة التوحد والتوحيد
الفرق بين التوحُّد والتوحيد، أن التوحد الذي يشمل معنيي عدم التعدد، وعدم التجزؤ، أو الوحدانية أو الأحدية أو التفرد يمثل حقيقة مجردة، آمن بها الناس أم لم يؤمنوا، ورتب من آمن بها الأثر العملي على ذلك الإيمان، أم لم يفعل، بينما التوحيد، يعني الموقف النظري، والعاطفي، والعملي، للإنسان المؤمن تجاه هذه الحقيقة. فالتوحيد النظري هو الإيمان بواحدية ووحدانية الله، أي استحالة تجزئه واستحالة تعدده. والتوحيد العاطفي هو استشعار الحب والخشوع والتوكل والثقة والرضا والتسليم تجاه الله، بما يناسب عظمته وجلاله وجماله وكماله. أما التوحيد العملي أو السلوكي، فبمعنى الطاعة لله في أوامره ونواهيه التي يتعرف عليها الإنسان بعقله وفطرته، أو بتبليغ مبلغ خارجي. والطاعة بمعناها الفلسفي لا الديني، هي انسجام الإنسان مع حقيقة إنسانيته، والسعي المتواصل في استكمالها في مسيرة تأنسن متواصلة ومتكاملة وكادحة. وبتعبير آخر هي تحول الإنسان من حقيقة عبوديته التكوينية الجبرية، إلى واقع عبوديته السلوكية الاختيارية، أو من العبودية إلى العبادة، أو من البنوة غير الواعية، أو البنوة العاقّة، إلى البنوة الواعية البارة. ورُبّ غير عارف لله عابد له بتجسيده لإنسانيته، خير من عارف عابد شكلا لا جوهرا، قد ابتعد عن الله رغم عبادته الشكلية له، ذلك بابتعاده عن إنسانيته.







#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات من وحي عقيدة التنزيه
- العقليون في التوحيد نقليون في النبوة والإمامة
- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية
- ما هي مصادر المعرفة للإنسان؟
- التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين
- بين تنزيه الله وتنزيه الدين
- خاطرة ستبقى تحوم حولي الشبهات
- تسبيحة من وحي عقيدة التنزيه
- عقيدة التنزيه ومراتب التنزيه في الأديان
- شكر واعتذار وملاحظات للقراء الأعزاء
- النبوة الخاصة والعامة بين الإمكان والوجوب والامتناع
- الأنبياء بين الدعوة إليه والادعاء عليه سبحانه
- بطاقتي الشخصية كإلهي لاديني
- مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - مع وجود الله، هل وجود الدين واجب أم ممكن أم ممتنع؟ 1/3